يوبيل فضي ناجح

يوبيل فضي ناجح

العدد 579 صدر بتاريخ 1أكتوبر2018

مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي لم يكن الإعداد له بالشيء العادي كالكثير من المهرجانات، ولكن كان وراء كل هذا النجاح جنود مثابرون عملوا كثيرا بقيادة حكيمة من رئيس المهرجان د. سامح مهران، حتى وصل المهرجان إلى القدر اللائق وهذا الحجم الدولي الكبير، فلقد تصدى المهرجان وعلى مدى دوراته المختلفة لإشكاليات وقضايا معاصرة وتحولات جوهرية تعكس واقع الإنسان وتجسد صراعه الآيديولوجي بجوانبه المتعددة وتأثير ذلك على فكره وقضاياه الإنسانية المتشابكة ومع كل ما يحيط به من واقع ليطرح لنا على مدى سنوات طوال الكثير من التجارب على مستوى العالم العربي والأجنبي.
لقد كان المهرجان دوما على وعد بتطوير المهارات بل وزيادة المعرفة بين شعوب العالم المختلفة وإحداث حراك مسرحي قادر على طرح الرؤى ومناقشة الأفكار بجدية ونجاح ولقد استطاع أن يفتح أبوابه للعالم عاما بعد عام ليعطي آفاقا واسعة وكبيرة للعمل المسرحي، وهذا واضح وجلي من الإقبال الجماهيري على العروض المسرحية وفي بعض الأحيان عدم القدرة على إبعاد الجمهور لتصميمهم على حضور العروض.
لم يكن هذا من فراغ بل بفعل ثقافي استطاع المهرجان من خلاله أن يطرحه ويتفهمه الجمهور لخلق متنفس خيالي وفكري للجميع، بل واستطاع أن يهيئ فرصا جديدة للشباب للإقبال على الورش المسرحية المصاحبة للمهرجان لإيجاد تنوع فني قادر على مواكبة العصر ويساهم في تطوير الفعل المسرحي وطرحه للمشاهد العربي المقبل على المسرح بجاهزية عالية.
لقد كانت فترة توقف المهرجان خطوة ناقلة للتجريب والمعاصرة لتشارك فيه الأعمال المسرحية التجريبية والمعاصرة كمرحلة جديدة على الساحة المسرحية منذ عام 2014 نظرا لأهمية هذه الفترة وللخلل السياسي والاجتماعي الذي عصف بمنطقتنا العربية فكان لا بد من توضيح صورة قادرة على مواءمة هذه التغيرات والأحداث.
والمتابع للحركة المسرحية في منطقتنا العربية التي اشتدت بها الصراعات السياسية دوما فعصفت بالحراك الثقافي بعيدا عن مساره، فكان المهرجان النافذة الوحيدة المطلة على العالم العربي والأجنبي، وذلك لقدرته على دحر كل المحاولات للتقهقر، ليعود بقوة بعد توقفه حاملا رسالة عزم وتصميم على تقديم التجارب الحديثة لمخاطبة التيارات الفكرية والسياسية والدينية المختلفة وتقديم رؤى جديدة وحديثة التف من حولها مسرحيو العالم للحوار والنقاش ما بين مؤيد ومعارض لإحداث حراك ونمط مسرحي يواكب تطور العالم.
والمتابع لهذه الدورة شاهد عروضا مسرحية استطاعت أن تعالج ما يحدث من صراعات في منطقتنا فكان لا بد من إظهار وتقديم عروض مسرحية من مناطق الحروب في الوطن العربي ليقاوموها بالفن، وكان ذلك كمحور متميز وفعال، إنه (المسرح تحت دوي القنابل).
إن قدرة المهرجان وتأثيره لأمر واقع على تفعيل الحراك المسرحي في مصر وخارجها، وذلك بإبراز وتقديم التجارب المسرحية على المستوى العربي والأجنبي.
فمنذ بداية المهرجان اشتغل على تقديم الكثير من المسرحيين وتجاربهم الحديثة وتقديمها بمنظور فني واكب الحالة الاجتماعية للشعوب، بالإضافة للملتقيات الفكرية والأطروحات المختلفة والقضايا المعاصرة المتعلقة بالمسرح عربيا أو عالميا، ولقد شكل المهرجان قيمة فنية عربية وعالمية كانت دوما داعمة للمسرح والمسرحيين العرب للاطلاع على تجارب العالم من خلال العروض والملتقيات والتحاور القائم على الشد والجذب للوصول لصيغ يستفيد منها الجميع بل تقديم رؤى مسرحية حديثة تواكب عناصر العرض المسرحي في صورة متكاملة والوقوف على التجارب المختلفة على الساحة العالمية.
كل الشكر لإدارة المهرجان والعاملين به ولجانه التي تعاونت وواصلت الليل بالنهار بقيادة رئيس المهرجان د. سامح مهران من أجل تقديم صورة ناجحة ودورة متميزة تليق بمكانة مصر.
مجدي محفوظ
 


مجدي محفوظ