في ندوة المسرح وقيم التسامح: المسرح.. منبر التسامح والتعددية

في ندوة المسرح وقيم التسامح: المسرح.. منبر التسامح والتعددية

العدد 640 صدر بتاريخ 2ديسمبر2019

قال د. أبو بكر سليمان إمام مسجد النور بالعباسية إن الإسلام هو دين التسامح، يقبل التعددية والتنوع والاختلاف، حيث خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وميزة بالإرادة في الاختيار. جاء ذلك في الندوة التي أقامها المركز القومي لثقافة الطفل الأسبوع الماضي، بالحديقة الثقافية، بالتعاون مع وزارتي الأوقاف و التربية والتعليم، وحملت عنوان “ المسرح وقيم التسامح”.
أقيمت الندوة تحت رعاية د. إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، ود.هشام عزمي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، وأدراها المخرج شوقي حسن، كما تحدث فيها الشاعر والكاتب أحمد زيدان والمخرج محمد فؤاد.
وعن أهمية الدين ودور العبادة في ترسيخ المفاهيم الإيجابية وتربية النشء بشكل سليم ردد إمام مسجد النور مقولة لأحد الفلاسفة قال فيها “ لقد وجدت مدنا بلا مصانع ومدنا بلا مشافى ومدنا بلا مدارس ولكني لم أجد مدنا بلا معابد” مشيرا إلى أن الإسلام ينظم العلاقات الإنسانية على أساس من التسامح، وهو ما لم يكن معروفا قبل الإسلام. واستعان إمام مسجد النور ببعض الآيات القرآنية ليؤكد من خلالها على أن الإسلام يقبل التعددية والتنوع والاختلاف، و أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وميزة بالإرادة في الاختيار.
المخرج شوقي حسن أكد خلال تقدمته للندوة على دور المسرح في المجتمع، باحتوائه على العديد من القيم والأفكار، وعرفه بأنه أبو الفنون، ويعد من أقدم الفنون التي عرفها التاريخ منذ الحضارة المصرية العريقة، مشيرا إلى اهتمام الكثير من الكتاب والفلاسفة بالمسرح، الذي يصنع من المجتمعات وحدة واحدة، ويعد وسيلة هامة للتعلم. مؤكدا أن المسرح وسيلة أكثر سهولة في إيصال المعلومات، ولذلك عولت عليه وزارة التعليم و استخدمته فى توصيل المناهج الدراسية. وختم شوقي حسن تقدمته بالتأكيد على قيمة المسرح بذكر المقولة الشهيرة “ أعطني خبزا ومسرحا أعطيك شعبا عظيما” .
 وفى كلمته أوضح الشاعر أحمد زيدان أن التسامح مع الآخر يفترض وجود خطأ أو صراع، موضحا أن الدراما أساسها الصراع بين الخير والشر، ينحاز لأحدهما العمل الفنى حتى يصبح فى النهاية مثالا يمكن تقديمه للمجتمع.
ومن منظور تاريخى أشار زيدان إلى أن المسرح حاضر منذ الحضارة المصرية القديمة، و أنه كان يقام داخل دار العبادة، وأثناء تحنيط الموتى، ولكنه كان طقسا سريا لذلك لم يصل إلينا بشكل مباشر، إلى أن تم اكتشافه من قبل بعض الأساتذة عبر البحوث التي أجريت على البرديات، والتي تؤكد وجود المسرح فى تلك الحقبة.
وتحدث زيدان عن المعنى الأشمل للتسامح و الذى يعنى- من وجهة نظره - تقبل الاختلاف ودعمه حتى يكون مصدر قوة، وأنه إذا لم يتقبل الفرد اختلاف الآخرين فسيكون هناك صعوبة فى التعايش وبناء الأسر والمجتمعات والدول.
وبنظرة تاريخية أشار زيدان إلى أن مصطلح التسامح تم تداوله فى العصور الوسطى التى كانت تشهد صراعا دينيا على المذاهب الدينية في أوروبا، وهو ما تسبب فى نشوب معارك دموية راح ضحيتها الملايين بسبب اختلاف العقيدة، ومن هنا بدأت البشرية تعي أضرار عدم التسامح، وأصبح التسامح هو الحل الأفضل لحقن الدماء، وإقامة التعايش رغم الاختلاف، دون المساس بالعقائد.
وذكر زيدان نوعين من التسامح هما التسامح الكفى، أي الكف عن الأذى، بعدم التعامل مع الشخص المختلف، وعدم الاقتراب من مناطق الاختلاف، وهو ما يصعب العمل به فى محيط الأسرة والمجتمع، أما النوع الآخر فهو ما اعتبره التسامح الإيجابي وهو القائم على احترام الاختلافات والتعايش معها. وأشار زيدان إلى اهتمام المجتمع العالمي بدعم قيمة التسامح خلال المؤتمر الذي إقامته منظمة اليونسكو عام 1995 بسبب ما خلفته الحروب من دمار، وأوضح الكاتب معنى المسرح وعناصره التي تتكون من مخرج ومؤلف وممثلين ومصمم ديكور وموسيقى وغيرها من العناصر بما يعني أن المسرح فن قائم على عدة فنون آخري تتفق فيما بينها على وجهة نظر واحدة، حتى يخرج العمل الفني مكتملا، موضحا أنه إذا اختلفت تلك العناصر فلن يكون هناك عرض مسرحي. لذلك يرى أن المسرح يحمل فى جوهرة معاني الديمقراطية والتسامح وتقبل الاختلاف. وأن الفنون ترتقى بالروح . مؤكدا أن المسرح فن قائم على تقبل الآراء والأفكار ودمجها في كيان واحد، وأن ما يميز المسرح هو أنه يوضح أهمية التسامح من خلال الأعمال التي تقدم وما تحمله من رسائل دون الوقوع فى فخ المباشرة وإلا أصبح خطبة.
 وختم زيدان كلمته بتشجيع الأطفال على مشاهدة العروض المسرحية فى الحديقة الثقافية.
فيما ذكر المخرج محمد فؤاد خلال كلمته أن الفن يلعب دورا هما في الارتقاء بالروح الإنسانية ويجعل الإنسان أكثر تسامحا.
وضرب فؤاد مثلا بوجوده على المنصة هو و الشاعر أحمد زيدان وهما يمثلان جانب الفن مع د. أبو بكر سليمان الذي يمثل الجانب الديني.. اضاف: مثلما يقول الإمام كلمته ويخطب في المصلين ويناقشهم في أمور دينهم، فإن الممثل أيضا يعتلي خشبة المسرح ويوضح للجمهور أمور الدنيا، والدين والدنيا لا ينفصلان.
وتحدث فؤاد عن فرقته لذوى الاحتياجات الخاصة، باعتبارها تشكل دمجا مجتمعيا بين ذوى الإعاقة، وفناني لمسرح، واعتبر ذلك  قبولا من كل منهما للآخر، وأشار إلى ان  كل فئات المجتمع ممثلة داخل هذه الفرقة،  وهو ما يؤكد على قيمة التسامح وتقبل الآخر.
و ضرب فؤاد  مثالا يؤكد على قيمة التسامح وأهميتها من خلال تجربته فى عرض “سندريلا المصرية”  التى تدور أحداثها حول فتاة تعيش مع زوجة أبيها المستبدة وإخوتها، وهما فتاتان يسيئان معاملتها، وعندما يقيم أمير المدينة حفلا يرفضون اصطحابها معهم، وفى نهاية العرض تسامح الفتاة  زوجة أبيها وابنتيها وترفض حكم الأمير بحبسهم، وبهذا تعطينا “سندريلا المصرية”  درسا هامة يؤكد ويعزز قيمة التسامح .
 

 


رنا رأفت