عبد الحسين عبد الرضا .. البرج الرابع (4)

عبد الحسين عبد الرضا .. البرج الرابع    (4)

العدد 618 صدر بتاريخ 1يوليو2019

حط حيلهم بينهم
بعد عام كامل، عرضت فرقة المسرح العربي على مسرح كيفان مسرحية «حط حيلهم بينهم» يوم 4/ 6/ 1968، من إخراج حسين الصالح، وقام بتكوينها سعد الفرج عن إحدى المسرحيات العالمية، وقام بتمثيلها كل من: عبد الحسين عبد الرضا، عبد المحسن الخلفان، خالد النفيسي، يوسف درويش، غانم الصالح، محمد جابر، أميّة المصري، عائشة إبراهيم، مريم الصالح، إلهام مبروك، أحمد إسماعيل، أنيسة الأعظمي، عبد المجيد قاسم، صالح أبو النواس، ابتسام عيسى.
ومن خلال مشاهدة فيديو المسرحية، أقول: إن الفنان عبد الحسين عبد الرضا، حاول أن يضيف إلى رصيده الفني؛ عندما أدى دور العراقي (جلاب) التمرجي في العيادة البيطرية؛ حيث أدى الدور بصورة لا تتناسب مع إمكانياته الفنية الكبيرة، وبالأخص محاولته اتقان اللهجة العراقية وما فيها من مفردات وكلمات مستخدمة في بعض مناحي الحياة، وهو الأمر الذي أشار إليه أحد النقاد – في جريدة صوت الخليج عام 1968 - قائلا: “عبد الحسين عبد الرضا (جلاب) مع أنه ممثل ناجح جدا.. إلا أنه كان ضائعا في شخصية العراقي، صبي عيادة الطبيب البيطري.. وطوال المسرحية كان يردد كلمات معدودة، وقد يكون سبب ذلك عدم معرفته اللهجة العراقية”.
وموضوع المسرحية، يدور حول طبيب بيطري (عبد المحسن الخلفان)، كذب على خطيبته (عائشة إبراهيم) كذبتين: الأولى بأنه طبيب بشري، وليس بيطريا، والأخرى إخفاؤه علاقة غرام، كانت بينه وبين فتاة سابقة (مريم الصالح). وبسبب هاتين الكذبتين، تقع أغلب أحداث المسرحية وبصورة كوميدية، من خلال النتائج المترتبة على خلط المواقف وتضارب المفاهيم، ومنها:
حضور الإعرابي (غانم الصالح) إلى العيادة لعلاج عنزته (صابحة)، أثناء وجود خطيبة الطبيب، التي تشك بأن صابحة امرأة. كذلك حضور امرأة أخرى لعلاج كلبها، أثناء وجود خطيبة الدكتور أيضا، فيتم التعامل مع الكلب على أنه رضيع، حتى لا تكتشف الخطيبة أن خطيبها دكتور بيطري!! هذا بالإضافة إلى دخول أحد جيران الطبيب (خالد النفيسي) في حالة سكر، ظنا منه أن العيادة شقته. وفي أثناء وجود السكير يحضر بعض الزبائن، ويتعاملون معه على أنه الطبيب البشري تارة، والبيطري تارة أخرى. ناهيك بوجود (أمية المصري) المريضة بالأعصاب، والتي تريد العلاج، فتظنها الخطيبة غريمتها (صابحة). كل هذه الأحداث وغيرها، يشترك فيها جلاب التمرجي بالحل تارة، وبالتعقيد تارة أخرى، فينتج عن هذا الخلط، مواقف كوميدية ساخرة، وعبارات ضاحكة، طبقا لأسلوب الفنان عبد الحسين المعروف.
وبقدر الجهد المبذول في هذه المسرحية من قبل الفنان عبد الحسين عبد الرضا، إلا أنني لم أجد مقالات نقدية كثيرة منشورة، تعكس مجهوده فيها، أو تتحدث عن عناصر نجاحها، المتوفرة بالفعل. والتبرير الوحيد – من وجهة نظري - لهذا العزوف النقدي، هو أن عبد الحسين عبد الرضا – صدم الجمهور – عندما رأوه في شخصية غير كويتية، ويتحدث بلهجة غير كويتية كما هو معتاد!! وهذا الأمر أشار إليه عبد الحسين في أكثر من لقاء تلفزيوني، عندما قال: هناك أدوار لا يحب أن يرى نفسه فيها، ويندم على أنه أداها في يوم ما، ومنها دوره في هذه المسرحية!!
من سبق لبق
بعد عشرة أشهر، عرضت الفرقة مسرحية (من سبق لبق) على مسرح كيفان، ابتداء من يوم 19/ 4/ 1969، وأخرجها حسين الصالح، ومثلها كل من: علي البريكي، عائشة إبراهيم، عبد الحسين عبد الرضا، مريم الغضبان، خالد النفيسي، أنيسة الأعظمي، أمية المصري، صالح أبو نواس، إلهام مبروك، فردوس رضا. وتُعدّ هذه المسرحية الثانية في التأليف المسرحي بالنسبة لعبد الحسين عبد الرضا، وكتبها وفقا للموضوعات المحببة للجمهور الكويتي - والمضمون نجاحها - حيث تدور أحداثها حول زوج موسيقار (عبد الحسين عبد الرضا)، الذي يتزوج من (عائشة إبراهيم) زواجا غير مبني على الحب، بل على المصلحة من جهة حماته (مريم الغضبان)، التي تتاجر بزواج ابنتها طمعا في الألف دينار مؤخر الصداق. وبسبب هذا الطمع، نجحت الحماة في تطليق ابنتها من زوجها. فيقوم الزوج بالزواج من أخرى (أمية المصري)، التي يتزوج والدها (صالح أبو نواس) مطلقة زوج ابنته (عائشة إبراهيم)!! ووسط هذه العلاقات المتشابكة، يظهر (علي البريكي) ابن خال الزوج، والذي كان الحبيب الأول لزوجته (عائشة إبراهيم). وكذلك يظهر العم (خالد النفيسي) وابنته (فردوس رضا) فتزداد الأحداث تشابكا وتعقيدا.
ومن الواضح أن عبد الحسين عبد الرضا، كتب نص المسرحية وأدخل فيه كافة عناصر النجاح المعتادة، والمتوفرة في عروضه السابقة، ومنها: العلاقات الاجتماعية المعقدة، التي ينتج عنها مواقف كوميدية ساخرة. هذا بالإضافة إلى زيادة جرعة الأغاني البسيطة. وخلاصة القول إن عبد الحسين أراد – من تأليف المسرحية وتمثيلها - أن يضمن أكبر دخل مادي لشباك تذاكر الفرقة، حتى ولو كان العرض عبارة عن تكرار لأفكار عروضه السابقة وتمثيلها. وهذا النقد تم توجيهه إليه في حينه، فرد على ذلك - في جريدة الرسالة عام 1969 - قائلا:
“إننا مسرح أهلي، تتحكم فينا الميزانية. نحن ندفع إيجار المقر ثلاثة آلاف دينار سنويا، وألفي دينار رواتب ومصروفات يومية، ونصرف على العمل أكثر من ألف دينار، والجميع يعلمون ذلك.. فماذا يبقى من رصيد المسرح، فكيف نستطيع أن نقدم عملا تراجيديا؟ إننا مضطرون لأن نقدم أعمالا فكاهية، يقبل عليها الجمهور إننا نطلب الشباك.. إن الشباك هو الأمل الوحيد لبقاء الفرقة تمثل وتقدم مسرحيات.. شباك التذاكر هو الذي يغطي مصاريف الفرقة ومكافآت الأعضاء. وإذا أريدت الأعمال الجادة فلترصد الحكومة ميزانية عشرين ألف دينار، ونحن مستعدون أن نقدم مسرحيات درامية”.
والجدير بالذكر إن مسرحية (من سبق لبق)، كانت أول مسرحية تعرضها فرقة المسرح العربي خارج الكويت – بعد إشهارها كفرقة أهلية – وذلك في المهرجان الفني العربي الأول الذي أقامته نقابة الفنانين في الجمهورية العربية السورية بدمشق في مايو 1969. وعندما عُرضت في دمشق، كتب عنها أحد النقاد كلمة – في جريدة صوت الخليج - قال فيها: «عبد الحسين عبد الرضا يمتلك موهبة عجيبة في التلوين الصوتي وشديد المحافظة على حركة الاندماج العام.. لقد (سرق المشاهدين) من زملائه في أكثر من موضع.. ولقد أثبت عبد الحسين في هذه المسرحية أنه ملك المسرح الكويتي ودون منازع.. هذا ما قاله أغلبية الفنانين العرب في القطر الشقيق».
الليلة يصل محقان
هذه المسرحية عرضتها الفرقة - بعد ثمانية أشهر من سابقتها – على مسرح كيفان، وتحديدا يوم 10/ 12/ 1969، وقام بتكويتها محمد جابر عن نص عالمي مُترجم، وأخرجها حسين الصالح، وقام بتمثيلها: سعد الفرج، عبد الحسين عبد الرضا، زكية صالح، أميّة المصري، مريم الصالح، صالح حمد، عائشة إبراهيم، يوسف درويش، حمد ناصر، عبد الجبار عبد المجيد. ومن خلال مشاهدة فيديو العرض، نستطيع أن نؤكد أن الفرقة – تبعا لأقوال عبد الحسين عبد الرضا السابقة – كانت تهتم بشباك التذاكر وما يجلبه لها من مال، يضمن استمرار عروضها، أكثر من أي غرض آخر. فهذه المسرحية لا تختلف كثيرا عن سابقاتها؛ كونها تعتمد على كوميديا الموقف، والعلاقات الاجتماعية المتشابكة، التي يتألق فيها عبد الحسين، ويبرز فيها قدراته الفنية.
فأحداث المسرحية، تدور حول مدير شركة (سعد الفرج)، يرسل إلى عمه – صاحب الشركة - في الهند (صالح حمد: محقان) صورة سكرتيرته (أمية المصري)، ويخبره كذبا بأنها زوجته وأنه أنجب منها طفلا، حتى يعطف عليه العم ويكتب الشركة باسمه. وبعد أيام يتزوج موظف في الشركة (عبد الحسين عبد الرضا) من هذه السكرتيرة، وفي ليلة الزفاف تصل برقية من الهند تقول بأن العم (محقان) صاحب الشركة سيصل اليوم. وهنا يتفق مدير الشركة مع الموظف العريس – في ليلة زفافه – أن يقرضه زوجته يوما واحدا، حتى تمثل دور الزوجة أمام العم، لأنه أرسل صورتها إليه. وبعد أن يوافق الزوج والزوجة على هذه التمثيلية مقابل ألف دينار، يقع الجميع في مشكلة الطفل!! وبعد تفكير، يتم حل المشكلة بإيجار طفل مقابل مائة دينار؛ ولكن والد الطفل يأخذه قبل إتمام التمثيلية كاملة أمام العم. فيضطر الزوج – عبد الحسين عبد الرضا – أن يخطف طفلين من الشارع كانا يلعبان، ويأتي بهما إلى العم. ولسوء الحظ يموت طفل منهما، ويتهم الزوج بقتله وتأتي الشرطة للقبض عليه. وبجانب هذه الأحداث الأساسية، تأتي أحداث فرعية، منها: وجود مربية للطفل (مريم الصالح)، التي تقع في غرام الزوج، هذا بالإضافة إلى وجود ابنة العم (عائشة إبراهيم) التي تقع في غرام أي رجل تقابله.
والفنان عبد الحسين عبد الرضا، كان بؤرة هذه الأحداث الاجتماعية المتشابكة والمعقدة، الناتجة عن كذبة عابرة، وما نتج عنها من حوادث ومواقف كوميدية لا حصر لها. ناهيك بالألفاظ والعبارات، التي يُبدع فيها الفنان عبد الحسين عبد الرضا دائما، بالإضافة إلى إجادته تأليف بعض الأغاني الارتجالية البسيطة، وتلحينها بصورة عفوية؛ حيث نجح في هذا العرض من الغناء باللهجة الهندية، أضافت جوا من المرح والسعادة على الجمهور.
القاضي راضي
بعد ستة أشهر من عرض (الليلة يصل محقان)، وتحديدا في يوم 24/ 6/ 1970 والأيام التالية، قدمت الفرقة على مسرح كيفان مسرحية (القاضي راضي)، أعدها محمد جابر، وأخرجها حسين الصالح، ومثلها كل من: عبد الحسين عبد الرضا، صالح حمد، محمد جابر، عائشة إبراهيم، غانم الصالح، مريم الصالح، كاظم القلاف، عبد المجيد قاسم، جوهر سالم، عباس عبد الرضا، يوسف درويش.
ومن خلال مشاهدة فيديو العرض، أقول: إن هذه المسرحية، تُعدّ تكرارا لأغلب العروض السابقة، التي تعتمد على الكوميديا، والاهتمام بنجومية الفنانين – وبالأخص عبد الحسين - من أجل شباك التذاكر. فموضوعها يدور حول الشاب الوسيم (عبد الحسين عبد الرضا)، الذي ينفق بسخاء على كل فتاة يُعجب بها، معتمدا على مال عمه الثري في السعودية، الذي يأتيه في شكل راتب كل شهر. وفجأة يتوقف الراتب، فيقترض الشاب من كل أصدقائه الديانة – أو أصحاب الثقة – وتتراكم عليه الديون، فتهرب منه الفتيات وبالأخص قريبته سويرة (عائشة إبراهيم). وحتى تتأزم حياته تأتي سعاد (مريم الصالح) وخطيبها مرزوق (غانم الصالح)، ويأخذان بيته بأمر من عمه الثري، لأن العم تزوج من شقيقة سعاد في السعودية. فيقرر الشاب أن يسافر هربا من ديونه، ويوقع عقد عمل في كوالالمبور، وصاحب العمل اشترط عليه السفر في الغد، شريطة أن يكون متزوجا. فيظل الشاب يتصل بكل فتاة تعرف عليها من أجل الزواج بها خلال ساعات تنفيذا لشرط عقد العمل، ولكنهن يتهربن منه عندما يعلمن بإفلاسه. وبعد عدة لقاءات كوميدية بينه وبين صاحبة البيت الجديد (سعاد)، تقع في حبه، وتترك خطيبها، وتقرر الزواج منه والسفر معه. وعندما يأتي القاضي (عبد المجيد قاسم) لعقد القران، يأتي الخبر بأن العم الثري مات، وترك للشاب ميراثا يقدر بمئات الآلاف من الدنانير، بالإضافة إلى عدد من العمارات، ورغم ذلك يعقد الشاب قرانه على سعاد، ويقرر السفر إلى كوالالمبور للعمل، حتى يبني نفسه وتستقيم حياته، أما الميراث فسيحتفظ به للمستقبل.
والواضح من أحداث المسرحية، أن هذا هو اللون المسرحي، الذي يجد فيه عبد الحسين قدراته ومهاراته الفنية، مما يعني أن هذا العرض هو تكرار للعروض السابقة، التي تعتمد على كوميديا الموقف واللفظ الناتجة عن العلاقات الاجتماعية المتشابكة، والمواقف المعكوسة، والمفاهيم المغلوطة.. إلخ. وبسبب هذا التكرار، لم أتفاجأ بعدم وجود أثر نقدي مكتوب عن هذا العرض في صحافة زمانه؛ لأن العرض جاء بصورة مخالفة لما ذكره المخرج – حسين الصالح – في كلمته المنشورة في برنامج المسرحية، عندما أشار إلى أن الجمهور «سيشاهد مسرحية مختلفة في مضمونها عن مضامين المسرحيات التي قدمها من قبل».
حط الطير طار الطير
الإخفاق الذي أصاب عرض (القاضي راضي)، تحول إلى نجاح كبير في العرض التالي، وهو مسرحية (حط الطير طار الطير)، التي عرضتها الفرقة على مسرح كيفان يوم 15/ 3/ 1971 – والأيام التالية – من تأليف عبد الأمير التركي، وإخراج حسين الصالح، وقام بتمثيلها كل من: عبد الحسين عبد الرضا، سعد الفرج، غانم الصالح، فؤاد الشطي، مريم الصالح، عائشة إبراهيم، جوهر سالم، محمد جابر، على البريكي، أحمد الراشد، أمية المصري.
وهذه المسرحية نجحت؛ لأنها تُعدّ أولى خطوات اهتمام عبد الحسين عبد الرضا بمسرح القطاع الخاص - الذي سيتجه إليه فيما بعد – ولأنها تُعدّ أيضا أول مسرحية مطعمة بنكهة سياسية كوميدية. وهذا الأمر يعود الفضل فيه إلى مؤلف النص عبد الأمير التركي؛ حيث إنها أول مسرحية تمثلها الفرقة من تأليفه. هذا بالإضافة إلى بدء المسرحية بأغنية جماعية من تلحين أحمد باقر، وهو أسلوب مستحدث في العروض المسرحية!! وهذا التغيير – أو التطوير – كان مطلوبا؛ حيث إن أغلب العروض السابقة مكررة شكلا ومضمونا، وأصبحت أدوار عبد الحسين – معروفة أو متوقعة من قبل الجمهور - لا تجديد فيها أو تغيير، رغم نجاحها جماهيريا.
والمسرحية تدور أحداثها حول شقيقين (عبد الحسين وسعد الفرج)، حيث يقوم سعد بالاستيلاء على ميراث أخيه، وينفق بسخاء، ويرسل ابنه وابنته (علي البريكي ومريم الصالح) للدراسة في أوروبا والحياة فيها، بعكس شقيقه الفقير (عبد الحسين) الذي يعيش في فقر هو وزوجته (عائشة إبراهيم) وابنه (جوهر سالم). ويتفق الشقيقان – لإنهاء النزاع على الميراث – بتزوج ابنة الشقيق الثري بابن الشقيق الفقير. وبصورة مفتعلة، يتم تسعير بيت الفقير ويصبح من الأغنياء، ومن أصحاب الشركات، ويقوم بمناقصات ومضاربات مع شقيقه، ويملكون السوق، ويتحكمون في الفقراء، ويزوجون هذا من هذه، ويطلقون هذه من هذا من أجل مصلحة أعمالهما. وهذا الأمر يحدث مع أولادهما، فيضطر الشقيقان إلى ممارسة اللعبة نفسها مع أولادهما – من حيث الزواج أو الطلاق – من أجل مصلحة مشاريعهما.
وتألق في هذا العرض – من خلال مشاهدة الفيديو - عبد الحسين عبد الرضا كعادته؛ ولكن تألقه كان مختلفا؛ لأنه لم ينتج عن تشابك العلاقات الاجتماعية، أو نتيجة كوميديا الموقف واللفظ، بل كان بسبب الغمز واللمز في أمور السياسة والاقتصاد والاجتماع!! فهذه المسرحية تعرضت – ولأول مرة وبصورة واضحة وكاشفة – إلى ما يحدث في الحياة السياسية والاقتصادية في الكويت، وما يحدث في مجالس إدارة الشركات، ومجلس إدارة الفريج، الذي يرمز إلى مجلس الأمة!! ومن خلال التعرض إلى هذه الأماكن والهيئات بصورة كوميدية، نسمع من خلال حوار الممثلين عن: معنى الديمقراطية، والباب السري، والباب الاستثنائي في الميزانية، وإدارات الصحف التي تُباع وتُشترى من أجل رفع بعض الشخصيات من أجل كسب الثقة والأصوات. وكذلك تعمدت المسرحية فضح بعض الممارسات، مثل: قيام بعض الصحف بالكتابة عن أحداث لم تحدث، وقيام بعض رؤساء التحرير بتأجير من يكتب لهم. وقيام بعض المهندسين بهدم البيوت وبناءها مرة أخرى من أجل السرقة والانتفاع. وكذلك التعرض إلى المشاريع والمناقصات المشبوهة التي تتم بصورة مريبة بين رؤساء مجالس الإدارات. وأخيرا تعرضت المسرحية إلى مجلس الفريج – الذي يرمز إلى مجلس الأمة – والذي تسمع في جلساته الخطب الرنانة شكلا، خالية المعنى والهدف مضمونا!!
الغريب أن ما تم عرضه في هذه المسرحية، هو الذي سمحت به الرقابة؛ مما يعني أنها منعت الأخطر منه!! يقول حسن يعقوب العلي – في جريدة الرسالة عام 1971 – بهذا الخصوص: «هذه المسرحية صادفت من العقبات التي كادت تحول دون عرضها الشيء الكثير. كما اضطر المسرح لإجراء بعض التعديلات عليها تلبية لرغبة الرقابة مع تغيير اسمها الأصلي (البيان)».


سيد علي إسماعيل