مدير إدارة المسرح أحمد بو رحيمة: حين تشارك مصر معنا نكون نحن الممتنون لها

مدير إدارة المسرح  أحمد بو رحيمة: حين تشارك مصر معنا نكون نحن الممتنون لها

العدد 607 صدر بتاريخ 15أبريل2019

يشغل عدة مناصب مهمة فهو مدير عام قسم المسرح بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، عضو اللجنة العليا المنظمة لمهرجان الإمارات لمسرح الطفل، مدير مهرجان أيام الشارقة المسرحية، رئيس تحرير مجلة المسرح التي تصدرها دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة.
ارتبط اسمه بمعظم الإنجازات المسرحية التي شهدتها الساحة المسرحية المحلية في الإمارات وخصوصا إمارة الشارقة. فهو ليس من أكثر الشخصيات المحبوبة في الإمارات فحسب، بل على مستوى الوطن العربي لعشقه الكبير للمسرح وشغفه بمواكبة كل جديد على الساحة المسرحية، وكل ما من شأنه تطوير المسرح وتنميته وازدهاره.
مع الكاتب المسرحي الكبير أحمد بو رحيمة كان هذا الحوار الذي تم أثناء انعقاد الدورة التاسعة والعشرين لأيام الشارقة المسرحية.
• ما هي أنشطة إدارة المسرح بدائرة الثقافة والفنون والآداب بالشارقة؟
مع بداية الصيف تبدأ إدارة المسرح التحضير لورش مسرحية، من أجل المشاركة في مهرجان كلباء المسرحي، وهو مخصص للهواة، من خلال ثلاثة مسارات أو عناصر رئيسية تمثل عناصر العرض المسرحي حيث ورشة للإخراج وورشة للسينوغرافيا وورشة للتمثيل، واعتدنا في هذا المهرجان أن نقدم التجارب العاملية فقط من أجل المشاركة بها وأهم ما يميز هذا المهرجان أنه ليس للفرق وإنما للأفراد، فكل من لديه مشروع مسرحي يتقدم به ونركز أيضا على المخرج لأنه مختبر فكل من لديه فكرة ويريد أن يجرب نفسه كمحرج فليتقدم، وهو لكل العاملين في الوسط المسرحي وليس به أية شروط سوى أن يكون العرض باللغة العربية الفصحى ونفضل أن يكون النص المقدم من النصوص العالمية حتى يتعرف الشباب على الثقافة العالمية باعتبار أن هذا الفن هو إنساني، وأن يقوم بإعداده على ألا يزيد زمن العرض عن ثلاثين دقيقة، وفي كل دورة نقدم لهم مقترحات بنصوص ويبدأ المهرجان عادة في سبتمبر، ويبدأ معنا الموسم المسرحي.
ثم ننتقل إلى مهرجان آخر ويكون في ديسمبر، مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي، وهي تجربة مختلفة عن كل التجارب المسرحية على مستوى الوطن العربي، حيث نقدم عروضا مسرحية في الصحراء، واللافت في هذا المهرجان أنه يلاقي إقبالا جماهيريا منقطع النظير فيشاهد العرض المسرحي في اليوم الواحد ما لا يقل عن ستة آلاف متفرج، وبالتالي نقدم تجارب جديدة، ولا تقتصر المشاركة فيه على دولة الإمارات وإنما في كل دورة يشارك خمسة عروض مسرحية من دول عربية مختلفة، وفي الدورة الأخيرة كانت مصر مشاركة بمسرحية «عنتر وعبلة» التي قدمها الدكتور جمال ياقوت من الإسكندرية وقدم عرضا متميزا، ملحمة مسرحية جميلة تتواكب مع فكرة المهرجان، وهي البحث في الوطن العربي عن هذا الفن الجميل من خلال تجربتنا وتراثنا، وهذا المهرجان غير قاصر على العروض المسرحية وإنما يقدم أيضا ثقافة كل دولة في هذه الصحراء، فمثلاً صحراء مصر تتشابه مع الصحراء في أية دولة أخرى ولكن الاختلاف في المسميات وطبيعة كل دولة، فعرض ثقافة الدول المشاركة تبدأ من بعد الظهر حتى المساء حيث يتم تقديم كل ما يعبر عن ثقافة الشعوب المادية والمعنوية ليس في العموم وإنما ما يلتقي بالبدو في الصحراء، هذا المهرجان يستمد حكاياته من البيئة نفسها وخصوصياتها، ويوجد مسار آخر نبحث من خلاله علاقة المسرح العربي بالمسرح الصحراوي، وهو يقدم على مسرح ولا يحتاج لديكور فالعروض تقدم في الصحراء والتلال الرملية هي سينوغرافيا العرض، ويستخدم مفردات البيئة من الخيام والمواشي والمأكولات وكل ما يتعلق بالصحراء وهو من المهرجانات المتميزة التي تلاقي استحسانا جماهيريا، فنحن نذهب إلى الجمهور في الوقت الذي يتجه فيه أهل الإمارات إلى الصحراء لقضاء إجازات المدارس، وبالتالي يوجد أعداد كبيرة جدا، مما يجعل لهذا المسرح دورا آخر في منتهى الأهمية هو نشر الثقافة المسرحية على المستوى الجماهيري، فنقدم لهم فندقا صحراويا يضم أكثر من ستمائة خيمة لكل العائلات المشاركة وتقدم لهم كل الخدمات بالمجان، وهذا طبقا لتعليمات صاحب السمو الشيخ سلطان القاسمي أن نصل للناس من خلال الترويج للمسرح لدى كل أطياف المجتمع.
بعد ذلك يأتي مهرجان المسرح الكشفي وهو نوعي أيضا، فالمتتبع للحركة المسرحية الإماراتية يجد أن أغلب نجومها وفنانيها اليوم كانوا من طلبة الكشافة وتم اكتسابهم من خلال المسامرة الكشفية التي ترتبط بالارتجال، وقد انتهينا من الدورة التاسعة ونستعد للدورة العاشرة، أخذنا مسارا آخر لهذا النوع من السمر وبدأنا نعمل مع الكشافة على المسرح التفاعلي وكيفية تقديمه، وهناك منافسة بين الفرق المشاركة من أجل تقديم نوع آخر مختلف في إطار نشر الثقافة المسرحية للشباب الموجودين بالكشافة، والجميل الآن أن شباب مهرجان كلباء ومهرجان الكشافة بدأوا يندمجون في الحركة المسرحية بالإمارات وأغلبهم موجودون الآن في مهرجان أيام الشارقة المسرحية، فهو الذي يتوج كل الجهود المسرحية بدولة الإمارات.
بعد ذلك ننتقل إلى المنطقة الشرقية بمهرجان كرنفالي يكون دائما في الجمعة الأخيرة من شهر يناير يشارك فيه الكثير من الفعاليات الثقافية والفنية فهو غير قاصر على المسرح وإنما الفنون الشعبية، الموسيقى، الخيالة، السيارة، فهي مسيرة كرنفالية يشارك فيها أهالي المنطقة أيضا، وبعد أن نجوب شوارع المدينة ننتقل إلى شاطئ البحر، حيث يوجد هناك ثلاثة مسارح مختلفة، هذه الفكرة تبدأ من الثالثة بعد الظهر إلى الثالثة بعد منتصف الليل، ونقدم فيها بانوراما من إنتاج مسرح الإمارات: أيام الشارقة، مسرح الطفل، الجماهيري التفاعلي، وكل ما يقدم في الشارقة والإمارات يقدم في هذه المسارح الثلاثة، وهناك الكثير لدعم هذه الفعالية منها مشاركة المدارس والجامعات وكل مؤسسات الدولة، والجمهور العام.
ننتقل إلى مدينة دبا الحصن لنقدم مهرجانا مختلفا وهو مهرجان دبا الحصن للمسرح الصناعي، الذي يعتمد على شخصيتين فقط من أجل خلق نوع مختلف من التواصل مع الجمهور المختلف، ومن أجل أن نقدم شكلا جديدا من المسرح، وهو أيضا يعتمد على مشاركة عربية.
وبعد الانتهاء من هذا المهرجان نرجع إلى الشارقة ونقدم مهرجان أيام الشارقة للمسرح الخليجي، وهو يعتمد على مشاركة كل الدول الخليجية، وهو أيضا بوابة أخرى لتلاقي فناني الخليج بالشارقة ونشر هذه الثقافة والتفاعل ودعم الفنان الخليجي، هذا المهرجان يقدم بكثير من السخاء والكرم من صاحب السمو حاكم الشارقة، حيث تنتج العروض لتقدم خصيصا لهذا المهرجان، ويصاحب كل هذه المهرجانات ملتقيات فكرية منها: ملتقى الشارقة للبحث المسرحي، وفي دبا الحصن ملتقى آخر للمسرح العربي، وأيضا في المسرح الخليجي يوجد ملتقى فكري يناقش كل ما يتعلق بالمسرح الخليجي.
ثم أيام الشارقة المسرحية التي تقدم في مارس من كل عام، وله ثلاثة مسارات: مسار للعروض المسرحية المحلية، مسار المجال العربي من خلال الملتقيات والندوات الفكرية، مسار ملتقى الأوائل للمسرح العربي الذي نلتقي فيه بهؤلاء الشباب الأوائل الحاصلين على المراكز الأولى بالمعاهد والأكاديميات العربية حتى تكون انطلاقتهم من أيام الشارقة المسرحية، وهو برنامج منفصل، فنحن دائما نعمل من أجل الشباب ومن أجل انخراطهم في الحركة المسرحية العربية من خلال بوابة أيام الشارقة المسرحية.
بعد أيام الشارقة لدينا مشروع كبير جدا وهو مشروع المسرح المدرسي وهو يبدأ بالتوازي مع بداية العام الدراسي إلى أن ينتهي من خلال تبني الطاقات من النشء، وفي هذا المجال لا نركز على البحث عن فنان وإنما نقدم شخصية إماراتية ملتزمة تتذوق الفنون، فإذا تذوق الطالب للفنون تسمو شخصيته، فنحن نسعى لبناء شخصية مثقفة مطلعة متذوقة لكل الفنون على اعتبار أن الفن المسرحي يشمل الكثير من الفنون، وإذا ظهر الفنان الموهوب نأخذ بيده ونعمل على تنمية موهبته، وسوف يدعم هذا الاتجاه افتتاح أكاديمية الفنون بالشارقة التي ستفتتح قريبا بإذن الله.
• كيف تدير إدارة واحدة كل هذه المهرجانات؟
بالمحبة والمتعة، فنحن لدينا فريق متمرس وكل واحد متخصص في مجال يقوم به، وبالتالي الأمور تسير كالساعة، وكل يعمل حسب رؤية واضحة المعالم، ويجمع بينهم المحبة والثقة والتفاهم، وبالدعم السخي من صاحب السمو وهي الخطوة الأولى والأهم، التي تشعرنا بالمسئولية وتجعلنا نعمل بمتعة ومحبة.
• ماذا يميز هذه الدورة عن الدورات السابقة؟
المهرجانات عموما مرتبطة بالإبداع وليس بالتنظير، فعندما يكون المبدع متميزا في أطروحاته، ونحن دائما نراهن على تراكم التجربة، فالآن التجربة في دورتها التاسعة والعشرين ولديها لائحة تنظيمية تحدد مسار الاتجاه، وأعتقد ما يميز الدورة الآن هو وجود أسماء جديدة، فالعرض الذي شاهدناه اليوم على سبيل المثال كل المشاركين فيه يمثلون لأول مرة وليس لهم تجارب مسرحية أخرى، ومع ذلك قدموا عرضا متميزا وكان حضورهم طاغيا، فنحن نرعاهم من المسرح المدرسي حتى يصلوا لهذه المرحلة من الاحترافية، وبالتالي هذه التجربة التراكمية التي وصلنا بها إلى المحطة الأخيرة الاحترافية في أيام الشارقة المسرحية.
• ألاحظ أن مصر هي أكبر دولة مشاركة من حيث العدد والمشاركة في فعاليات المهرجان..
هذا الموضوع لم يأتِ بالصدفة، فمهما كبرنا ومهما حققنا سنظل مدينين لجمهورية مصر العربية وللمسرح المصري وللمصريين كلهم، فأول من أخذ بأيدينا في هذه الحركة المسرحية في دولة الإمارات كان سعيد غنيم عندما عمل بمسرحية شارك فيها وقتها صاحب السمو حاكم الشارقة، هذه المسرحية هي «جابر عثرات الكرام» في عام 1957، وهي الانطلاقة التي يشهدها التاريخ للحركة المسرحية الإماراتية، وأيضا هناك المحبة التي تجمعنا بمصر، وكذلك توافر الخبرات المسرحية المصرية في كل المجالات، فهي أكبر الدول العربية التي تتوفر بها الخبرات المسرحية، وبالتالي عندما تشارك مصر معنا نكون نحن الممتنين لها.
وقد أصبح اليوم لدينا الكثير من المكتسبات لعل أهمها تدريس مادة الدراما في المدراس من بداية المرحلة الابتدائية حتى نهاية الصف الثاني عشر، وبالتالي في الفجر الجديد سوف يتحقق أكثر من خلال أكاديمية الفنون الأدائية في الشاركة وهذا العمل يحتاج إلى جهد، والبحث الدائم من أجل تجريب وتجويد الحركة المسرحية.
• أرى أن جميع الضيوف مشاركين في فعاليات المهرجان، فلا يوجد ضيف بلا عمل..
هذا جانب مهم من جوانب المهرجان، فنحن نستفيد بخبرات الضيوف في مختلف المجالات المسرحية وإثراء الندوات الفكرية، كذلك التغطية الإعلامية حيث ستجدين عددا كبيرا من الإعلاميين من أجل نشر هذه االفعالية في الوطن العربي، فالدعوات الشرفية موجودة أيضا، لكننا نحرص على استفادة الجميع من خلال تبادل الخبرات بينهم، فيجب أن يكون هناك تلاقح فكري بين ضيوف المهرجان ومسرحيي الشارقة، وهي فرصة لتعارف المسرحيين العرب ببعضهم البعض.
• لم يعد دور الشارقة قاصرا عليها بل امتد للوطن العربي كله.. ماذا يمثل ذلك بالنسبة لك باعتبارك فنانا أولا ثم مسئولا ثانيا؟
اليوم التوجه من صاحب السمو حاكم الشارقة لأن لديه إيمانا عميقا بهذا الموضوع باعتباره واحدا من نسيج الثقافة الفنية والمسرحية في الوطن العربي، لأن ما وصلت إليه الأوطان العربية من هذه الفوضى وهذا التفكك لم يحدث إلا لسبب واحد هو تخلينا عن الفنون وتذوق الفن وأهميته في الارتقاء بالشعوب، فعندما شعر أن الشارقة بدأت تأخذ مسارها في هذا الاتجاه توجه إلى إخوانه الفنانين في الخليج وفي الوطن العربي، ولا شك أنه عندما ندعم الفنون وعندما يجد الفنانون من يحنو عليهم، فلا شك أن الفنان يحتاج لمن يشعر به، فهذا النشاط في الوطن العربي نعتبره واجبا علينا تجاه الفن، ولعل وجود الهيئة العربية للمسرح بالشارقة التي يمتد نشاطها للوطن العربي كله، يجعلنا نطمئن على مستقبل أنشطتنا وفعالياتنا ليس على مستوى العروض فحسب وإنما على مستوى المطبوعات التي تصدر في هذا المجال وكذلك التدريب والتأهيل للمسرحيين في الوطن العربي ونحن متفائلون جدا في إيجاد حركة مسرحية تبعث من جديد على مستوى الوطن العربي لتقدم صورة ناصعة البياض عن أوطاننا العربية وفنوننا تقدم للآخر.
وسط كل هذا الزخم أين بو رحيمة الكاتب؟
موجود اليوم ولكن وجود المسئوليات الإدارية تعطلني بعض الشيء، لكن لدي نصوصا سوف تظهر في القريب إن شاء الله.
• أن يكون الحاكم فنانا أو أن يكون الفنان حاكما.. هل يطغى أحدهما على الآخر؟
إجابة هذا السؤال ليست من عندي لكن أذكرها بلسانه صاحب السمو حين قيل له أنت الحاكم المثقف فقال: أنا فنان أو مثقف يحكم، فكل هذه الفعاليات التي ذكرتها وغيرها كثير أيضا صاحب السمو يشرف عليها بنفسه وبكل تفاصيلها، وعلى سبيل المثال هو يعرف كل تفاصيل هذه الدورة من: أسماء المشاركين، عناوين الندوات، المسرحيات، كل التفاصيل الدقيقة، وكل ما يتعلق بالفنون والثقافة ويوجهنا ويرشدنا.
وأن يكون الحاكم فنانا هي قضية ليست في المسمى وصيغة الطرح، ولكن في الجدية والصدق، فكثيرون رفعوا هذه الشعارات، وهذا ما يميز صاحب السمو عن الآخرين هو يتبى قضية يؤمن بها، وبالتالي يشعر بأهمية المثقف والفنان في بناء الشعوب لذا فهو يعطي الأولوية للفن والثقافة.


نور الهدى عبد المنعم