تخرج الفنان هشام السنباطي في كلية الإعلام جامعة القاهرة، اعتُمد مخرجا في الهيئة العامة لقصور الثقافة في 1996، وقدم الكثير من المسرحيات بها.ثم اتجه إلى العمل المستقل، حيث أسس فرقة مسرحية باسم (الأوركيد) وقدم بها عرض (الطوفان) وهو أول عروض صندوق التنمية الثقافية، ثم قام بتأسيس مهرجان آفاق مسرحية، وأخيرا هو رئيس لمجلس أمناء مؤسسة في عشق مصر ومدير مسرح تياترو آفاق. حول مشروعه الثقافي، و تطورات مهرجان آفاق المسرحى, و حول دوره داخل الحركة المسرحية كان لنا معه هذا الحوار.- من أين أتت فكرة مهرجان (آفاق) المسرحي؟فكرة مشروع آفاق كانت تراودني من مرحلة التسعينات، فعندما كونت فرقتي (الأوركيد) المسرحية عام 1994 كانت المهرجانات التي تهتم بالفرق المستقلة قليلة جدا .ومعظمها كان في أماكن بعيدة عن القاهرة، ولم يكن هناك سوى مهرجان واحد وهو جمعية هواة المسرح داخل القاهرة، وكان يقام سنويا وعدد أيامه معدودة فلم يكن يلبي احتياجات غالبية فرق الهواة .وكان أيضا هناك مهرجان اتحاد الفرق الحرة يقام في الهناجر وهذا توقف منذ 95 أو 96 . وكنت أفكر: ما الحكمة من إقامة مهرجان للعرض ليلة واحدة.. ولماذا لا يكون هناك مشروع بحيث يقدم العرض أكثر من ليلة؟ ومن هنا جاءت فكرة مشروع آفاق .وظللت سنين أحاول في اتجاهات مختلفة إلي عام 2011، و كان د. خالد عبد الجليل رئيس صندوق التنمية الثقافية وبشكل أو بآخر تقابلنا وكان قد سمع عن مشروعي، وعرضت عليه الفكرة، فدعمها بشكل قوي جدا، وكان نتاج هذا الدعم الدورة الأولى من مهرجان آفاق مسرحية.- حدثنا عن طبيعة المهرجان والمراحل المختلفة التي يمر بها بداية من التقديم وحتى مرحلة توزيع الجوائز؟أخذنا فترة كبيرة جدا في التحضير للمهرجان حتي تم افتتاح الدورة الأولى، لم نكن متوقعين كمية الفرق التي قدمت حيث وصل عدد المتقدمين إلى 80 فرقة، فالغرض الأساسي من المشروع والهدف الذي اطمح له أن تكون هناك حالة من حالات الزخم والنشاط للشباب ونساعد على تفريغ طاقتهم بشكل إبداعي وفني، واستيعاب اكبر قدر منهم .ثم تأتي مرحلة فرز المستويات، الجيد والجيد جدا والممتاز. والمشروع على مدار سنين افرز أسماء كثيرة جدا نفتخر بها وبإبداعاتها، واشعر بالسعادة عندما أشاهد عرضا لأحد هذه الأسماء التي كانت بدايتها في آفاق، وكان آخر مشروع شاهدته للفنان محمد يوسف وهو (أفراح القبة) إنتاج مسرح الشباب، وهو من المخرجين الجيدين الذين نجحوا معنا ويعد من نجاحات آفاق، حيث شارك بعرض (رقصة الأفاعي) وحصل على أفضل عرض في الدورة الثالثة، ورشح باسم مهرجان آفاق للمهرجان القومي في نفس العام، وانا فخور عندما أرى تطور الشباب ونمو تجربتهم ونضجها، ولكن لا استطيع ان اقول إننا كمشروع السبب الوحيد لنجاح هؤلاء الشباب، ولكن نحن احد العناصر التي ساعدت في تحقيق هذه النجاحات، فنحن مجموعة مشروعات وأفكار ومجوعة مؤسسات ومجموعة أهداف تعمل علي تحقيق احتكاك الشباب في أكثر من مكان ومساعدته في تقديم إبداعاته، وهو ما يتيح له فرصه سماع أكثر من رأى، من الجمهور ومن اللجان المختلفة، ليكون بذلك مجموعة من الخبرات التي تفرز مجموعة من الطاقات الإبداعية، وهؤلاء الشباب هم نتاج مجموعة هذه المشاريع وليس آفاق فقط._ ما طبيعة المهرجان، وهل هناك نوعية معينة من النصوص يقبلها، وكيف يتم التقييم إن كان هناك أكثر من نوعية للعروض المقدمة؟المهرجان طبيعته مختلفة قليلا، وقد كان الأول من نوعه وقت أن بدأنا، و أصبح هناك أكثر من مهرجان بدأ في الاستعانة بمنهجنا وهذا شئ جيد، أن يأخذوا منا شكل أو أسلوب أو طريقة مسابقة، فنحن عندما بدأنا كنا المهرجان الوحيد الذي يوجد به عدة مسابقات، و أصبح الآن هناك مهرجانات عديدة، وأنا سعيد بنجاح الفكرة، يجب ان لا نقصر المهرجان علي 6 أو 7 أيام فقط، بل لابد من التنوع ووجود الأشكال المختلفة ونجاح الفكرة هو ما جعل العديد من المهرجان تنحو نفس المنحى، واتممي ان تحذو جميع المهرجانات نفس الحذو، .. الناقد الكبير حمدي الجابري أطلق علي المهرجان اسم مهرجان المهرجانات، لأنه يضم مجموعة مسابقات بداخله، وانا سعيد ان هذا الشكل فرض نفسه حتي علي المهرجانات الكبرى .ونحن نمر بعدة مراحل، مرحلة المشاهدة ومرحلة التصفيات ثم تقسيم المسابقات ثم مرحلة الtop1 وهذا يكون لأفضل العروض الموجودة، أفضل تمثيل، أفضل مونودراما، أفضل موسيقي، أفضل سينوغرافيا وهكذا .. أما بالنسبة لنوعية النصوص ففي الدورة السابقة اخترنا النصوص التي تقدم للمؤلف العربي حتي المعالجات فهي ايضا معالجات لكتاب عرب، اما الدورة القادمة فلم نفكر في بعد في اختيار تيمة النصوص التي سوف تقدم، ولكننا نحاول قدر الإمكان عدم التضييق علي الاختيارات..فعندما اخترنا تيمة الدورة السابقة حاولنا الحفاظ علي الهوية العربية، وفي نفس الوقت عدم تحجيم الفرق في اختيار النصوص لأننا نحاول البحث عن آفاق جديدة، وبالتالي لابد وان نبحث عن آليات مناسبة لما نطرحه ._ هو مهرجان للفرق المستقلة.. من أين يتم إذن الحصول على الدعم؟منذ الدورة الأولي ونحن نتلقى الدعم من قطاع شئون الإنتاج الثقافي ومن وزارة الثقافة، دعم مادي ومعنوي ولوجيستي، ولولا هذا الدعم لما كان لهذا المهرجان ان يستمر وينمو ويكمل مسيرته علي مدار الست دورات السابقة .أضيف في أخر ثلاث دورات دعم من صندوق التنمية الثقافية ودعم من الهيئة العامة لقصور الثقافة حتي تستمر المسيرة، وهى مبالغ قليلة ولكن نستطيع ان نتعامل بها، كما أسسنا مؤسسة (في عشق مصر) وبدأت المؤسسة تدعم نفسها بنفسها من خلال مشاريعها والتي تستطيع ان تطور المشاريع الموجودة لديها مثل مشروع آفاق مسرحية، ونحن بقدر الإمكان نعتمد علي الدعم الذاتي لنا والدعم الذي يأتي من خلال مشاريعنا وأيضا الدعم الذي يأتي من وزارة الثقافة.لماذا اخترتم اسم الفنان سمير خفاجة لتحمل الدورة السادسة من المهرجان اسمه؟الفنان الكبير سمير خفاجة كان من المكرمين في الدورة الخامسة ومنذ تكريمه بدأت البحث في تاريخه بشكل أكثر عمقا، وأسمع حكاياته وابحث وراء كلمه صانع النجوم التي تقال عنه، واكتشفت ان هذا الفنان هو حقا صانع نجوم علي مدار تاريخ طويل، قدم للفن والمسرح نجوم أضاءت المسارح بشكل قوى، وكيف كان بسيطا مع الناس، وكيف كان منزله مفتوحا لكل الفنانين، وكيف وقف بجانب النجوم الشباب، و هو ما لفت انتباهي .ونحن مهرجان للشباب، فكان لابد وان نكرم هذا الرجل الذي ظل يدعم الشباب والنجوم علي مدار تاريخه .وللأسف نحن حاليا نعاني من صعوبة في اكتشاف المواهب، وهذا يتطلب عناية واهتمام بالموهبة إلي ان تصل وتحقق طموحاتها._ ما رؤيتك للدورة الجديدة وما الذي سيضاف فيها؟انتهينا من الدورة السابقة ومازالت ملامح الدورة القادمة مجهولة ولكن سيكون هنا دعم أكثر للمشاركات الدولية. في الدورة السابقة كانت هناك مشاركات دولية تمثلت في ليبيا، في الدورة القادمة سيكون هناك مشاركات أكثر، لأن فكرة الاحتكاك بين بيئات مختلفة وثقافات مختلفة مهمة جدا للشباب. الآليات ربما تكون صعبة إلي حد ما في النفقات ولكننا نحاول التغلب عليها .- كيف ترى مكانك كمخرج في الحركة المسرحية؟آخر تجربة إخراجية لي كانت عام 2016 حيث شاركت في المهرجان القومي بعرض (30 فبراير) وكان قدم من قبل في مسرح الهوسابير، بطولة النجم الجميل الدكتور أيمن الشيوى، و لاقى استحسان الجمهور، ولكن الانخراط في الإدارة والمشاريع المسرحية خاصة بعد افتتاح مسرح آفاق أخذ من وقتي الكثير. وانا أري ان ذلك أفيد للفرق، فأن أبذل مجهودا لإظهار 20 أو 30 فرقة أفضل من بذل هذا المجهود لإخراج عرض واحدا، ومع ذلك فالإخراج في دمي، وهو متعة لا تعوضها متعة أخري، ومن الأكيد اني سوف أعود إليه إذا أتت الفرصة والوقت ._ما رؤيتك لمستقبل مسرح الهواة والفرق المستقلة؟ربما يكون رأيي صادما لكوني المتهم بالمسرح المستقل والهواة والمشاريع، ومع ذلك اقول: للأسف، انا خائف جدا علي مستقبل المسرح المستقل والهواة لأن هناك أشياء سلبية بدأت في الظهور إلي جانب ظهور غير المتخصصين الذين بدأوا في عمل الورش، وبالتالي سيكون نتاج هذا ظهور أجيال لديها معلومات مغلوطة، لان فكر غير المتخصصين يقوم علي تكوين كاستنج، ويكون الناتج عرض مسرحي .هذا لا يسمي بالورشة، لأنه لابد من وجود عناصر ومنهج، لابد من ان يعي الدارس أو المتقدم للورشة ما يقدم له . ولا يشترط ان يكون نتاج الورشة العرض المسرحي، ولكن هدف الورشة يجب ان يكون تنمية القدرات لدي المتقدمين أو تنمية جزء معين من أدوات الممثل، كالارتجال أو الأدوات الشخصية الخ ..الورش المتخصصة التي شاهدناها في الهناجر مثلا في فترة التسعينات او غيرها في أماكن أخرى كنا نرى بها أساتذة متخصصين إلي الحد الذي نرى فيه أساتذة يأتون من الخارج، رأينا جواد الاسدى وبيتر بروك وغيرهما. . كانت الدكتورة هدى وصفي مهتمة بشكل كبير بهذه الورش، لذا تأتي بمخرجين من الخارج ذات أسماء كبيرة لكي يدربون في عنصر واحد من عناصر إعداد الممثل، وكان من الممكن ان تكون الورشة مخصصة لهذا العنصر فقط . من ضمن التخوفات أيضا ان المسرح المستقل بدأ يجنح أكثر الى الشكل التجاري، فأصبحت بعض فرقه أشبه بفرق القطاع الخاص الصغيرة، و القطاع الخاص يحتاج إلى مصروفات عالية، فأصبح الأمر لا هو قطاع خاص بمعناه الحقيقي، ولا فرق مستقلة بالمعني المعروف.. فمثلا لا يوجد مسمي لفرق هواة تهدف للتربح من منتجهم الفني، وهذا من وجهه نظري التي تفرق بين المستقل والهواة . ففرق الهواة يمكن ان نراهم في مراكز الشباب والرياضة بعروض مجانية، ولكن إذا دخلت مسألة البيع والشراء والتذاكر والإنتاج والرقابة إذن فأنت تجنح إلي الشكل الخاص، لا نستطيع ان نقول انه خاص كما هو معروف.. انا لست ضد فكرة الربح وهذا موجود في العالم كله لأنه بالربح سوف يستطيع ان يقدم تجربه أولي وثانية وهكذا، ولا يقلل هذا أيضا من كونه يمكن أن يقدم فنا راقيا يرتقي بالمجتمع، ورسالة هادفة، فالربح ليس معناه ان أقدم إسفافا او أعمالا دون المستوى تسئ للمجتمع، أو تمس تاريخنا. المستقبل القادم انا قلق بشأنه، لأن في النهاية المسرح علم يدرس. فإن لم يدرس في الأكاديميات فأنه يتحصل بالممارسة، ونحن رأينا أسماء كبيرة جدا علي مستوي الإخراج والتمثيل لم يدرسوا في أكاديميات أو معاهد متخصصة ولكنهم استطاعوا ان يرتقوا في الخبرة والدراسة والاطلاع والاحتكاك حتى وصلوا إلي مستويات مرتفعة جدا في علم المسرح ..فالمسرح علم ومن المفترض فيمن يعلم ان يمتلك شكلا من أشكال التكامل في الجزء الذي يقوم بتعليمه، فلا يصح ان يكون القائم بالورشة مجرد شخص قرأ كتابا أو سمع بعض الكلمات من هنا أو هناك.... الفن مثله مثل أي مهنة اخرى مهمة للبشرية كالطب والهندسة .صحيح ان الفن مختلف قليلا في ان المبدع لابد وان يمتلك الموهبة بعكس العديد من المهن التي لا تشترط ذلك، ولكن إذا امتلك الموهبة تميز عن غيره .