المسرح المصري في فلسطين قبل نكبة 1948 (18) فرقة علي الكسار في فلسطين

المسرح المصري في فلسطين قبل نكبة 1948 (18) فرقة علي الكسار في فلسطين

العدد 696 صدر بتاريخ 28ديسمبر2020

زارت فرقة علي الكسار فلسطين لأول مرة بالفعل في صيف عام 1933! وأقول بالفعل؛ لأن هناك محاولتين لإتمام هذه الزيارة من قبل: الأولى عام 1926، وأعلنت الصحف المصرية عنها دون أي دليل على تنفيذها! والمحاولة الأخرى كانت عام 1932، عندما نشرت إحدى المجلات المصرية خطاباً من أديب في القدس، تحدث فيه عن منافسة شرسة بين بعض المتعهدين الفلسطينيين لاستقدام فرقة الكسار لعرض مسرحياتها في القدس! ومرة أخرى ظلت هذه الأقوال منشورة، دون وجود أي دليل على أن الزيارة تمت!
رحلة عام 1933
في يوليو 1933، نشرت إحدى المجلات المصرية إعلاناً، يقول: قريباً جداً تبدأ الرحلة الأولى لفرقة بربري مصر الوحيد «الأستاذ علي الكسار» في فلسطين وشرق الأردن وسوريا. وتمثل بها مجموعة من أعظم الروايات وأجملها وتصحب الفرقة معها في الرحلة: فرقة للغناء، فرقة ملحنات، فرقة موسيقى، فرقة راقصات، وأيضاً فرقة «مزاي» بكامل أعضائها. المخابرة بشأن هذه الرحلة من الآن عن فلسطين أو سوريا تكون مع متعهدي الرحلة داوود الدجاني أفندي، ومحمود العكرماوي أفندي بالقدس.
هذا الإعلان أثّر في الصحف والمجلات الأخرى، فبدأت تتنافس على نشر تفاصيل الرحلة، ومنها برنامج الفرقة؛ حيث ستمثل الفرقة مجموعة عروض في القدس ويافا ونابلس وحيفا. وهذه العروض ستكون بطولة المطرب «حامد مرسي»، والمطربة «عقيلة راتب». أما الفرقة فتتكون من: محمد حسن الشجاعي، محمد العزبي، فهمي علي، عبد القادر قدري، الشيخ سيد إسماعيل، عزيزة علي، أفكار علي، محمد شكري، لطيفة نظمي، سيد مصطفى، ليلى يوسف، حسين حسن، محمد سعيد، صلاح إبراهيم، محمد العراقي، عرابي سالم، إبراهيم حلمي، فتحية حلمي، زينب عرابي، حامد إبراهيم، حسين أبو عمر، علي أبو زيد، بباوي فرج الله، زكية إبراهيم، سيدة محمد، عوض الله، فتحية النطاطة، ومن أعضاء الأوركستر: يومازو، بترورلوتس. وأول مسرحية ستعرضها الفرقة مسرحية «ملكة الغابة» يوم 6 سبتمبر على مسرح «أديسون» في القدس.
في أواخر أغسطس 1933، وقبل أن تصل الفرقة إلى فلسطين، نشرت جريدة «الجامعة العربية» الفلسطينية كلمة بعنوان «فرقة علي الكسار وجوقة الرقص الخليع»، قالت فيها: «علمنا أن فرقة علي الكسار ستأتي إلى القدس في أوائل الشهر القادم مصحوبة بجوقة من الراقصات الهنغارية، تسمى راقصات «مزاي»، لتقيم حفلات تمثيلية في هذه المدينة. وإننا نعرف عن فرقة الأستاذ علي الكسار القدرة في الفن والنبوغ في التمثيل ونعرف أيضاً أن النجاح الذي لاقته هذه الفرقة هي به جديرة. ولكننا نرجو من مديرها أن يختار الروايات التي تلائم الوسط العربي في هذه البلاد وتكون درساً مفيداً لشبابنا، إذ المطلوب من جميع الروايات التي تعرض على المسارح أن تكون درساً نافعاً، والمسارح بحد ذاتها مدارس للشعب. ولكن الذي آلمنا هو ما سمعناه عن اصطحاب هذه الفرقة جوقة من الراقصات الخليعات تعرض رقصاً ليس فيه من الفن شيء، بل مما يندى له الجبين حياء وخجلاً، ولا تسمح به الأخلاق الإسلامية والعادات العربية. وقد قيل لنا إن نصف هذه الجوقة من اليهوديات اللواتي التصقن بالفن زوراً وكذباً ليبرزن في ميدان الخلاعة والسفاهة! كفى هذه الأمة ما تلاقيه من سفه اليهوديات وخلاعتهن ونشرهن فساد الأخلاق والتبذل بين رجالنا وشبابنا، وكفاها أن ترى الإباحية على أفظع أنواعها في الحدائق والمتنزهات والمراقص والحمامات اليهودية التي أصبحت بؤرة فساد وأوكار قذارة! فلماذا يريدوننا على الاستزادة مما لدينا بجلب راقصات فرقة مزاي الخليعة. إننا نهيب بالأستاذ علي الكسار ألا يكون سبباً في دفع شبابنا إلى أعماق هاوية الدعارة، بعد ما مهدت لهم اليهوديات المهاجرات هذا السقوط، وجدير به أن يعدل عن جلب فرقة مزاي معه إلى فلسطين. فإذا لم يفد معه هذا النصح فإننا ندعو العرب إلى مقاطعة فرقته مقاطعة تامة فيوفرون على أنفسهم الأموال ويحصنون أنفسهم عن رؤية ما يفسد أخلاقهم ويهدر كرامتهم!».
وعلى الرغم من هذا الهجوم، عرضت الفرقة في القدس عروضاً ناجحة، علقت عليها جريدة «أبو الهول» المصرية، قائلة: افتتح الأستاذ علي الكسار أولى حفلاته في القدس برواية «ملكة الغابة» على مسرح سينما أديسون. وقد كان الإقبال كبيراً؛ لأن هذه رحلة الكسار الأولى، ولأن الجمهور متعطش إلى حضور الروايات الكوميدية، ولأنه أعلن أن فرقة «مزاي» وهي التي قرأ عنها الجمهور كثيراً ستشترك بعرض رقصات فنية. وقامت الفرقة بتمثيل رواية «ابنة فرعون»، وكان الإقبال عليها حسناً كسابقتها، وقوبلت بحفاوة أكبر من الأولى.
وفاة ملك العراق
انتقلت الفرقة من القدس إلى يافا، لتعرض فيها العرض الأول يوم الثامن من سبتمبر، وعند وصولها صُدمت بخبر وفاة الملك فيصل ملك العراق، فرأى الكسار أن من واجبه إلغاء العرض، وعلق على الجدران نداءً مطبوعاً – نشرته مجلة «الصباح» - تحت عنوان «الأستاذ علي الكسار يشارك الأمة في أحزانها ويلغي حفلة الليلة»، وهذا نصه: ورد النبأ الرهيب بوفاة الملك الهاشمي العظيم فيصل بن الحسين، فثارت اللوعة واشتدت الوجيعة. ولقد كان حقاً عليّ أن أشارك الأمة في عاطفة الحزن على الملك العربي، الذي أحبته مصر كما تحبه شقيقاتها البلاد العربية، فاشتراكاً بهذا الشعور، وبياناً لما تركته الفاجعة من أسى في نفسي، أعلن للشعب الكريم إلغائي حفلة مساء الجمعة. فليتغمد الله الملك العظيم الراحل بالرضوان، وإني أعزي نفسي والأمة العربية بهذا الخطب الجلل [توقيع] علي الكسار.
حاول الكسار أن يعوض هذا اليوم في الأيام الثلاثة المتبقية له للعرض على مسرح «باريزيانا» في يافا؛ ولكن المتعهدين نشروا بياناً قالوا فيه: « إلى إخواننا العرب! إن فرقة الأستاذ علي الكسار حداداً على فقيد العرب المغفور له صاحب الجلالة الملك فيصل، ستوقف حفلاتها إلى ما بعد مرور جثمانه الكريم من هذه البلاد العزيزة. وإننا نحن المتعهدين لحفلاته تضامناً مع الأمة المكلومة، وتنفيذاً لقرار مؤتمر الشباب العربي الأول، نعلن إرجاء حفلاتنا إجلالاً لروح الفقيد العظيم، عوض الله العرب في خسارتهم وبلغهم أمانيهم. [توقيعات] رضوان خليل الحلاق، داود عمر الدجاني، محمد زكي عبده، محمود العكرماوي .. يافا في 9 أيلول سنة 1933».
لم يجد الكسار حلاً أمام حظه العاثر في يافا، إلا أن يعود إلى القدس والعرض فيها، فاستقبله الجمهور بسعادة بعد أن عرف موقفه في يافا وإيقاف عروضه احتراماً لجثمان ملك العراق؛ وكأن أهل القدس أرادوا تعويضه عن خسائره هناك! بعد ذلك انتقل الكسار بفرقته إلى يافا حتى يكسر حظه العائر وينجح في إتمام عروضه في هذه المدينة!! ومن الواضح أن الحظ العاثر كان للكسار بالمرصاد!! ففي إحدى ليالي العرض في يافا اقتحمت قوة من البوليس المسرح، وقبضت على داود الدجاني، ومحمود العكرماوي من متعهدي حفلات الكسار، بتهمة تهريب المخدرات، مما أدى إلى توقف العروض والحفلات، والتعجيل بعودة فرقة علي الكسار إلى مصر!!
وعن هذه العودة، نشرت مجلة «الصباح» في أكتوبر 1933، كلمة قالت فيها: « ... كان المعروف بعد هذا التحقيق الذي أجرى مع المتعهدين، أن إدارة الجمارك ستفتش أعضاء الفرقة عند عودتهم تفتيشاً دقيقاً. فاضطر الأستاذ الكسار إلى أخذ التعهدات على عماله وموظفيه المكلفين بتعبئة صناديق الملابس والمناظر، بأنهم عبأوها وملأوها بمعرفتهم، وتحت مسئوليتهم، حتى يأمن عدم المسئولية في المستقبل إذا وجدت فيها مخدرات!». كما نشرت المجلة كلمة من الكسار إلى الشعب الفلسطيني، قال فيها: « لا يسعني بعد ما لاقيته من كرم الضيافة وحسن الاستقبال في الأيام التي قضيناها بفلسطين، إلا أن أتقدم بواجب الشكر إلى إخواني الفلسطينيين جميعاً على اختلاف طبقاتهم ونزعاتهم، ولا غرابة في ذلك فقد لاحظت أنهم جبلوا على كرم الخلق، وأنهم ممن يقدرون الفن الجميل قدره، ويتسابقون إلى العطف على القائمين به، وقوم شأنهم السماحة والكرم ليس بكثير عليهم أن يلاقي كل فنان ما لاقيته أنا منهم، والشيء من معدنه لا يستغرب [توقيع] علي الكسار».
رحلة عام 1941
حاول الكسار زيارة فلسطين أكثر من مرة، حيث وجدت إشارات يسيره لهذه المحاولات، دون أن أجد تأكيداً يثبت حدوثها! أما الزيارة المحققة، فكانت عام 1941، حيث انتشرت الإعلانات في الصحف والمجلات، وأكدت أن الفرقة ستقيم خمس عشرة ليلة عرض، وستبدأها يوم التاسع من سبتمبر في القدس على مسرح «ركس»، ثم تنطلق إلى مدن: نابلس، الناصرة، عكا، طول كرم، غزة. والفرقة تضم: إبراهيم حمودة، حسين ونعمات المليجي، حسين إبراهيم، محمد إدريس، عبد العزيز أحمد، سعاد الصغيرة، أحمد حلمي.
وفي أواخر سبتمبر 1941، أشارت مجلة «الصباح» إلى نجاح حفلات الفرقة، وأثنت على حسين المليجي وزوجته نعمات في إلقاء المونولوجات، وعلى «إبراهيم حمودة» بوصفه بطل الفرقة! كما أشارت المجلة إلى أن الفرقة عرضت عدداً من الحفلات أكثر من المتفق عليه، مما يدل على نجاحها!
رحلة عام 1942
بعد أربعة أشهر فقط من رحلة الفرقة السابقة، وجدناها ولأول مرة تُعلن عن قُرب زيارتها إلى فلسطين في فبراير 1942 .. أي في الشتاء وليس في الصيف كما هو معتاد!! ونص الإعلان المنشور في مجلة «الصباح»، يقول: فرقة الكسار بعد تكوينها الجديد بفلسطين ابتداء من 8 فبراير بغزة، ثم تنتقل إلى جميع عواصم فلسطين. مجموعة مكونة من نوابغ الممثلين والممثلات ومشاهير المنولجست البارزين، الذي عرفوا بكفاءتهم في مصر والشرق، وعلى رأسهم الممثل الكوميدي الأستاذ «علي الكسار»، والممثلة والمنولجست الفنانة السيدة «فتحية محمود»، حسين ونعمات المليجي، حسين إبراهيم، محمد إدريس، سعاد الصغيرة. فرقة راقصات جديدة، فرقة الجان، روايتان جديدتان من أقوى روايات الكوميدي والفودفيل.
وقامت جريدة «الدفاع» الفلسطينية بنشر مجموعة إعلانات عن مسرحيات الفرقة، مثل «عجايب» و«حلمبوحة» و«حبايب». وبعض العروض كانت الفرقة تعرضها على مسرح النادي الرياضي الإسلامي بحيفا. وبالفعل نجحت عروض الفرقة في فلسطين، وأقرّت بذلك مجلة «الصباح» قائلة في نهاية فبراير: أقامت فرقة الأستاذ علي الكسار حفلتها الأولى في غزة، وطلب إلى الأستاذ الكسار إحياء عدة حفلات أخرى، لولا أن ارتباطه بإحياء الحفلات التي بعدها، حال دون تحقيق تلك الرغبة. كما أقامت الفرقة خمس حفلات في يافا نالت نجاحاً كبيراً وإقبالاً عظيماً، وأحيت الفرقة ثلاث حفلات في القدس، وكانت لا تقل في النجاح عن الحفلات التي سبقتها.
وفي مايو 1942، عادت الفرقة من الشام إلى فلسطين وعرضت فيها بعض العروض، أعلنت عنها جريدة «الدفاع» الفلسطينية، ومنها هذا الإعلان: «هذا المساء الأستاذ علي الكسار وفرقته على مسرح سينما الحمراء الوطنية ابتداء من الاثنين 18 أيار سنة 1942 والأيام التالية، يقدم باستعداد عظيم الرواية الخالدة لأول مرة «الصياد». يشترك في التمثيل بطل الكوميديا في الشرق الأستاذ علي الكسار، عبد النبي محمد، فيوليت صيداوي، محمد صادق. منولوجات من زعماء المنولوجست في الشرق: حسين ونعمات المليجي، سعاد الصغيرة، حسين إبراهيم، يحيى الدهشان. رقص شرقي جميل من نادرة، فردوس، فيفي، اعتدال. الأسعار مخفضة جداً: 225، 160، 110، 75 ملاً». وأعلنت الجريدة نفسها إعلاناً مشابهاً لمسرحية (الحساب) يوم 20 مايو.
عادت الفرقة إلى مصر - بعد أن أتمت عروضها في فلسطين والأردن وسورية ولبنان والعراق - فنشرت مجلة «الصباح» - في نهاية مايو 1942 - حواراً مع الكسار، عرفنا منه أن بعض أفراد الفرقة تمردوا عليه، مما اضطره أن يقوم بفصلهم وهم في فلسطين، وبدلاً من إرجاعهم إلى مصر، وجدوا عملاً في بعض صالات ومقاهي ومسارح فلسطين. أما الطامة الكبرى، فكانت تمرد بطلة الفرقة «فتحية محمود»، بسبب غيرتها من منولوجست شابة اسمها «سعاد الصغيرة» - التي ستصبح فيما بعد ممثلة شهيرة، وهي «سعاد حسين» - وتطورت الحالة إلى قيام «فتحية محمود» بالامتناع عن العمل والبقاء في الفندق! ووضعت شرطاً لعودتها إلى العمل، وهو أن يأتي الكسار إلى الفندق ويتوسل إليها حتى توافق وتعود معه إلى الفرقة!! وهذا الشرط رفضه الكسار، واستغنى عنها، ووضع مكانها «نادرة القصبجي»! ولم تكتف فتحية بذلك، بل قالت بأنها لا تعترف بالسيدة «عقيلة راتب» لا ممثلة ولا منولجست! بالرغم من أن عقيلة راتب هي «بريمادونة» فرقة الكسار!!
خرجت «فتحية محمود» من فرقة رمسيس وهي في فلسطين، ولم تعد إلى مصر، بل عملت في أماكن كثيرة هناك – بوصفها نجمة متألقة ولها تاريخ كبير - لذلك عندما عادت إلى مصر، وجهت كلمة شكر، نشرتها في إحدى المجلات المصرية في أواخر يوليو 1942، قالت فيها: « من فتحية محمود إلى أصحاب الملاهي بحيفا ويافا: بمناسبة عودتي إلى القاهرة، أرى من واجبي أن أقدم أوفى عبارات الشكر والامتنان إلى كل من حضرات: صلاح صاحب «قهوة الزهرة» بحيفا، وأبو عبد الله صاحب «قهوة كوكب الصباح» بحيفا، وعبد المسيح صاحب «قهوة عبد المسيح»، وقسطندي الزهر وكامل الزعبلاوي صاحبي «قهوة السنترال» بحيفا. لقد وجدت من كل منهم حفاوة بالغة وإكراماً لا حد له، وهذه هي بعض الصفات التي توفرت في إخواننا الشرقيين. فإن أردت أن أشكرهم فإنني عاجزة عن أن أوفيهم حقهم، فأمنيتي أن أوفق في أن أؤدي لهم في المستقبل ما يستحقونه من الشكر والثناء [توقيع] فتحية محمود».
رحلة عام 1943
زار الكسار فلسطين في صيف العام التالي 1943، وبدأت الإعلانات تنتشر في نهاية أكتوبر، وعلمنا منها أن الفرقة ستعرض أعمالها على مسرح «الهمبرا» في يافا، وعلى مسرح «ركس» في القدس، وعلى مسرح «عين دور» في حيفا. والفرقة ستضم مشاهير الفنانين، وعلى رأسهم: علي الكسار، إبراهيم حمود، شكوكو، بديعة صادق، سعاد حسين. ومن الواضح أن الفرقة نجحت في عروضها بدليل قيام (ف.رمزي) من حيفا بنشر كلمة في مجلة «الصباح»، قال فيها عن الكسار: « كانت زيارته مع فرقته لمدينة حيفا وتمثيلهم فيها روايتي «الأمير غالب» و«البربري الهندي» ناجحة كل النجاح، فلقد حافظ الأستاذ الكسار على موعد بدء التمثيل تمام المحافظة. ولم تطل فترة الاستراحة بين الفصل والفصل، ومع ذلك فقد كان بعض الموسيقيين يعزفون مقطوعات رائعة، حتى لا يسأم الجمهور، الذي كان إقباله على روايات علي الكسار عظيماً. لهذا أرى من الواجب عليّ أن أثني على همة الأستاذ علي الكسار، الذي خفف عن هموم الناس بكوميديتيه الرائعتين».
شكوك الرحلة الأخيرة
زار الكسار فلسطين لآخر مرة في صيف 1944، ونشرت جريدة «الدفاع» الفلسطينية في أغسطس إعلاناً قالت فيه: « ملك الكوميديا في مصر علي الكسار وفرقته المشهورة يحيون قريباً عدة حفلات في مدن فلسطين: روايات مضحكة، رقصات أخاذة، منولوجات رائعة، تنويم مغناطيسي من الدكتور سعيد. المتعهد لفلسطين وسوريا ولبنان: زكريا اللبابيدي سوق الصلاحي يافا». وبعد شهرين نشرت الجريدة نفسها إعلاناً آخر، قالت فيه: «الأستاذ علي الكسار وفرقته المكونة من 41 ممثلاً وممثلة على مسرح سينما عين دور بحيفا ابتداء من 10 تشرين الأول القادم، تقدم الفرقة أقوى الروايات الكوميدية في أهم الأدوار: علي الكسار، سعاد حسين، أحمد عبد الله، عبد العزيز أحمد، بهية حجازي، محمد شوقي، فيوليت صيداوي. علاوة على البروجرام ميوزيكهول شامل من زعماء المنولوجست بمصر. نجم السينما المحبوب إسماعيل ياسين، منولوجست مصر الأولى بديعة صادق، المنوم المغناطيسي الحائز لرضاء مولانا فاروق الأول، منولوجات من سميرة عبده، منولوجات من أحمد حلمي، الدكتور سعيد، الراقصة العالمية فردوس محمود. رقص شرقي من: سعاد شوقي، رجاء محمد، سميحة أحمد، نعيمة يوسف، رقصات شرقية من مجموعة راقصات الفرقة تأليف وتلحين محمد الشاطبي. متعهد الحفلات السيد زكريا اللبابيدي تليفون 255 يافا. المراجعة بحيفا مع السادة كامل الزعبلاوي وقاسم جابر أصحاب قهوة كوكب الشرق».
وعلى الرغم من وجود فترة شهرين بين الإعلانين إلا أنني لم أجد ما يؤكد زيارة الكسار وفرقته إلى فلسطين في هذه الفترة!!


سيد علي إسماعيل