العدد 605 صدر بتاريخ 1أبريل2019
مسرح العبث تمرد على المسرح التقليدي، تغلب عليه عدم المنطقية والعقلانية ، فالأفكار غير متسلسلة وغير منطقية،
وهى الأجواء التي يعرض من خلالها العرض المسرحى « في الانتظار» تأليف سعيد حجاج وإخراج حمادة شوشة ، الذي تم افتتاحه الأسبوع قبل الماضي على خشبة مسرح الطليعة، العرض تمثيل باسم قناوي، ياسر عزت، فكري سليم، محمد سعيد، مريم هاني، احمد سليم، رؤية موسيقية د. شريف مصطفى، كيروجراف عمرو باتريك، ديكور وملابس محمود فؤاد صدقي، إضاءة محمد عبد المحسن، تنفيذ إخراج محمد طارق، رؤية وإخراج حمادة شوشة.
المخرج حمادة شوشة فنان ومخرج مسرحي حاصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية شعبة التمثيل والإخراج المسرحي، كما حصل على ليسانس الآداب قسم الفلسفة ودبلوم الدراسات العليا في الإخراج المسرحي.
له العديد من المساهمات وخاصة في مجال المسرح من خلال ورش العمل والأنشطة الفنية والإخراج المسرحي والتدريب على الأداء الحركي, وهو فنان قدير في المسرح الكوميدي ومؤسس لفرقة شوشة المسرحية المستقلة عام1991
شارك فى العديد من المهرجانات المحلية والعربية الدولية وحصد العديد من الجوائز وشارك كممثل فيما لا يقل عن 90 عملا وأخرج العديد من العروض المسرحية منها على سبيل المثال بيانو للبيع , العارض , شباك تذاكر , ارتجال وأبطال , التشكيلة ..
حول تجربته الجديدة «فى الانتظار» التقينا به في هذا الحوار
-حدثنا عن البداية عن تجربة عرض « فى الانتظار» ؟
بدأت التجربة منذ عامين , فقد جذبني نص للكاتب المغربي عبد الكريم برشيد بعنوان» المقامة البهلوانية « فأحداثه تدور حول شخص يشرع فى تقديم عرض مسرحي ولكنه يصطدم بأحد المسئولين ، لأنه يريد أن يحصل على تمويل ولكن المسئول يضع أمامه العديد من العراقيل والصعوبات التي تحول دون تقدم عرضه وتقدمت بالنص إلى مسرح الطليعة ولكن لم تتم الموافقة عليه , وذلك لأن المسرح يرغب في تقديم نصوص لكتاب مصريين وفى ذلك الوقت كان لدى نص للكاتب سعيد حجاج بعنوان « اثنان آخران فى انتظار جودو» والنص ينتمي الى مسرح العبث وهو من نوعيات المسرح المفضلة لدي, بالإضافة إلى أنه يحمل ملامح التجريب وبالفعل تمت الموافقة على النص وكان مسرح الطليعة في هذا التوقيت مغلق بسبب إشترطات الحماية المدينة و تم افتتاح العرض عقب استيفاء الاشتراطات الخاصة بالحماية المدنيةـ
و بذلنا قصارى جهدنا وعملنا بكل اجتهاد حتى يخرج العرض بهذا الشكل.
- ما أسباب انجذابك للنص وما الرؤية الجديدة التي يطرحها الكاتب سعيد حجاج من خلاله؟
نص «اثنان آخران فى الأنتظار» يطرح من خلاله الكاتب سعيد حجاج رؤية جديدة , ومختلفة فهو يوضح أن الخلاص بيد الإنسان وفى داخله ولا يجب أن ينتظر مخلص, فكما نعلم أن النص عن مسرحية فى إنتظار جودو وتدور أحداثه حول اثنان يجلسان في العراء ينتظران مخلص « فجودو» هو رمز الخلاص وتنتهى المسرحية وهما في الانتظار ولذلك تم تسميت العرض « فى الانتظار»
- من وجهة نظرك ما الذي يميز الكاتب سعيد حجاج فى كتاباته ؟
التنقل بين التيمات المختلفة للمسرح فكما يتنقل الممثل في أدوراه والمخرج في مدارس المسرح المختلفة, يميز الكاتب سعيد حجاج الكتابة فى تيمات مختلفة للمسرح،
فتارة يكتب مسرح العبث وتارة أخرى المسرح السياسي وأخرى المسرح الاجتماعي وغيرها من الأنواع، وهو ما يحدث ثراء وحالة من المتعة والزخم , ففي كل مرة يقدم موضوعا مختلفا ومعالجة جديدة وتجربة بأجواء مختلفة وأفكار جديدة.
- هل يحتاج مسرح العبث إلى تكنيك وحرفيه خاصة للمخرج ؟
من فضل الله أنه متعني بدارسة الفلسفة فقد درست في كلية الآداب قسم الفلسفة بالتوازى مع الدراسة فى المعهد العالى للفنون المسرحية .. درست تاريخ الفكر الإنساني بداية من العصر الفرعوني حتى الآن وهو ما شكل وعيى، وجعلني أفكر بوجهات نظر مختلفة ليست أحادية ولا سطحية وهو ما عمق فكرى،
وأود أن اقول أن عبثية الحياة الآن تفوق وتتفوق وتزيد على مسرح العبث بكل كتابه» وهذا مؤسف وهو ما دفعني إلى إعادة صياغة الأفكار العبثية داخل المسرح لأنها لم تنتهي ولأن حياتنا تطورت وتفوقت .
وأود أن أقول كذلك أن أساس إى فكرة الفلسفة وكل فترة زمنية بها قضية مطروحة والعبث بدأ بفكرة وسأضرب مثالا عندما قامت الولايات المتحدة الأمريكية بقصف اليابان بالقنبلة الذرية استوقف هذا الأمر المفكرين وتأملوا الأمر، فالإنسان بقطعة من الصفيح دمر العالم وحول الناس إلى مجموعة من المسوخ وعندما حصل هذا التشوه تشكك الناس في فكرة التواصل ومن هنا كانت الفكرة الأساسية ومنبع العبثية مما أدى إلى إحساس الإنسان بعدمية التواصل وعبثية الواقع , وعدمية الحياة, ومن هنا نشأت الفكرة الأساسية لمسرح العبث..
ويرى كتاب مسرح العبث أن اللغة لا تعبر تعبيرا دقيقا عن مشاعر الإنسان ولذلك سنجد فى نصوص وكتابات مسرح العبث كلمة « صمت»
- ما أبرز الصعوبات التي واجهتها فى عرض « فى الانتظار»؟
فكرة وجود جميع أبطال العرض على خشبة المسرح، كان هناك تخوف من الممثلين والراقصين والموسيقين من وجودهم الدائم على خشبة المسرح، ولكن الأمر يختلف في هذا العرض فهى مجموعة تتفاعل مع بعضها البعض لمدة 70 دقيقة على خشبة المسرح..
فهناك مجموعة من الأشخاص ينتظرون مصيرهم إلى أن يسألهم أحد أبطال العمل « كيف يجيء وهو بداخلكم» ؟
- ما الرؤية التي كنت تود أن تطرحها من خلال العرض ؟
أردت أن أبرز تيمة الانتظار ، والقضية التى أردت أن أوضحها أن هذا الانتظار هو «تيمة الحياة»..
وطرحت تساؤلا هاما: هل لهذا الانتظار معنى هل ندرك معنى الإنتطار أم لا؟
- لعبت السينوغرافيا دورا هام في العرض.. فكيف كان النظر إليها؟
تم الإتفاق بيني وبين مهندس الديكور محمود فؤاد صدقي وهو مخرج وله تجربة هامة في عرض «مسافر ليل» واتفقنا على تفاصيل الديكور ومنها أهمية وجود شجرة وقد انطلق مهندس الديكور الى تفاصيل أخرى.
- أسست فرقة شوشه المسرحية المستقلة في عام 1991 .. ما هى أبرز المشكلات التي تواجه المسرح المستقل ؟
الحقيقة أن المسرح المستقل تبناه ودافع عنه مجموعة من الفرق المستقلة مثل فرقة الورشة والقافلة والمسحراتى وفرقة شوشه وقد كانت هناك عشرة فرق هم من بدأوا الرحلة بالإضافة الى وجود فرق آخرى حملوا على عاتقهم أن يكون هناك تيار مستقل ،منهم من استمر ومنهم من توقف
والحقيقة أن الفترة التي نعيشها من أسوء فترات المسرح المستقل لإنه لم يعد هناك مساعدة له وقد بحثنا كثيرا فى معنى الاستقلال: هل هو استقلال عن الدولة بشكل تام , أم هو استقلال بمشروع أم هو استقلال مع الحصول على دعم أو تمويل من الدولة..
والكثيرين فهموا أن معنى الاستقلال هو أن تكون الفرق المستقلة منفصلة تماما عن الدولة أو عن المسرح الحكومي و هذا ليس حقيقي، فالدول الأوربية تمول المسرح المستقل لأنه جزء من كيان المجتمع ولا يصح أن يتم تجاهله.
- ما رأيك فى المهرجانات المسرحية في الفترة الحالية ؟
المهرجان يجب أن يؤتى ثماره، وهذا يتمثل في حركة وعى بالمسرح وبالأفكار وعلاقتها بالواقع المحيط، فإذا لم يتم ذلك فما معنى إقامة مهرجان والفائدة تأتى بأن يرى المخرجين طرق وأساليب جديدة في المسرح ويحركوا أذهانهم وعقولهم بتجارب وأساليب جديدة ومغايرة.
- أنت من أكثر المخرجين إقامة لورش «إعداد الممثل» ما هى أهم المهارات التي تقوم بالتركيز عليها لتصقل الممثل؟
ما أحلم به في الورش التي أقيمها هو إعداد ممثل شامل لديه وعى بالعملية الفنية ولذلك يكون التدريب في التمثيل والرقص والغناء والارتجال والاستعراض، فوجود ممثل شامل هو شىء فى غاية الأهمية وهو ما أسعى لتقديمه فى جميع الورش التى أقيمها.
- التوصية المتكررة فى المهرجانات هى تشجيع المؤلف المصري.. هل نعانى من أزمة فى التأليف المسرحى ؟
لا توجد أزمة فى النصوص .. يجب أن نطلع على تراث المسرح فهناك نصوص لكتاب عرب وكتاب عالميين وكتاب مصريين ومن المؤكد أن هناك موضوعات كثيرة ولكن علينا أن نخرج من أفكار الصناديق المغلقة ونقوم بالإطلاع على فضاءات مسرحية جديدة إضافة إلى أن فن الإرتجال خلص المسرح من مشكلة التأليف المسرحى ..
وأود أن اقول أنى أول من قدم عملا في «بيت الهراوى» وكان نصا للكاتب نجيب سرور ونال إعجاب وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى وقام بمد ليالي العرض وترشيحه ليشارك فى المهرجان التجريبى.
- قدمت تجربتان للثقافة الجماهيرية وهما «سكة السلامة» و « خاتم الملك « فلماذا لم تقدم تجارب أخرى ؟
هذا يرجع لوجود العديد من الصعوبات والبيروقراطية والتحكم بالإضافة أنى أقدم أعمالا مسرحية من خلال فرقتى فرقة شوشه المستقلة ومع الفرق المستقلة الأخرى بالإضافة الى عملي فى مسرح الدولة وقد سبق وحصلت على أفضل عرض فى جامعة القاهرة عن عرض حكاية بنت مصرية لنجيب سرور.
-ما تقييمك للمسرح المصري اليوم ؟
سر جاذبية المسرح أنه دائما إلى الإمام .. هناك حركة نقد وكتابة وتمثيل تتضافر مع بعضها البعض حتى تدفع بالمسرح إلى الأمام والمسرح يتقدم ولكن قد تكون خطى التقدم ليست سريعة فهناك تطور تكنولوجي كبير وعلينا أن نواكب هذا التقدم..
وهناك ضرورة بأن تكون هناك قفزات أكبر
- ما مشاريعك المقبلة ؟
عرض إرتجالى مكون من ثلاثة أجزاء قدمت الجزء الأول بعنوان « ارتجال أبطال عبد الرحمن الشرقاوي..
والجزء الثاني هو «ارتجال بلا أبطال» ونقوم بالتحضير للجزء الثالث وهو «أبطال بلا ارتجال»