بعد حصوله على جائزة الدولة التقديرية السلاموني: الجائزة تتويج لعمر طويل من الإبداع

بعد حصوله على جائزة الدولة التقديرية السلاموني: الجائزة تتويج لعمر طويل من الإبداع

العدد 619 صدر بتاريخ 8يوليو2019

محمد أبو العلا السلاموني مواليد محافظة دمياط في 3 يناير 1941. تخرج من كلية الآداب جامعة القاهرة عام 1968. عمل مديرا عاما للمسرح بالهيئة العامة لقصور الثقافة، عضو في اللجنة الدائمة للمسرح بالمجلس الأعلى للثقافة. مثلت مسرحيته «مآذن المحروسة» إخراج سعد أردش المسرح المصري في مهرجان القاهرة الأول للإبداع العربي سنة 1984. كما مثلت مسرحيته «الثأر ورحلة العذاب» إخراج عبد الرحيم الزرقاني المسرح المصري في مهرجان جرش بالأردن سنة 1986. كما مثلت مسرحيتاه «رجل في القلعة»، و»الصعود للقلعة» إخراج ناصر عبد المنعم المسرح المصري في مهرجان ربيع المسرح بالمغرب 1994. وكذلك شاركت «ديوان البقر» إخراج كرم مطاوع في مهرجان قرطاج الدولي بتونس سنة 1995. كتب السلاموني للمسرح الخاص الكوميديا الاستعراضية «المليم بأربعة»، و»بحبك يا مجرم» سنة 1990 من إخراج جلال الشرقاوي.
كما كتب للدراما التلفزيونية مسلسلات منها: البحيرات المرة، الحب في عصر الجفاف، صفقات ممنوعة، رسالة خطرة، أحلام مسروقة، قصة مدينة، حكاية بلا بداية ولا نهاية، اللص والكلاب، كاميليا والملك، نسر الشرق.
عرضت مسرحياته على جميع مسارح مصر مثل: القومي، الحديث، البالون، الطليعة، الكوميدي، السامر، الهناجر، مسارح الأقاليم.
حصل السلاموني على جائزة الدولة في الآداب في النص المسرحي سنة 1984، وجائزة وسام الدولة في العلوم والفنون من الطبقة الأولى سنة 1986، وجائزة أحسن نص مسرحي من معرض القاهرة الدولي للكتاب سنة 1992، وجائزة أحسن نص مسرحي بالفصحى من منظمة الأليسكو في مهرجان قرطاج الدولي سنة 1995، وحصل على الميدالية الذهبية لأحسن سيناريو في الدراما التلفزيونية من مهرجان القاهرة الدولي للإذاعة والتلفزيون سنة 1997، وفاز بجائزة التأليف في مهرجان المسرح المصري القومي الرابع عن مسرحية «تحت التهديد» التي قدمها مسرح الهناجر، ثم حصل مؤخرا على جائزة الدولة التقديرية عن أعماله الأدبية.. لذا كان لـ»مسرحنا» معه هذا الحوار.
• في البداية، ماذا تعني هذه الجائزة بالنسبة لك، لا سيما وقد حصلتم على الكثير من الجوائز الأدبية من قبل؟
جائزة الدولة التقديرية بالنسبة لي بمثابة تكليل للإبداع الذي أنجزته على مدى فترة طويلة من العمر، وبالتالي فهي تتويج لهذا الزمن وهذا الإبداع، وهي تعتبر الجائزة الثالثة التي أحصل عليها من جوائز الدولة، فقد حصلت من قبل على جائزة الدولة التشجيعية، ثم حصلت على جائزة التفوق من الدولة عام 2012 إلى جانب الجوائز الأخرى التي حصلت عليها من جهات أخرى.
• ما أبرز الجوائز التي حصلتم عليها من قبل؟
حصلت على جائزة القصة القصيرة من مجلة القوات المسلحة عام 1960، وجائزة النص المسرحي من منظمة الشباب عام 1967، وجائزة الأدباء الشبان عام 1969، وجائزة مهرجان قرطاج عام 1995، وجائزة أفضل نص مسرحي من هيئة الكتاب عام 1992 عن مسرحية ست الحسن، وجائزة الدولة التشجيعية عام 1984، والتفوق عام 2012، ثم كلل كل ذلك التقديرية التي حصلت عليها هذا العام.
• هل كنت تتوقع هذه الجائزة؟ وكيف تم ترشيحكم لها؟
كان من المفترض أن أحصل عليها من قبل ذلك، فجائزة الدولة التقديرية يتم الترشيح لها من الجهات الثقافية والنقابات الفنية والموسيقية والجامعات ومن الهيئات الثقافية ونقابة اتحاد الكتاب، وغيرها من الجهات الكثيرة التي ترشح الفنانين والكتاب والمثقفين، وأعضاء اللجنة لهم تقديراتهم، وأعتقد أن عدد أعضاء اللجنة نحو 50 عضوا يقومون بالتصويت للمرشحين، وقد حصلت - ولله الحمد - على أعلى الأصوات، وقد كنت مرشحا من قِبل أكاديمية الفنون. فالشكر لكل أعضاء اللجنة والتقدير لكل المثقفين المصريين.
• هل يمكن القول إن هذه الجائزة في مجال الأدب تعدّ انتصارا للنص المسرحي، لا سيما وأنت كاتب مسرحي بالأساس؟
بالطبع، الجائزة في مجال الآداب، وهو ما يعدّ تأكيدا لقيمة النص المسرحي الذي له اعتباره في آداب العالم، بل هو أساس الآداب فالأدب الإنجليزي والألماني وغيره قائم على المسرح. ثم أضيفت له القصة والرواية فيما بعد. بينما الأدب العربي وتراثه قائم على الشعر، وأن يضاف له المسرح فهو مكسب كبير، خاصة وأن توفيق الحكيم واضع حجر الأساس للمسرح العربي ثم أحمد شوقي وعزيز أباظة وصلاح عبد الصبور في المسرح الشعري، لذا أؤكد على أن حصول النص المسرحي على جائزة الأدب مكسب كبير. وقد حصل عليها في الآداب من قبل ذلك من كتاب المسرح ألفريد فرج ونعمان عاشور.
فالنص المسرحي ينتمي للآداب باعتباره نصا مسرحيا، وينتمي للفنون باعتباره عرضا مسرحيا.
• ما رأيكم في الحركة المسرحية الحديثة؟
المسرح الحديث لم يعد يهتم بالنص، وبذلك فقد القيمة الأدبية للنص المسرحي، فالمسرحيات قائمة على الحركة والسينوغرافيا، وهو ما أعتبره من سلبيات الحركة المسرحية الحديثة باعتمادها على تقنيات العرض، في مقابل تراجع مسرح الكلمة، وبذلك فقد المسرح قيمة خطاب العقل والوجدان، إذ إن التقنيات تخاطب الوجدان دون العقل، فالنص المسرحي هو عقل العملية المسرحية وإذا فقدت العملية المسرحية النص فقدت عقلها ولم يعد لها وجود. فالمسرح التقليدي أو الكلاسيكي قائم على نص أدبي. وبذلك يمكن التأريخ لهذا المسرح بالاعتماد على النصوص. بدليل حجب جائزة التأليف في المهرجان القومي للمسرح في دورة سابقة، وهو ما يشير لتراجع دور النص.
• هل من الممكن أن تتم عملية التأريخ للحركة المسرحية الحديثة في ظل التوافر التقني والأرشفة وتصوير العروض المسرحية، من خلال العرض كبديل عن النص؟
العرض المسرحي مرتبط بزمن، تناول نصوص شكسبير مثلا الذي قدم على مدار قرون، في النهاية تلجأ للنص لا للعرض، فالنص له مؤلف واحد وله ألف مخرج، ولا يمكن تدريس ألف مخرج. والعروض نتاج الورش، على سبيل المثال لا يمكن التوثيق أو التأريخ لها، ولكنها موجات تشبه عروض الأزياء طالما قام العرض بدون نص الذي يعد بمثابة العمود الفقري والعقل للعلمية المسرحية.
• لماذا تنحاز لمسرح الكلمة على حساب مسرح الجسد والصورة والتقنيات؟
لأن مجتمعنا المصري يحتاج للمناقشة وللكلمة، ولإعادة صياغة وبناء العقل المصري بالفكر والآداب وخصوصا في ظل مواجهة الدولة للإرهارب والتطرف، فعلى الكتاب والمثقفين الانتباه لخطر جماعة الإخوان التي ارتكبت الكثير من الجرائم ولم يهتم أحد من الكتّاب منذ أربعينات القرن الماضي مرورا بالستينات والسبعينات، وظلت الثقافة المصرية في غيبوبة عن خطورة هذه الجماعة وجرائمها. وقد كتبت 8 نصوص مسرحية لمواجهة خطر التطرف والإرهاب، وعانيت كثيرا لتقديم هذه النصوص، بسبب خوف المسئولين عن المسرح وقتها، وقد سجلت هذه التجربة في كتاب بعنوان «تجربة الكاتب المسرحي» الذي تم نشره ضمن إصدارات الهيئة العامة المصرية للكتاب.
• هل تود الإشارة إلى أن المثقفين والكتاب قد أدركوا خطورة هذه الجماعة بعد مقتل الرئيس السادات؟
بالضبط، فكتب نجيب محفوظ وقتها فقط «يوم مقتل الزعيم»، أقصد أن كبار الكتاب لم ينتبهوا لخطورة هذه الجماعة، وظلت كتاباتهم قاصرة على قضية الحاكم والمحكوم كنعمان عاشور وألفريد فرج وغيرهما. الغريب أن بعض المثقفين حتى الآن ما زالوا متعاطفين مع هذه الجماعة، رغم كل ما يحدث أمام أعينهم من قتل الجنود والضباط، وجميعنا لنا أقارب ضحايا لهذه الجماعة والعمليات الإرهابية.
كتب الشيخ علي عبد الرازق كتاب «الإسلام وأصول الحكم» عام 1924، في أعقاب ثورة 19 الثورة الليبرالية الكبرى التي غيرت الفكر المصري، رافضا نظام الخلافة عندما ألغيت في تركيا، بوصفه نظاما بشريا ليس مقدسا، فاتهمه علماء الأزهر بأنه خارج عن الدين، فلم يكتب عنه ولم يدافع عنه أحد.
• إذن، أنت تشير لأهمية أن ينتبه المثقفون والكتاب المصريون لخطر التطرف والإرهاب، ومواجهته بالفكر، فماذا عن الكتاب العرب؟
هناك من قاومهم كعبد القادر علولة، ومصطفى العقاد، فقُتلوا. ولعل هذا هو ما يجعل المثقفين والكتاب مرتعشي الأيدي، خائفين من المواجهة. وقد لمست ذلك بنفسي عندما تقدمت بنص «الحادثة اللي جرت» عن دور الإخوان في أحداث 11 سبتمبر، لتقديمه في المسرح القومي عام 2001 - 2002، ورفضه مدير المسرح القومي وقتها بحجة أنه يهاجم الإخوان!
• ختاما، أمنياتك لنفسك ولمصر والمسرح المصري..
أتمنى الصحة والذهن الصافي والقدرة على الاستمرار في الكتابة والإبداع، فما زلت مصرا على الكتابة، وأتمنى لمصر أن تهزم الإرهاب فهي تقوم بمهمتها في مواجهة الإرهارب نيابة عن العالم كله، خصوصا بالفكر، لذا أطالب مثقفي مصر أن يهتموا بهذا في الآداب والفنون لمواجهة الفكر المتطرف وتجديد الخطاب الديني والخطاب الثقافي.


عماد علواني