في مسألة التنافس أم الاحتفال.. بعد تكرار الإعتراض على التحكيم ... هل نلغي التسابق ونكتفي بالاحتفال؟

في مسألة التنافس أم الاحتفال.. بعد تكرار الإعتراض على التحكيم ... هل نلغي التسابق ونكتفي بالاحتفال؟

العدد 629 صدر بتاريخ 16سبتمبر2019

إن إقامة المهرجانات المسرحية تعد عملية تنشيط للحركة المسرحية من شأنها الدفع بها للأمام وجذب مزيد من الإنتاج نحو الازدهار كما وكيفا. كما تخلق روحا وطاقة إيجابية لدى المسرحيين وعلى الأخص الشباب منهم نحو مزيد من الإبداع والحراك الثقافي للمجتمع، سواء أكان المهرجان على المستوى المحلي أو القومي أو الدولي، لذا فإن المهرجانات تمثل نقاطا مضيئة في مسار الحركة المسرحية يهتدي بها المسرحيون. لكن تختلف أفكار وأهداف ورؤى وفلسفات كل مهرجان عن الآخر وينطوي ذلك على شكل وكيفية تنظيم المهرجان ونتائجه النهائية المرجوة ومن ذلك عملية التسابق في المهرجان، فتنقسم المهرجانات بالتالي إلى مهرجانات احتفالية كمجرد ملتقى كرنفالي يجتمع فيه المسرحيون لتبادل الخبرات ومشاهدة المستجدات الفنية وتحقيق التفاعل الفني بينهم، والقسم الثاني وهو الأكثر شيوعا هو الشكل التنافسي الذي ينظم العروض المشتركة على أساس التسابق لنيل الجوائز في النهاية، ما يخلق روح المنافسة والحماس لتقديم أفضل إنتاج وأجمل إبداع لدى كل فنان مشارك أو يطمح بالمشاركة في فعاليات المهرجان. لكن هذا الشكل التنافسي قد يخلق بعض الاعتراضات والمشكلات بعد إعلان النتائج. ومن هنا كان السؤال الذي نحاول الوصول إلى إجابته: أيهما أفضل في المهرجانات المسرحية الشكل الاحتفالي أم الشكل التنافسي؟ ولماذا؟ لا سيما أن لدينا خصوصية فنية في الحركة المسرحية المصرية، فما هو الشكل الأنسب الذي يرضي جميع الأطراف؟
يطالب الكاتب محمد أبو العلا السلاموني بعودة التسابق للتجريبي وعودة اللائحة القديمة للقومي، قائلا: إن الفكرة نشأت في أعقاب توقف المهرجان التجريبي بعد أحداث يناير 2011، حيث حدث في المجتمع كما هو معروف حالة من حالات السيولة الفكرية والتصادم بين الأفكار والآراء وبدأ الناس يتناقشون فيما هو موجود وفيما كان، هذه العملية جعلتنا نبحث في الأمور من أساسها عند إعادة المهرجان، فقررنا أن نعيد المهرجان القومي والمهرجان التجريبي بعد هذا التوقف وحتى نجمع حولنا كل الناس بأن نجمع الأفكار المشتتة والآراء المتضاربة وخصوصا أنه كان هناك ما يشبه الرفض للمهرجان التجريبي من بعض الآراء التي ترى أن التيار التجريبي توغل وسيطر وتغلب على الاتجاهات الأخرى من المسرح فاجتمعت لجنة المسرح وقررنا إعادة المهرجان بصورة جديدة بأن تجمع ولا تفرق فقررنا أن نترك فرعا خاصا بالتجريب موجودا ومعه فرع للتيارات الأخرى التي أسميناها بالمعاصر فأصبح المهرجان اسمه المسرح المعاصر والتجريبي، كي نجمع كل التيارات المعارضة والموافقة ولنضع شيئا من التوافق بين الجميع ونقضي على هذه التفرقة التي أدت إلى الكثير من المشكلات والمشاجرات. إن مسألة التسابق خلقت من قبل كثيرا من المشكلات وأدت إلى خلافات وصراعات ما بين الأطراف وبعضها فقررنا بدء مرحلة التوافق بدونه، ثم نعيد النظر هل يتم التسابق فيما بعد أم لا؟ فقررنا وجود مرحلة انتقالية لمدة أربعة أعوام تنتهي هذا عام 2019، وبالتالي لا مانع من إعادة النظر في مسألة التسابق بعد أن ترسخت المسائل في المهرجان التجريبي. أما إذا ألغي التسابق في المهرجان القومي فإن ذلك سيؤدي إلى حالة إحباط عند المسرحيين. إن هذه الفكرة ستؤدي إلى مشكلات كبيرة لأن عادة التسابق من المفترض أنها موجودة منذ القدم، فالمسرح الإغريقي كان به تسابق، في عهد سوفوكليس ويوربيديس وأيسخيلوس، وكان الشيخ يتسابق مع الشاب، أذكر أن أيسخيلوس كان عمره ستين عاما وسوفوكليس عمره ثلاثين عاما واشتركا في تسابق فاز فيه سوفوكليس على أيسخيلوس، ولم يكن أحد يغضب من هذا، فالتسابق تقليد من تقاليد المسرح الراسخة، ويفترض أنه مثل الرياضة لا أحد يغضب فيها الفائز والخاسر، لا يمكن إلغاؤه لأنه ليس شيئا جديدا أو بدعة، هذا التنافس يعطي دافعا للمسرحيين للتجويد، وتحريك الماء الراكد والتحفيز والمحاولة للوصول إلى الجوائز رغم أنها جوائز متواضعة لكن الجانب المعنوي أهم من الجانب المادي.
أضاف: ثانيا، ما الداعي لطرح فكرة الاحتفالية وما وجهة نظر أصحابها، فهي فكرة غير عملية ويمكن أن تقضي على المهرجان تماما، علينا أن نشعر أننا في لعبة رياضية قائمة على التنافس يدخل فيها الضعيف والقوي، كما أن تاريخ التسابق في المهرجان القومي كان مساره جيدا منذ 2006 وحتى الدورة السابقة العام الماضي، وكانت اللائحة القديمة متوازنة لذا أطالب بالعودة إلى اللائحة الأصلية، ولا يجوز لكل رئيس مهرجان محاولة تغيير اللائحة، فما حدث هذا العام دمر اللائحة تماما، وهذا هو الذي أدى إلى المشكلات وظهور طلبات إلغاء الجوائز، فوجود لائحة ثابتة سيرضي الجميع وكانت اللائحة القديمة متوازنة تماما وفيها مشاركة للمحترفين والهواة من كل التيارات، وكانت الجوائز توزع على الفرق، ولدينا الجانب الآخر وهو العروض الصاعدة وقد تضمنت جوائز للصاعدين وتحصل العروض الصاعدة على جوائز خاصة بها لإرضاء الشباب وتوجد عروض عامة للجميع تدخلها كل التيارات: البيوت الفنية والثقافة الجماهيرية والمسرح المستقل والشباب والشركات والحر الخاص وهكذا، فكان للجميع حرية دخول المسابقة والجوائز متاحة للجميع. فلا بد من العودة إلى اللائحة السابقة التي بدأت من عام 2006.
ويرفض الناقد د. سيد الإمام فكرة الاكتفاء بالاحتفال تماما حيث يقول: هذه أفكار خاطئة لا يصدرها سوى بعض من لم يحصلوا على جوائز، حيث يصاحب ذلك اتهامات للجان بعدم الحياد أو عدم الفهم، فالكثير لدينا لم ينشأوا على مفهوم التسابق، فكل من يرغب في وجود دور له وصيت يطرح تلك الأفكار الغريبة، ففي كل شيء حتى في كرة القدم يغضب الجميع من الحكام. ومعظم المهرجانات العالمية في أوروبا والدول المتقدمة بها تسابق، ولدينا نموذج المهرجان التجريبي بعد إلغاء التسابق به قل الحماس والرغبة فيه وفقد بريقه السابق والتجديد والابتكار الذي كان يعمل شباب المسرحيين من أجله، فنحن لا نفعل شيئا حقيقيا وكل شيء يتم صنعه بدون إتقان أو ضمير وذلك يرجع إلى النشأة، نحن نحتاج إلى إعادة صياغة وإعادة تنشئة من جديد، فلا لإلغاء التسابق، فأي لجنة لا ترضي الجميع، وإلغاء التسابق انهيار لفكرة التحكيم ولا يروج لها غير الخاسرين أو الراغبين في لعب أدوار داخل لجان المهرجان.
ويوضح المخرج سامح مجاهد مدير عام مسرح الغد سبب رفضه لفكرة الاحتفالية بقوله: إن النظام التسابق يحمل في طياته الاحتفالية لأن المهرجان هو بمثابة عيد للمسرح المصري، فإن وجود التسابق يعطي حافزا لغير المتميز لأن يجاهد من أجل التميز، كما أن وجود تقييم للتجارب، حتى بعد نهاية المهرجان يحدث تقييما لتلك العروض ودراسة ما تم من خطوات متقدمة والوقوف على العروض المتميزة، وظهور ممثلين جدد وفنانين شباب، ويعمل على ظهور شباب جدد لهم الاستعداد والقدرة على تحمل المسئولية فيما بعد، ووجود تقييم محترم واقعي موضوعي، ومن هذا ظهور ممثل معين من خلال التسابق مع الآخرين، وبالتالي سيحاول هذا الممثل التطوير من نفسه. ومن لم يفز بجائزة سيحاول بعد ذلك الارتقاء لمستوى الفائز، فأنا مع التسابق ولست ضده فبداخله الاحتفال المطلوب، فالتسابق يعطي هدفا عن مجرد الاحتفال وهو البحث عن الأفضل، لكن المهم أن يكون الاختيار موضوعيا والتقييم موضوعيا.
أضاف: إن اختلاف المعايير لا يرجع إلى عيب في التسابق ولكن يرجع إلى اختلاف الأذواق أولا وتوافق أعضاء اللجنة، فهل اللجنة تم اختيارها متوافقة أم لا حتى تخرج النتيجة متوافقة. فالمعيار ذوقي في المقام الأول ومعيار القيمة الفنية ثانيا، والقيمة الفنية وإن كانت تختلف من فرد إلى آخر، لكن لا يوجد من يقول على الجيد رديء والعكس، لكن يوجد ممثل ممتاز وممثل جيد، يوجد ديكور مناسب للعرض وديكور لم يضف شيئا للعرض ويوجد ديكور شارك في الحدث الدرامي فيكون متميزا عن الديكور الذي تم وضعه فقط ليقوم الممثلون بالتمثيل أمامه، تلك كلها معايير لا يختلف عليها اثنان، وينطبق كل هذا على الإضاءة والموسيقى والغناء والتعبير الحركي والشعر، لأن الفن مركب، والحكم على جودة العرض ككل تعني أن كل عناصره متوافقة وكلها قامت بتوصيل رسالة المخرج، لكن لو أن هذا غير موجود فالعرض غير جيد، لكنها ليست مسألة معايير خاصة أو مازورة محددة سلفا، فالتجربة يتم تقييمها ككل.
تابع: إن الاختلاف على النتائج موجود دائما حتى مستوى الثقافة الجماهيرية والجامعة، لكن التصنيف هو أنه إما مسرح محترف أو مسرح هواة، لكن التصنيف لا يكون على أساس الفئات العمرية، فالأفضل من التصنيف هو تكافؤ الفرص، بمعنى أن كل عرض يجب أن يعرض في المهرجان بنفس المسرح الذي أقيم فيه أو مسرح مشابه فلا يكون عرضا مخصصا لقاعة ويتم عرضه في المهرجان على مسرح كبير والعكس صحيح، من الممكن أن يظهر فقر الإمكانيات قدرا من الإبداع. وقد تم اختيار العرض لمشاهدته في مكان خاص، لذا يجب أن يأخذ فرصته للعرض بمكان مشابه إن لم يكن نفس المكان.
ثم يطرح الفنان محمد فوزي بعض الأفكار المستحدثة رافضا إلغاء التسابق قائلا: إن فكرة التسابق موجودة بجميع المهرجانات العالمية، لكن استراتيجية المهرجان نفسه في كيفية إقامة التنافس، فاللوائح الخاصة بالجوائز في المهرجانات العالمية قد تغيرت وتطورت، توجد مكاسب أخرى تعود على الفنانين الفائزين مثل المنح، مثلا كنت موجودا في مسابقة كبيرة خاصة بمصممي الكيروجرافيا، وعندما فزت فيها لم أحصل على جائزة نقدية، وكانت قيمة الجائزة نحو عشرين ألف يورو، وحصلت على منحة إقامة كاملة لمدة ثلاثة أشهر لأتعلم من خبراء أجانب في هذا المجال. والمبالغ التي تمنح لدينا في المهرجان القومي كجوائز بسيطة وتعطى مناصفة أيضا وهذا غير موجود في العالم كله، فأي معيار في التصنيف يسمح بتقييم المبدع مع مبدع آخر ثم يتم وضعهما في بوتقة مناصفة، فقد تطورت معايير الجوائز في بعض المهرجانات وأصبحت الجائزة تمنح للتصنيف، فمثلا لو وجد خمسة مخرجين مبدعين وكل منهم تميز في مدرسة مختلفة، يحصل مخرجو العروض الخمسة على جائزة أفضل مخرج بنفس قيمة الجائزة الواحدة، وعرض «خيالات» الذي قدمته في المهرجان مثلا ليس له منافس لأنه مختلف في شكله وأدواته وتقنيته مستقلة ومفرداته، وكذلك عرض الجميلة والوحش فهو عمل كلاسيكي رائع ومتميز فإذا استحق الاثنان الجائزة لا تعطى الجائزة مناصفة، بل يحصل العرضان على نفس قيمة الجائزة كاملة، وعلى سبيل المثال مهرجان الشارقة يحدد جائزة واحدة فقط بقيمة كبيرة جدا، وهكذا توجد عدة أفكار للتنافس وشكل الجوائز، يجب بحثها ودراستها لاختيار الأنسب منها، فما يحدث الآن لدينا لا يخلق منافسة بل يخلق (نفسنة) وضيق بين الجميع، ويختفي بين كل ذلك قيمة العرض نفسه وإنتاجه الإبداعي، وقد أصبح الاهتمام منصبا على جائزة الفرد دون النظر للاهتمام بالمنتج الفني نفسه، لذا أرى الإبقاء على التنافس، بين كل المؤسسات بلا استثناء لكن مع إعادة صياغة منح الجوائز بطرق مختلفة، لأن كل فرد من المحكمين أو أصحاب الحق في التقييم له ذائقته وأهواؤه وله معايير وآليات خاصة به، لذا تمنح الجائزة للتصنيف، وهكذا ستوجد مساحة للناقد كي يستعرض كل المدارس التي فازت ويعرضها للجمهور بتقنياتها وأدواتها، وبهذا تكون المحصلة هي أن يربح عدة مخرجين من عدة مدارس بدلا من أن أفوز بمخرج واحد وأقضي على أربعة مخرجين آخرين، وكذلك في التأليف إذا كان لدي أربعة مؤلفين صاعدين لماذا أكسب واحدا فقط وأقضي على الأربعة الآخرين؟ كما يمكن أيضا أن الجائزة بدلا من أن تكون نقدية تصير عبارة عن إتاحة الفرصة للعرض الفائز بتقديمه على مسرح لعدة ليال بقيمة الجائزة وهذا اسمه استثمار للعروض.
ويتفق مصمم الديكور الفنان وائل عبد الله في الاعتراض على إلغاء التنافس قائلا: أنا ضده تماما، لأن جميع المسرحيين طوال العام ينتظرون المهرجان القومي من أجل هذا الشكل التنافسي الذي يعد جزءا أصيلا من المهرجان، فلا يصلح أن يكون مجرد احتفالية، فالعروض موجودة طوال العام وبالتالي لا توجد أي فائدة فوق ما هو كائن، وفكرة تجميع عدة فرق من كل مكان مثل الجامعة والثقافة الجماهيرية ومن مسرح الطفل ومن مسرح القطاع الخاص ومسرح الشركات ومن نقابة المهن التمثيلية وهكذا في تنافس شيء جيد جدا، وإلغاء الجوائز يفقد المهرجان بريقه وحماسه. أضاف: إن المهرجان عرس ثقافي كل عام ينتظره الفنانون والجمهور أيضا، وكما رأينا جميع المسارح كاملة العدد في المهرجان، فالتنافس شيء مهم جدا. والسلبيات لا يمكن القضاء عليها لأننا لن نستطيع أن نرضي جميع الأطراف وفكرة رئيس المهرجان البطل الخارق الذي يفعل كل شيء ويرضي الجميع لم يوجد بعد. كل شخص لديه أخطاء وإيجابيات، وعلينا دائما أن نوازن ما بين السلبيات والإيجابيات أيهما أكثر وكيفية علاج السلبيات.
تابع: أؤيد استقلال عروض الطفل عن عروض الكبار لأنها قائمة على إبهار الطفل بشكل معين ولها نمط في التقديم والتمثيل والديكور وكل فئة عمرية لها أسلوب وشكل مختلف، وخروج عروض الطفل من الشكل التنافسي أؤيده تماما، ولكن خروج الباقي من جامعات ومحترفين من التنافس أرفضه، توجد عروض من الجامعة حازت من قبل على جائزة أفضل ديكور بإمكانيات بسيطة وتكاليف قليلة، فإن قلة التكاليف قد تدعو إلى التفكير في إبداع أفضل.
ومن المخرجين الشباب يقول المخرج عمرو حسان: إن أساس أي مهرجان هو التسابق، وإذا ألغي التسابق وصار مجرد ملتقى فقد معناه مثل التجريبي الذي فقد بريقه بعد إلغاء التسابق حيث كنا من قبل ننتظر التجريبي كي نستمتع بالتنافس والعروض المصرية المشتركة به ووجود منافسة مع عروض عالمية. لكن المهم أن يكون التسابق قائم على معايير، وأن يكون هناك عدل في تصنيف وتوزيع الجوائز وأن يتوفر لكل عرض ما يتوفر لعرض آخر، ولا بد أن يكون هناك تنوع في اللجنة وأن يكون اختيارها قائما على معايير وأن يكون أعضاؤها لديهم دراية بالتطور الذي وصل المسرح إليه وأن يكونوا مدركين لوجود أنماط مختلفة من المسرح وأنه توجد رؤى مختلفة فلا بد أن يكونوا متابعين وليس فيهم عضو آخر عرض شاهده منذ عشر سنوات، فلا بد أن يكون هناك عدل في المعايير والمناخ الذي يتوفر للعروض.
أضاف: وكذلك يجب مراعاة العدالة في معايير التصنيف، فلا يجوز أن أضع عرضا تكلفته مليون جنيه في مقارنة مع عرض تكلفته ألف جنيه، أي لا يمكن أن أقيم عرضا يحصل ممثلوه على أجور عالية مع عرض آخر يقوم ممثلوه بتجميع نقود كي يمكنهم تأجير مكان لإقامة بروفة، فالتقسيم الحالي ليس له معايير محايدة، التقسيم إما أن يكون إنتاجيا حسب حجم الإنتاج أو حسب نوعية إنتاجه وجهة إنتاجه، فمثلا تضمين طلبة المعهد العالي للفنون المسرحية ضمن مسابقة الكبار والمحترفين يحمل ظلما لهم، فهم ما زالوا يتعلمون، فكيف أضعهم في مسابقة الكبار التي تحوي أناسا ذوي خبرة، وكذلك الجوائز كيف أضع مخرجا كبيرا في نفس التسابق مع مخرج صغير السن ما زال في العشرينات، فمن المستحيل هنا أن تعطي اللجنة الجائزة للمخرج الصغير، لأنه ستكون وجهة نظر لجنة التحكيم أن الصغير ما زال أمامه مستقبل ومتسع من الوقت ليحصل على جوائز فيما بعد. فعلى الأقل تعود للمهرجان جائزة المخرج الصاعد وجائزة الممثل الصاعد وهكذا حتى لا يقتل طموح الشاب في الحصول على جائزة ومن بذل مجهودا يجب أن يشعر بنتيجة مجهوده. كما يجب أن تبدأ لجان المشاهدة في عملها من أول العام بمجرد انتهاء دورة المهرجان السابقة، وذلك بمشاهدة جميع العروض حية على مسارحها وفي توقيتها كي لا تظلم عروض ما من خلال السيديهات التي غالبا يكون مستوى التصوير بها رديء ويفسد فنيات العرض ولا تصلح للحكم من خلالها.
أما المخرج الشاب عمر الشحات فيرفض هو أيضا إلغاء التسابق، مؤكدًا أن إلغاء التسابق في المهرجان يقتل حماس المشاركين، يضيف: في مسابقات الجامعة توجد ليلتان للعرض الأولى للجمهور والثانية للجنة، الأولى تكون فيها الطاقة والحماس أقل من الليلة الثانية أمام اللجنة، فوجود اللجنة يدفع الفنان لإخراج أفضل ما لديه، فإذا ألغي التسابق سوف نفقد جزءا كبيرا جدا وهذا على مستوى الهواة وعلى مستوى المحترفين، ودائما كل عام نسمع نغمات الاعتراض على قرارات لجنة التحكيم، ولكن هذا ليس مبررا لإلغاء التسابق، وإلغاء التسابق سيلغي التهافت على دخول المهرجان على مستوى الشباب والجامعات، خصوصا أن الرغبة في دخول المهرجان لديهم تكون للحصول على جائزة يفخرون بها، لكن إذا كانت المشاركة لمجرد العرض فقط، فهذا ليس حافزا جيدا، لأنهم بالفعل يقومون بالعرض على المسارح الخاصة المختلفة ومن خلال جمهور كبير بتذاكر.
إن فكرة التقسيم لثلاث مسابقات ليست جيدة، فالمهرجان كان دائما بمسابقة واحدة، والإنتاج الضخم لا يؤثر في فكرة الفن. فالفن هو الفن بغض النظر عن تكاليف إنتاجه، ولا بد أن يكون لدينا قبول سواء كهواة أو محترفين لوجهة نظر لجنة التحكيم. مع الحفاظ على جوائز الممثل الصاعد والممثل الكبير والمخرج الصاعد والمخرج الكبير.


أحمد محمد الشريف

ahmadalsharif40@gmail.com‏