بمناسبة أعياد المرأة: هدى وصفي: المجتمع لا يزال ذكوريا يعد إعطاء المرأة فرصتها نوعا من التنازل

بمناسبة أعياد المرأة: هدى وصفي: المجتمع لا يزال ذكوريا يعد إعطاء المرأة فرصتها نوعا من التنازل

العدد 604 صدر بتاريخ 25مارس2019

تحظى المَرأة باهتمام المجتمعات الإنسانية التي تسعى للتطور والنهوض بنفسها، بسبب فعاليتها الكبيرة في أي موقعٍ توجد به، وفى مجال المسرح استطاعت المرأة أن تترك آثرا كبيرا وطيبا فى جميع مفردات العمل المسرحى، .. ومن خلال هذه المساحة نرصد أراء المبدعات  من الكاتبات والمخرجات والممثلات ومصممات الديكور، حيث نسألهن: هل استطاعت الفنانة في المسرح أن تحصل على مكانة تماثل مكانة الرجل، وهل تأثرت المرأة في المسرح بأفكار المجتمع الذكوري , وهل تغيرت نظرة المجتمع للفنانة ولعملها في الفن بوجه عام والمسرح بشكل خاص.
قالت الفنانة حنان مطاوع إن هناك دور كبير ومؤثر للمرأة في المسرح، فعلى مستوى النصوص والكتابات  فبنظرة سريعة  إلى الأدب العالمي والأدب المعاصر سنجد العديد من النصوص والكتابات والموضوعات القائمة على المرأة ، منها على سبيل المثال وليس الحصر « براكسا , أميدية , بيت الدمية وغيرها، وكذلك فى الأدب المصري المعاصر  هناك أدوار نسائية بارزة إن لم تكن محورية،  ولكن الأمر ليس متعلقا برجل أو آمراة،  الحقيقة أنه لا توجد حركة مسرحية قوية لدينا  منذ 15 عاما.
و عن نظرة المجتمع للفنانة قالت:  تغيرت نظرة المجتمع إلى الفنانة ولكن بشكل نسبى سنظل كمجتمع نمجد فى الفنانين وفى نفس التوقيت لدينا مشكلة أخلاقية معهم، ولكن في الفترة الحالية أصبحت هذه  المشكلة أقل بكثير مما كانت في الماضي، ومن وجهة نظري الخاصة أن من يغير نظرة المجتمع للفنان والمرأة هو وجود حركة ثقافية، ونحن نفتقر لوجود حركة ثقافية حقيقة،
وأضافت: سيظل المجتمع يغير من نفسه بحسب مشاكله الآنية وليس بسبب نهضة فكرية أو أفكار جديدة ومستنيرة.
فيما قالت الفنانة سلوى محمد على: “الفن معظمه ذكوري، فالشخصيات الهامة تكتب للرجال وإن كان في العصر اليوناني كانت هناك كتابات تنتصر للمرأة، فالأدوار النسائية فى المسرح اليوناني هامة، على سبيل المثال عندما تقوم ثورة نتذكر شخصية أنتيجون، ومن الشخصيات المسرحية المؤثر أيضا الليدى ماكبث وغيرها من الشخصيات النسائية فى الكتابات المسرحية التي لها تأثير بالغ، ولكن بعد العصر اليوناني كانت أهم الكتابات تكتب للرجال على سبيل المثال: هاملت, والملك لير, وماكبث، ولكن هناك كتابات اهتمت بالمرأة، ومنها كتابات لوركا ومنها «عرس الدم» «يرما» وفى المسرح العربي سنجد كتابات توفيق الحكيم على الرغم من تلقيبه بعدو المرأة ولكن كانت له كتابات هامة عن المرأة.
وأشارت الفنانة سلوى محمد على إلى أن الممثلات في المسرح قويات و على قدر كبير من الثقافة، وتابعت: لم تتغير نظرة المجتمع للفنانة، فعندما يظهر محك حقيقي تظهر نظرة المجتمع للفنانة وقد حدث تراجع أكبر في نظرة المجتمع للفنانة بسبب الأفكار المتطرفة، والتراجع في الثقافة الذي أدى بدوره إلى تراجع نظرة المجتمع للفنانة، إضافة إلى أن هناك بعض الأدوار التي تقدمها الفنانة لا يستطيع المجتمع الفصل فيها بين أداء الشخصي  وبين التمثيل .. إن تراجع ثقافة المجتمع أدى إلى كبح خيال الممثلة وهو الأمر الذي لا يمكنها من أن تحلق في بالشخصية التي تؤديها، وهو ما ينطبق على الممثلة فى المسرح أيضا *عدد المخرجات قليل
ومن وجهة نظر مختلفة أوضحت المخرجة مروة رضوان أن هناك انفتاح كبير بالنسبة لعمل المرأة وقد أصبحت الفنانة في المسرح سواء ممثلة أو مخرجة او مهندسة ديكور تحصل على فرصتها إذا اجتهدت وأبدعت مثلها مثل الرجل. وأضافت:  المشكلة أن عدد المخرجات قليل لأن الإخراج يحتاج إلى تفرغ،  وهو  ما  يحول دون كثرة عدد المخرجات،  ومع ذلك  فالمخرجات على الساحة المسرحية متفردات ويقدمن موضوعات مختلفة تبرز مواهبهم وإمكانياتهم، وتابعت: طموحاتى أن نقوم بإلغاء فكرة التصنيف فيما يقدم من إبداع فني، وأن نتوقف عن التصنيف: ذكر و أنثى، مسلم و مسيحى،  طفل و مسن..  وأن يكون التصنيف الوحيد: هو ابداعك فقط !
كما قالت الدكتورة دينا أمين أن السيدات والفتيات حصلن على فرص أكثر مما مضى، على مستوى الحركة الفنية بشكل عام، بالإضافة إلى تقبل أكبر لمشاركتهن في الحركة المسرحية، وإن كان البعض يتعامل مع المرأة في الحركة الفنية والمسرحية بعنصرية ويقلل من شأنها، ولا يأخذ رأيها مأخذ الجد، فالمراكز القيادية يتولاها رجال،  وبنظرة عامة على المهرجانات سنجد أن معظم القائمين عليها رجال.
وعن تجربتها فى المهرجان التجريبي قالت: كنت محظوظة بالتعاون مع الدكتور سامح مهران لأنه من  الشخصيات التى تقدر وتدعم دور المرأة بشكل كبير ، وهناك العديد من الفتيات والسيدات يتقلدون مناصب إدارية هامة فى المهرجان التجريبي.
أشارت أمين أن السيدات فى العمل المسرحى والسينمائي بدأن من نقطة قوة، وهى الإنتاج ولكن اختلف الأمر فى  الفترة الحالية، فأصبح 99%  من الذين   يقومون بالإنتاج رجال وبالتالى تطرح الأعمال من منظور ذكوري ولا يتم التفكير فى العنصر النسائي كنعصر له تأثير.
و حول الكتابة المسرحية قالت «هناك حالة من عدم النشاط لدى العديد من الكاتبات فالكثير منهن لا يقدمن موضوعات جديدة ولا يقومون بعمل قراءات مسرحية حتى يكون هناك رأى نقدي مصاحب لهذه الكتابات، بالإضافة الى افتقارنا الى وجود كاتبات لهن تجارب طويلة مثل الكاتبة فتحية العسال .
 أضافت : ولكن هناك نماذج لكاتبات قدمن أعمالا جيدة و إختفوا من الساحة المسرحية وهو ما لا يحقق حركة مسرحية نسائية، فالكثير من الكاتبات انصب إهتمامهن على تقديم كتابات عن قضايا المرأة ، ولم يهتموا بتقديم موضوعات أخرى تخص المشكلات المجتمعية والقضايا الشائكة وهى كتابات أكثر نضجا.
وعن تخصيص فعاليات ومهرجانات تخص المرأة قالت الدكتورة دينا أمين: هذه سياسية متبعة مع  الأقليات، فى المهرجانات الدولية مسرحيات للأقليات، وهى تقدم بدافع دعم صوت الآخر وهى فكرة عظيمة ولكن يجب أن نتخطاها.
غياب المعيارية
أما المخرجة عبير على فقالت:  فى سياق المجتمع الذي نعيش به هناك فئة لديها المقدرة على الوصول إلى أهدافها وهذا يتعلق بشخصياتهم وعلاقتهم ووضعهم الأجتماعى، و الأمر ينطبق على الرجل والمرأة،  فهناك رجال مبدعين لم يحصلوا على حقهم، كذلك هناك نساء مبدعات لم يحصلن على حقوقهن، وهذا يرجع لغياب المعيارية وهو ما يجعل هناك مبدعين مهمشين، من الرجال أو النساء.
أضافت :النقطة الثانية تتعلق بمسئوليات المرأة، وهو ما يجعل هناك مساحة أقل لإبداعها وإذا قررت أن تكون مبدعة فإنها تخسر أشياء أخرى، إبداع المرأة مقتطع من مهامها في المجتمع والأسرة  وهو ما يجعل عدد  النساء اللواتي لديهن فرص لتقديم إبداعاتهن قلائل، كما   يتم حصر المرأة في الفن في أدوار محددة ، على سبيل المثال من الممكن ان تكون ممثلة أو مطربة،  ولكن الأمر يختلف إذا أرادت المرأة أن تدخل في ندية مع الرجل، فإنها تجد صعوبات سواء على مستوى الإخراج أو الكتابة، وتقابل الكثير من العراقيل والصعوبات.
أضافت علي:  هناك نساء قدمن إنجازات بمبادرات شخصية على سبيل المثال روزا يوسف وملك وفى العصر الحديث الدكتورة هدى وصفى.
وتابعت: المرأة التى تعمل في الفن هى بلا شك متجاوزة لمفاهيم المجتمع الذكورى، فالمسرح بدورة الطليعي فى الحركة الثقافية يحمل مفاهيم ثورية وعمل المرأة فيه سواء ناقدة او مخرجة او مؤلفة يؤثر بالإيجاب، فالمرأة لها دور هام في المسرح وهناك العديد من المخرجات والمؤلفات والناقدات اللواتي تميزين كثيرا .
فيما ذكرت الدكتورة عبير منصور أن وجود المرأة في المسرح ذو تأثير إيجابي وهام، من المفترض أننا تخطينا حاجز الخوف ، ويجب أن يكون للمرأة وجود،  ليس فقط فى الفن والمسرح، ولكن على جميع المستويات، ولكن الأزمة هو أن الكتاب لا يعطون مساحات كافية للمرأة في النصوص المسرحية على الرغم من أن هناك نصوص كتبت قبل الميلاد كان للمرأة فيها وجود وكان دورها فعال، لأنهم فى ذلك الوقت كانوا يكتبون عن المجتمع وكان للمرأة حضور، وتابعت: تغيرت نظرة المجتمع للفنانة بشكل نسبى والأمر يختلف من شريحة مجتمعية الى شريحة أخرى.
ضد التصنيف
ورأت الناقدة أمل ممدوح أن المجتمع يميل للتعامل مع الرجل بشكل عام ولكن هناك مبدعات استطعن إثبات أنفسهم، وهناك العديد من الفتيات والسيدات المبدعات فى المسرح وهي أسماء هامة ، ولكن هناك نقص كبير فى عدد الكاتبات وهذا لا يعنى أنهن لا يحصلون على فرصتهن قد تكون هناك أسباب أخرى، منها عدم الخبرة أو التراجع عند مواجهة العقبات.. واستطردت: لا أميل الى تصنيف الإبداع ومن يقدمه، رجل أو أمرآة، و أفضل التعامل مع الأنماط الإنسانية
وتابعت : هناك عدد قليل من الكاتبات فى المسرح، و الأعمال الإخراجية التى تقدمها نساء أكثر تميزا مقارنة بالكتابات، فهناك كتابات متزنة تلقى الضوء على قضايا هامة وهناك كتابات متعسفة أو تقوم على افتعال القضايا أو العزف على نغمة الاضطهاد بشكل غير موضوعي وغير واقعى وهو نوع من الإبداع المشتت والمعرقل لأنه يضع صاحب القضية في موقف ضعف.
وأضافت: نحتاج إلى كتابات رصينة عن المرأة دون افتعال أزمات ودون منطق الجاني والمجني عليه، فيجب أن يكون هناك موضوعية.. فهناك عدد من الموضوعات التي يتم التركيزعليها  دون الالتفات للقضايا الأخرى للمرأة،  لذا نحتاج إلى كتابات أكثر وعيا بقضايا أكبر خاصة بالمرأة.
تابعت ممدوح: اختلفت النظرة الى عمل المرأة فى الفن وخاصة في المسرح لأنه يتسم بصبغة ثقافية، ونسعى إلى تغيير نظرة المجتمع للمرأة إلى تعمل بالفن بشكل عام.
كوته للكاتبات والمخرجات
واتفقت الكاتبة صفاء البيلى مع ممدوح جول عدم تصنيف الإبداع،  بين رجل أو امرأة  وأشارت إلى  أن الغالبية العظمى من كتاب المسرح رجال مقارنة بعدد الكاتبات، مؤكدة  على ضرورة أن تكون هناك نسبة وتناسب في عدد كتاب المسرح من الرجال والنساء .
وأضافت: من المفترض أن تقوم الهيئات بتشجيع الكاتبات في المسرح وأن تضع هذا الأمر فى الاعتبار، وخاصة أن جميع الدول التي بها مسرح تشجع المرأة وإبداعها، وإذا كان عدد الكاتبات قليل لا يعنى بالضرورة ضعف تأثير كتاباتهم، فمن المفترض أن تقوم الهيئة العامة لقصور الثقافة والبيت الفني للمسرح بعمل توازن بين الكتاب والكاتبات، وخاصة الكاتبات  من ذوات الخبرة ،وطالبت البيلى بعمل كوته للكاتبات والمؤلفات، مؤكدة أن المرأة المبدعة سواء كاتبة أو مخرجة تعانى كثيرا حتى يخرج إبداعها.
لازال المشوار طويلا
بينما أشارت   إلى أن المرأة حتى الآن لم تتساوى مع الرجل فى جميع المجالات، و أن المجتمع لا زال ذكوريا،  وإعطاء فرصة للمرأة يعد نوعا من التنازل، ليس فى العالم العربى فقط ، ولكن أيضا فى الدول الأوربية. أضافت: المرأة لم تحصل بعد على حقوقها وفرصها وهذا ينطبق أيضا على المبدعات فى المسرح.
وتابعت:  لازال المشوار طويلا حتى تحصل المرأة على حقوقها، خاصة المرأة المبدعة.. يجب أن تتغير الذهنية المجتمعية وذلك بعدة أمور أهمها تجديد الخطاب الديني، فالنصوص الدينية بها العديد من الأمور الايجابية التى تدعو للمساواة بين الرجل والمرأة. وأشارت دكتورة هدى وصفى إلى أن المرأة في المسرح مبدعة ولها دور مؤثر في أكثر من جانب، فهى كممثلة قدمت أدوارا متميزة فى عروض مسرحية وطنية واجتماعية
و على مستوى الإخراج كان لها بصمة مختلفة ، كذلك على مستوى الكتابة،  وهناك العديد من الكاتبات المميزات والتى حصلن على جوائز.
بينما قالت مصممة الديكور والأزياء نعيمة عجمي إن الموهبة هى الأساس في المجال الفنى والمسرح، بعيدا عن التصنيف ،  و الإمر يخضع للإبداع والتفرد فيما يطرحه المبدعون من رجال ونساء، مكدة  أن المرأة في المسرح استطاعت أن تترك تأثيرا واضحا.
تابعت: فى مجال الديكور والأزياء يتم وضع الموهبة فى المقام الأول، وهناك الكثيرات من مصممات الأزياء والديكور حققن النجاحات بموهبتهن و ينطبق ذلك على جميع الفنون، فن تشكيلى أو باليه أو مسرح..  فالموهبة هى التي تفرض نفسها.


رنا رأفت