الحاصل على جائزة التأليف الثانية في «ساويرس» تامر عبد الحميد: أتمنى إنتاج النصوص الفائزة

الحاصل على جائزة التأليف الثانية في «ساويرس»  تامر عبد الحميد: أتمنى إنتاج النصوص الفائزة

العدد 545 صدر بتاريخ 1فبراير2018


المؤلف والسينارست تامر عبد الحميد، مواليد 1977، تخرج في جامعة الأزهر ليسانس آداب وتربية لغة إنجليزية. كانت بدايته مع مسرح الهواة حيث شارك في الكثير من العروض المسرحية في قصور الثقافة ووزارة الشباب والمسرح الجامعي خلال الفترة من 1998 حتى 2002، كممثل ومؤلف ودراماتورج وكاتب أغاني ومخرج ومصمم استعراضات ودراما حركية وسينوغرافيا، وشارك في الكثير من المهرجانات على رأسها مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، وحصل على الكثير من الجوائز، اتجه للكتابة الأدبية للأطفال، فصدرت له مجموعة متنوعة من قصص الأطفال، واهتم بكتابة الشعر للأطفال، ونشرت له الكثير من القصائد والقصص في مختلف مجلات الأطفال العربية، تفرغ للكتابة الدرامية والتلفزيونية إلى جانب عمله كصانع أفلام ومدرب ومحاضر لصناعة الفيلم.
حصل مؤخرا على المركز الثاني مناصفة في مسابقة ساويرس للتأليف المسرحي عن مسرحية “كان يا مانيكان” لذا كان لنا معه هذا الحوار حول الجائزة:
 

بداية ماذا تمثل لك هذه الجائزة؟
هذه الجائزة بالنسبة لي في مسابقة بحجم مسابقة ساويرس ولا سيما أنها عن نص مسرحي، هي بمثابة مكافأة وتقدير لمجهود وخدمة طويلة قضيتها في المسرح، الذي انقطعت تقريبا عن للعمل به منذ أكثر من عشر سنوات، فقد قضيت سنوات كثيرة من عمري لا أعمل شيئا سوى المسرح وهذا هو سر سعادتي بالجائزة.
 - في أي المفردات المسرحية كنت تمارس اللعبة المسرحية طوال هذه السنوات؟
قدمت المسرح بجميع أشكاله، عملت في جميع عناصر العمل المسرحي من تأليف وإخراج وتمثيل وإضاءة والدراما الحركية وتأليف الأغاني والألحان.. الخ، فقد كنت أمارس المسرح مخرجا في البداية من خلال مسرح جامعة الزقازيق رغم أنني كنت طالبا في جامعة الأزهر، وقدمت المسرح بجميع أشكاله سواء مسرح العلبة أو القاعة أو الفضاءات المفتوحة.. وغيرها.
- ماذا عن النص الفائز بالجائزة «كان يا مانيكان» ومتى كتبته؟
هذا النص له حكاية طريفة بالنسبة لي ففي أحد الأيام منذ سنوات بعدما كنت قد انصرفت عن العمل المسرحي وتفرغت للعمل بالسينما، وكنت قد كتبت فكرة هذه المسرحية في معالجة سينمائية لفيلم كنت أود تقديمه منذ عام 2007، إلى أن قابلت منتجة كانت تنوي إنتاج عدد من العروض المسرحية ممتدة تقدمها على التوالي لمدة عام، وطلبت مني كتابة هذه العروض وإخراجها، رحت أبحث بين أوراقي عن فكرة جديدة لتقديمها، وبالفعل وجدت هذه المعالجة السينمائية التي كنت كتبتها ووجدت أن الوسيط المسرحي قد يكون مناسبا لتقديمها مع بعض التعديلات البسيطة التي طرأت عليها. فقمت بصياغتها مسرحيا في بداية عام 2017، وتم تأجيل المشروع لوقت لاحق، وعندما قرأت الإعلان عن مسابقة ساويرس تقدمت بنسخة من النص ولم أكن متوقعا فوزه بجائزة.
 - لماذا لم تكن تتوقع الفوز في المسابقة؟!
كنت أعتقد أن لجان التحكيم تبحث عن شكل معين من أشكال كتابة النص المسرحي “كنص أدبي” بغض النظر عن مدى قابليته للتنفيذ على خشبة المسرح، وقد كتبت هذا النص لتنفيذه – كما وضحت لك – لكنني بعد ذلك عندما قرأت حيثيات لجنة التحكيم أنها كانت تبحث عن نصوص قابلة للتحقيق على الخشبة، وهذا ما كتبت النص من أجله.
فرضية فانتازية
 - ما الفكرة التي تدور حولها المسرحية؟
المسرحية ببساطة عبارة عن فرضية فانتازية تدور أحداثها داخل مخزن «للمانيكانات» القديمة، أبطالها مجموعة من “المانيكانات” التي تسخدم في محلات الملابس، دبت فيهم الحياة، وهذه المجموعة من المانيكانات الكلاسيكية المختلفة الأشكال تم الاستغناء عنها، بعدما اشترى أصحاب المحلات مانيكانات عصرية حديثة، وكل «مانيكان» من هذه “المانيكانات” القديمة مختلفة الأنماط حسب نوع المحل الذي كانت توضع فيه، والبلد التي تم تصنيع كل منها فيه. ويدور الصراع طوال الوقت حول رغبتهم العودة إلى أماكنهم التي أزيحوا منها بالقوة، لكن المحاولات تبوء بالفشل، فيقررون أن يعيشوا كما يعيش الإنسان، ومن هنا تبدأ أحداث المسرحية، ويبدأون في البحث عن مسكن، وتنشأ بينهم علاقات عاطفية وتستمر الأحداث تستعرض صورة بانورامية للمجتمع من خلال حياة هذه “المانيكانات” أحاول من خلالها التعبير عن مسئوليتنا كأفراد فيما يحدث داخل المجتمع من “تشيؤ للعلاقات” التي سيطرت عليها المصلحة، بديلا عن إنسانيتها من خلال عرض هذه الأنماط من «المانيكانات».
- هل لمست اختلافا كبيرا في فكرتك عندما أعدت صياغتها من معالجة سينمائية إلى نص مسرحي لا سيما والفترة الزمنية بينهما عشر سنين تقريبا؟
بالطبع، فالسيناريو قام فقط على الفرضية الفانتازية التي أوضحتها وكيفية عرضها بشكل فني من خلال بعض المواقف الكوميدية، في بناء سينمائي متشظٍ متعدد الأماكن والمناظر.. الخ والنهاية مفتوحة، بينما النص المسرحي يتركز أكثر على عرض المجتمع وأنماطه في قالب كلاسيكي، يقوم التجريب فيه فقط على عنصر التمثيل في الممثل الذي يقوم بدور «مانيكان» والنهاية واضحة تماما مختلفة عن نهاية السيناريو.
استقطاب جمهور جديد
هل ترى أزمة في الحركة المسرحية في الوقت الراهن؟
من وقت لآخر تظهر عروض مسرحية تحقق نجاحا جماهيريا، أرى من وجهة نظري أن المحتوى المقدم الآن في المسرح غير قادر على استقطاب جماهير جديدة، فالجمهور المحب للمسرح هو فقط من يرتاد المسارح سواء من دوائر صناع المسرح أو من اعتادوا الاستمتاع بهذا النوع من الفرجة.
المسرح في مواجهة شرسة مع الميديا
 - ألم يستطع مسرح الفضائيات – على سبيل المثال – استقطاب جمهور جديد للمسرح؟
هذا هو الشق الثاني من إجابتي على سؤالك، عندما حدثت لعبة مسرحية ما، نتفق أو نختلف على مدى علاقتها بالمسرح، فإن جمهورها الحقيقي تشكل من خلال وسيط آخر غير المسرح وهو الشاشة. وهي أزمة تضع المسرح في منافسة شرسة مع الفضائيات و«السوشيال ميديا» وغيرها من الوسائط، ليس المسرح فقط بل والسينما أيضا، فجمهور السينما الحقيقي ليس من يشاهد الأفلام عبر الشاشة، ولكنه المتفرج الذي اعتاد الذهاب لدار العرض. وأضيف أن الأفلام السينمائية العالمية التي تحقق نجاحا أغلبها تستخدم الألعاب المسرحية كالاستعراض المسرحي ووجهة النظر المسرحية في الإخراج والصورة البصرية مثل فيلم «اللالا لاند» وغيره. أريد أن أقول إن الأزمة متعلقة بكل فن يحتاج من جمهور أن يذهب لمشاهدته في دار عرضه.
- ما رأيك في العروض التي يقدمها مسرح الدولة بشكل عام والبيت الفني للمسرح بوجه خاص؟
بعض العروض التي يقدمها البيت الفني من وقت لآخر تحقق مبيعات كبيرة من خلال شباك التذاكر، مثل عرض “سنو وايت” الذي عرض مؤخرا على مسرح متروبول، ولعل هذا العرض لو أتيح له فرصة دعاية أكبر من ذلك لتم تسويقه بشكل أكبر من ذلك بكثير. لذا أرى أن أكبر أزمة تواجه مسرح الدولة هي نقص الدعاية الجيدة. بدلا من الاعتماد على المجهود الشخصي لصناع العمل في ذلك أو على جمهور نجم الشباك في العرض. بالإضافة للمحتوى الذي يجب أن يستهدف المشاهد العادي، وهذا يمكن تحقيقه من خلال وضع استراتيجية قابلة للتنفيذ أو للتعديل والتغيير إذا أثبتت فشلها.
 - هل شاركت قبل ذلك في أحد العروض مع مسرح الدولة أو المهرجانات الرسمية التي تنظمها وزارة الثقافة؟
لا، لم أشارك في أي عروض لمسرح الدولة قبل ذلك، نظرا لأن بدايتي كانت من خلال مسرح الهواة، لكنني شاركت في المهرجان التجريبي مرتين بصفتي ممثلا في عرضي «بدون ملابس» و«البحث عن قاتل ديانا»، ثم انخرطت بعد ذلك في العمل المسرحي باعتباري محترفا، ثم ابتعدت عن المسرح واتجهت للتلفزيون والسينما.
 - هل ترى أزمة في التأليف المسرحي؟
هناك أزمة كبيرة في الكتابة بشكل عام سواء للمسرح أو السينما، فقد تجد أفكارا كثيرة جديدة ورائعة، إلا أنني ألمس إشكالية كبيرة في فهم آليات الكتابة، وهذا ألمسه بحكم عملي في تدريس آلية الكتابة، وما أقوله دائما إن عملية الكتابة هي إعادة الكتابة، بالإضافة لأهمية أن يتعرف المؤلف على طبيعة الوسيط الذي يكتب له وتقنياته، لذا أرى أن المسرح ولا سيما مسرح الدولة بحاجة لمستشار فني يقوم بمناقشة المخرج ويتابع مراحل تأليف النص، ليس بالمصادرة على وجهة النظر الفنية، ولكن هي عملية إشراف مرنة لتطوير الأفكار وفق المعايير الفنية الملائمة.
 - هل لفت نظرك نصا مسرحيا تم تقديمه في الآونة الأخيرة؟
لفت نظري مسرحية “العرض الوحشي” تأليف وإخراج: علاء الكاشف، في المهرجان الختامي لنوادي المسرح الأخير، فهو تطوير وتجريب حقيقي، من خلال عنصر التفاعل. وقد تابعت تجربة نوادي المسرح منذ التسعينات وكانت تقدم عروضا عظيمة.
 - على ذكر نوادي المسرح ما تقييمك لهذه التجربة الآن؟
أرى أن ورش الاعتماد فكرة جيدة ولكن يجب أن نعطي فرصة كبيرة للشباب مبكرا وقبل أن تفتر همتهم وطاقتهم، وقبل أن يتسرب لهم الإحباط، فليس الجميع قادرين على الجلد والتحمل. بالإضافة لأن مفهوم التجريب لا يعني الغموض أو التجريب على مستوى الدراما الحركية وهذه مناهج تجاوزها العالم منذ أواخر الثمانينات، وهذا ما يجب أن يعيه الشباب جيدا قبل تقديم تجاربهم، وأضيف أننا نحتاج للتنوع والخيال في العروض بدلا من أن نشاهد عروضا متشابهة في الختامي، وأقترح لذلك عمل ورش صغيرة للشباب في مواقعهم أثناء عملهم في تجاربهم.
هدم المركزية الفنية
 - ما الدور الحقيقي لمسرح الثقافة الجماهيرية من وجهة نظرك؟
الهدف في الأساس من قصور الثقافة «ذات الشكل الروسي» أن يصل هذا الفن المنحاز للإبداع بعيدا عن الحسابات المادية لسكان الأقاليم لهدم فكرة المركزية الفنية متمثلا في عدة أنشطة مثل المسرح والفنون الشعبية والتشكيلية والموسيقية والأدبية.. الخ، وأن يتم تقديمه من خلالهم، أي كنافذة يمارس من خلالها الموهوبون هواياتهم. لكن السؤال إلى أي مدى تقوم هذه القصور بدورها الذي صنعت من أجله؟! للأسف أصبحت الأنشطة تدار بشكل روتيني، ومحتوى لا يلائم جمهوره وغير قادر على استقطاب جمهور جديد.
 - هل ترى أن لمسابقات التأليف دورا مهما في النهوض بحركة التأليف المسرحي؟
مسابقات التأليف لها دور بالطبع ولكنها ليست كافية وحدها، ولكن يجب دعم النصوص المتقدمة والفائزة بإنتاج هذه النصوص، حتى لو كان إنتاج العرض بديلا عن الجوائز المادية.
 - ماذا تقول للشباب المبتدئين من كتّاب المسرح؟
أي كاتب يحتاج إلى القراءة كثيرا في كل مجالات المعرفة، بالإضافة لثقافة المشاهدة، والأهم أن تكون لديه حياة عامة وعادية ومتنوعة يحتك فيها بالمجتمع، لكي يلاحظ الواقع والمجتمع الذي يكتب عنه، حتى لو كان يكتب عن ذاته، بالإضافة لممارسة اللعبة المسرحية بكل مفرداتها لكي يستطيع الكتابة للمسرح.
 - ماذا بعد الجائزة.. أمنياتك وطموحاتك؟
أحلامي متشعبة وأمارس كل أنواع الكتابة، ولكن بما أننا بصدد الحوار لمنبر مسرحي، فأتمنى أن يتم نشر النص في هيئة الكتاب، وأن يقدم هذا النص لفرق الهواة والجامعات، ويقدم في البيت الفني للمسرح، وأفكر جديا في إنتاجه بنفسي.
في الختام، لا أنكر أن هذه الجائزة حمستني مرة أخرى للمسرح ولفتح أدراجي وإعادة العمل على النصوص المسرحية التي لم يتم نشرها أو تقديمها قبل ذلك لتقديمها أو نشرها.


عماد علواني