سارة محمد أفضل ممثلة: المهندس وصبحي قدوتي المسرحية وسعاد حسني ساعدتني كثيرا

سارة محمد أفضل ممثلة: المهندس وصبحي قدوتي المسرحية وسعاد حسني ساعدتني كثيرا

العدد 603 صدر بتاريخ 18مارس2019

التحقت بكلية السياحة والفنادق ولم تجد نفسها فقررت الانتقال لكلية الآداب، شغفت بالمسرح فالتحقت به منذ خمس سنوات من خلال مسرح الجامعة. شاركت في الكثير من العروض منها «البوتقة و»أهلا يا بكوات»، بالإضافة لعرض «ليلة أن قتلوا الغناء» و»عندما يحكي البهلوان» و»سايلنت»، وأخيرا عرض «أبوكاليبس» الحاصل على عدد من الجوائز في مهرجان مسرح بلا إنتاج الذي انتهت فعالياته مؤخرا بالإسكندرية، ومنها جائزة أفضل ممثلة دور أول، لذا كان لنا معها هذا الحوار.
 - هل درست بأحد الأقسام المتخصصة؟
لم ألتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية أو أي من أقسام المسرح، لكنني أعتبر نفسي هاوية ودارسة لأنني أقرأ الكثير من الكتب المتعلقة بالمسرح، ولا أكتفي بالمعلومة التي أحصل عليها فأبحث دائما عن الجديد.
 - من الذي دفعك لحب المسرح ومن أثر فيك فنيا؟
الصدفة البحتة هي من دفعتني للتمثيل، فعند التحاقي بالكلية وجدت إعلانا لفريق المسرح يطلب مواهب في الكتابة، ولأنني أكتب شعرا وبعض الكتابات الأخرى التحقت بالفريق، وأثناء ذلك حاول الفريق إقناعي بالمشاركة كممثلة، وبالفعل وجدوا أنني قادرة على ذلك وعلى اجتياز امتحانات القدرات، وبالفعل تدربت وكان الأمر صدمة لي شخصيا لأنني لم أتخيل أن لدي القدرة على مواجهة الجمهور أو التمثيل من الأساس على الرغم من حبي له، أما عن المؤثرين فنيا فبالتأكيد العظيم فؤاد المهندس والفنان الكبير محمد صبحي، فأنا أحفظ جميع أعمالهما، وقد تأثرت نوعا ما بطريقة عمل صبحي كثيرا، أما في المجال عموما فمنذ كنت طفلة كانت تبهرني السندريلا سعاد حسني وأحب تقليدها دائما وبالفعل تأثرت بها وبتعدد مواهبها مما ساعدني كثيرا على خشبة المسرح، فهي تقدم استعراضات ودراما وتضحك وتجهش بالبكاء فهي كتلة فنية أثرت في عملي كثيرا.
 - كيف انضممت للعمل مع فريق في العرض؟
بمحض الصدفة أيضا حين أخبرني أشرف علي أنه يريد ممثلة تجسد الدور وأنه سيعرض خلال ستة أيام وسيشارك به في مهرجان بلا إنتاج الدولي، ولأنني من البداية أحب هذه التجربة كثيرا منذ أول ليلة عرض لها بخلاف حبي لكتابات أشرف، وافقت فورا تحمل مسئولية الدور وبدأنا البروفات.
 - حدثينا عن دورك في العرض؟
الشخصية أعتبرها مركبة ومعقدة فهي لفتاة في العشرينات من عمرها، عاشت حياتها لا تعرف المشاعر ولا تعرف أساسيات الحياة حتى إنها لا تعرف أن هناك أمومة، كل ما تعرفه هو الخوف فهي مريضة بالخوف، لا يمكنها التعامل مع أهلها، الجميع يسيء معاملتها ماعدا أخيها الوحيد الذي يحضر لها الطعام دون علم الباقين ويحنو عليها ويعلمها معنى الأمومة وأن تنطق بها. تبدأ الشخصية في التقلب منذ إخراج والدها لها من صندوق الفئران الذي وضعها به - حتى اعتادت على القسوة وقرض الفئران - فيظهر التوتر في العلاقة مع أهلها حيث إنها الوحيدة التي لا تملك الصفات الحيوانية، لا تأكل اللحوم نيئة مثلهم ولا تأخذ الشكل الحيواني بل إنها الوحيدة المحتفظة بالشكل الإنساني، وتحمل إلى حد ما مشاعر إنسانية لكنها لا تقدر على التمييز بينها، ويأخذنا العرض لمحاولات رفضها سلوكيات والدها ومعاملته لها، فيقرر قتلها ولكن يوقفه هجوم من الخارج، فتبدا في اكتشاف مشاعر مختلفة يعلمها إياها أخيها السمكة ويزيد من إنسانيتها فيكتشف الوالد الأمر ويقتل الأخ ويطلب منها أن تأكل من جسده في مشهد قاس فترفض وتتخلص من جثمان أخيها حتى لا تصبح مثلهم، ثم يطلب الوالد من أخوتها الاعتداء عليها وهنا تتحول تماما فتخسر كبرياءها والمشاعر التي احتفظت بها وتتوه فتقرر مواجهة والدها لتكتشف في النهاية أن لديه هو أيضا مشاعر لكنها مشاعر الكراهية فتقتله، ليبدأ تحول آخر في شخصيتها ومشاعرها وتصبح نسخة أسوأ من والدها، وتعترف في النهاية أن الحياة والبشاعة وجهان لعملة واحدة، والنظرية التي يقصدها المؤلف هنا أن كل شيء يقترب من النهاية، ليعود للبداية، ونحن بالفعل بدايتنا كانت حيوانية.
 - يبدو أن الشخصية مركبة ومعقدة كثيرا فكيف جهزت نفسك لها؟    
أدرس علم النفس، وكان يستلزم الأمر مني أن أكون أكثر استيعابا لمعنى تعايش أحدهم مع فكرة الخوف، وبدأت إلى حد ما في الانعزال ولم أتعامل طوال فترة البروفات والعرض سوى مع فريق العمل فبدأت الاعتياد على الضرب والمعاملة القاسية بالإضافة لبعض التدريبات البدنية، أيضا أذهب مع موسيقى العمل وأتعايش معها كثيرا بالإضافة لمساعدة زملائي وطاقاتهم وبدأت بالتدريج تقمص مشاعر الكراهية والخوف بتدريب نفسي على التقلبات التي تمر بالشخصية، خوفها وارتباكها وبكائها، كل ذلك يحدث في مساحة البروفة، حتى إنني كنت أخصص لنفسي وقتا قبل البدء لأهيئ نفسي نفسيا أنني خارج العالم وأنني تلك الشخصية، ومن ضمن التدريبات كانت تدريبات الإحساس، أن تمر كل الأحداث في ذهني ويمر كل التاريخ السابق للشخصية التي أجسدها منذ ولادتها حتى الآن، كل ذلك بنيته بمواقف مرتبطة بها داخلي حتى أستطع الشعور بها.
 - هل تقومين باستعدادات معينة لكل الأدوار أم تكتفين بتوجيهات المخرج؟
لا يكتفي الممثل بتوجيهات المخرج، فأيا كانت توجيهاته هي لخدمة رؤيته الخاصة والممثل إلى حد ما أناني بعض الشيء، ويريد أن يظهر ولكي يظهر لا بد أن يعمل على نفسه جيدا ويبحث ويبني الشخصية من بدايتها لنهايتها، ويتعرف على مشاعرها ومن يتأثر بها، وفي دوري هنا كان يحتاج العرض للكثير من البناء.
 - كون المخرج هو مؤلف العرض أيضا هل ساعدك ذلك على فهم الشخصية أكثر؟
نعم، فدائما هناك إشكالية إذا كان المخرج ليس هو المؤلف، لأن المؤلف حين يكتب يرى صورة تختلف عن الصورة التي يراها المخرج وهو ينفذ، فتحدث اختلافات حين يقرر المؤلف حضور البروفات ونحاول نحن إيصال الصورة لكليهما حتى يتفقا معا، مما يشكل جهدا كبيرا، لكن أشرف لأنه المؤلف فرؤيته حاضرة، وقد كتب برؤيته الإخراجية فسهل الأمر كثيرا.
 - ما تقييمك لمهرجان بلا إنتاج؟
المهرجان جيد وفي تطور كل عام ورغم الفجوات السابقة لكنه من المهرجانات الهامة وفكرته جيدة جدا، لكن لنكن واقعيين لا يوجد شيء بلا إنتاج بشكل كامل، لذا كنت أتمنى أن يساعدنا المهرجان بعض الشيء، وأطمح أن تتاح الفرصة للعروض المشاركة أو التي حصلت على جوائز للسفر للخارج والمشاركة في مهرجانات دولية، وأعتقد أن ذلك سيكون فرصة جيدة لاسم المهرجان وللعروض، لأن هناك الكثير من العروض تستحق ذلك.
 - هل ترضي تلك المهرجانات طموحكم المسرحي كشباب؟
إلى حد ما لكننا نحتاج لفرص أكبر فليس لدينا مهرجانات في الإسكندرية سوى مهرجانات الجامعة، حتى مهرجان الجامعة لم أشارك به حتى الآن، وأن يتاح لنا فرصة السفر وتبادل الخبرات، ففكرة السفر بعيدة وصعبة ولا نصل إليها بسهولة، هذا بخلاف أن الحصول على ليلة عرض في أي مكان يعد أمرا صعبا أيضا.. نحتاج لمسارح تساعدنا.
 - هل تواجهك صعوبات في عملك بمجال لتمثيل؟
بالتأكيد هناك صعوبات، نحن مجتمع شرقي ونظرته ثابتة لأشياء كثيرة، كممثلة قد يعجبهم العمل، لكن تظل وجهة النظر أن المنزل للفتاة هو مكانها، ولن يقبل أحد الارتباط بها طالما تعمل ممثلة، وقد واجهت أشياء كثيرة بهذا الشكل، وأتمنى أن يكون المجتمع متسامحا معنا ويفهم أننا نحاول تقديم أفكار ورؤى مختلفة للكثير من الأشياء، ونحاول التعبير عن أنفسنا ونخرج طاقة كبيرة جدا، وسيكون الأمر أكثر بساطة إن أصبحت النظرة أكثر وعيا وثقافة.
 - هل فكرت في الشهرة عن طريق العمل في التلفزيون أو السينما؟
لا مطلقا لأن المسرح بالنسبة لي أبو الفنون فإذا انقطعت عنه لبعض الوقت أشعر بنقص داخلي وأبحث عنه، لم يخطر ببالي يوما الذهاب لكاستينج سينما أو تلفزيون، قد أحب المشاركة في أفلام قصيرة، لكن غير المسرح لا أنوي العمل. المسرح به متعة كبيرة فردة فعل الجمهور حاضرة وتحية الجمهور لي أخر العرض لحظة رائعة لا يمكنني الاستغناء عنها.
 - هل ترين أن ما يقدم الآن على المسارح يعبر عن قضايا وهموم جيلك من الشباب؟
ليس الجميع، هناك عروض للعرض فقط وتجارب تخرج لمجرد الضحك، لكن هناك تجارب وأفكار بدأت في الظهور خلال الثلاث سنوات الماضية مختلفة تماما، وبدأ كتاب من جيلنا كتابة أشياء مختلفة، وأرى كتابات جيدة وأنتظر تجربة لزملائي بنوادي المسرح تحاكي واقع شبابنا وتربط بين وجهة نظر جيلين، لكن لا يمكنني القول إن كل التجارب تشرح حالنا.
 - لماذا دائما هناك فجوة بين الجيلين؟
لنفس سبب فكرة المجتمع الشرقي، الفكرة تكمن في أن الكبار ينظرون لما نقدمه على أنه «لعب عيال» ولا يُقدرون أن الأمر مرهق بالفعل ولهذا هناك فجوة، وبعيدا عن المسرح فتحديات جيلنا تختلف عن جيلهم.. نعم اجتهدوا وعانوا كثيرا حتى وصلوا، لكننا مررنا أيضا بتقلبات كثيرة وتغيرات أثرت فينا وعلى سوق العمل ودراستنا ومناهجنا، حتى أساتذتنا مختلفين بالإضافة للإرهاق الذي نمر به أضعاف ما مروا به، الفرص قلت عن المتاح لهم وقتها، الفجوة تحدث لأنهم لا يستوعبون حجم الصعوبات التي نمر بها، لذا نتمنى أن يشعروا بنا ويفهموا ذلك، فليس معنى أنني لا أعمل أني مقصرة. نحن مختلفين وكل منا لديه صعوباته التي مر بها، وجيلي أنا تحديدا جيل حقل التجارب.
 - ما طموحاتك الفنية؟    
الشيء الأكيد بالنسبة لي هو أنني أعشق المسرح كثيرا ولكنني لا أعلم إلى أين سيأخذني الفترة المقبلة.


روفيدة خليفة