العدد 628 صدر بتاريخ 9سبتمبر2019
أطل علينا المهرجان القومي للمسرح المصري في دورته الثانية عشر (دورة المخرج كرم مطاوع) بالتنوع في فعالياته التي كان من ضمنها إصدار حوالي عشرين كتابا من أبرزها كتاب (المسرح المصري.. مائة وخمسون عاما من الإبداع) للمؤرخ والناقد د. عمرو دوارة, والذي صدر في مائتين واثنين وخمسين صفحة من القطع المتوسط.
وترتكز أهمية الكتاب على توثيقه الشامل لتاريخ المسرح المصري منذ بداياته عام 1870 وحتى عام 2019, أي على مدار مائة وخمسين عاما, وهو إنجاز غير مسبوق, استطاع به د. عمرو دوارة أن يلقى الضوء على كل تفاصيل الحياة المسرحية بمكوناتها من فرق ومخرجين ومؤلفين وممثلين ودور عرض مختلفة, راصدا كل الفترات من خلال تصنيف زمنى مستحدث وهو تناوله كل عقد من الزمان (عشر سنوات) بمنجزاته المسرحية وما اشتمل عليه من صعود وهبوط وازدهار وانكسار، وهذا التصور إنما تكمن أهميته في أنه يعطينا مؤشرا هاما لتواصل الأجيال من عدمه وهي القضية الأساسية التي يثيرها الكثيرون خصوصا الأجيال السابقة حيث يتهمون الأجيال الجديدة بالانعزالية والانفصال عمن سبقوهم.
ومن أهم ما يثيره هذا الكتاب هو تناول الأحداث المسرحية والفنية مع تحديد علاقاتها بالأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية المعاصرة لها، ومدى تأثيرها على تواصل وتكامل الإنتاج الفني وكيف أثرت بالسلب أو الإيجاب على المستوى الفني كيفا وكما. إذن فنحن هنا أمام إحصاء ورصد وتوثيق متقن ليس على المستوى العددي فقط ولكن تمت دراسته من كافة الجوانب مما يجعله مرجعا هاما لكل الدراسين والباحثين كمادة جيدة للدراسة والانطلاق نحو استكشاف عوالم جديدة في الأطر الفنية للمسرح المصري عبر تاريخه.
ومن أهم النقاط التي ينبغي أن أشير إليها أن توقيت صدور هذا الكتاب جاء مناسبا ومتناسقا مع تلك الدعاوي والتحفظات التي تصدرت المشهد المسرحي في الشهور الأخيرة بعد مهرجان المسرح العربي ومؤتمره «همزة وصل» والتي أثارت قضية الخلافات حول البداية الحقيقية للمسرح المصري, حيث تدخل هنا د. عمرو دوارة بشكل حاسم ليضع الحقيقة أمام الجميع موثقة دون مواربة وليغلق كافة الأبواب المستترة لإحداث تلك البلبلة، ويؤكد بشكل قاطع على أن عمر المسرح المصري إنما هو خمسة عشر عقدا من الزمان تبدأ من عام 1870 وحتى وقتنا هذا.
إذا تفحصنا كتاب (المسرح المصري.. مائة وخمسون عاما من الإبداع) نستوضح عدة نقاط أشار إليها المؤلف في مقدمته تلك التي أوضح فيها أن المسرح ظل لسنوات طويلة رافعا راية الثورة ضد الظلم والطغيان ومطالبا بتغيير النظم الديكتاتورية, وكذلك داعيا لمساندة الرموز الوطنية الثورية والدفاع عن مكاسب الثورات الشعبية بانحيازه إلى حقوق الأغلبية في الحياة الكريمة.
ويؤكد د. دوارة على أهمية وتقدير أدوار الأساتذة السابقين في رصد تأريخ المسرح المصري، وعلى أنه يهدف من هذا الكتاب محاولة استكمال أجزاء الصورة المبعثرة ومحاولة الإجابة على كثير من الاستفسارات خاصة المرتبطة ببدايات الحركة المسرحية في مصر, وكيفية انطلاق الشرارة الأولى. كما يوضح أنه عمل على رصد مدى تأثر الإنتاج المسرحي بالظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
يبدأ د. عمرو دوارة فصله الأول بعنوان: (المسرح المصري خلال العقد الأول 1870-1879), وقد تناول فيه التجربة الرائدة ليعقوب صنوع (1870-1872)، ومن بعدها فرقة سليم النقاش (1876- 1877)، وأوضح أن لهذه الفرقة دور كبير في إثراء مسيرة المسرح المصري. ويعرض بعد ذلك لفرقة يوسف خياط (1877-1888), والتي جذبت الجمهور وجذبت أيضا العديد من المصريين والشوام هواة التمثيل للانضمام إليها.
ثم يلج بنا المؤلف إلى «الفصل الثاني» الذي يشمل العقد التاريخي (1880-1889), موضحا استمرارية بعض الفرق السابقة مع بدء الاستعانة بالأصوات المصرية في الغناء وفي مقدمتها سلامة حجازي. ثم يشير المؤلف إلى الأحداث السياسية وأهمها بداية الاحتلال الانجليزي لمصر وتأثيرها, ثم يستعرض فرق ذلك العقد التي تمثلت في فرقة يوسف الخياط وفرقة سليمان الحداد وفرقة سليمان القرداحي وفرقة أبو خليل القباني وفرقة القرداحي ورومانو, وغيرهم من الفرق المندمجة, لكن أهمهم فرقة السرور.
ثم تناول العقد الثالث (1890- 1899) موضحا أسماء بعض الفرق التي توقف وفرق أخرى استمرت في نشاطها والتي من ضمنها فرق سليمان الحداد وفرقة سليمان القرداحي وفرقة أبو خليل القباني وجوق السرور وفرقة اسكندر فرح, مع تبيان أسماء العروض المسرحية التي قدمتها تلك الفرق, كما أشار إلى بعض الفرق التي تأسست في هذا العقد.
أما عن العقد الرابع (1900-1909) بعد أن يعد لنا المؤلف بعض الفرق التي تأسست يرصد لنا ظهور ثلاثة تيارات مسرحية تكاملت فيما بينها وهي طبقا لتتابعها الزمني كما يلي:1- المسرح الغنائي 2- المسرح التراجيدي والميلودرامي 3 - المسرح الكوميدي. ثم يشرح تعاظم دور المسرح الغنائي ونجومه بداية من فرقة اسكندر فرح التي كان يعود نجاحها وتألقها على مشاركة الشيخ سلامة حجازي في عروضها, ووجود مسرح ثابت للفرقة.
ثم يوضح لنا تأسيس فرقة سلامة حجازي عام 1905 (دار التمثيل العربي), ويؤكد أنه يحسب له نجاحه في الانتقال من جو التخت الشرقي والأغنية الفردية إلى أجواء الأغنية الدرامية.
ثم يستعرض مظاهر وأحوال المسرح المصري في العقدين الخامس والسادس والتي من أهمها :
عودة الرائد الكبير/ جورج أبيض من بعثته إلى فرنسا, ودخول المرأة إلى مجال التمثيل المسرحي, تدهور أحوال جميع الفرق المسرحية الجادة نتيجة نشوب الحرب العالمية الأولي عام 1914. وتأسيس الفرق الكبرى للميلودراما وتأسيس الفرق الغنائية الكبرى ثم يتحدث عن المشاركة الفنية في ثورة 1919. وتأسيس فرقة «رمسيس» عام 1923، ثم فرقة «فاطمة رشدي» عام 1927وفرقة سيد درويش , ثم انصراف الجمهور عن عروض المسرح الجاد نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية.
أما عن المسرح المصري خلال العقد السابع (1930 - 1939) فقد أوضح مدى انعكاس الأزمة الاقتصادية بآثارها السلبية القاسية على «مصر» بصفة عامة و»المسرح المصري» بصفة خاصة، التي شهدها المسرح المصري، حيث اضطرت أغلب الفرق إلى التوقف عن العمل. كما قامت وزارة المعارف بإنشاء «الفرقة القومية» برئاسة الشاعر القدير خليل مطران عام 1935، وهي ما أطلق عليها فرقة «المسرح القومي» بعد ذلك، ويكفي أن نذكر لهذه الفرقة ريادتها حيث أنها أول فرقة مسرحية تابعة للدولة بالشرق الأوسط والمنطقة العربية كلها، وبالتالي فقد تمتعت بالرعاية الكاملة والدعم المالي.
ينتقل بنا د. عمرو دوارة بعد ذلك إلى المسرح المصري خلال العقد الثامن الذي بدأ بأقل عدد من الفرق المسرحية، بعدما توقفت معظم الفرق. وقد شهد مع ذلك صمود عدد قليل من الفرق، وهي تلك الفرق التي اعتمدت على نجومية وشعبية مؤسسها ونجمها الأول وفي مقدمتهم على سبيل المثال الفنانين: نجيب الريحاني وعلي الكسار ويوسف وهبي وفاطمة رشدي ،كذلك شهد هذا العقد أيضا تأسيس بعض الفرق المسرحية، ومن أهم الفرق التي تأسست خلاله: أوبرا ملك (1940 - 1949)، فرقة «الطليعة».
ويحدثنا د. دوارة عن المسرح المصري خلال العقد التاسع (1950 - 1959) موضحا أنه قد نال المسرح في خمسينيات القرن الماضي اهتماما كبيرا من الدولة وبالتحديد من حكومة الثورة، فتم إيفاد مجموعة من الشباب إلى بعض الدول الأوربية لدراسة مختلف تخصصات الفنون المسرحية، فكان لهم الفضل بعد ذلك في تطوير وتحديث مفهوم المسرح المصري وترشيد مساره خلال فترة ستينيات القرن الماضي. وتم إنشاء «مدينة الفنون» بالهرم لتضم مجموعة المعاهد الفنية (المسرح والسينما والباليه والكونسرفتوار)، كما تم إنشاء الإدارة العامة للثقافة الجماهيرية، والتي شاركت عن طريق «قصور الثقافة» التابعة لها في توسيع رقعة انتشار الفنون في كل أقاليم «مصر».
شهد هذا العقد كذلك تأسيس عدة فرق مهمة حققت إضافة حقيقية لخريطة الإبداع المسرحي وساهمت بدور كبير في إثراء مسيرة المسرح المصري ومن أهمها فرق: (المصري الحديث). و(الفرقة المصرية الحديثة).
ثم يأتي الحديث عن المسرح المصري خلال العقد العاشر (1960 - 1969), حيث يبين المؤلف أنه قد واكب مسرح ستينيات القرن الماضي نتاج اجتماعي وسياسي قومي، وازدهرت حركة التأليف المسرحي، واقترب المسرح من قضايا المجتمع فاكتسب جمهور جديدا، وانفتح على المسرح العالمي من خلال حركة الترجمة والنقد، كما أسهمت عودة فناني المسرح - ممن أتموا دراستهم في أوروبا - في إثراء الحركة المسرحية، خاصة وقد شهد هذا العقد تأسيس عدد كبير من الفرق المسرحية الجديدة تنوعت عروضها لتقدم نماذج من كافة المدارس والمذاهب المسرحية، والمطلع على العروض التي قدمتها الفرق المختلفة (القومي، الحديث، الحكيم، العالمي، الجيب) يمكنه بسهولة رصد مظاهر النهضة المسرحية الحديثة، ثم يوضح الكاتب كيف كانت نهضة الفنون المسرحية في الستينيات في مجال التأليف المسرحي والإخراج والديكور.
ويذكر د. دوارة أن هذا العقد قد شهد كذلك تأسيس عدة فرق أخرى مهمة مثل فرقة تحية كاريوكا وفرق مسارح التليفزيون والمسرح الكوميدي ومسرح الحكيم والجيب والفنانين المتحدين والغنائية الاستعراضية وغيرهم.
ثم يأتي الحديث عن المسرح المصري خلال العقد الحادي عشر (1970 - 1979), حيث يشرح د. دوارة تلك الفترة ومدى ارتباطها بالأحداث السياسية بدءا من وفاة عبد الناصر مرورا بأزمة المثقفين والكتاب مع السادات ثم حرب أكتوبر، وتأثير ذلك كله على النشاط المسرحي, وبالرغم من هذا المناخ المحتقن بدأ المسرح يسترد عافيته شيئا فشيئا، وتم تقديم بعض المسرحيات المهمة. وحول حرب أكتوبر عمل المسرحيون على تقديم عدد من العروض الحماسية الوطنية .
أما عن المسرح المصري خلال العقد الثاني عشر (1980 - 1989), فيوضح د. دوارة أن فترة الثمانينات قد شهدت ازدهارا للمسرح التجاري وزيادة عدد الفرق الخاصة وخاصة تلك الفرق العشوائية التي استغلت رواج مواسم السياحة العربية فقدمت عددا كبيرا من المسرحيات التي يمكن وصفها بالهبوط والإسفاف.
وقد ساهم المسرح المتجول 1982 - 1987 في نشر الثقافة المسرحية في أقاليم «مصر».
وجاءت نهاية الثمانينيات مع بداية ظهور عدة فرق حرة ومستقلة من الهواة، وهو تتويج طبيعي لجهود تأسيس أول جمعية رسمية لهم في بداية هذا العقد وبالتحديد عام 1982 («الجمعية المصرية لهواة المسرح»)، ومن أبرز تلك الفرق فرقة الورشة التي أسسها/ حسن الجريتلي عام1987.
وكان لإنشاء «دار الأوبرا» (المركزالثقافي (عام 1988، ثم إنشاء «مركز الهناجر» دور بارز في تنشيط الحركة المسرحية وانتشار الفرق المستقلة للهواة. كما يوضح أنه من الأحداث المسرحية المهمة في هذا العقد تنظيم مهرجان المسرح التجريبي الأول من خلال الجمعية المصرية لهواة المسرح في أغسطس عام 1986, ثم إعادة تأسيسه من خلال وزارة الثقافة بتنظيم المهرجان الدولي للمسرح التجريبي عام 1988، وحتى الآن. وقد تناول الكاتب كل تلك الأحداث بالتفصيل. ثم استعرض لنا عروض مسرح الدولة في الثمانينات وعرض بيانا بأهم تلك العروض.
ثم يجيء دور المسرح المصري خلال العقد الثالث عشر (1990 - 1999) فيذكر د. دوارة أنه قد شهدت فترة التسعينيات اهتماما كبيرا بأشكال المسرح التجريبي، حيث تم تقديم عدد كبير من العروض التي تنتمي إلى المسرح الراقص أو تعتمد على عروض لغة الجسد والإيماءات (تأثرا بتأسيس «مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي»)، وذلك مع تغييب لبعض الأشكال الأخرى لمسرح الفكر والكلمة ومن أهمها المسرح الشعري. كما شهدت تلك الفترة مشاركة بعض المخرجين الأجانب والعرب بالإخراج لبعض فرق مسارح الدولة.
وقد تناول المؤلف بالتفصيل بعض الفرق التي تأسست في هذا العقد مثل مركز الهناجر للفنون ومسرح الغد وفرقة تحت 18 وفرقة الرقص الحديث وفرقة الإسكندرية المسرحية.
ثم ننتقل إلى الفصل التالي وهو الخاص بالمسرح المصري خلال العقد الرابع عشر (2000 -2009) يقول د. دوارةإن هذا العقد قد شهد عدة ظواهر مسرحية مهمة يمكن إجمالها في النقاط التالية: تعاظم دور هواة المسرح- تأسيس «مركز الإبداع الفني»- فرقة «المتجول الجديد» (الساحة) - كارثة محرقة المسرح ببني سويف- جريدة «مسرحنا», وقد تناول المؤلف كل تلك الأحداث بالتفصيل موضحا مدى تأثيرها على الحركة المسرح المصري.
ثم يقدم إحصاء بعروض المسرح في هذا العقد سواء لمسرح الدولة أو مسرح القطاع الخاص. كما يرصد ظاهرة مهمة وهي ظاهرة المهرجانات المسرحية حيث أنه بخلاف المهرجانات الفئوية الخاصة بالمسرح المدرسي والمسرح العمالي ومسرح الثقافة الجماهيرية تم سنويا تنظيم ثلاثة مهرجانات مسرحية دولية مهمة بدأت تنظيمها خلال هذا العقد (بداية الألفية الثالثة) وهي: مهرجان المسرح العربي - المهرجان القومي للمسرح المصري - مهرجان «مسرح بلا إنتاج» وقد قام د. دوارة بتوضيحها بالتفصيل في متن الكتاب.
وأخيرا يصل بنا المطاف في هذا الكتاب إلى المسرح المصري خلال العقد الخامس عشر (2010 - 2019), والذي بدأ بثورة 25 يناير مما كان لها أكبر الأثر في حركة المسرح في ذلك الوقت فيرصد لنا د. عمرو دوارة أهم تلك المظاهر، كما يقوم بحصر وعمل قائمة بالعروض التي قدمت ارتباطا بهذا الحدث السياسي الهام.
وللأسف لم يشهد هذا العقد تأسيس فرق مسرحية جديدة سوى عدد قليل جدا من الفرق وفي مقدمتها: فرقة «مسرح الساحة» وكذلك تأسيس «مسرح «الشمس لذوي الاحتياجات الخاصة» عام 2018، وأيضا تأسيس شعبة «مسرح المواجهة والتجوال»، والتي تم تأسيسها بفرقة «المسرح الحديث».
ثم يوضح لنا بالتفصيل بعض المستجدات في الساحة المسرحية في هذا العقد ومنها: مهرجان «شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي»- فرقة «الشمس لذوي الاحتياجات الخاصة»- ملتقى «القاهرة الدولي للمسرح الجامعي»- مهرجان «أيام القاهرة للمونودراما».
ولم يغفل د. دوارة عن تناول ظاهرة سلبية أساءت كثيرا إلى المسرح المصري وإلى مفهوم المسرح بصفة عامة وهي مسرح الفضائيات، حيث تنافست أكثر من قناة فضائية في إنتاج عدد كبير من العروض المسرحية العشوائية التي تعتمد على الارتجال وتصويرها تلفزيونيا لعرضها على المسرح يوم أو يومين على الأكثر ثم من خلال الشاشة الصغيرة، ومن أشهرها: «تياترو مصر»، و «مسرح مصر».
هذا الكتاب يضم في صفحاته مادة مصورة غنية من خلال صور أرشيفية وتوثيقية مهمة ونادرة شملت كل عقود تاريخ المسرح المصري من بداياته، كما يحسب لمؤلف الكتاب د. عمرو دوارة استعانته بعدد كبير من المراجع والإصدارات التوثيقية والتراجم والمذكرات الشخصية والدراسات النقدية والصحف والدوريات قديما وحديثا والتي سجلها لنا في قائمة تعد في حد ذاتها مرجعا مهما.
هذا الكتاب يشكل إضافة مهمة وثرية لمكتبة المسرح المصري والعربي, ويعد أول وثيقة حقيقية شاملة تضم تاريخ المسرح المصري تأريخا وإحصاءً وتوثيقا, وبالتالي فهو مرجع هام جديد للباحثين والدارسين والمهتمين بمسيرة المسرح المصري, وأرى أنه على أكاديمية الفنون أن تقوم بإعادة طباعته والعمل على تدريسه لطلاب الأقسام المختلفة بالمعهد العالي للفنون المسرحية وغيرها من معاهد الأكاديمية المتخصصة والتي تعني بهذا التخصص التوثيقي للمسرح.
قالوا عن الكتاب
يرى الكاتب والناقد المسرحي عبد الغني داود أن هذا الكتاب رغم أنه لا يزيد عن مائتين واثنين وخمسين صفحة إلا أنه يقدم خارطة طريق واضحة وسلسة لمتابعة طريق المسرح المصري على مدى قرن ونصف من الزمان منذ 1870 و حتى 2019, هذا التاريخ قد أخذ نمط وشكل المسرح الغربي الأوروبي عندما عرفناه من خلال جنود المحتل الفرنسي من خلال التياترو, فقد قدم د. عمرو صورة توضيحية على مدار خمسة عشر حلقة إذا اعتبرناها حلقات تتضمن كل حلقة عشر سنوات تجمع مائة وخمسين عاما, هذه الفكرة واضحة المعالم وقد استفاد كثيرا من الموسوعة المسرحية المصورة, فقد استوفى الصورة كاملة دون أن تشعر بازدحام الأسماء والفرق وأهل المسرح سواء مخرجين أو ممثلين أو كتاب و لم يهمل أي أحد في خلال كل عقد تناوله من تاريخ المسرح المصري في ظل الشكل الغربي للمسرح.
وأضاف: استطاع د. دوارة أن يلم بتاريخ المسرح على مدى الحقب السابقة بشكل سلس وواضح حتى يمكن أن يكون معلما للمبتدئين والذين يريدون أن يعرفوا ما هو المسرح المصري على مدرا مائة وخمسون عاما, فبالطبع هذا إنجاز جيد ومتميز ليقدم الرحيق للمسرح المصري معتمدا على عدد ضخم من المراجع القديمة, هو لم يترك صغيرة ولا كبيرة كي يقدم لنا هدية جميلة وباقة ورد لتاريخ المسرح المصري.
أما الناقدة المسرحية د. وفاء كمالو فقالت: يأتي كتاب د. عمرو دوارة «المسرح المصري مائة وخمسون عاما من الإبداع» ليضعنا أمام إنجاز علمي توثيقي رفيع المستوى. ولعل اكتمال «موسوعة المسرح المصري المصورة» التي تمثل حدثا غير مسبوق عالميا لكونها موسوعة مسرحية مصورة تصف المسرح المصري منذ عام 1870 وحتى الآن, تؤكد أنه من الكبار المتميزين الذين غيروا مسارات الفكر والبحث والإبداع. وفي هذا الإطار يأتي كتابه الأحدث «المسرح المصري مائة وخمسون عاما من الإبداع» وقراءة مبهرة في المسرح والسياسة والاقتصاد والمجتمع، حيث يهدف إلى محاولة استكمال الصورة المبعثرة ومحاولة الإجابة على التساؤلات المرتبطة ببدايات الحركة المسرحية في «مصر»، وكيفية انطلاق الشرارة الأولى وكيفية تشكل الظاهرة المسرحية ونجاحها في استقطاب الجمهور.
وتؤكد د. وفاء أن الكتاب يسجل أهم الأحداث والظواهر المسرحية خلال خمسة عشر عقدا - في الفترة من 1870 إلى 2019 - مع محاولة استكمال جميع التفاصيل المتصلة بالإنتاج المسرحي والحياة الفنية بصفة عامة، خاصة وأنه على الرغم من الجهد الكبير الذي بذله الأساتذة والمؤرخون لتوثيق مراحل المسرح المصري إلا أن هناك مساحات كبيرة في تاريخنا الفني ظلت مجهولة, ومازالت هناك بعض الفرق والعروض التي سقطت تماما من ذاكرتنا المسرحية، وذلك لأننا للأسف نفتقد في مكتباتنا العربية لجميع أشكال الموسوعات المسرحية. حقا إن هذا الكتاب - غير المسبوق - يعد سجلا توثيقيا للمسرح المصري منذ بداياته وحتى الآن، وهو على مستوى آخر يعد قراءة أولى أو مسودة لمرجع كبير يتضمن ثروات من التفاصيل المهمة سنجدها بلا شك في «موسوعة المسرح المصري المصورة».
و اتفق في الرأي حول أهمية الكتاب الشاعر والناقد د. مصطفى سليم الذي قال : يعتبر كتاب د. عمرو دوارة عرض تاريخي تتخلله بعض التحليلات والتعليقات والملاحظات القيمة لتاريخ المسرح المصري في الربع الأخير من القرن 19 وبالقرن العشرين وحتى الآن من خلال صناعه وفرقه ونصوصه ودور عرضه ونوعية جمهوره، وهو رصد يحترم المناهج الدراسية التي تدرس في المعهد العالي للفنون المسرحية» وهو الأعرق عربيا وإفريقيا.
وأضاف: يجيب الكتاب ضمنيا على سؤال طرح بطريقة غير مفهومة في مطلع العام الحالي حول جنسية المسرح على الرغم أن «المسرح العربي» منذ نشأة مناهج تدريس علوم المسرح في «مصر» يدرس ككيان متكامل ومتواشج، يدرس فيه الطالب في كل فصل دراسي تحت اسم «المسرح العربي» مراحل ازدهاره عبر التاريخ العربي بغض النظر عن الدولة.
تابع قائلا: الكتاب ينطلق من الثابت علميا وتاريخيا فالنشاط المسرحي المرصود سواء للفرق الشامية التي قدمت بعض النصوص المصرية وقدمت منتجها للمصريين والفرق المندمجة مع الفرق المصرية أو الفرق الشامية التي جذبت المطربين والممثلين والكتاب المصريين وغيرها من مظاهر الدمج التي حدثت في «مصر» في الربع الأخير من القرن 19 هو جزء لا يتجزأ من تاريخ المسرح العربي ومن هنا تأتي أهمية هذا الرصد الذي يضعنا أمام حقائق وظواهر يمكن دراستها مستقبلا بشكل مستقل واشكر بشكل شخصي الدكتور عمرو دوارة على هذا الجهد الكبير الذي قام به لخدمة تاريخ «المسرح العربي» ولا أقول المصري لأن المسرح العربي وحدة واحدة تنطلق من خلفية لغوية وثقافية مشتركة.