«الأديب الكبير عم إبراهيم» على طاولة النقد بمسرح نهاد صليحة

«الأديب الكبير عم إبراهيم» على طاولة النقد بمسرح نهاد صليحة

العدد 821 صدر بتاريخ 22مايو2023

تحت رعاية الأستاذة الدكتورة غادة جبارة رئيس أكاديمية الفنون، وإشراف المخرج ومصمم الديكور محمود فؤاد صدقي المشرف على مسرح نهاد صليحة، وتنظيم المخرجة والكاتبة د. إيمان سمير، أقيمت ندوة نقدية بمسرح نهاد صليحة للعرض المسرحي «الأديب الكبير عم إبراهيم» يوم الخميس 11 مايو بعد انتهاء العرض مباشرة.
اعتلى منصة الندوة الأستاذة الدكتورة عايدة علام - أستاذ المسرح بكلية الآداب قسم مسرح - جامعة حلوان، والأستاذة شيماء إبراهيم توفيق - المدرس المساعد بقسم الدراما والنقد- بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وأدار الندوة السيد محمد كاميلو -الطالب بقسم الدراما والنقد - بالمعهد العالي للفنون المسرحية.
د. عايدة علام: «استمر في الحلم ولا تيأس» 
وفي كلمتها بعد مشاهدة العرض، أعربت دكتورة عايدة علام عن سعادتها بهذا العرض قائلة: سرني طرح المؤلف لقضية مهمة تمسنا جميعا وهي «المحافظة على الهوية المصرية»، وطرحها بشكل طريف، وتخللها خطوط كثيرة، ولكنها تخدم الخط الأساسي وهو الهوية المصرية، وأوضحت أن المخرج محمد عصام صاغ النص بأسلوب السهل الممتنع، ووصف كل شخصية في مكانها، وضفر كل الشخصيات فلم نشعر بركوب شخصية على الأخرى، فكل يخدم بعضه البعض.
وأضافت: شعرت أن هناك ظلالا تأثر بها المؤلف وبدون نقل، فهناك تناص مع رواية الأديب توفيق الحكيم «حمار الحكيم» فهو طرحها بشكل رائع وطريف، وإذا رجعنا لرواية «حمار الحكيم» 1940 حيث عاش الحكيم في فرنسا وتأثر بها، فطرح مقارنته بين الريف المصري والأوروبي وتحديدا الفرنسي، وحال الفلاح في كليهما بعد رجوعه من الخارج في أحداث واقعية تغلفها طرافة ومتعة، شعرت بتأثير واضح على النص الذي كتبه المؤلف محمد عادل بنص «الخرتيت» لـ(أوجين يونسكو)، فالخرتيت كتبت كذلك على أساس الحالة المفردة وليست الجماعية، وهو ما استفاد به المخرج وعمقه بشكل جميل وعميق وبأكثر من لون، وتناول المؤلف المناهج الدراسية وتغيرها من خلال الترند في الإعلام كبرامج التوك شو، ومسألة إعلاء المادة على الثقافة والمعرفة فتكون كفة المادة الغالبة على الجانب الإنساني والمعرفي.
واستطردت قائلة: هذا يذكرني بفيلم محمد عبدالعزيز «انتبهوا أيها السادة» حيث دق ناقوس الخطر من حدوث كارثة، والتنبيه ألا يغفل عنها الجميع، فجامع القمامة قيمته أعلى من أستاذ الجامعة. نجد هنا اختلال الموازين في المجتمع وهو ما طرحه المؤلف محمد عادل وما لمسناه في اللحظة الأخيرة التي طرحها محمد عادل وهو إظهار طفل برعم، حلمه أن يكون رائد فضاء، مما يعطي أمل في أن تتحقق الأحلام، وهو ما أكد عليه المخرج محمد عصام « استمر في الحلم ولا تيأس».
وفي نهاية كلمتها حيت (علام) المؤلف والمخرج لتقديم هذه الدراما، ومجموعة الشباب الذين جسدوا العرض مبشرة بأنهم سيكونوا نجوما في المستقبل يشار إليهم.
شيماء إبراهيم: العرض متطور ينمو تدريجيا 
وقالت الأستاذة شيماء إبراهيم في كلمتها: في بداية العرض ومع انتظار الأديب الكبير حضر في ذهني نص « في انتظار جودو» لصمويل بيكيت، وتخيلت أننا أمام عرض عبثي أو به جزئية العدمية التي توجد في مسرح العبث، لكن الكاتب عمل شيئا جديدا، فعمل (فرشة) كبيرة للأديب عم إبراهيم، ولكن بعد لحظات نسيت كمتلقي الأديب عم إبراهيم وأصبح المسيطر هنا الشخصية الرئيسية « لوحمارو»،  وأصبح في العرض ديناميكية أي حالة نمو وتطور في العرض من البداية للنهاية، فلم أشعر بملل، ويوجد حرص على مستوى الصورة والحوار والحركة يحترم فيها المؤلف والمخرج عقل المتفرج.
وأضافت إبراهيم: لا يعيب الفنان فكرة التأثر بالتراث الفني خصوصا إذا قدمها بشكل مختلف، أما عن فكرة الاستعارة نجد المخرج والمؤلف ركزا على فكرة الصورة منذ بداية دخوله بشخصية الحمار على أربع ثم الوقوف ثم الإيماءة، فالعرض متطور ينمو تدريجيا، أيضا بداية من قناع واحد إلى كل الشخصيات التي ترتدي أقنعة الحمار، فاستطاع المؤلف والمخرج توظيف فكرة الاستعارة.
 وأثنت (إبراهيم) على فكرة أن العرض لم ينتهي بنهاية عدمية، وإنما أنهى العرض بفكرة الأمل، فالمخرج هنا وظف كافة العناصر والأدوات وقالت: أنا كمتلقي أجد صورة ثرية على مستوى الصورة والممثلين والضوء والنقلات. واستطردت: حدث هنا تماس بين شخصيتين أدوا نفس الدور «شخصية الكفيف والذي يشتري الكتب والورق» فشخصية الكفيف تم بترها ولم يتم توظيفها، وطلبت إبراهيم  هنا إعادة النظر في شخصية الراوي لأن هناك لبس بين الشخصيتين.
وفي ختام كلمتها حيت صناع العمل قائلة: قدمتم عمل محترم يحترم المتلقي، وأنتم طاقات هائلة، وكل حريص على الأدوار التي قدمها.
أحمد أبو العلا: فريق يتميز بالجدية والإحساس بالمسئولية 
وفي مداخلته أعلن الناقد أحمد عبد الرازق أبو العلا إعجابه بهذا الفريق قائلا: هذا الفريق شباب ما زال في الجامعة، ويقدم عرضا إلى حد كبير متماسكا، والرسالة المقدمة تتماس مع الواقع إلى حد كبير، حيث يتميز الفريق بالجدية والإحساس بالمسئولية، وهو ما يشعرنا أن هناك أمل على المدى البعيد، مشيرا إلى أننا حاليا ننتظر تقدم المسرح على يد هذا الجيل.
وعن المخرج قال أبو العلا: هذا المخرج لديه عناصر تفصح أنه مخرج واع، حيث استطاع تقديم صورة مسرحية متماسكة وذات دلالة، مشيرا إلى أنه استطاع أن يقدم الممثلين بشكل جيد، وحافظ على إيقاع العرض وتماسكه بشكل جيد، موضحا أنها كلها عناصر تحسب للمخرج، ولكن يحتاج في المستقبل إلى تجويد هذه الأدوات بشكل أكثر دقة مما حدث في هذا العرض، خاصة في عنصر الرقصات على سبيل المثال، على الرغم أن هذا العنصر كان جزءا رئيسيا في الصورة المسرحية، إلا أنه يؤخذ على هذا العرض هذه الاستعراضات، مشيرا إلى أنها هنا معادل موضوعي عن البهجة، في حين أن العرض يناقش القبح وانهيار منظومة القيم، والمنظر الراقص يصنع صورة جمالية، وهي ليست متوافقة مع الحالة التي يقدمها النص الذي هو ضد البهجة، فهو به قتامة، وما يحسب له هنا» نهاية العرض» حيث الطفل رمز الأمل.
وأضاف أبو العلا: على الرغم من أنه قد يختلف معي الكثير حيث أن العرض لفرقة الهواة خاصة طلاب الجامعة وبه عناصر تمثيلية جيدة، إلى أنه من الأفضل الاستناد إلى نص قوي، لأن النص المسرحي القوي يساعد الفريق القوي أن يقدم موهبته بشكل حقيقي وليس العكس، مشيرا إلى أنه ليس ضد المؤلف الجديد وأنه لم يكن رافضا للنص، فهذا النص « الأديب الكبير»، يقوم على فكرة جديدة تتماس مع الواقع، فالمؤلف على وعي بما يحتاجه الواقع ويقرأ الواقع بشكل جيد، ويبحث عن التغيير في هذا الواقع ولكن ما زالت هناك أخطاء كبيرة في التأليف المسرحي، فمن ناحية الكتابة مرتبط باستدعاء نصوص أخرى، وبه لمحات من نصوص أجنبية ومع ذلك فما زال النص مرتبكا، حيث غابت عنه فكرة البناء الدرامي، فالبناء الدرامي الذي نفتقده في العديد من العروض يجعلنا نحتاج إلى ورشة في تعليم الكتابة المسرحية، مشيرا إلى أنه من المهم جدا أن المؤلف الجديد إذا كانت أدواته مرتبكة ومتعجلا في تقديم عمله على خشبة المسرح، فلابد له أن يستند إلى ورشة، فالفرق الجيدة لابد أن تستند إلى نص قوي.
د. محمد سمير الخطيب: نحن أمام أجيال جديدة ستقدم فنا مختلفا 
وفي مداخلته شكر الدكتور محمد سمير الخطيب الفريق لما بذلوه من مجهود كبير في هذا العرض قائلا: قدم هذا الفريق عروضا كثيرة، ومعظم الطلبة فيه للفرق الأولى والثانية من دراما ونقد واشكرهم لحرفيتهم في العرض.
وأشار أن لديه بعض الملحوظات على العرض قائلا: أعجبتني طريقة تقسيم خشبة المسرح والتعامل معه، وفكرة المستويات الأعلى والأدنى، وطريقة توزيع الممثلين، مشيرا إلى أن الشكل شبه تجريدي للعناصر حيث يستند إلى زمان معين ومكان معين، والمؤلف دمج فكرة الراوي الذي يربط بين الزمنين، وهناك ثمة علاقة بين ما يعرض وما هو موجود الآن، والراوي الداخلي الذي يعلق على الأحداث.
 وأوضح أن الدراما لها عدة أشكال، وهنا نتعامل مع جيل مختلف يتعامل مع فكرة السببية والمنطقية من العلاقة وفكرة المستويات المتجاورة والتي من خلالها يمكن التعامل، وفكرة التأليف أشبه بفكرة المفهوم الناسخ لـ(رولان بارت)، فالكاتب هنا يستدعي مجموعة من النصوص ويعيد تشكيلها من جديد، فنحتاج هنا لدقة في المفاهيم، وأشار إلى أننا أمام نمط جديد في الكتابة، ونمط تأليف جديد وهي طريقة متغيرة، وطريقه تقديم لأجيال جديدة، مؤكدا أننا أمام أجيال جديدة ستقدم فنا مختلفا. 
وأعرب الخطيب عن سعادته بالممثلين، وشكرهم لمحاولتهم السير على خط القسم، وأشار إلى أنها ثاني محاولة إخراج للمخرج محمد عصام موضحا أنه ممثل قبل أن يكون مخرجا، وأخذ جائزة أولى في إبداع.
عبدالحميد السيد: هذا العرض جرس إنذار لمجتمعاتنا 
وفي مداخلته أعرب الإعلامي عبد الحميد السيد عن سعادته واستمتاعه بهذا العمل قائلا: هذا الفريق رجعنا للمسرح الجامعي والمتعة في مرحلة البروفات؛ لأنه مختلف بحالته وعلاقاته.
موضحا أنه لا يوجد نموذج نقول عليه هكذا يكون المسرح، فكل عمل مسرحي هو تجربة خالصة خاصة بذاتها، وبالتالي يجوز لهذا المخرج الشاب أن يقدم تجربة له وتكون شيئا مختلفا، فكل نظريات المسرح والدراما والتمثيل كانت في بدايتها قبل أن تكون نظرية تجربة فردية قدمها فنان مبدع لأول مرة، وتحولت إلى مدرسة بعد ذلك، واتجاه قد يتحول ما فعله المخرج لأن يكون خط ومنهج في المستقبل، موضحا أنه على الرغم أن المخرج بذل مجهودا لعدم تشابه الشخصيات لكن يحدث تشابه في الشخصيات ولا تصبح هناك خصوصية لكل شخصية قدمت.
 وأضاف إن الفنانين الممثلين الذين قدموا هذا العرض لديهم طاقة عظيمة، موضحا أنه لا يمكن إغفال دور التجريب.
  وأنهى السيد كلمته مشيرا إلى أن هذا العرض جرس انذار لمجتمعاتنا، على حد قوله «إننا رايحين حتة تانية خالص» حيث غابت منظومة القيم، وأصبح المفهوم هو الترند «نمبر وان»، موضحا أن الأمل هنا في الطفل الذي رفض أن يكون حمارا، فيجب علينا جميعا أن نرفض أن نبقى حميرا.
جدير بالذكر أن العرض تأليف محمد عادل وإخراج محمد عصام،  تمثيل: «فادي رأفت، أحمد العمري، طارق العطار، يوسف حسام، سما مجدي، عمر طارق، أميرة راشد، هاني عادل، مارينا صفوت، إفرايم كامل، رضوى شريف، محمد ناصر، وأحمد مجدي، مصطفى وحيد، هدير عبد السلام، عبد الرحمن موسى، أحمد دبور، جنة أسامة،  أشرقت أشرف، ليديا ملاك، عبدالله محمد.
 


سامية سيد