العدد 588 صدر بتاريخ 1ديسمبر2018
فرقة القباني
تحتل فرقة أحمد أبو خليل القباني المرتبة الثانية - بعد فرقة إسكندر فرح - من حيث التألق في عروضها المسرحية بحلوان، وتحديدًا في عامي 1897 و1898، حيث بدأت الفرقة عروضها بمسرحية (أسد الشرى) في يناير 1897، وخصصت دخلها لمساعدة عائلة فقيرة. وفي أكتوبر بدأ التألق الكبير للقباني وفرقته، بفضل بطلة الفرقة ومطربتها (ملكة سرور)، التي تحدثت جريدة (مصر) عن تمثيلها لمسرحية (إسكندر المقدوني)، وظهورها الأول في حلوان يوم 4/ 10/ 1897، قائلة: «أحسن جوق أبي خليل التمثيل أمس في تياترو حلوان وراقت للجمهور نكات أحد الممثلين وهزله الرقيق، حتى أنهم أكثروا من التصفيق والاستحسان من ابتداء التمثيل إلى انتهائه. ولكن هذا كله لم يكن شيئًا مذكورًا عند التصفيق الهائل الذي ارتجت له جوانب الملهى مرارًا وتكرارًا، حين برزت حضرة المطربة المبدعة السيدة ملكة سرور، وسحرت الألباب بما أوتيت من جمال الصوت والبراعة في التلحين وكمال الأدب. ولا ريب أن وجود مثل هذا الامتياز في جوق عربي، يجعل إقبال الأدباء عليه محتما».
وبفضل ملكة سرور لاقت عروض فرقة القباني المسرحية نجاحًا كبيرًا في حلوان، لا سيما بعد أن خصصت الفرقة ليلة الأحد من كل أسبوع للتمثيل في حلوان. ومن أشهر العروض المسرحية، التي مثلتها الفرقة: الأمير محمود، وأنس الجليس، والكوكايين، والانتقام، ولباب الغرام. ووصل نجاح القباني إلى حد مطالبة أهالي حلوان بوجوده يومين أسبوعيًا بدلاً من يوم واحد!! وعن هذا الأمر قالت جريدة (المؤيد) يوم 15/ 11/ 1897: «طلب سكان حلوان وأعيانهم من حضرة الشيخ أحمد أبي خليل القباني مدير جوقة التمثيل المشهورة، أن يتحفهم بليلة تمثيل أخرى في كازينو حلوان غير الليلة المعتادة. فأجاب طلبهم ووجد حضرته من مصلحة سكة حديد حلوان خير مشجع. وعلى هذا خصص حضرة مدير الجوق ليلة الخميس من كل أسبوع (مساء الأربعاء) لتمثيل رواية في تلك المدينة ابتداء من الأسبوع الآتي؛ حيث يكون في خلال كل رواية فصل غناء مطرب من حضرة الست ملكة سرور كما يكون مثله في ختامها».
ووفقًا لهذا الاتفاق عرضت الفرقة – خلال شهر ونصف – المسرحيات الآتية: عنترة العبسي، والحاكم بأمر الله العباسي، وأسد الشرى، والسلطان حسن، والملك إسكندر المكدوني، ولباب الغرام، والأمير محمود، وناكر الجميل، والخل الوفي.
ومع بداية عام 1898، أصبحت بطلة الفرقة ومطربتها الأولى (ملكة سرور) وسيلة جذب للجمهور!! فقد نشرت جريدة (المقطم) إعلانا يوم 11/ 1/ 1898، قالت فيه: «تطرب الجمهور في تياترو كازينو حلوان الست ملكة سرور 15 يناير الساعة 8 ونصف مساء. وأجرة كرسي الفوتيل 15 غرشًا، والستال عشرة غروش، وكرسي الحريم 20 قرشًا. وستكون هذه الليلة من أبهى ليالي الطرب. وقد بيع أكثر الكراسي، ولم يبق سوى القليل منها. وهي تُطلب من الخواجة سلفاتوري ماركو ليفي، وتباع في حلوان على شباك التياترو، ويقوم قطار مخصوص من حلوان لمصر الساعة الواحدة وربع بعد نصف الليل، علاوة على القطارات المعتادة».
ومن خلال تتبعنا لعروض فرقة القباني في حلوان، طوال عام 1898، نستطيع أن نذكر هذه المسرحيات على سبيل المثال، وهي: جميل وجميلة، وولادة بنت المستكفي، والأمير محمود، وأنس الجليس، والانتقام، وأسد الشرى، والسلطان حسن، والبخيل، ومكايد الغرام، ولوسيا، واللقاء المأنوس في حرب البسوس، والكوكايين.
فرقة القرداحي
تألقت عروض فرقة سليمان القرداحي المسرحية في حلوان عام 1893، عندما كان يدير كازينو حلوان ومسرحه المسيو عاداه!! فقد أشارت إلى ذلك جريدة (المقطم) يوم 4/ 9/ 1893، قائلة: «مثل جوق حضرة الأديب سليمان أفندي قرداحي أمس رواية (هملت) في مرسح حلوان، فأجاد الممثلون والممثلات، وخصوصًا هملت وحبيبته، حتى لم يبق أحد إلا صفق لهم استحسانًا. وأما المرسح فقد كان مزدحمًا بالمتفرجين، حتى اضطر كثيرون أن يقضوا مدة التمثيل وقوفًا، إذ لم يبق في المرسح مكان يجلسون فيه. وقد خرج الجمهور يمتدحون تفنن هذا الجوق في التمثيل والإلقاء، ويثنون على حضرة الموسيو عاداه لانتقائه إياه لمرسح حلوان، لما تبين له من مهارته واستعداده».
واستمرت الفرقة بهذا النجاح طوال عام 1893، من خلال عروضها المسرحية الناجحة، مثل: عائدة، واستير، وأبو الحسن المغفل، وأوتلو أو القائد المغربي (عطيل). كما وجدت عروضًا للفرقة تم عرضها في حلوان في عامي 1899 و1904، منها: السيد، وحمدان، وحفظ الوداد، والأمير حسن.
فرقة الشيخ سلامة حجازي
ظهرت هذه الفرقة عام 1905؛ بوصفها أول فرقة مسرحية مصرية، بعد أن انفصل سلامة حجازي عن فرقة إسكندر فرح. وبطبيعة الحال، تألقت عروض هذه الفرقة في حلوان في هذا العام، حيث مثلت مجموعة مسرحيات، منها: السيد، وغانية الأندلس، وصلاح الدين الأيوبي، وصدق الإخاء، وشهداء الغرام. وبعد هذا العام، وجدنا بعض العروض المتفرقة، التي عرضتها الفرقة في حلوان أعوام 1908، 1912، 1913، ومنها: ضحية الغواية، وضحايا الغرام، وشهداء الغرام، وغانية الأندلس، واليتيمتين. وحتى نتعرف على أهمية هذه الفرقة وعروضها في حلوان، نقرأ معًا ما نشرته جريدة (المقطم) يوم 10/ 2/ 1908، عندما عرضت الفرقة مسرحية (ضحية الغواية)، حيث قالت الجريدة:
«مثل البارحة جوق حضرة الشيخ سلامة حجازي في تياترو حلوان رواية (ضحية الغواية)، فلم يبق محل لجلوس الناس من كثرة الإقبال لمشاهدة الرواية. فقد غص المكان بالحاضرين من أعيان ووجوه حلوان ومصر والسياح وغيرهم، وكان الترتيب كاملاً والجمهور هادئًا والنظام شاملاً والإصغاء لسماع الممثلين تامًا، حتى قلما شاهدنا نظامًا مثله. وأبدع الشيخ سلامة حجازي بتمثيله وإنشاده حتى تمنى الحاضرون أن لا ينتهي من أدواره. وأجاد حضرة أحمد أبي العدل بجودة إلقائه وفصاحة لسانه، وكان يمثل الوزير. وأجاد ممثل الملك أيضًا، وظهرت ممثلة شارلوت ببراعة ومهارة فائقتين بحسن تمثيلها وتكييف ألفاظها وحركاتها، فامتدحها الحضور، وشكروا هذا الجوق ومديره أحسن شكر. وكانت الموسيقى الوترية تصدح بأشجى الأنغام بين الفصل والفصل برئاسة حضرة الأديب عبد الحميد علي. وأعجب السياح بالتمثيل ورخامة صوت الشيخ سلامة والموسيقى الموقعة على العلامات الأفرنجية. وختمت الليلة بفصل مضحك سر به الحاضرون، وانصرفوا يتحدثون بمحاسن هذه الليلة ويثنون على القائمين بها».
جورج أبيض
عندما عاد جورج أبيض من فرنسا عام 1912 – بعد دراسته للمسرح بمنحة خاصة من الخديو عباس حلمي الثاني – كوّن فرقة مسرحية نالت التشجيع الرسمي، وتألقت فنيًا في العاصمة، وكان لا بُد أن تعطي حلوان نصيبها من هذا التألق، الذي بدأ عام 1913، حيث مثلت الفرقة مسرحيات: أوديب، ومدرسة النساء، ولويس الحادي عشر، ونابليون. وفي عام 1914 اندمجت فرقة جورج أبيض مع فرقة الشيخ سلامة حجازي، ليكونا معًا (جوق أبيض وحجازي)، الذي مثل في حلوان مسرحيتي عايدة، والأفريقية.
فرق عربية أخرى
خلافًا للفرق المسرحية السابقة، هناك فرق أخرى ذات شهرة كبيرة، ولكنها كانت مُقلة في عروضها بكازينو حلوان، مثل: فرقة الممثل الكوميدي الشهير أحمد فهيم الفار، التي مثل مسرحية (العجائب والغرائب)، التي تُعدّ باكورة ما عُرف فيما بعد باسم (المونودراما)، حيث قالت جريدة مصر يوم 18/ 12/ 1908 – في إعلاناها عن هذا العرض في حلوان – «وسيقوم حضرته بتمثيل 60 شخصًا في شخصه الوحيد». وفي عام 1913 مثل جوق أحمد الشامي في حلوان مسرحية (شهداء الغرام)، وفي عام 1914 مثلت فرقة عكاشة مسرحية (البريئة المتهمة)، وفي عام 1928 مثلت فرقة منيرة المهدية مسرحية (الغندورة)، وفي عام 1929 مثلت فرقة نجيب الريحاني مسرحية (جنان في جنان).
فرق أجنبية
لم ترضَ حلوان باستقبال العروض المسرحية العربية فقط، بل تخطت ذلك إلى العروض الأجنبية، التي تركت أثرًا ملموسًا في حلوان، ومنها - وفقًا للتسلسل التاريخي - جوق المسرة العثماني - وهو فرقة مسرحية تركية - عرضت في حلوان مجموعة من العروض المسرحية منذ عام 1894 إلى عام 1908، ومن أهمها مسرحيات: البلابل والدماء، زواج المريض بالابنة المدنية، وجيلان بك، وابنة الصباغ أو العشاق ذوو الألوان الثلاثة، وديكولاتو، وقطاع طريق الحرش الأسود. كما عرض الجوق الإيطالي مسرحية (عايدة) يوم 18/ 4/ 1897 كما قالت جريدة المقطم، وعرض الجوق الياباني مسرحية (صوت الشعب) في يناير 1908، وعرض الجوق الفرنسي مسرحية (معامل الحديد) في يناير 1908 أيضًا.
جوق حلوان العربي
تأثرت مدينة حلوان بهذا النشاط المسرحي عبر تاريخها، مما شجع الأديب والكاتب المسرحي (جورج طنوس) لتكوين أول فرقة مسرحية في حلوان من أبنائها، وأطلق عليها اسم (جوق حلوان العربي). وهذا الجوق لم يعمر طويلاً، حيث تحدد نشاطه في أشهر قليلة من عام 1913، ومثل مسرحيتي: غرام وانتقام، والفلاحة. والمسرحية الثانية، قالت عنها جريدة (المؤيد) يوم 4/ 5/ 1913: «.. رواية (الفلاحة) تمثل بعض الأحوال الاجتماعية المصرية وتحوي أسمى الحكم وأرق العواطف».
الجمعيات والنوادي
نالت حلوان حظها من العروض المسرحية، التي أقيمت بواسطة الجمعيات والنوادي الفنية والأدبية، ومن أهمها (مجتمع التمثيل العصري) تحت رئاسة الأديب والكاتب المسرحي جورج طنوس، وهذا المجتمع، مثل مجموعة من المسرحيات في كازينو حلوان عامي 1904 و1908، منها: عثرات الآمال أو النسر الصغير، وصوت الشعب، والشعب والقيصر. ومثلت جمعية النهضة الأدبية الخيرية مسرحية (غرائب الخداع) عام 1905. أما (جمعية إحياء فن التمثيل)، فقد مثلت مسرحيتين في ليلة واحدة يوم 15/ 4/ 1917، من تأليف وتمثيل رئيس الجمعية (حسن شريف)، وهذا نص الإعلان الذي تم توزيعه وقتذاك:
«أين تمضي ليلة شم النسيم؟ الكل يتساءل عما يكون في ذلك اليوم المشهود يوم الفرح والسرور. أما وقد ضاقت المدينة بملاهيها وسئمت الناس طقسها السقيم وجوها المعتكر وسمائها المتلبدة وهواءها الملوث فما عليهم إلا أن يرُوحوا عن نفوسهم ويقصدوا (كازينو حلوان) في مساء الأحد 15 أبريل سنة 1917 (ليلة الاثنين) الساعة 8 تمامًا فهناك يتم لهم السرور ويشاهدون ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، كيف لا وستمثل في هذه الليلة الزاهية (جمعية إحياء فن التمثيل) المؤلفة من خيرة الشبان الراقيين الراغبين في إحياء هذا الفن روايتين في حفلة واحدة (إلى القتال إلى القتال) حربية وطنية حماسية وقعت حوادثها يوم أن أعلنت الحرب الأوروبية الحالية. وقد صادفت إقبالاً عظيمًا من الجمهور بحوادثها المشوقة وأسلوبها الراقي ومواقفها الرهيبة ومناظرها التي تأخذ بمجامع القلوب فترى بعينيك ساحة القتال وكيف يكون الدفاع عن الوطن ولا غرو في ذلك فهي الرواية التي تفتخر بها المسارح العربية. و(صرصار عاشق خنفسة) كوميدي عربي وأفرنكي من النوع الجديد وقعت حوادثها في شهر رمضان المكرم. وقد حازت رضاء الجمهور الراقي المتعلم وكفاها فخرًا أن تمثل لنا حوادثها وما يكون في شهر رمضان فكيف يكون الإنسان عاقلاً أو غبيًا وكيف يلعب الطيش بعقول الناس وفيها تظهر لنا الحكمة (كما يدين الفتى يدان) هذا عدا قصائد وقطع تمثيلية. (حسن أفندي شريف) رئيس الجمعية ومديرها الفني وواضع الروايتين والقائم بتمثيل أهم أدوارهما».