ردا على اقتراح نائبة إمبابةر: لا لهدم مسرح البالون لا لهدم السيرك القومي لا لبيع مناراتنا الثقافية

ردا على اقتراح نائبة إمبابةر: لا لهدم مسرح البالون لا لهدم السيرك القومي لا لبيع مناراتنا الثقافية

العدد 633 صدر بتاريخ 14أكتوبر2019


على الرغم من البيان الذي أصدرته وزارة الثقافة في صالح القول بعدم نقل المجمع الثقافي بالعجوزة الذي يضم مسرح البالون والسيرك القومي وأرض السامر، فإن موجة من الاعتراضات لا تزال تتواصل على مواقع التواصل الاجتماعي، ترفض وتستهجن ما اقترحته نائبة مجلس النواب من نقل المجمع الفني والثقافي إلى أرض المطار بإمبابة، بحجة تقديم خدمة ثقافية لأهالي المنطقة، وتحقيق عائد مالي كبير للدولة بطرح الأرض المقام عليها الكيان الفني والثقافي للبيع لأحد المستثمرين.
وعقب طرح النائبة لمقترحها توالت ردود الفعل الغاضبة من الفنانين والمثقفين على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وأصدروا بيانا مجمعا يرفضون فيه الأمر برمته، حمل البيان عنوان: لا لهدم مسرح البالون.. لا لهدم السيرك القومي.. لا لبيع مناراتنا الثقافية، وجاء فيه: «نعلن، نحن المثقفين والفنانين المصريين الموقعين على هذا البيان، رفضنا التام للصفقة التي أعلنت عنها النائبة نشوى الديب بخصوص هدم ونقل الصرحين الكبيرين (مسرح البالون والسيرك القومي) والتي دعمتها بنشر خطابين رسميين من جهة رسمية هي هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة».
وذكر البيان أن «المساس بهذين الصرحين الثقافيين هو مساس بجزء مهم من تاريخ مصر الثقافي وتعدٍ سافر على منارتين تنويريتين كان لهما وما زال دور كبير في التصدي لمحاولات طيور الظلام الرجوع بمصر إلى عصور ما قبل التاريخ».
وأضاف الموقعون على البيان «أن وطننا مصر يتعرض ومنذ سنوات إلى مؤامرات خارجية تدعمها أياد وعقول داخلية من أجل تجريف العقل المصري بحرمانه من مصادر قوته الناعمة، وها هي المؤامرة الجديدة تطال كيانين ثقافيين كبيرين كان لهما عبر فنانيهما عظيم الدور في التصدي لجماعة الإخوان المحظورة وطردها من فوق كرسي الحكم».
وأكد الموقعون على البيان على أنه «استمرارا لهذا الدور في التصدي لكل محاولة تنال من ثقافة مصر وفنها يعلن مثقفو مصر أنهم سيقفون بكل ما أوتوا من عزم أمام محاولة هدم مسرح البالون والسيرك القومي وبيع أرضهما لوكلاء آكلي لحوم الأوطان».
كما ناشد مثقفو مصر السيد رئيس الجمهورية بسرعة التدخل لإيقاف هذه الصفقة المشبوهة التي تستهدف إثارة الفتنة وضرب سلامنا الاجتماعي.
كذلك قامت «مسرحنا» باستطلاع آراء عدد من كبار الفنانين والمسئولين حول اقتراح النائبة بإزالة هذا الكيان الثقافي والفني الفريد ونقله إلى منطقة مطار إمبابة.
تراث لا يمكن نقله
يرى الكاتب محمد أبو العلا السلاموني أن هذا تراث لا يمكن نقله ويجب بقاؤه في مكانه فهو تاريخ ومكانه معروف ويشمل السيرك والبالون والسامر، وقد أصبحت منطقة تراثية ونحن لا يمكن أن ننقل التراث، فإذا أردنا أن نفعل شيئا لمنطقة إمبابة فعلينا إقامة إنشاء جديدا. أضاف: الموجود حاليا تم إنشاؤه عندما كان عددنا عشرين مليونا، أما الآن فعددنا مائة مليون، فليتم إقامة جديد غيره ويقام مسرح آخر وينشأ سيرك جديد، فلا مانع من ذلك. فليس شرطا نقل القديم. وبدلا من نقله يبقى مكانه ويتم تطويره وتجديده مع إنشاء مسارح أخرى جديدة. تابع: لا يجب اقتصار النظرة على الناحية المادية كما يفكر البعض، فهذا تراث ثقافي يجب الحفاظ عليه وهو لا يقدر بثمن، فقيمته أكبر من أي ثمن.
وتعترض د. فاطمة المعدول على ذلك الاقتراح قائلة: لا أوافق على هذا المقترح، بل بالعكس علينا تطوير منطقة البالون بأكملها بحيث تصبح مجمعا متكاملا لعدة مسارح مع إزالة الجراجات الموجودة، لأن القاهرة تستحق هذا، والتجارب علمتنا أن ما يتم هدمه لا يتم بناؤه مرة أخرى. كما أن كورنيش منطقة العجوزة به ما يكفيه من البنايات والعمارات العالية والكثافة العالية من السكان وليس بحاجة لإضافة المزيد من المباني الإسمنتية والازدحام السكاني. أضافت: كورنيش العجوزة أصبح عشوائيا وتم حجب النيل بالكثير من النوادي والحواجز والأسوار، وعلينا إبراز جمال المنطقة بتحسينها وليس بإضافة تشوهات جديدة بإقامة المولات والمباني الجديدة بها. تابعت: حينما كنت رئيسا للبيت الفني للفنون الشعبية قمت بتطوير سور البالون وأنشأت قاعة صلاح جاهين. وأنشأت غرفا جديدة للفرق الفنية مع حمامات جديدة ذات مستوى عالٍ وتم كل هذا بتكلفة قليلة بلغت وقتها مليون وسبعمائة ألف جنيه فقط وقام بتنفيذها القوات المسلحة.. أنا مع تطوير المنطقة دون إزالة المجمع الثقافي الفني الموجود بها. فنحن أمام صرح فني منذ أيام جمال عبد الناصر، وللأسف منذ أربعين عاما لم يتم بناء أية مسارح جديدة في القاهرة سوى مسرح الهناجر، لكني أضفت إليها مسرحا بالحديقة الثقافية بالسيدة زينب ومسرح قاعة صلاح جاهين وهوجمت حينها هجوما عنيفا، نحن لدينا نقص شديد في عدد المسارح وبحاجة لزيادتها وليس إزالتها أو النقصان منها. تابعت: البالون في البداية أقامه الوزير عبد القادر حاتم كمسرح جليدي وتم جلب الأجهزة له لكنه لم يصلح لأن هذا ليس من طبيعة المكان. ثم تم تخصيصه للفرقة الاستعراضية وانضم إليها بعد ذلك فرقتي رضا والقومية، وأصبح الآن أثرا تاريخيا للثقافة والفن في مصر. والمطلوب زيادة عدد المسارح في مناطق جديدة مثل أكتوبر والشيخ زايد وكل المدن الجديدة، وليس في منطقة متكدسة مثل إمبابة حيث لن تجد رواجا جماهيريا كافيا. لكن الأهم هو تطوير منطقة البالون لتشمل مجمعا متكاملا لعدة مسارح.

التطوير أولى
ويطرح المخرج فهمي الخولي أفكارا جديدة بقوله: أنا ضد فكرة نقل المسارح والسيرك إلى مطار إمبابة بل يجب تطويرها في مكانها مع زيادة اهتمام الدولة بها. وما تقوله النائبة لا يجب أن نكترث به أو نعيره أي اهتمام لأن ما تقوله لن يحدث منه شيء ولا أهمية له. لكن ما يجب أن نفعله نحن هو أن نفكر في تطوير أنفسنا، فكيف نطور المكان إنشائيا وكيف نقوم بالتطوير الفني الداخلي للارتقاء بمستوى فرق البالون وفرق الفنون الشعبية. لو استعرضنا ما قدمه البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية خلال السنوات القليلة السابقة لن نجد سوى عرض واحد فقط له قيمة، وكل ما قدمه عبارة عن عروض صغيرة القيمة وتافهة وتمثل إهدارا للمال العام ولا يجب أن يكون قطاع الفنون الشعبية بهذا الانحدار. أضاف: لذا أرى أنه يجب أن يتم تطوير منطقة البالون أولا على أن يتم ضم قطاعي الفنون الشعبية والدراما إلى هيئة واحدة مثلما كان قديما فتصبح هيئة السينما والمسرح والموسيقى والفنون الشعبية. كما يجب إعادة النظر في اختيار القيادات خصوصا للفنون الشعبية، فلا بد أن يكون رئيس هيئة المسرح والسينما والموسيقى والفنون الشعبية فنانا شاملا يعي أهمية تلك الفنون الأربعة ويعي معنى الفن الشعبي والتراث والفن الأصيل ويقدم أعمالا استعراضية تشرف مصر. لأننا البلد العربي الوحيد الذي يملك قطاعا للفنون الشعبية بفرقه المختلفة بالإضافة إلى عدة فرق بالبيت الفني للمسرح. فلا بد أن يعاد تنظيم القطاعات وتطويرها فنيا. كما يجب إعادة النظر في موضوع تعيين أوائل الدفعات من المعاهد الفنية المتخصصة، فيجب تعيين المتميزين منهم لدعم الفرق، لأن الفرق الموجودة أصبحت مترهلة والكبار أحيلوا إلى المعاش. كما يجب تقديم أعمال كبيرة ومشرفة وتليق بمصر ومكانتها، وأن ننظر كيف يمكن تطوير الفن الشعبي الأصيل وتقديمه بصورة مشرفة وجيدة بدلا من تلك الصورة المتهرئة لفرق الفنون الشعبية الموجودة حاليا.

معالم أساسية
وأكد د. سامح مهران على أنه يعتبر السيرك القومي والبالون من المعالم الأساسية، أما الأماكن الجديدة مثل مطار إمبابة فهي بحاجة لخدمة ثقافية، وبالتالي يجب إنشاء مسارح بها، وكذلك الضواحي المحرومة تماما، مثل مدينة السادس من أكتوبر التي لا يوجد بها مسارح. أضاف: هذه المناطق يجب أن تخدم ثقافيا ولا يكون ذلك أبدا بالانتزاع من مكان والوضع في مكان آخر.
تابع: أصدرت وزارة الثقافة بيانا برفض هذا الموضوع. وكان يجب أن يتم تحري الدقة قبل النشر فليس لمجرد أن تم نشر شيء على مواقع التواصل الاجتماعي ينطلق الجميع بإحداث بلبلة، يجب تحري الحقيقة أولا: هل تمت الموافقة على هذا المشروع أم لا؟ تابع: الإشاعات كثيرة ولو كان هناك شيء حقيقي على أرض الواقع فسيتضح جليا أمام الجميع، كما أن الآراء التي نشرت على الفيس كثيرة من شخصيات اعتبارية حيث اشترك الكثيرون في تلك الحملة، لذا أعتقد أنه لن يحدث شيء من هذا القبيل.

كلام مؤسف
ويؤكد المخرج ناصر عبد المنعم على أهمية المكان قائلا: هذا كلام مؤسف جدا ولا أعتقد أنه قابل للتحقق، لأن دلالاته خطيرة جدا، عدم حفاظ على تراثنا الثقافي وأماكننا الثقافية المهمة التي تعلب دورها في إمتاع الناس وتسليتهم بالإضافة للتنوير والتوعية والارتقاء بالإنسان، فكل هذا في منتهى الأهمية والقيمة ولا يساويه أي مبالغ أو ثروات.
أضاف: إن كان هناك تفكير في استثمار تجاري لهذه الأرض فسيكون هذا شيئا مؤسفا، وعندما تتحدث نائبة عن إمبابة لا يعني انتهاء الموضوع أو قابليته للتحقق، لأن وزارة الثقافة لن تسمح بهذا وأعتقد أن الوزيرة وكل أجهزة الوزارة سوف تنحاز للحفاظ على تراثها الفني.
تابع: هذا التجمع الفني في العجوزة يعد معلما تراثيا مهما وفريدا، فمسرح البالون معماره فريد غير متكرر في العالم بشهادة كل الضيوف الأجانب الذين زاروه، ففي خلال المهرجان التجريبي زار مسرح البالون الكثير من الضيوف الفنانين من كل أنحاء العالم، وكانت هناك دهشة كبيرة جدا لأن هذا المعمار غير موجود منه سوى مسرح آخر في العالم كله، ويوجد رأي لمهندسين معماريين كبار أنه لو تم هدمه فلن يتم بناؤه مرة أخرى بهذا الشكل الموجود عليه، بل سيحل مكانه مبنى إسمنتي مصمت ونحن المصريون عشاق للإسمنت.
وتساءل: لماذا أهدم شيئا يبهر العالم ويقف أمامه المسرحيون العالميون في حالة دهشة وإعجاب شديدين. كيف أمتلك شيئا متفردا على مستوى العالم ثم أهدمه بيدي. ومعماريا لن أكون قادرا على إقامة نظير له. بالإضافة إلى أنه في العام القادم سيكون عمره ستين عاما، لأن تاريخ بنائه يرجع إلى عام 1960، فمسرح البالون بني قبل أن تنشأ بعض الدول في العالم وفي المنطقة العربية. هذا تراث ولا يجوز أن نتخلى عن شيء نادر بهذا الشكل.
أضاف: أما السيرك القومي فهو يقدم حالة من المتعة للأطفال والأسر من الطبقات المتوسطة وإيراداته تتحدث عنه بشكل واضح، إضافة إلى أنه تم تجديده منذ فترة قريبة بتكلفة عالية فلماذا نهدر الأموال، كيف أقوم بالتجديد وصرف الأموال ثم أهدم ما فعلته؟ تحت أي منطق يتم هذا؟ وكذلك البالون تم تجديده قريبا بتكلفة عالية.
وتابع المخرج: النائبة منطقها مغلوط تماما، وأود أن أوجه إليها رسالة وهي أن منطقة إمبابة لديها احتياجات كثيرة أدعوها إلى التركيز فيها مثل العشوائيات وهناك مناطق محرومة من المرافق، وهذه العشوائيات تسببت من قبل في أوائل التسعينات إلى وجود ما سمي بجمهورية إمبابة حيث احتوت على أعداد كبيرة من الجماعات المتطرفة التي كتب عنها الكاتب الكبير وحيد حامد وكتب عنها فيلم «دم الغزال»، وتوجد في إمبابة بؤر إرهابية نتيجة للعشوائيات، وكذلك بؤر للمخدرات والتطرف وكل ما تولده العشوائيات من انعدام المرافق والخدمات الصحية، وغيرها، أمام هذه النائبة - مع احترامي لها - جدول أعمال كبير يمكنها إنجازه بدلا من التفكير في الاستيلاء على البالون والسيرك لنقلهم إلى مطار إمبابة.
تابع ناصر عبد المنعم: وبالمنطق، كم من الوقت تبعد العجوزة عن إمبابة؟ لا يتعدى دقائق. إذن الخدمة قائمة لأهالي إمبابة في نفس مكان البالون في العجوزة. فإذا كانت أرض مطار إمبابة خالية يوجد تكدس رهيب في الفصول في مدراس إمبابة ويمكن إنشاء مجمع مدارس بأرض المطار وإنشاء مجمع طبي، ووجه عبد المنعم خطابه للنائبة قائلا: إذا كنت ترغبين في الخدمة الثقافية فيمكن إنشاء قصر ثقافة أو مسرح جديد أو شعبة للسيرك دون التعدي على القائم والموجود حاليا، وحينها سوف نرفع لك القبعة ونشجعك ونساندك. وتابع: الحديث عن النقل كلام غير منطقي وغير مقبول وغير مبرر. لكنني متفائل وأثق في الدولة المصرية ممثلة في وزارة الثقافة وأنها لن تسمح بحدوث هذا لأنها ستعد وصمة عار في جبين الثقافة لو تمت بالفعل.

 إهدار للمال العام
ويوضح المخرج عصام السيد بعض النقاط بقوله: بالنسبة للسيرك القومي فمن قبل عام 2011 تم تطويره وإعادة بناء مرفقاته. ونقل السيرك الآن بعد هذه التجديدات والإنشاءات يعتبر إهدارا للمال العام، فقد تم بناء قواعد للخيمة وإنشاء مبانٍ إدارية. ثانيا نحن بحاجة إلى بناء مسارح إذن يجب إنشاء مسرح آخر هناك دون التعدي على المسرح الموجود بالفعل. فلا توجد مشكلة لإنشاء مسرح جديد في مطار إمبابة ومسارحنا بالفعل قليلة العدد، فالمفترض أن يتم إضافة مسارح وليس هدمها. القاهرة بها أكثر من 18 مليون مواطن وعدد المسارح بها لا يتعدى اثني عشر مسرحا، فنحن بحاجة لعدد كبير من المسارح لهذه الكثافة السكانية العالية.
ويرفض د. مصطفى سليم الفكرة من أساسها مبينا أن نقل البالون والمحيط الثقافي له يعتبر كارثة قومية لأنه لا مبرر لهذا النقل حتى لو كان هناك اتفاق من بعض الجهات المعنية بعمل مشروعات معينة في نفس المكان، وتساءل: لم لا تضم هذه المشروعات فرق البالون نفسها؟ بمعنى: إذا كنت مثلا ستقوم ببناء مجموعة من المولات أو مول ضخم للبيع والشراء ودور اللهو والتسلية فلما تضم فرق البالون وكذلك السيرك كجزء من منظومة المشروع الاستثماري الجديد وهذا سيدر عائدا ضخما جدا لوزارة الثقافة وسيكون عائدا حقيقيا وليس عائدا ظاهريا، ولا ننسى أن السيرك يدر العائد الأكبر بين جميع دور العرض وهذا بشكل دائم ولا يرتبط بنوع عرض معين ولا إنتاج أو غيره. ثانيا ما علاقة أرض مطار إمبابة بمسرح البالون، فهي إذا كانت أرض شاسعة فهناك مشروعات كثيرة لا حصر لها يمكن القيام بها عليها، فلماذا نغير موقع البالون وننقله ثم نبني مرة أخرى مشروع آخر ونبني البالون مرة أخرى في مكان مختلف، وهكذا، كل هذا في رأيي إهدار للمال العام.
وتساءل: لماذا تم تحديث مسرح البالون بالملايين مؤخرا في نهاية عهد الفنان هشام عطوة إذا كنا قد قررنا هذا القرار منذ فترة تسبق تولي هشام عطوة لقطاع الفنون الشعبية؟ أضاف: أنا على يقين في معلومة تقول إن هذا المشروع قديم، وقد ثار المثقفون ضده وألغاه جمال مبارك ووقف في صف المثقفين آنذاك. إذن التفكير في نقل هذا المجمع الثقافي والفني كان قديما ومخططا له من الجهات المعنية بالتخطيط العمراني ونحن نعلم ذلك. وتساءل أيضا: لماذا لم نقدم مقترحات منذ فترة طويلة لتضمن حقوق المثقفين في هذا المكان الذي يعتبر رمزا ومعلما من المعالم الثقافية؟
وأضاف: نفت معالي وزيرة الثقافة ما تردد على لسان النائبة ولكن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لم تنفِ ذلك، ما زلنا نتساءل حول المشروع القديم الذي يطفو على السطح كل فترة، لم يصدر بيان عن مجلس الوزراء وما زلنا في حيرة: هل بيان معالي وزيرة الثقافة يعني أن البالون على وضعه أم ما زالت هناك تحركات لنقله؟ وإن كانت بعد تهدئة مؤقتة للرأي العام.
تابع: إن كان هناك مشروع مفيد للدولة ومفيد للناس سيقام في هذه المنطقة، فأنا لست ضده، شرط أن يضم فرق البالون والسيرك القومي والسامر ويضم كل الأنشطة التي تقام في هذه المنطقة ومعها ما يريد المستثمر أن يقدمه، وأن تكون جزءا مما يريد أن يصنعه مع اشتراط أن يكون هناك جانب من الدعم أو الخدمة الثقافية التي بني البالون على أساسها أصلا ولا ننسى أن هذا المسرح في عام 1970 جمع كل الفرق التي أنجزها أهم وزير ثقافة في تاريخ مصر وهو ثروت عكاشة، وهي فرقة رضا والفرقة القومية وغيرها، وقد تم جمعها في موقع واحد وهو البالون، وبالتالي فهو له تاريخ، والتضحية به بهذه الطريقة ونقله إلى مناطق نائية سواء مطار إمبابة أو السادس من أكتوبر سيكون خسارة كبيرة على الثقافة المصرية بل وكارثة.
أما الفنان جلال عثمان فيقول: إن السيرك والبالون والسامر، هذا المجمع الثقافي هو جزء من تاريخ مصر الحديث وعلامة من العلامات المضيئة بها، وقد عرفت هذه المنطقة كلها بمنطقة البالون أو السيرك أو السامر، ولا يطلق أحد عليها اسم منطقة الإعلام كما هي مسماه أصلا. هذا تراث وتاريخ يمثل هوية الشعب المصري، مثله مثل أي أثر موجود في مصر لا بد من الحفاظ عليه بل لا بد من تطويره لأن هذا تاريخ للأجيال القادمة. أضاف: كانت لديهم رغبة في استثماره منذ سنوات، وأنا لست ضد الاستثمار ولكن علينا البعد عن كل ما يمس المواطن المصري والأثر والرمز التاريخي أو العلامات الثقافية والفنية بالمجتمع المصري. كما أن سيادة النائبة ليست في موقع مسئولية أو اتخاذ قرار، فلها أن تقول وتقترح، لكن في النهاية لن يكترث أحد بكلامها.
المهندس وائل عبد الله مدير عام السيرك القومي قال: نحن نعيش في دولة تحترم القانون والمواطنين وبالتالي فلن ينفذ أي مقترح دون دراسة كافية، فلا بد أولا من توفير البديل المناسب ثم تبدأ المناقشة بعد ذلك حول الوضع الأنسب. أضاف: السيرك القومي والبالون لهما مرجعية تاريخية ومكانة عالية في نفوس الناس منذ قرار الرئيس جمال عبد الناصر بإنشاء هذه الكيانات الفنية. لذا لن نسبق الأحداث لأنه لم يصل إلينا حتى الآن أي مخاطبات رسمية بخصوص هذا الموضوع. وهو حتى الآن لا يتعدى تقديم مقترح من نائبة في مجلس النواب، وهي لا تملك القرار أصلا، والأمر بالنسبة لها مجرد دعاية انتخابية وسط أهالي دائرة إمبابة. ولتحقيق شهرة في منطقتها الانتخابية على حساب الثقافة والفن.

إطلالة تاريخية
يحتل مسرح البالون موقعا متميزا بكورنيش النيل بالعجوزة بمحافظة الجيزة، ويقع ضمن مجمع ثقافي كبير يشمل مسرح البالون ومسرح الغد والسيرك القومي ومسرح السامر وقاعة منف التابعة لهيئة قصور الثقافة، ويتبع البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية الذي يشرف عليه قطاع الإنتاج الثقافي بوزارة الثقافة. في بداية الستينات كان ظهور مسرح البالون في سماء الحركة المسرحية حدثا كبيرا بدأ بحديث تليفوني عام 1960 من الفنان يوسف وهبي إلى الفنان سيد بدير المستشار الفني لفرق التلفزيون المسرحية في ذلك الوقت عن مسرح أعجوبة يتم بناؤه في شكل بالون قابل للفك والتركيب في ساعات قليلة وهناك إمكانية الحركة به من مكان لآخر، معروض للبيع في إيطاليا، وتم شراؤه بالفعل ووصل البالون إلى الإسكندرية عام 1962، وتم تشغيله في الإسكندرية بكوم الدكة أولا لعروض فرقة رضا للفنون الشعبية وفرقة القاهرة الاستعراضية وفرقة الأنوار اللبنانية، ثم نقل البالون إلى القاهرة وتم تركيبه بأرض السامر وعرضت عليه أولى عروض الفرقة الغنائية الاستعراضية، وفي العام التالي تم فكه وتركيبه في مكانه الحالي مع ملحقاته التي تضم أربعة كرافانات تستخدم كغرف لتغيير الملابس وعربة إضاءة متنقلة وونش ومدرجات متحركة وبلكون متحرك.
حدث حريق كبير في عام 1975 نال مجمع البالون والسيرك والسامر، التهمت فيه النيران كل شيء وتم الإصلاح والتجهيز وإعادة التشغيل بسرعة. وفي يوليو 1997 مع تولي الفنان عبد الرحمن الشافعي تمت بعض التجديدات وأعيد الافتتاح مرة أخرى بحضور وزير الثقافة فاروق حسني، وفي حفل الافتتاح تم تقديم العرض الاستعراضي قلب في الروبابيكيا، فكرة وإخراج محمود رضا. وفي عام 2017 تمت أعمال التجديد والإصلاح مرة أخرى أثناء تولي الفنان هشام عطوة رئاسة القطاع، وأقيم حفل افتتاح كبير بالمسرح قدم فيه عرض (بيت الفن) من إخراج د. عادل عبده.
ومسرح البالون هو المسرح الرئيسي لقطاع الفنون الشعبية والاستعراضية الذي يضم عدة فرق هي: الفرقة الغنائية الاستعراضية، فرقة رضا للفنون الشعبية، الفرقة القومية للفنون الشعبية، الفرقة القومية للموسيقى الشعبية، فرقة أنغام الشباب، فرقة تحت 18 السيرك القومي، ومقره خيمة خاصة مجاورة لمسرح البالون. والعروض المسرحية الصغيرة سواء من إنتاج القطاع أو باستضافة الفرق من خارجه.
قدم على مسرح البالون عدد كبير من الحفلات الغنائية الكبرى لكبار نجوم الغناء بمصر والوطن العربي، كما استضاف كبرى المهرجانات المسرحية والفنية والاستعراضية المحلية والدولية.
خشبة مسرح البالون شهدت عددا كبيرا من العروض الناجحة، حيث ارتبط جمهور فرق الفنون الشعبية: رضا والقومية بمشاهدتها على خشبة البالون في عروضهما الموسمية التي تلقى إقبالا كبيرا، كما كان لفرقة أنغام الشباب نصيب كبير من الحفلات الغنائية الكبرى التي قدمتها على خشبة المسرح، وقدمت الفرقة الغنائية الاستعراضية أعمالها المسرحية الناجحة عليه ومنها: ملك الشحاتين، ليلة من ألف ليلة، العشرة الطيبة، مجلس العنطزة، ست الحسن والخديوي، عجايب، أحلام ياسمين، السنيورة والتلات ورقات، ينفع كده، قطط الشارع، حارة السنان، البيت الكبير.
كما قدمت فرقة تحت 18 عروضها للأطفال على خشبة البالون التي منها: شطورة، نسمة سلام، أراجوز للبيع، قميص السعادة، جزيرة العجايب، فلف حيران، عم بيانولا.
ساهم عدد من كبار المخرجين في تسطير تاريخ مسرح البالون بتقديم أعمالهم على خشبته منهم: فؤاد الجزايرلي، سعد أردش، زكي طليمات، جلال الشرقاوي، كرم مطاوع، حسن عبد السلام، أحمد زكي، حسن خليل، مجدي مجاهد، السيد راضي، مراد منير، عبد الغفار عودة، عبد الرحمن الشافعي، محمد فاضل، عصام السيد، حسن سعد، ناصر عبد المنعم، حسام الدين صلاح، عادل عبده.
كما شهدت خشبة البالون تألق عدد كبير من نجوم الفن منهم: صفاء أبو السعود، عدلي كاسب، عادل أدهم. هدى سلطان، صلاح نظمي، محمد رضا، سعيد صالح، محمود المليجي، هالة فاخر، يونس شلبي، أحمد زكي، أحمد ماهر، عزت العلايلي، صلاح منصور، علي الحجار، كارم محمود، شفيق نور الدين، ليلى جمال، محمود الجندي، رضا الجمال، فايزة كمال، آثار الحكيم، أمينة رزق، عبد المنعم مدبولي، حنان ترك، سميحة أيوب، أشرف عبد الغفور، سمير صبري، شيرين، محمد الحلو، مديحة حمدي، أحمد عبد الوارث، ممدوح درويش، إبراهيم نصر، المنتصر بالله، وعشرات غيرهم من النجوم لا يتسع المجال لذكرهم.
ارتبط قطاع الفنون الشعبية ومسرح البالون ارتباطا وثيقا باسم الفنان الراحل عبد الغفار عودة حيث شهد طفرة ونجاحا كبيرا ونشاطا هائلا في فترة توليه رئاسة القطاع منذ عام 1991 وحتى عام 1996، ومن الفنانين الذين تولوا هذا المنصب من قبل سعد أردش عبد الفتاح شفشق ومحمود رضا وأحمد زكي وهاني مطاوع وعبد الرحمن الشافعي وفاطمة المعدول وغيرهم، ويتولى الآن الفنان عادل عبده رئاسة القطاع بينما يتولى المهندس منذر محمد إدارة مسرح البالون.


أحمد محمد الشريف

ahmadalsharif40@gmail.com‏