في ندوة المركز القومي للمسرح«حدث في بلاد السعادة» يتلقى الإشادة ويواجه علامات الاستفهام!! 

في ندوة المركز القومي للمسرح«حدث في بلاد السعادة» يتلقى الإشادة ويواجه علامات الاستفهام!! 

العدد 582 صدر بتاريخ 22أكتوبر2018

أقام المركز القومي للمسرح برئاسة المخرج محمد الخولى و إشراف عام فارس عبد المنعم ندوة نقدية للعرض المسرحي حدث في بلاد السعادة علي خشبة مسرح السلام، ضمن الندوات الشهرية التي ينظمها المركز القومي للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية. ناقش العرض من النقاد  صفاء البيلي و احمد خميس بحضور المخرج مازن الغرباوي.  أدار الندوة الباحث علي داود
 اشادت الناقدة صفاء البيلي بحالة التكامل التي صنعها أبطال العرض علي خشبة المسرح والنقلة  النوعية للفنان مدحت تيخا مابين هذا الدور والأدوار التي سبق وقدمها للمسرح من قبل  كما أشادت بدور الفنان حسن العدل “ الحكيم” الذي استطاع من خلال هذا الدور القصير ان يبعث الألم النفسي الذي كان يعيشه داخل محبسه رفقة الشاعر، وقد رفضا الخروج للحياة بعد وصول الحاكم الطيب (بهلول) لنتأكد أن هناك خلل في هذه البلاد التي تحبس فيها الكلمة وهي شرف الله وأن تحبس الحكمة وهي المسيرة لهذا الكون .
كما أشادت بالفنان علاء قوقة وقالت انه  يمتلك فرضيات الممثل الحقيقي الذي يستطيع أن يخرج من حال إلي حال في المشهد الواحد مؤكدة انه رمز من رموز الالتزام في المسرح 
 وقالت البيلي:  رغم أن المؤلف وليد يوسف كتب هذا النص  منذ سنوات كثيرة إلا أنة يناسب المسرح الحديث مشيرا إلي أن مخرج  العرض علي علاقة وشيكة بهذا النص عندما تم عرضة لأول مرة باسم آخر وحصل العرض علي جائزة “ سعاد الصباح” وأنه يمثل حالة ما لدى المخرج وهناك وشائج  بينة وبين المؤلف،  أضافت إنها شاهدت للمخرج مازن الغرباوي أكثر من تجربة مثل “طقوس الموت والحياة”  “ وحلم ليلة صيف” مع الفنانة المتألقة فاطمة محمد علي مؤكدة  ان حدث في بلاد السعادة منهج عام يتبعة  الغرباوي كمخرج وهو المسرح الغنائي الاستعراضي وان بلاد السعادة عالم افتراضي في اللا مكان واللا زمان، ولكن بالنسبة للمشاهد فبلاد السعادة أمل  ممكن ان  تكون الهند او السند او العراق او ليبيا او مصر او اي مكان في الوطن العربي  وعلي صعيد آخر بلاد السعادة بالنسبة لصناعة هي افتراضية.
أشادت بذكاء المهندس حازم شبل مصمم الديكور لأنة كان قادرا علي تفهم ما يرمز إليه العرض ورغم بساطة الديكور إلا أنة كان واقعياً ومعبراً عن حالة الانقسام التي تعيشها بلاد السعادة  كذلك الاضاءة للمهندس مصطفي التهامي  التي كانت تعبر عن كل كبيرة وصغيرة في تفاصيل العرض مستندة في ذلك علي مشهد علاء قوقة عندما كانت الخلفية إضاءة حمراء مما يعبر عن انتصار الشر في النهاية كما وصفت مصممة الأزياء  مروة عودة ب(الشاطرة) لأنها استطاعت أن تصنع ازياءاً تناسب بلاد السعادة وغيرها وتكون قادرة علي التفرقة بين الفئات، وعن الأشعار فقد وجهت الشكر للشاعر  حمدي عيد علي الأشعار التي صاحبت العرض وكان لها دورا كبيرا في اكتمال النص والدراما. مؤكدة أن الاستعراضات للفنانه كريمة بدير أعادت للمسرح فكرة التأليف الموسيقي واكتمال الصورة الفنية والدرامية على خشبة المسرح. 
تابعت ان العرض  يطرح مجموعة من التساؤلات عن العدل ومعناه . الحكمة ومعناها . الحرية ومعناها  عن الحاكم وما هي الصفات التي لابد أن يتسم بها لكي يستطيع أن يحكم بلاد السعادة 
و إلي أي مدى يستطيع العرض المسرحي ان يثير تساؤلات الجمهور ؟؟ وهل تستطيع هذة العروض ان تغير من واقعنا ؟؟
الناقد احمد خميس  قال يبدو اننا امام طموح مخرج واعي للفكرة التي يعمل عليها يدرك تماما ان هذا العمل يحتاج لجهد غير طبيعي ووعي متطور لأبعد الحدود ومؤديين علي اعلي كفاءة   وان هذا الطموح ينتظره المستقبل متمنيا ان تستمر هذه النوعية من الدراما التي نفتقدها في مصر والدول العربية لأهميتها واحتياج الجمهور لهذه العروض التي تحاكي الواقع وتعبر عن مطالبهم 
تابع إستطاع المخرج بطموح العرض الغنائي الاستعراضي استخدام كوادر فنية لها كفاءتها كل في مجالة مثل  مروة عودة في تصميم الأزياء مؤكدا انها مصممة أزياء من طراز رفيع تحذو حذو المصممة الرائعة نعيمة عجمي و تعي تماما ماذا تقدم متي وأين في كل مرحلة من مراحل العرض 
أشار الناقد احمد خميس ان النص  وقع في بعض الأزمات المكونة لعناصره الأساسية ولابد أن نضع هنا علامات استفهام علي الكاتب وليد يوسف،  تتمثل هذه الأزمات في أكثر من مشهد الأول هو المشهد  الذي خرج فيه الحاكم بهلول ليسأل الناس ما هي مطالبكم  فكيف لحاكم خارج من الشعب وفي يوما قريب و كان معهم ويدرك تماما ماهي قضاياهم أن يسأل الشعب ما هي مطالبكم . وأزمة أخري وهي “الفنال” . موضحا أن الفنال لابد وان يضع المتلقي أمام الصورة واضحة تماما كما أراد المؤلف والمخرج التعبير عنها ويجعل المشاهد علي درجة عالية من الوعي بالقضية التي يتناولها العرض، وهي ان هناك مشكلة في ذلك المجتمع وبالفعل هذا ماحدث عندما كانت النهاية هي فشل الحاكم الطيب في إصلاح الشعب مما دفعة للتخلي عن حكم البلاد،  تابع:  لابد وان يتوقف العرض عند هذا المشهد وما كان يجب أن يعقبه  أغنية تحث علي الطمأنينة والأمل  فهنا أيضا توضع علامة استفهام  وأخري تتمثل في فلسفة العمل والتي تشير إلي كسل الشعب و وقوعة في مشكلات عدة وأنة شعب  سكير ليس له طموح،  يهرب من مواجه الحقائق،  نري في المقابل عدم قدرة الحاكم الطيب على انتشال هذا الشعب من الواقع المؤلم رغم إتاحة الفرصة له في فعل ذلك في محطات كثيرة أثناء العرض .
وأكد خميس أن المسرح المهم والمؤثر في المجتمع لابد ان يتوقف عند نهاية معينة ليدفع المتلقي للتفكير، مضيفا أن حدث في بلاد السعادة كان قريبا جدا من هذا الأمر، مشيرا إلى  ان المؤلف وليد يوسف كان قريب  في تكوين النص الدرامي  من “حكايات ألف ليلة وليلة “ ولكنة أعاد صياغتها بشكل كبير بكتابة واعية  وله مرجعية أساسية لنصين أساسين أو أكثر وهم “ الملك هو الملك”و “ الفيل يا ملك الزمان”  وعلي صعيد آخر أشاد خميس بمشاهد كانت قوية واعتبرها  من اهم المشاهد التي قدمت علي مسرح الدولة  من زمن بعيد وهو مشهد السجن الذي يبين ان الحكيم والشاعر المهزومين رافضين الخروج مع الحاكم النقي الذي يريد التغير للأفضل بسبب  إحساسهم بأن الفساد لن ينتهي .المشهد الثاني عندما وقف الحاكم أمام الوزير وانقسمت خشبة المسرح إلي جزئين، واحد منهما للحاكم الطيب الذي يطالب الدولة بحل مشاكل الشعب  والآخر للوزير  الذي يحطم كل قرارات الحاكم . و أشاد باللمسات الفنية للمهندس حازم شبل مصمم الديكور مشيرا لمشهد البيوت وهي تقع عندما كان الفساد يطغى علي البلاد  وعندما عادت مرة أخرى إلي اعتدالها عندما أصبح الأمل موجودا،  وعلي الرغم من انها لقطة صغيرة إلا انها ناضجة وواضحة وتعبر عن العرض وعن التاريخ المشرف  لحازم شبل في المجال المسرحي .
وعن دور الفنان علاء قوقة   وجه الناقد احمد خميس سؤالا:  كيف كنت تجسد شخصيتين في يوم واحد في عرضين مختلفين واحدة في عرض مسافر ليل بالهناجر ويعقبها دورك في بلاد السعادة؟ تابع:  إذا تحدثنا عنة كفنان فلا ينتهي الكلام، وعن المشهد الصغير الذي قدمه  الفنان حسن العدل في مشهد السجن لفقد وصفة بأنة من المشاهد التي تحمل نضج ووعي فني كبير، عن ما كان يقدمة الفنان الكبير من قبل.  
وفي ختام كلمتة أشاد بأدوار النجوم محمد حسني في دور بائع الغلال  وأسامة فوزي في دور السقا والفنان راسم منصور في دور أدمور .
أوضح الفنان حسن العدل ان رفض الحكيم الخروج من السجن هو والشاعر كانت أسبابة واضحة وهي أنهم يدركون تماما الحالة التي عليها الشعب الذي لا يساعد في الإصلاح، مشيرا إلي جملته الشهيرة التي قالها للحاكم بهلول وهي ( كن قويا معهم لكن لا تظلم) متطرقا للأسباب التي جعلت الشاعر أيضا يرفض الخروج من السجن بسبب تعرضه لازمة كبيرة علي المستوي الإنساني هي أنهم ذبحوا ابنة أمام عينه، تابع: ان هناك نقطة قد تكون مفقودة لدي المتلقي وهي سبب دخول الحكيم السجن حيث لم يذكرها العرض، مؤكدا أن على المؤلف والمخرج ذكر ذلك  عن ذلك الأمر حتي تكون الصورة واضحة .
 الفنان علاء قوقة رد علي سؤال الناقد احمد خميس قائلا: قبل هذة  التجربة كنت اعرض مسافر ليل في الهناجر، ويوم ان قتلوا الغناء في المعهد العالي للفنون المسرحية، وكانت المسافة تقطع 45 دقيقة بالسيارة،   وكان الفرق بين العرض الأول والآخر 15 دقيقة فقط موضحا بعد انتهاء العرض الأول مسافر ليل كانت تنتظرني ( دراجة نارية) لكي اقطع الطريق في 10 دقائق فقط والتجهيز في 5 دقائق  لكي أصبح جاهزا للمشهد الأول.  والتجربة الثانية استمرت مع مسافر ليل وحدث في بلاد السعادة  والفرق لا يزيد عن 15 دقيقة بين العرضين. أضاف: انا لدي القدرة على الفصل بين الشخصيتين موضحا انه يحذو حذو الممثل القارئ الجيد للشخصية التي يقدمها ويعيش لحظات الصدق حتي يتوقف عندها لكي تتجمع لحظات الصدق بجوار بعضها ليتشكل النموذج الكامل لتلك الشخصية في سياق المسرحية بشكل عام، ثم في كل عرض يتم استعادة هذا بشكله الدقيق  وفي نهاية كلمته داعب الناقد احمد خميس قائلا انه دفعة للبوح بسر المهنة. 
المخرج مازن الغرباوي وجه الشكر للمركز القومي للمسرح لإتاحة الفرصة لهذه المناقشة النقدية وقال انه متابع جيد لكل ما يكتب مضيفا أن النقد يكمل ترس الحركة المسرحية ولا يوجد تجربة كاملة علي الإطلاق، موضحا أن كل ما يكتب عن العرض يوضع محل اهتمام ويأخذ به مؤكدا أن هناك عقدا مكتوبا بينة وبين كل فرد جالس في صالة العرض ينص علي ان هذا العرض حدوده خارج نطاق الزمان والمكان فهو بلا زمان وبلا مكان ويتم رواية هذه القصة من خلال الممثلون،  مستنكرا بعض المقالات النقدية التي وصفت  
من دخلوا لصالة العرض بأنهم “المغتصبون”  او من ينتموا لحاكم بلاد السعادة الأول، وهكذا. مشيرا إلى ان الليلة 30 شهدت النموذج الأمثل الذي تم تطويرة منذ افتتاح العرض، آخذا في الاعتبار كل ما كتب عن العرض من مقالات نقدية بناءة. مشيرا إلى ان حاكم بلاد السعادة قد يكون في عالم افتراضي ولا وجود له علي ارض الواقع، ولكن تم استخدام كلمات ومصطلحات وجمل بعينها  وبعناية وبدقة شديدة لوضعها في روشتات واضحة من الحكيم والشاعر المحبوسان مثل ( لذا أطلب منك ان توازن بين اللين والقوة بين العطف والقسوة فتعقل وزن الأمور حتي لا تدفع شعبك المتخبط في الظلام) 

 


محمود عبد العزيز