ندوة المسرح السعودي بملتقى المسرح الجامعي

ندوة المسرح السعودي بملتقى المسرح الجامعي

العدد 637 صدر بتاريخ 11نوفمبر2019

ضمن فعاليات الدورة الثانية لملتقى القاهرة الدولي للمسرح الجامعي أقيمت بالمجلس الأعلى للثقافة ندوة عن «المسرح الجامعي السعودي الواقع وآفاق المستقبل» بحضور الكاتب فهد رده الحارثي، والفنان خالد الحربي، والكاتبة حليمة مظفر، والمخرج عبد لله عقيل، وأدارها سامي الزهراني.
أوضح الفنان سامي زهران أن المسرح الجامعي السعودي تجاوز الكثير من العقبات وحقق الإيجابيات والإنجازات على المستوى المحلي، بالإضافة إلى تقديمه الكثير من الفنانين للمسرح والدراما السعودية، تلفزيونية وسينمائية وإذاعية، وطرح زهران مجموعة من الأسئلة كمدخل للندوة وهي: هل هناك مخاطر تهدد بتجفيف منبع المسرح السعودي؟ هل المسرح السعودي يعيش فترة مخيفة قد تهدد مستقبله؟ هل هناك أمور تربك مسيرة المسرح السعودي منها قلة الكوادر والموارد المادية؟ هل سياسة الجامعات السعودية تميل للجانب الأكاديمي على حساب الأنشطة الطلابية التي يندرج تحتها النشاط المسرحي مما أدى إلى قلة المواهب المسرحية بين طلاب الجامعات السعودية؟ هل هناك قصور من قبل الجامعات السعودية في إنشاء مسارح تصلح للممارسة المسرحية.
فيما أشار الكاتب فهد ردة الحارثي إلى أن المسرح الجامعي يعد من أهم ركائز المسرح السعودي، ومن أهم روافد الدراما والتمثيل في الساحة الفنية الخليجية، مشيرا إلى القيمة الفنية التي حققها من خلال عروض المسرح الجامعي في أكثر من 50 كلية في جامعات متخصصة وحكومية، مؤكدا أن المسرح الجامعي له الفضل في تأسيس أول مهرجان للمسرح السعودي شاركت به تسع فرق جامعية من الجامعات السعودية.
وذكر الحارثي الإمكانيات التي قدمها المسرح الجامعي السعودي ولم تكن متوفرة في أندية المسرح أو الدوائر الثقافية، وضرب مثالا بأهم وأعرق الجامعات في الممكلة العربية السعودية وهي جامعة الملك عبد العزيز التي تملك مسرحا مهما وكبيرا ولديها عدد من المخرجين المتميزين وقامت بعمل مسابقة للعروض بين الكليات وذلك لعمل تنافس ولدفع حركة المسرح السعودي، كما ضرب مثالا آخر بجامعة الملك سعود التي بدأت نشاطها في 1975 وقدمت أعمالا مسرحية مهمة وطليعية وساهمت في اكتشاف الكثير من المبدعين، بالإضافة إلى عدة جامعات أخرى منها جامعة الطائف وجامعة الملك فهد وجامعة جازان وجامعات أخرى بالمملكة العربية السعودية ينشط بها المسرح تارة وينخفض تارة أخرى.
وكشف فهد ردة الحارثي خلال مداخلته عن أن معظم الجامعات في المملكة العربية السعودية تمتلك أندية طلابية ولكن يختلف النشاط المسرحي من جامعة إلى أخرى، كما يتوفر بالمسرح الجامعي السعودي جميع الإمكانيات من قاعات عرض وإمكانيات مادية وبشرية ولكنها تفتقد لوجود الطاقات بالإضافة إلى عدم وجود خطة، فدائما يتغير النشاط سواء بالصعود أو الهبوط وذلك لتغير المسئولين ووفقا لدعم عميد شؤون الطلاب أو تجاهله للنشاط المسرحي. كما كشف الحارثي عن واقع المسرح الجامعي في السعودية مؤكدا أنه مسرح نشط تقام به ورش ومسابقات كما في جامعة الملك عبد العزيز والطائف وجازان، وهي جامعات استطاعت حصد الكثير من الجوائز.
وأشار الحارثي إلى أن الجامعات الآن تقوم بفعل مؤثر في حركة الرصد والنقد من خلال الدراسات والبحوث ورسائل الدكتوراه وبحوث الترقية. كما شدد على ضرورة توافر مكتبة للمسرح السعودي.
وعن أبرز المشكلات، أوضح أن تغيير وتبديل كوادر هذا المسرح تعد أهم مشكلاته وأنه بحاجة إلى التدريب والتكوين في ظل حركة تغيير مستمرة للطلاب، مؤكدا على أن إعداد مركز للتدريب يعد من أهم الأمور التي يجب التركيز عليها في المسرح الجامعي السعودي.
واختتم الحارثي بالقول بأنه رغم الإمكانيات المادية التي تملكها الجامعات السعودية فإن المسرح دوما بحاجة إلى الدعم المادي الذي يتناسب مع طموحاته، وأن معظم مشكلات المسرح تتعلق بالأمور التمويلية والإدارية وقلة الكوادر، وأعرب عن أمنياته في دعم هذا المسرح متمنيا أن تزيد وتنشط حركة المسرح الجامعي.
الكاتبة والناقدة حليمة المظفر تناولت عدة نقاط في ورقتها البحثية التي تحمل عنوان “المسرح الجامعي السعودي الوعي والرؤية 20/ 30” وهي التي انطلقت عام 2016 كرؤية استراتيجية وطنية تعمل عليها المملكة العربية السعودية وكانت أولى النقاط التي أشارت إليها هي كيف يكون المسرح وسيلة لهندسة الوعي.
قالت المظفر: حينما نتحدث عن المسرح فهو يعد وسيلة مهمة للتنوير وللتواصل المباشر مع المتلقى وهو يعد بناء الوعي البشري، ومن المهم أن يكون الوعي كعملية ومفهوم موجودا ومؤسسا في المسرح الجامعي لأنه يتعامل مع جيل الشباب الذين هم الجواهر التي سوف تعمل على بناء المجتمعات والنهوض بها، لذا فمن باب أولى أن يكون في المسرح الجامعي مؤسسون لعلمية هندسة الوعي.
أضافت: إذا تحدثنا عن المسرح الجامعي لا نستطيع أن ننفصل عن تاريخ المسرح السعودي الذي كانت أول تجربة له عام 1960 تجربة الرائد الفنان أحمد السباعي، الذي شرع في تأسيس مسرح وفرقة مسرحية، كادت أن تقدم أولى عروضها لولا بعض الوشاة الذين وشوا بأن هذا المسرح سيكون سببا في الفساد، وإذا كان أتيح لهذا المسرح أن يفتتح لكان قد أثر بشكل كبير على المسرح السعودي. تابعت: كما أن من المهم أيضا عند الحديث عن المسرح الجامعي السعودي أن نتحدث عن أن رؤية 20/ 30 التي أقرتها المملكة العربية السعودية، كان لها الأثر الكبير في الاهتمام بالفنون، لا سيما المسرح الجامعي، كما أن المسرح الجامعي قد شهد الكثير من التطورات وبرز المسرح النسائي.
وتابعت: اتسم النشاط المسرحي للطالبات بالجامعات السعودية بأنه نشاط نسائي يتم تقديمه داخل أروقة الجامعات الخاصة بالطالبات، مما جعله منعزلا وأدى إلى عدم تطوره وإلى عدم نضجه، مؤكدة على أن إحدى إشكاليات المسرح السعودي هو غياب المرأة عن مسرح الرجل نتيجة لبعض الأمور ومنها العادات والتقاليد الاجتماعية التي منعتها من الظهور على المسرح والمشاركة كممثلة، لذا كانت تجربة النساء قبل استراتيجية 20/ 30 تجربة خجولة أما بعد الاستراتيجية فأصبح المسرح النسائي أكثر تطورا وشهد في العامين الماضيين تطويرا وإقبالا جماهيريا.
وكشفت المظفر عن أهم التحولات التي شهدها المسرح السعودي وهو صعود الممثلة السعودية في أول تجربة مختلطة في عرض قدم على مسرح جامعة دار العلوم عام 2018 في مدينة الرياض وتبنته هيئة الترفيه، وكان لهذه التجربة بالغ الأثر في مشاركة الطالبات في تقديم عروض مسرحية.
وتحدث الفنان خالد الحربي عن تجربته الشخصية في المسرح الجامعي السعودي، فقال: التحقت بالمسرح بجامعة الملك عبد العزيز عام 1987 عندما وجدت إعلانا عن مسرحية تقدم في الجامعة وكان لدي شغف شديد لحضور العرض المسرحي وعندما شاهدت العرض شعرت بالألفة بيني والممثلين وأحببت كل عناصر العمل المسرحي من ديكور وملابس وأداء وكانت هي البداية. وفي اليوم الثاني توجهت إلى المخرج وقمت بالاشتراك وقد اختبرني د. حسين جمعة، وكان من الأساتذة الذين يدرسون المسرح آنذاك، وفي العام التالي بدأت في التأليف المسرحي، وكانت إحدى المحاولات النادرة أن يقوم أحد بالكتابة للمسرح، وشجعني على ذلك د. حسين جمعة ورأى أن النص جيد، وكان عميد شؤون الطلاب آنذاك هو د. محمد نصيف الذي كان عاشقا للمسرح. ونستنتج من هذه النقطة أنه إذا كان المسئولين محبين للمسرح فإنهم يقومون بدعمه.
أضاف: أصبحت مسئولا عن نادي المسرح وقدمنا الكثير من التجارب المتميزة حتى تخرجت من الجامعة وسافرت إلى القاهرة وأقمت بها ما يقرب من 9 سنوات وتعلمت الكثير من الأمور وكانت علاقتي بالجامعة من خلال بعض زملائي والمسئولين الذين يطلبون بعض النصوص التي أقوم بكتابتها، وقد فؤجئت في إحدى المرات برفض نص لي، على الرغم من أن النص كان جيدا وكانت موهبتي قد صقلت في ذلك التوقيت بشكل جيد، ولكنني عملت بوجود إدارة جديدة للنشاط المسرحي لا يفضل وكيلها وجود نشاط مسرحي، وبعد سنوات عدت إلى السعودية وحادثني صديقي الذي أصبح مسئولا عن النشاط الطلابي في الجامعة وطلب مني أن أقدم النص الذي كان قد تم رفضه، وبالفعل قدمت النص وحقق نجاحا كبيرا وكشف عن طاقات هائلة ومبدعة وبعد ذلك بدأت الجامعة تستقطبني كل 6 أشهر.
تابع وفي أربع سنوات عجاف كان صديقي عبد الله المسئول عن النشاط الطلابي يبلغني بعدم ترحيب المسئولين بوجود مسرح على الرغم من وجود عدة أنشطة بجامعة الملك عبد العزيز وعقب الأربع سنوات قدمت مشروعا عوضا عن عدم وجود أكاديميات في مجال المسرح وكان أهم أهداف هذا المشروع هو ماذا يحتاج الطلبة وكان المشروع يهدف إلى أن يكتسب الطلاب ثقافة وأن يتذوقوا المسرح وأن تقدم كل كلية عرضا مسرحيا، وأن يقام صالون خاص بالمهتمين بالمسرح وفي العام الماضي 2018 تغير المسئولون، ومرة أخرى كانوا لا يحبذون وجود نشاط مسرحي «وعادت ريما لعاداتها القديمة».
بينما ذكر المخرج والكاتب عبد الله عقيل أن الجامعة تعد شريكا مهما في تشكيل وعي الأجيال القادمة وترجع أهمية المسرح الجامعي في أنه أداة للتثقيف والتنوير وتغير سلوك الأفراد.
وذكر عقيل أن أهم الجامعات التي قدمت تجارب متميزة جامعة الملك عبد العزيز وجامعة جازان وجامعة الطائف.
ولتطوير المسرح الجامعي، طالب عقيل بتطوير أماكن العروض وتشجيع المشاركة التي تقوم بتحفيز الأجيال وتوفير ميزانيات للإنتاج المسرحي وتخصيص أكاديميات للمسرح والسينما وتجهيز البنية التحتية وإقامة قاعات للتدريب.
واختتمت الندوة بتوقيع كتاب الناقدة والكاتبة والإعلامية حليمة المظفر الذي يحمل عنوان «المسرح السعودي بين البناء والتوجس».
 

 


رنا رأفت