جولة في شارع المسرح الأمريكي تنازلات مطلوبة حتى يبدأ العرض

جولة في شارع المسرح الأمريكي تنازلات مطلوبة حتى يبدأ العرض

العدد 611 صدر بتاريخ 13مايو2019

المسرحية هي أحدث إنتاجه المسرحي وهي عبارة عن معالجة مسرحية لقصة «أن تقتل طائرا طنانا» أحد أبرز أعمال الأديبة الراحلة «هاربر لي» (1926 - 2016) التي نشرتها عام 1960 في بدايات حياتها الأدبية. وتعد هذه القصة من عيون الأدب الأمريكي وتحقق مبيعات كبيرة حتى الآن بين الشباب بوجه خاص. وتحولت إلى فيلم عدة مرات وإلى مسلسل.
تدور أحداث القصة على مدى 3 سنوات (1933 - 1935) في ولاية ألاباما التي ولدت فيها المؤلفة – وماتت فيها أيضا – وهي تعالج الظلم الذي تعرض له السود خلال فترة الكساد الكبير الذي ضرب الولايات المتحدة. وتُروى أحداثها على لسان طفلة في السادسة من عمرها اسمها لويز فينش تعيش بعد وفاة والدتها مع شقيقها الأكبر جيم وأبيها أتيكوس الذي يعمل محاميا. ويوجه الاتهام إلى مواطن أسود يدعى توم روبنسون باغتصاب فتاة بيضاء ويتم انتداب الأب من جانب المحكمة للدفاع عنه، رغم ما تعرض له من نقد حاد من سكان البلدة. وتتعرض الطفلة راوية القصة وشقيقها للسخرية والإهانة من الأطفال الآخرين ويتعرض الأب نفسه لمحاولات إحراقه، ومع ذلك تناشد الطفلة أباها عدم الانسحاب من المرافعة لأنها تشعر ببراءة المتهم، ومع ذلك يصر الأب على الدفاع عن المتهم حتى تثبت براءته ويشعر أهل البلدة بخطئهم.
لكن المفاجاة أن المحكمة لم تبرئ المتهم بل أصرت على استمرار سجنه. وحاول المتهم الهروب فيلقى مصرعه وتقتل الفتاة التي كان متهما باغتصابها وتتوالى الأحداث.

حل وسط أفضل
وبعد 60 سنة من صدور القصة قرر سوروكين (58 سنة) تحويلها إلى عمل مسرحي لما لمسه فيها من قيمة فنية واجتماعية. وكان هناك سبب آخر وهو عشقه لكتابة المسرحيات والأفلام والمسلسلات التلفزيونية البوليسية والقضائية التي تدور أحداثها في أروقة المحاكم. وله عدد من الأعمال الدرامية الأخرى الشهيرة مثل مسرحية «رجال طيبون قليلون» التي تدور حول العدالة في صفوف الجيش والشرطة.
وهذه المرة لم تدر الأحداث القضائية على خشبة المسرح فقط بل دارت في الحياة الفعلية، فقد رفع ورثة الأديبة الراحلة (لم تتزوج ولم تنجب) دعوى قضائية ضد سوروكين – الفائز بالأوسكار وبجائزة إيمي المخصصة للأعمال التلفزيونية ولم يفز بعد بأي جائزة مسرحية - يتهمونه فيه بتشويه النص الأصلي لمورثتهم في المعالجة المسرحية ويطلبون منه تعويضا ضخما ويطالبون أيضا بمنع عرض المسرحية على مسارح ولاية نيويورك بأسرها وليس برودواي فقط. ولا يعرف كيف توصلوا إلى ذلك رغم أن العرض الجماهيري للمسرحية لم يكن قد بدأ بعد، وربما شاهدوها في عرض تجريبي أو قدم إليهم النص عندما عرض عليهم شراء حق عرض الرواية على المسرح.
وجاء في الدعوى القضائية أن المعالجة لم تعبر بصدق عن معظم شخصيات العمل وأساءت إليها خاصة شخصية المحامي النبيل أتيكوس. ورد سوروكين في البداية بدعوى قضائية مضادة أكد فيها رفضه لهذا الاتهام، وقال إنه اعتاد احترام النصوص الأصلية في معالجاته المختلفة سواء في المسرح أو التلفزيون لكنه في النهاية غير ملزم بتقديم «قطعة متحفية»، على حد تعبيره، أو جولة ميدانية في العمل الأصلي، بل هناك اعتبارات كثيرة تمليها الدراما بكل أشكالها ولا بد من مراعاتها.
وأدرك الطرفان عدم جدوى الدعاوى القضائية، ووافق سوروكين على إجراء بعض التعديلات التي طلبها الورثة. لكنه أصر على بعض مطالبه مثل توسيع مساحة دور الزنجي المتهم والخادمة الزنجية في منزل المحامي الذي قام بدوره جيف دانيلز، وهي الشخصية التي جسدها في المعالجة السنيمائية للقصة جريجوري بيك، كما أسند شخصيتي الطفلة وشقيقها إلى ممثلين من المراهقين وهو أسلوب شائع في مسرحياته. وبدأ العرض وحضر عدد من الورثة افتتاحه.
وأشاد النقاد بالعرض حيث رأوا أن سوروكين أجاد في الحوار الذي جاء راقيا كما هي العادة في أعماله، وأجاد فيه دانيلز وعدد من الممثلين، منهم من جسد شخصية الزنجي المتهم، ومن جسدت شخصية الخادمة، والمراهقة التي جسدت شخصية الابنة.

عندما تجتمع الصداقة والتكنولوجيا
الكاتب انتحر وحرم المسرح من إبداعاته
وعلى مسرح لوسيام في برودواي بدأ عرض المسرحية الموسيقية «كن أكثر برودا» المأخوذة عن قصة بالاسم نفسه للكاتب «نيد فيزيني»، وفيزيني صاحب قصة حياة تستحق أن تكون مسرحية في حد ذاتها، فهو من مواليد عام 1981 وتوهجت موهبته مبكرا حتى إن أولى قصصه خرجت إلى الحياة وهو في العشرين من عمره. وتصنف قصته «أنها نوع من القصص المرحة» كواحدة من أفضل 100 قصة من الأدب الأمريكي. وتميز فيزيني بغزارة إنتاجه الأدبي رغم أنه لم يكن متفرغا للأدب لأنه أصلا حاصل على شهادة في علوم الكومبيوتر وكان يمارس عمله في هذا المجال.
لكنه بدأ يشكو من آلام نفسية يعانيها سواء بينه وأصدقائه أو حتى في الحوارات الصحفية والتلفزيونية. وفوجئ به الجميع يموت منتحرا عن عمر قصير لا يتجاوز 32 عاما بعد أن ترك 6 قصص إحداها القصة التي نعرض لها اليوم بعد أن تحولت إلى مسرحية.
تدور المسرحية التي كتب لها النص المسرحي مايكل برلين حول شاب أخرق جسد شخصيته «ويل رولاند» تتغير حياته عندما يبتلع جهاز كومبيوتر صغيرا عن طريق الخطأ، مما يعطيه قدرا أكبر من الثقة في نفسه ويجعله يتخلى عن حماقاته.
احتاجت المسرحية إلى 3 مؤلفين لكتابة أغانيها وكان الثلاثة يشتركون في كتابة الأغنية الواحدة، وعهد بتلحينها إلى موسيقار شاب هو جو إيكونيس البالغ من العمر 37 عاما، ويقول إيكونيس إن أهم حافز له في وضع ألحانه التي أشاد بها النقاد كان رغبته في إحياء ذكرى صديقه الراحل فيزيني الذي كان في نفس سنه وأنهى حياته مبكرا بيديه دون مبرر، ويمضي قائلا إنه ركز في التوزيع الموسيقي على الطبول وآلات النقر الأخرى بشكل خاص لأن صديقه الراحل أو المنتحر كان يحبها ويرى فيها قدرة عالية على التعبير.. ونال ذلك إعجاب النقاد والجماهير وساهم في التعبير عن الفكرة.
انتشار
ويقول إنه سعيد للغاية بالحديث عن المسرحية الذي ينتشر في الصحف والقنوات التلفزيونية التي زاد عددها عن 250 قناة من بين أكثر من 400 قناة في الولايات المتحدة. هذا رغم أنه استخدم بعض الأساليب القديمة التي يعود تاريخها لأكثر من خمسين عاما لكنه أجاد تطويعها.
أما رولاند الذي أجاد تجسيد شخصية البطل فأعرب عن سعادته بهذا الدور لأنه المرة الثانية التي يقف فيها على خشبة المسرح في برودواي عاصمة المسرح الأمريكي، وكانت المرة الأولى في مسرحية موسيقية أخرى هي «عزيزي إيفان هانسن» التي فاز عنها بجائزة توني المسرحية المرموقة. ويصف نفسه بأنه أكثر شخص محظوظ في العالم بعد أن ظل لعدة سنوات لا يقدم أي مسرحية ولا يعرض عليه سوى أدوار هامشية في السنيما والتلفزيون.


نورا أمين