فؤاد شفيق صانع البهجة

فؤاد شفيق صانع البهجة

العدد 635 صدر بتاريخ 28أكتوبر2019

يعد الفنان القدير فؤاد شفيق من مؤسسي الحركة الفنية والسينمائية بمصر والوطن العربي حيث كانت بداياته الفنية بالربع الأول من القرن العشرين بما يعني معاصرته لتأسيس مجموعة من أهم الفرق المسرحية (فرق: رمسيس، فاطمة رشدي، القومية)، وذلك بخلاف معاصرته لبدايات ظهور السينما الصامتة ومن بعدها السينما الناطقة. وهو من مواليد حي الجمالية العريق (بمحافظة «القاهرة”) في 13 أكتوبر عام 1899، واسمه بالكامل محمد فؤاد شفيق رياض وهو الشقيق الأصغر للفنان الكبير الراحل حسين رياض، وكان والدهما ميسور الحال ويعمل بتجارة الجلود (ووالدته سورية)، وهو سليل أسرة تركية ترجع أصولها لحكام جزيرة «كريت».
 يذكر أن الأب كانت له تعاملات تجارية طيبة مع «روسيا»، التي أخذ منها صناعة دبغ الجلود، فكان أول من أدخل هذه الصناعة لمصر. وقد تزوج الأب من امرأتين وأنجب منهما خمسة أولاد، وأصبح بعد ذلك - لحسن الحظ - اثنان منهما فنانين كبيرين وهما: حسين رياض وفؤاد شفيق.
وقد بدأ الفنان فؤاد شفيق عشقه لفن التمثيل حينما كان والده يصطحبه مع شقيقيه (“مصطفى” و”حسين”)، في طفولتهم إلى فرقة «سلامة حجازي» ليشاهدوا المسرحيات معه، فشغف كل من «حسين» وشقيقه «فؤاد» بالفن منذ سنٍ مبكرة، ثم يتعلق «حسين» أكثر بالفن المسرحي بعدما شاهد مسرحية تراجيدية لفرقة الفنان جورج أبيض، فقد انبهر بهذه النوعية من العروض التي تختلف تماما عن عروض المسرح الغنائي التي لم يكن يعرف غيرها، وبالتالي فقد قرر احتراف التمثيل ضد رغبة الأسرة، واضطر إلى ترك منزل الأسرة والاستقلال بحياته وأيضا إلى تغيير اسمه بعيدا عن اسم والده (اختار اسم حسين رياض كاسم فني له).
بدأت موهبة التمثيل للفنان فؤاد شفيق تظهر وتتأكد لكل من حوله من خلال مشاركته بعروض المسرح المدرسي بالمرحلة الثانوية. ولكن بمجرد حصوله على شهادة الكفاءة (الثانوية العامة) من المدرسة «السعيدية» عام 1919 واكتشاف الأب لرغبة ابنه فؤاد بالعمل في مجال الفن كشقيقه حسين قرر إرساله فورا إلى دولة السودان الشقيق، وعدم إتاحة الفرصة له لاستكمال دراسته العليا وذلك حتى يبعده تماما عن أجواء المجال الفني التي اختطفت منه نجله الكبير حسين رياض. وفي «السودان» عمل كاتبا للحسابات بقسم الري بحكومة السودان، وعلى الرغم من أن والده قد توفي في عام 1914 فإن الفنان فؤاد شفيق لم يستطع العودة لمصر مباشرة بل اضطر إلى الاستمرار في عمله - الذي اختاره له أبوه - لمدة عشرة سنوات أخرى، وذلك نظرا لارتباطه بالزواج خلال تلك الفترة، ولكنه في عام1924  قرر العودة إلى «مصر» بصفة نهائية كما قرر التفرغ للفن، خاصة بعدما تابع تلك النجاحات المسرحية التي وفق شقيقه حسين رياض في تحقيقها.
وفور عودته إلى مصر انضم إلى فرقة «رمسيس» للفنان يوسف وهبي حيث كان يعمل بها شقيقه آنذاك، ولكنه ترك الفرقة قبل أن يشارك في عروضها، وانضم إلى فرقة المسرحية للفنان جورج أبيض، وكانت أول أدواره بالفرقة دور ضابط بمسرحية «الشرف الياباني»، وقد استمر بالفرقة لمدة عامين تقريبا. وانضم بعد ذلك إلى فرقة «نجيب الريحاني»، ثم فرقة «أمين صدقي»، التي مثل معها بمسرحيتي: ليلة في العمر، عصافير الجنة. ومع بداية تأسيس فرقة «فاطمة رشدي» عام 1927  انضم للفرقة واشترك في عدد كبير من عروضها التي أبدع في إخراجها المخرج القدير عزيز عيد، وقد ظل محتفظا بعضوية الفرقة حتى تاريخ تأسيس الفرقة القومية عام 1935، حيث كان ضمن نخبة الفنانين الأوائل الذين انضموا إلى عضويتها، وقد احتفظ بعضويته بها حتى تاريخ وفاته، ولم بيتعد عن عروضها إلا لفترات قليلة كان يشارك خلالها بأداء بعض الأدوار الرئيسية بعروض فرقة «رمسيس» التي أعاد الفنان يوسف وهبي تشكيلها أكثر من مرة.
يحسب للفنان القدير فؤاد شفيق إجادته تجسيد عدة عدة أنماط متنوعة وكذلك عدة شخصيات درامية سواء جادة أو فكاهية ومن أشهرها على سبيل المثال: شخصيات الباشا، رجل الأعمال، الرجل زير النساء، الزوج المغلوب على أمره، المهرج، وأيضا بعض أدوار المرأة، وإذا كان معظم نجوم الكوميديا قد قاموا بأداء بعض أدوار النساء فإن الفنان فؤاد شفيق قد برع جدا في تقديمه لبعض تلك النماذج وتجسيده لبعض الأنماط المتنوعة للمرأة المصرية ومن بينها على سبيل المثال: شخصية المرأة اللعوب التي تدير بيتا للدعارة بمسرحية «الجحيم» بفرقة «رمسيس» عام 1927، أو المرأة الشعبية الشلق بمسرحية «الدكتور» بفرقة «فاطمة رشدي» عام 1928، أو العجوز المتصابية بمسرحية «الست هدى» بالفرقة «القومية» عام 1940.
وخلال مسيرته الفنية الثرية أبدع الفنان فؤاد شفيق في تقديم عدد كبير من الشخصيات الدرامية ومن بينها على سبيل المثال: الست هدى بمسرحية «الست هدى»، شخصية عطمطم بمسرحية «حواء الخالدة»، الدهل بمسرحية «شارع البهلوان»، سيمون فورنييه بمسرحية «شاعر الشعب»، شخصية مزاحم بمسرحية «مجنون ليلى»، غليون بمسرحية «متلوف»، المهرج بمسرحية «مصرع كليوباترة»، أبو دلامة بمسرحية «مضحك الخليفة»، شخصية الوالي بمسرحية «العشرة الطيبة»، شحاتة بمسرحية «ليلة من ألف ليلة»، أبو المعاطي بمسرحية «عفريت مراتي»، حنظلة بمسرحية «اليوم خمر»، الدرزي بمسرحية «سر الحاكم»، مسيو شارل بمسرحية «الخيانة العظمى»، عبد الصبور أفندي بمسرحية «أم رتيبة»، لبيب بك بمسرحية «المزيفون»، نور الدين بمسرحية «سر شهرزاد»، الملك بمسرحية «شمس النهار»، شخصية شيخ البلد بمسرحية «إيزيس»، أحمد بك بمسرحية «بداية ونهاية»، سنباطي بمسرحية «ملك القطن»، البك بمسرحية «الصفقة»، عبد المقتدر باشا بمسرحية «الناس إللي فوق»، الحكمدار بمسرحية «السبنسة»، العمدة الرأسمالي بمسرحية «سكة السلامة»، وجدير بالذكر أن هذا الدور كان آخر أدواره المسرحية.
كذلك تألق في السينما بأداء بعض الشخصيات الدرامية المحببة التي قدمها من خلال مجموعة من أشهر أفلامه السينمائية ومن بينها على سبيل المثال: تاكسي حنطور، سلامة، كازينو اللطافة، إكسبريس الحب، سفيرة جهنم، المليونيرة الصغيرة، منديل الحلو، بابا عريس، فرجت، فتاة السيرك، أم رتيبة.
ويمكن تصنيف مجموعة المشاركات الفنية للفنان القدير فؤاد شفيق طبقا لاختلاف القنوات الفنية )المسرح، السينما، الإذاعة (مع مراعاة التتابع الزمني كما يلي:
أولا - إسهاماته المسرحية:
ظل المسرح هو المجال المحبب للفنان فؤاد شفيق، فهو المجال الذي مارس من خلاله هوايته لفن التمثيل، كما تفجرت من خلاله أيضا موهبته التي أثبتها وأكدها ولذا كان من المنطقي أن يشارك في بطولة عدد كبير من المسرحيات المتميزة. ويجب التنويه إلى أن بداياته المسرحية كانت من خلال فرق: «جورج أبيض»، «الريحاني»، «أمين صدقي» و«فاطمة رشدي». هذا ويمكن تصنيف مجموعة أعماله المسرحية طبقا للتتابع التاريخي مع مراعاة إختلاف الفرق المسرحية وطبيعة الإنتاج كما يلي:
أولا - بفرق القطاع الخاص:
 - «جورج أبيض»: الشرف الياباني، المسحور، إحسان هانم، إيفان الجبار قيصر روسيا، باسم القانون، حور محب، زواج فيجارو، سفينة نوح، شرف الأسرة، الشغل شغل، الشيطان الجميل (1924)، المتسول، الإسكندر الأكبر، رسول الوطنية (1925).
 - «الريحاني»: قنصل الوز، بنت الشهبندر (1925)، اللصوص، المتمردة، الجنة، حبوب عنتر (1926).
 - «أمين صدقي»: ليلة في العمر، عصافير الجنة، الكونت زقزوق، ناظر المحطة، مملكة العجايب، سفير طوكر (1926).
 - «رمسيس»: من وراء الستار (1926)، الجحيم (1927)، الدفاع (1931)، مجنون ليلى (1934)، رجل الساعة (1936).
 - «فاطمة رشدي»: السلطان عبد الحميد (1927)، جان دارك، بحد السيف، غليوم الثاني، جمال باشا، أما ليلة، العواصف، مونت كارلو، يوليوس قيصر، الدكتور (1928).
ثانيا - بفرق «مسارح الدولة»:
 - «المسرح القومي»: سافو (1936)، دليلة، سر المنتحرة (1937)، المتحذلقات (1939)، الست هدى، القضاء والقدر، يوم القيامة (1940)، الأستاذ كلينوف، توت عنخ آمون (1941)، مروحة الليدي وندرمير (1942)، كلنا كده، مدرسة الأزواج، نص دقيقة (1943)، ابن مين فيهم، الجزاء (1944)، العشرة الطيبة، بناقص واحد، حواء الخالدة، عفريت مراتي، مشغول بغيري (1946)، الشرف الياباني، ثلاثة رجال وامرأة، في ظلال الحريم (1947)، سر الحاكم بأمر الله، المليونير، مدرسة النساء، الصهيوني (1948)، ليلة من ألف ليلة، اليوم خمر (1949)، غلطة طبية (1950)، زوج أميركاني، الخيانة العظمى (1951)، صندوق الدنيا، أم رتيبة، بنات الهوى، مراتي هي السبب، مليون ضحكة (1952)، سر شهرزاد، كل الستات كده (1953)، المزيفون، شارع البهلوان، مضحك الخليفة، زوجاتنا (1954)، إيزيس، ملك القطن، شاعر الشعب (1956)، زواج الحلاق (1957)، الشيخ متلوف، الصفقة، الناس إللي فوق، مجنون ليلى (1958)، صنف الحريم، بداية ونهاية، مصرع كليوباترة (1959)، الموت يأخذ أجازة (1960)، القضية (1961)، السبنسة (1962)، شمس النهار (1964)، سكة السلامة (1965).
وجدير بالذكر أنه ومن خلال مجموعة المسرحيات التي شارك في بطولتها قد تعاون مع نخبة من المخرجين الذين يمثلون أكثر من جيل ومن بينهم الأساتذة: جورج أبيض، نجيب الريحاني، عزيز عيد، زكي طليمات، يوسف وهبي، فلاندر، فتوح نشاطي، عمر وصفي، عمر جميعي، نبيل الألفي، حمدي غيث، عبد الرحيم الزرقاني، سعيد أبو بكر، نور الدمرداش، سعد أردش.
ويجب الإشارة في مجال إسهاماته المسرحية إلى مشاركته بمجال الإخراج أيضا، حيث قام بإخرج مسرحية «مراتي هي السبب» عام 1952، من تأليف عزت السيد إبراهيم، وقد أسند بطولتها إلى كل من الفنانين: محمد الطوخي، عفاف شاكر، ثريا فخري، عبد الغني قمر.
ثانيا - أعماله السينمائية:
لم تستطع السينما الاستفادة بصورة كاملة من إمكانيات وخبرات هذا الفنان القدير وموهبته الكبيرة، فتنوعت أدواره السينمائية بشدة بين مجموعة من الأفلام التجارية التي حاول منتجوها أرضاء رغبات الجمهور وشباك التذاكر!! وبين مجموعة من الأفلام السينمائية الجادة.
ويذكر أن فيلم «الدفاع» عام1935 كان أولى مشاركاته السينمائية، وهو من إخراج وبطولة الفنان يوسف وهبي، وقد شاركه البطولة كل من الفنانين أمينة رزق، سراج منير، فردوس حسن، ولكن بداية تحقيقه للانطلاقة السينمائية كانت من خلال فيلم «نشيد الأمل» عام1937  من إخراج أحمد بدرخان وبطولة أم كلثوم، عباس فارس، ماري منيب، في حين كانت آخر أفلامه عام 1963، وهو فيلم «عروس النيل» من إخراج فطين عبد الوهاب، وبطولة رشدي أباظة، لبنى عبد العزيز، عبد المنعم إبراهيم. هذا وقد وصل رصيده السينمائي خلال أكثر من خمسة وعشرين عاما إلى خمسة وخمسين فيلما، برع خلالها في تجسيد شخصية «الباشا» في مجموعة من الأفلام لعل من أهمها: الدكتور، حب من السماء، ابن الحداد، وكذلك في تجسيد شخصية البكوات بأفلام: برلنتي، مجد ودموع، بابا عريس، منديل الحلو، فرجت، يا حلاوة الحب.
هذا وتضم قائمة مشاركاته السينمائية الأفلام التالية: الدفاع (1935)، المجد الخالد، نشيد الأمل (1937)، أنا طبعي كده، شيء من لا شيء (1938)، الدكتور (1939) ، حياة الظلام، دنانير، زليخة تحب عاشور، يوم سعيد   (1940) الفرسان الثلاثة، انتصار الشباب (1941)، أخيرا تزوجت، العريس الخامس، أحب الغلط (1942)، جوهرة، حب من السماء (1943)، أما جنان، ابن الحداد، برلنتي، شارع محمد علي، نادوجا (1944)، أميرة الأحلام، المظاهر، تاكسي حنطور، سفير جهنم، سلامة، الزلة الكبرى، قبلة في لبنان، كازينو اللطافة (1945)، إكسبريس الحب، الخير والشر، الدنيا بخير، عروسة للإيجار، غرام الشيوخ، ما أقدرش، مجد ودموع (1946)، الكل يغني، المتشردة (1947)، المليونيرة الصغيرة (1948)، منديل الحلو (1949)، بابا عريس، ست الحسن، ماكانش عالبال، مكتب الغرام (1950)، خبر أبيض، خد الجميل، فتاة السيرك، فرجت (1951)، الأم القاتلة، يا حلاوة الحب (1952)، أهل الهوى (1955)، بحبوح أفندي (1958)، أم رتيبة، من أجل امرأة (1959)، غرام الأسياد (1961)، الخيانة العظمى (1962)، عروس النيل (1963).
وتجدر الإشارة إلى أنه قد تعاون من خلال مجموعة الأفلام السابقة مع نخبة متميزة من كبار مخرجي السينما العربية وفي مقدمتهم الأساتذة: يوسف وهبي، محمد كريم، أحمد بدرخان، أحمد جلال، توجو مزراحي، عباس كامل، نيازي مصطفى، حسين فوزي، أحمد كامل مرسي، السيد زيادة، يوسف معلوف، السيد بدير، إبراهيم عز الدين، عبد الفتاح حسن، إبراهيم عمارة، جمال مدكور، محمد عبد الجواد، كمال بركات، فريد الجندي، حسن حلمي، حسن رمزي، عز الدين ذو الفقار، كمال الشيخ، عاطف سالم، حسام الدين مصطفى، فطين عبد الوهاب.
ثالثا - إسهاماته الإذاعية:
شارك الفنان القدير فؤاد شفيق بأداء بعض الشخصيات الدرامية المهمة بصوته المميز وقدراته الأدائية العالية في عدد من المسلسلات الدرامية والتمثيليات والسهرات الإذاعية، ولكن للأسف يصعب بل ويستحيل حصر جميع المشاركات الإذاعية لهذا الفنان القدير والذي ساهم في إثراء الإذاعة المصرية بأعمال كثيرة على مدار مايقرب من ثلاثين عاما، وذلك نظرا لأننا نفتقد وللأسف الشديد لجميع أشكال التوثيق العلمي بالنسبة للأعمال الإذاعية، وتضم قائمة أعماله الإذاعية مجموعة من المسلسلات والتمثيليات الإذاعية ومن بينها: بنت الدلال، قصر الشوق، مسألة ضمير.
هذا ويجب التنويه عند محاولة توثيق مجموعة إسهاماته الإذاعية - بخلاف مجموعة المسلسلات الكوميدية التي شارك في تجسيد بعض شخصياتها المحورية - مشاركته أيضا في عدد كبير من الأعمال باللغة العربية الفصحى التي كان يجيد ويستمتع بالحديث والتمثيل بها.
×××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××
ونظرا لإيمان الفنان الكبير فؤاد شفيق بموهبته الفنية وثقته في مهاراته التمثيلية فقد عشق التنوع في الأداء، ورفض أن يحبسه المنتجون والمخرجون في بعض الأدوار التي سبق له النجاح في تجسيدها، وبالتالي فقد حرص طوال مسيرته الفنية على عدم الثبات على تقديم نمط أو بعض الأنماط المحددة، وكذلك على عدم تكرار أدواره بجميع القنوات الفنية )المسرح، السينما، الدراما الإذاعية(، خاصة وأنه كان يتمتع بالقدرة على أداء الأدوار الكوميدي:  بنفس قدرته وتميزه في أداء الأدوار التراجيدية، كما تميز بتلك الكفاءة والقدرة الرائعة على التمثيل باللغة العربية الفصحى بنفس قدرته وإجادته للتمثيل باللهجة العامية.
وجدير بالذكر أن الشقيقين حسين رياض وفؤاد شفيق قد جمعتهما عدة أعمال فنية سواء لف المسرح أو بمجال السينما، ففي المسرح تعونا معا في مسرحيات: الدكتور (1928)، مصرع كليوباترا (1940)، الناس إللي فوق (1958)، أما في مجال السينما فقد شاركا معا في أفلام: الدفاع (1935)، سلامة في خير (1937)، حب من السماء (1943)، الزلة الكبرى (1945)، الأم القاتلة (1952)، أم رتيبة (1959). هذا ويذكر أن الفنان القدير فؤاد شفيق قد رحل عن عالمنا في 2 سبتمبر (أيلول) عام 1965، وذلك بعد رحيل شقيقه الفنان الغالي حسين رياض بأقل من شهرين فقط (حيث رحل الفنان حسين رياض في 17 يوليو1965 ).
 - الجوائز والتكريم:
كان من المنطقي أن يتم تتوج تلك المسيرة الفنية الثرية بكثير من مظاهر التكريم بمصر وبعض الدول العربية الشقيقة، وتضم قائمة جهات التكريمات بخلاف شعبيته وحب الجمهور له - والذي يعد أكبر الأوسمة بالنسبة لكل فنان - الأوسمة التالية:
 - وسام من الملك المغرب محمد الخامس عام 1951.
 - وسام الفنون من الدرجة الأولى عام 1962.
ويذكر أن الفنان فؤاد شفيق قد اشتهر بخفة ظله وروحه المرحة سواء أمام الكاميرا أو في خلفها أيضا، ويضم شريط الذكريات بينه وبين عدد كبير من الفنانين كثير من المواقف الطريفة بكواليس الأعمال الفنية، ومن تلك المواقف التي لا تنسى اشتراطه علي المخرج السينمائي توجو مزراحي عام 1939 أثناء تعاونهما معا في فيلم «سلامة» (بطولة كوكب الشرق أم كلثوم ويحيي شاهين) حصوله علي مبلغ20  جنيها أولا قبل تمثيله لمشهد سقوطه في نافورة مملؤة بالمياه كرد فعل لدفع سلامة أم كلثوم له بقوة كما تقتضي الأحداث الدرامية، وعندما استفسر منه المخرج عن سبب هذ الشرط؟؟ أجابه بإن هذا المبلغ هو أقل قيمة لعلاجه من الإنفلونزا التي من المؤكد إصابته بها بعد سقوطه في الماء وابتلال ملابسه وجسمه في عز الشتاء، وبالتالي يكون من الضروري تأمين نفسه أولا، واعتقد «مزراحي» أنه مجرد مزاح ولكن فؤاد شفيق كان جادا ولم يتنازل عن شرطه، وأصر على أن تكون الجنيهات العشرين في جيبه قبل تمثيل مشهد السقوط في النافورة، وبالفعل كان له ما أراد.
حقا إنها مسيرة فنية ثرية نجح خلالها الفنان القدير فؤاد شفيق في حفر مكانة خاصة له في قلوبنا بموهبته المؤكدة وتلقائيته المحببة وإبداعاته المتنوعة والتزامه الشديد بالقيم السامية والأخلاقيات الرفيعة، وحرصه الدائم بالمحافظة على تقاليد المهنة والتمثيل المشرف للفنان المصري والعربي.


د.عمرو دوارة

esota82@yahoo.com‏