فرقة حسن البارودي أول فرقة مسرحية مصرية تزور السودان (2-2)

فرقة حسن البارودي أول فرقة مسرحية مصرية تزور السودان (2-2)

العدد 642 صدر بتاريخ 16ديسمبر2019

عادت فرقة حسن البارودي إلى مصر، وربما يظن القارئ أن رحلتها إلى السودان انتهت بهذه العودة! والحقيقة أن ما نُشر عن الفرقة بعد عودتها فاق بكثير ما نُشر عنها أثناء وجودها في السودان!! فقد أدلى بعض أفراد الفرقة بآراء وأحاديث، نشرتها مجلة الصباح تباعاً، ومنها ما ذكره الممثل سيد فوزي عن أخفاق الفرقة في بعض الليالي، قائلاً: “ إن عدم النجاح لبعض الحفلات، يرجع سببه إلى أن بعض الممثلين كانوا يستهترون بالعمل، ويحضرون البروفات برجاء!! فكانت بعض الروايات تظهر على المسرح ضعيفة، مع أن الأستاذ البارودي كان يعاملهم معاملة الزميل المخلص والأخ الوفي، وكان ينفذ جميع رغباتهم ويعطيهم حقهم .. ولكن يظهر أن بعض الممثلين لا يخافون إلا من المدير الذي يضرب على أيديهم”.
أما الممثل عبد المجيد شكري، فقال: “ كانت الرحلة موفقة في مجموعها كل التوفيق، ولقد أظهر أخونا وزميلنا حسن البارودي نبلاً في الأخلاق وكرماً في النفس وإن كان قد ظهر منه الضعف في بعض الأحيان؛ لكن هذا كان مبالغة منه في الكرم، وكان الشعب السوداني مسروراً بزيارتنا لبلاده، ويحترمنا كمصريين أشقاء للسودانيين. والأمر الوحيد الذي تأثروا منا بسببه هو أننا ذهبنا إلى بلادهم لحساب بعض الأجانب، ولكن هل هذا خطأنا؟ وهل تقدم لتعهد حفلاتنا أحد من الوطنيين وأهملنا الاتفاق معه؟ لا .. إذن نرجو من الشعب السوداني الشقيق أن يلتمس لنا هذا العذر”.
وقد نشرت مجلة الصباح – نقلاً عن جريدة السودان - حديثاً فنياً للأستاذ عبد المجيد شكري سأله فيه المندوب الفني: ما رأيك عن جمهور النظارة السوداني، وماذا كنت تعرف عن السودان قبل حضورك إلينا؟ أجاب: “رأيي إنه جمهور هادئ محب للفن وللفنانين. روحه مرحة وهذا من الأمور النادرة المثال في الأمم. أما عن معرفتي بالسودان، فإني أعلم عنها الشيء الكثير مما اطلعت عليه، ومما سمعته من إخواني المصريين بمصر، الذين أمضوا شطراً من حياتهم بالسودان. وأجمل ما سررت له هو وجود الشباب المتعلم على جانب عظيم من الثقافة، واسع الاطلاع ملم بجميع الأمور. كما أن أهلها أيضاً على جانب كبير من دماثة الأخلاق والوداعة ذوي كرم هائل، يذكرنا بكرم الأوائل المكرمين. لذلك أول ما عرض علي فكرة زيارة السودان زميلي الأستاذ البارودي، سارعت وزميلي الأستاذ عباس فارس بالعمل على تحقيق هذه الفكرة، ورحبت بها كل الترحيب من صميم قلبي، وكنت عضده اليمين على تنفيذها”.
أما الممثلة والمطربة نجمة إبراهيم، فقالت بعد عودتها - إجابة على سؤال: ماذا أحدثت الرحلة في نفسك من أثر؟ - “ لقد تركت هذه الرحلة أحسن الأثر في نفسي. فقد تمتعت أولاً بزيارة بلاد هي قطعة من وادي النيل - ولا أقول قطراً شقيقاً – فمصر والسودان بلد واحد. ووادي واحد، ورأيت السودان بعيني فعرفت حقاً لماذا نستميت نحن المصريين في التمسك به وعدم التهاون في شأنه. فهو تتمة وادي النيل ومنبعه ومجراه الأول. وقد رأيت وسمعت وشعرت بما يحمله أهل السودان من المحبة لنا والتحمس لكل ما هو مصري ..... لقد كنا نحيي الليلة على حساب المتعهد اليوناني فلا يزيد الإيراد عن بضعة جنيهات. فإذا أحيينا ليلة على حساب الفرقة زاد الإيراد عن المائة جنيه. وقد تمتعت ثانية بالمساهمة في حمل رسالة مصر إلى السودان، إذ نقلنا إلى هذا الوادي الكريم قطعة من فن مصر. والفن رسول سامي من أمة كريمة لأمة كريمة. لقد أعجب السودانيين بالفن المصري وقد رأوه، ولابد أنهم سينتفعون منه. وإن في استمرار الرسالات بين مصر والسودان لتوثيقاً عظيماً لعرى الأخوة بين شقي الوادي وطرفيه. وإنني بعد الذي رأيت أهيب بالأمة جمعاء أن تبعث الرسالات طائفة بعد طائفة فبهذا نعرف السودان ويعرفنا السودان ونحبه ويحبنا”.
وفي مناسبة أخرى، أجابت نجمة إبراهيم على سؤال - هل كان الشعب السوداني مقبلاً على التمثيل متفهماً له؟ - قائلة: “لقد أقبل علينا الشعب رغم رداءة الجو في بعض الليالي وتعصبهم ضد المتعهد اليوناني، إقبالاً عظيماً وكانت معظم الليالي ناجحة نجاحاً هائلاً. وقد كان الجمهور متفهماً الروايات المكتوبة بالعربية الفصحى، وكان يحسن الانصات لها ويعجب بها ويظهر إعجابه دائماً. ولكنه لم يكن مسروراً من الروايات العامية ولم يكن يفهمها في الأغلب”.
بين المتعهد والمدير
نجاح الفرقة في السودان، أوغر صدور بعض الحاقدين، فحاولوا النيل من هذا النجاح بعد عودتها، وللأسف شارك في هذا الأمر بعض أفراد الفرقة، مثل المنولجست سيد سليمان، الذي لم يُكمل الرحلة في السودان وعاد مبكراً، فأدلى لمجلة الصباح بحوار هاجم فيه الفرقة ومديرها ومتعهدها!! كذلك نشرت المجلة هجوماً على الفرقة كتبه أحمد يوسف هاشم محرر قسم (السودان) في مجلة (روز اليوسف). لكن أهم ما نشرته المجلة في هذا الصدد، هو رسالة أرسلتها زوجة المتعهد بابا لكسيس، هاجمت فيها الفرقة هجوماً شديداً وبالتفصيل!! فعن المسرحيات قالت: “لم تكن الروايات التي اختارتها الفرقة من الروايات الكبرى ذات الشأن ما عدا غادة الكاميليا، وكان اتفاق مدير الفرقة مع زوجي المتعهد بأن يخرج عشرين رواية في شهر. ومع ذلك فلم يخرج غير ثماني روايات، ثلاث منها بفصل واحد. وكان الأستاذ البارودي في بعض الأحيان يحتم إعادة تمثيل الرواية مرة أخرى بالرغم من عدم ملاقاتها النجاح مثل رواية (الموت المدني) مثلاً. والروايات ذات الفصل الواحد كانت جميلة وخفيفة، لأنها كانت متفقة مع قدرة البارودي التي عجزت عن إخراج الروايات الكبيرة في مستوى الكمال”.
كذلك هاجمت الديكور المعروف – في ذلك الوقت – بالمناظر، قائلة: “كانت المناظر كلها قديمة وبالية ومحدودة وتتكرر في كل رواية، سواء كان ذلك مناسباً أو غير مناسب. الأمر الذي جعل الجمهور غير مرتاح لهذا التكرار، وكان تغيير المنظر بين الفصل والفصل يأخذ حوالي النصف ساعة مما سبب الملل والضيق”.
أما رأيها في الممثلين، فجاء هكذا: “(حسن البارودي) كمدير فرقة، لا يعرف كيف يديرها، وليست عنده القدرة والكفاءة لذلك. وكممثل كان مجيداً في الكوميدي. أما في التراجيدي فكان يبالغ في حركاته وحزنه دون مبرر لذلك. (عباس فارس) في الدرامة كان مجيداً وعلى الأخص في الأيام الأولى. وفي بقية الأيام كان غير مخلص لعمله، وكان لا يعتني بملابسه كما تتطلب أدواره. ومثال ذلك أنه كان يلبس قميصاً سبور مفتوح الياقة، وجزمة للتنس بدون شراب، وهو يسهر في منزل الباشا مع سيدات. (عبد المجيد شكري) كان ممثلاً قديراً في أدوار الشيوخ سواء أكانت دراما أو كوميديا، وقد أثنى عليه كل الأوروبيين الذين شهدوا تمثيله. (لطفي الحكيم) لم ينجح إلا في دور العمدة برواية دخول الحمام مش زي خروجه. (سيد سليمان) كان الممثل الوحيد المرغوب فيه من الوطنيين والأجانب على السواء، وكانت ملابسه دائماً نظيفة، وبشاشته مرتسمة على ثغره. (سيد فوزي) كانت أدواره محدودة. (أبو العلا علي) كان ناجحاً في الدرامة فاشلاً في الكوميدي. أما الممثلات: (نجمة إبراهيم) كانت مجيدة في الدراما والكوميديا وأحسن أدوارها في رواية 667 زيتون، ولكن لم تكن في الدرجة الأولى، وقد تجد مكانها في الدرجة الثانية بتسامح. (فؤادة حلمي) كانت راقصة مجيدة، وكانت حركاتها رشيقة. وهي الوحيدة التي كانت ملابسها كاملة تليق بممثلة، ومنولوجاتها مع سيد سليمان جميلة. (فيوليت صيداوي) عندها استعداد لأي دور يسند إليها؛ ولكنها فشلت كبطلة في رواية الدكتور. (رجاء) كانت فاشلة على طول الخط”.
واختتمت خطابها بذكر رأيها في الموسيقى وفي سلوكيات بعض أفراد الفرقة، قائلة: “(الموسيقى) لا بأس بها؛ ولكن أدوارها كانت محدودة، وكان الأستاذ يوسف شالوم يجيب طلبات الجمهور باستمرار، وعازف المزمار كانت إجادته ظاهرة. هذا رأيي عن الفرقة من الوجهة الفنية، أما فيما يختص بسلوكهم والصعوبات التي لاقاها زوجي منهم جميعاً، فإنني أترك له الحرية أن يدلي بها إلى الصباح الغراء، وهي الجريدة المصرية الفنية، التي لها في نفوسنا كل محبة وإخلاص”.
لم يقم حسن البارودي بالرد التفصيلي على زوجة المتعهد، بل نشرت له مجلة الصباح رداً عاماً، قال فيه: “سيدتي الفاضلة، تحية أولاً. وأعتذر إليك عن عدم استطاعتي القيام بواجب وداعك قبل سفري، ولكن اسمحي لي ثانياً أن أشك في أن ما كتب لم يكن من عندياتك، إنما هي آراء زوجك. أراد بذلك أن يزج بك في الميدان ليخلي نفسه من المسئولية واضعاً اسمك الكريم تحت مقالته. ولست أدري كيف سمحت رجولته أن يتخذ لنفسه اسم سيدة محترمة كانت مثار الإعجاب والاحترام طوال المدة التي أقمناها بينكم”.
بيان حسن البارودي
لم ترض مجلة الصباح بالرد العام من قبل مدير الفرقة حسن البارودي، وطالبته بضرورة الرد التفصيلي، فكتب رداً مفصلاً في صورة قصة الفرقة وسفرها. وقامت المجلة بنشر هذا الرد يوم 19/7/1935 تحت عنوان (بيان الأستاذ حسن البارودي عن الفرقة المصرية في السودان). ولأهمية الرد وما فيه من تفاصيل، سأنشره كاملاً، كما نشرته مجلة (الصباح) منذ أكثر من ثمانين سنة، وفيه قال حسن البارودي:
“ لئن حاولت أن أكتب مادحاً الفرقة، التي كونتها وسافرت بها إلى السودان، فلن يقال إلا (طبعاً لن يكتب أو يقول غير هذا)! وإن حاولت أن أكتب قادحاً، فلن يمس ذلك أحداً غيري، ولذا فأنا في حيرة. حيرة الرجل الصريح، الذي يريد أن يكتب ويبين كل شيء راجياً أن يكون لكلمته الأثر المرجو من يصدقها. كونت الفرقة و(الصباح) تعلم الظرف القاسي الضيق، الذي كونتها فيه. ولئن أعطيت لي فرصة أوسع ما كنت بالطبع لأفكر في انضمام بعض أشخاص، أتاح لهم ضيق الوقت شرف الانتساب إلى فرقة مصرية تسافر إلى السودان لأول مرة. فوجودهم معي كان رغماً عني، ألجأني إليه تخلي بعض الزملاء - سامحهم الله - في اللحظة الأخيرة. سافرنا وأنا عازم على أن أكون أخاً للجميع، تاركاً شخصية المدير، فكنت طيباً معهم. طيباً إلى حد الضعف، كما نعتني بذلك في مقالة زميلي الأستاذ عبد المجيد شكري؛ ولكن فات الزميل العزيز أن هذه الطيبة، كان لابد منها لكسر شكيمة هذه المجموعة المتنافرة، التي كونتها الصدفة. فأنا إذن لم أكن المدير الضعيف؛ بل كنت المدير الذي مثل الضعف ليسير دفة الأمور، مدى شهر ونصف الشهر. وهي المدة المتعاقد أنا بها رسمياً. فلو كنت استعملت الشدة لفشل العمل من أول أسبوع؛ لأنني أسلفت أنني اتفقت مع بعض أشخاص، اتضح أنهم لا يقدرون النظام، لأنهم لم يشتغلوا في فرق نظامية. فكان حتماً أن أخجلهم بطيبتي لأستخلص منهم عملاً. بدليل أنه لما انتهت مدة العمل، وشعرت بروح التمرد والحسد والحزبية في نفوس البعض. حتى لقد بلغ بهم الحمق إلى التفكير أنه في المستطاع العمل بدوني. أنا من لم يصدر مني إلا كل خير لهم، لما شعرت بكل هذا، التزمت الصمت وكان صمتاً قاتلاً. أخليت نفسي من مسئولية المدير، تاركاً هؤلاء البعض، ومعهم المتعهد نفسه أن يروني كيف يستطيعون العمل بدوني. فلما شعروا بضعفهم وخطئهم، جاءني المتعهد معتذراً وأعترف لي بكل شيء، وقدم لي مستندات ضدهم، ما زلت أحتفظ بها. ثم جاءوني هم أيضاً بدورهم لأدبر أمرهم، فكانت العودة خير علاج لهؤلاء البعض. وبقيت لأقيم حفلتين لأبرهن لهم أنني أستطيع أن أعمل بدونهم؛ لأنهم برهنوا على أنهم أطفال، ملأ الغرور نفوسهم، فظنوا أنفسهم على شيء. أنا لا أريد أن أتوسع بذكر أسماء أبطال المؤامرة. لأنني لا ع على صداقة واحد منهم، غير أنه من العدل أيضاً أن أخص بالذكر شاكراً زملائي الأفاضل من شرفوني بوجودهم معي، وهم: حضرات الأساتذة عباس فارس، عبد المجيد شكري، لطفي الحكيم، سيد سليمان، سيد فوزي، والسيدة سرينا إبراهيم، والآنسة نجمة إبراهيم. فهؤلاء حقاً كانوا اليد العاملة المشرفة، التي ساعدتني على إخراج ثلاثة عشر رواية في مدى شهر ونصف شهر. قوبلت جميعها بنجاح عظيم يشهد بذلك إعادة معظمها. هذا مجمل بسيط عن الفرقة، أما بخصوص البيان الذي طلبته مني الصباح أكثر من مرة بخصوص ما كتب عن سير الممثلات، فأنا أقول: إن هذا أول طلب من نوعه؛ لأنه لم تجر العادة مطلقاً أن تقدم فرقة من الفرق حساباً عن سير ممثلاتها عقب الرحلات التي تقوم بها. وهذه نقطة من أدق النقط غير أنني سأعرف كيف أقدم لك بياناً عنها!! إن شرف الممثلة وسمعتها موكلان إليها فو الله لا أنا ولا أنت ولا أي مخلوق في استطاعته أن يحافظ على سمعتها طالما هي راغبة في السقوط. ولم أعتد يا صديقي أن أذهب كل مساء عقيب التمثيل، وأغلق الأبواب بنفسي على الممثلات بالمفتاح لأفتح لهم في الصباح، كل الذي أستطيع أن أقوله وبفخر - ما سمعته من مكتب مدير الخرطوم العام - إن سمعة الفرقة الأدبية لا غبار عليها مطلقاً، وأن سير الممثلات المصريات كان أشرف بكثير من سير الممثلات الأجنبيات اللواتي زرن السودان قبل الآن. أما ما كُتب إليكم، وما دعاكم بالطبع إلى طلب بيان مني فهو محض اختلاق مبعثه الغيرة، وإني أقسم لكم لو أن ممثلات الفرقة فتحن صدورهن لأمثال هؤلاء الذين كتبوا إليكم، لرأيتم عكس ذلك تماماً، ولكتبوا إليكم، عنا قصائد المديح ولحدثوكم بأننا رسل الشرف .. أمامكم جرائد السودان تصفحوها جميعها لو أن نقيصة واحدة صدرت من ممثلة، أفهل كانت تسكت عليها؟! ثم هناك حكومة يقظة يا صديقي. ولقد كنا مراقبين بشدة بصفتنا أول فرقة مصرية تزور السودان. وقد تدهش لو أخبرتك بحادثة تدلك على مقدار يقظة الحكومة هناك واهتمامها بنا. كتب شخص مقالاً بعث به من السودان إلى جريدة روز اليوسف، أطلع عليه قلم المخابرات هناك. فهل تدري ماذا فعلت الحكومة؟! أرسلت إلى كاتب هذا المقال، ومازالت حتى اليوم تحقق معه. وأصبح موقفه من أدق المواقف؛ لأنها اعتبرت المقال طعناً بنذالة في سمعة فرقة يحضر حفلاتها باستمرار رجال الحكومة. وسوء حظ الكاتب جعله يفتري على نظام حفلة كان يحضرها مساعد وكيل المدير. ختاماً أظنني قدمت إلى الصباح كل ما طلبته مني، وأنا شخصياً إن كنت قد خسرت مادياً في هذه الرحلة فقد ربحت عطف شعب كريم ما زلت في أشد الحاجة إلى تعضيده ومؤازرته”.
الخاتمة
هذه قصة أول فرقة مسرحية مصرية محترفة زارت السودان، وعرضت فيها ثلاث عشرة مسرحية خلال شهر ونصف الشهر!! تلك الفرقة التي لم تذكرها أغلب المراجع التي تحدثت عن تاريخ المسرح في السودان!! فهل سيعتمد بعض الباحثين - من الزملاء والأصدقاء في السودان – على ما جاء في هذه المقالة، من أجل اكتشاف أثر هذه الفرقة على المسرح في السودان، لا سيما وأن أغلب المراجع أكدت وجود نشاط مسرحي ملحوظ في السودان بعد عام 1935؟! وهل سيكمل هذا الموضوع أحد الباحثين في السودان، ويبحث عما نشرته جريدتي (السودان) و(حضارة السودان) عن نشاط هذه الفرقة، ويسد أية ثغرة أحدثتها مجلة (الصباح) في تغطيتها لنشاط الفرقة أثناء وجودها في السودان؟! وهل سيستثمر أي باحث في السودان معلومة أن المطرب السوداني الحاج محمد أحمد سرور، جاء إلى مصر مع الفرقة المسرحية المصرية، وعمل في الغناء في مسرحي برنتانيا ورمسيس بمصاحبة المنولوجست سيد سليمان، كما نشرت مجلة (الصباح) في سبتمبر ونوفمبر 1935. وهل سيكمل هذا الموضوع أحد الباحثين، ويتتبع مجلة (الصباح) ابتداء من أكتوبر 1935، لأنها نشرت خبراً في هذا التاريخ، تحت عنوان (فرقة جديدة للسودان)، قالت فيه الآتي: “وصل إلى مكتب الأعمال المسرحية والسينما خطاب من المسيو خريستو بابا لكسيس، يطلب تكوين فرقة مصرية جديدة تسافر إلى السودان، ولا زالت المكاتبات متبادلة، ولم يتم الاتفاق النهائي بعد. والمتعهد المذكور هو الذي سبق له أن تعهد لفرقة الأستاذ حسن البارودي”.

 


سيد علي إسماعيل