طـــــــارد الأرواح الشريرة على مسارح بريطانيا

طـــــــارد الأرواح الشريرة على مسارح بريطانيا

العدد 579 صدر بتاريخ 1أكتوبر2018

وتدور أحداث القصة حول صغيرة تدعى ريجان ماكنيل وهي ابنة ممثلة مشهورة في الثانية عشرة من عمرها تتلبسها روح شريرة ويسعى اثنان من القساوسة لإخراج هذه الروح من جسدها. وقد استوحى بلاتي هذه القصة من قصة طالع وقائعها في الصحف عندما كان طالبا في جامعة جورج تاون عام 1950. ولهذا السبب اختار أن تجرى أحداثها في واشنطن قرب مقر الجامعة. وأعاد إصدارها بشكل جديد في 2011 بمناسبة مرور 40 عاما على صدور طبعتها الأولى وغير في بعض التفاصيل لكن الهيكل الرئيسي ظل ثابتا.
وحققت القصة منذ طبعتها الأولى أرقاما قياسية في التوزيع أغرت بلاتي بتحويلها إلى فيلم سنيمائي أنتجه وكتب له السيناريو بلاتي بنفسه، وحقق الفيلم الذي كان واحدا من أبرز أفلام الرعب الكلاسيكية في تاريخ السنيما الأمريكية، والذي يصنف بين أفضل مائة فيلم في تاريخ السنيما الأمريكية، إيرادا بلغ 36 ضعف تكلفة إنتاجه التي بلغت 12 مليون دولار.
في بريطانيا
والآن، حان وقت تحويل هذا العمل الناجح إلى عمل مسرحي في بريطانيا على الجانب الآخر من الأطلنطي بعد مرور نحو عامين من رحيل مبدعه الأصلي في 12 يناير 2017. وقد سبق عرض معالجة مسرحية له في برودواي عام 2012 قامت ببطولتها النجمة الأمريكية بروك شيلدز وريتشارد شامبرلين.
يتم التحويل هذه المرة على الجانب الآخر من الأطلنطي في بريطانيا حيث يبدأ العرض الشهر القادم ويقوم ببطولته الممثل الأسترالي صاحب الأصول الكولومبية أدم جارسيا ويشاركه الممثلة البريطانية الشابة كلير كونولي والممثل البريطاني المخضرم بيتر باولز البالغ من العمر 82 سنة الذي يتحرك على المسرح برشاقة شاب في العشرين.
ويشارك في العرض صوتا فقط ممثل مخضرم آخر هو إيان ماكيلين (79 سنة) الفائز بست من جوائز لورانس أوليفييه المسرحية البريطانية المرموقة. سوف يقوم ماكيلين بدور الروح الشيطانية خلال العرض حيث يصدر مجموعة من الأصوات الشيطانية المخيفة. وسوف يكون صوته مسجلا بالطبع. ولن يكون له اسم في العمل المسرحي.
وسوف تحتاج المعالجة المسرحية مجموعة كبيرة من المؤثرات الصوتية والبصرية مثل الارتفاع المفاجئ في الصوت أو الإظلام المفاجئ وإطلاق الدخان والألعاب النارية حتى يصبح المشاهد أكثر اندماجا مع العرض تماما كما لو كانوا يجلسون في دار للسنيما دون أن تثير هذه المؤثرات ضيقهم. كما تم تصميم الديكور نفسه بحيث يعطي الإحساس بالرهبة والغموض.
كتب المعالجة المسرحية للعمل الأدبي الكاتب المسرحي جون بالميير وأخرجها المخرج المسرحي الويلزي شين ماتياس وهو أيضا كاتب مسرحي وكاتب سيناريو ومخرج سنيمائي.
ويقول ماتياس إنه مما يزيد من صعوبة العمل أنه لن يتنافس فقط مع قصة مكتوبة أو مع فيلم سنيمائي بل سيتنافس أيضا مع مسلسل ماخوذ عن العمل الأدبي يعرض حاليا على قناة فوكس نيوز الأمريكية. كما تناولت أعمالا درامية كثيرة. كما أنه سوف يتنافس مع معالجة مسرحية بريطانية أخرى عرضت قبل عام تقريبا في برمنجهام تكريما للمؤلف بعد رحيله. لكنه كان عرضا دون المستوى بسبب ضعف الإمكانيات وهو العيب الذي سيتلافاه العرض الجديد. وهو لا يعتبر العرض المسرحي الأمريكي منافسا لعرضه عام 2012 لأنه ركز على جوانب دينية وتجاهل المؤثرات الصوتية والبصرية التي لا قيمة للعمل بدونها بدرجة كبيرة بدرجة أضعفت العمل.
شخصيات
قامت بدور الطفلة الممثلة البريطانية كلير لويز كونولي رغم أن عمرها يتجاوز 22 سنة. وجاء اختيارها لهذا الدور اعتمادا على براءة ملامحها وجسمها الصغير وتكفل الماكياج بالباقي وتكفل أيضا الأداء وتغيير صوتها بالباقي. ويأخذ عليها فقط دومنيك كافندش عميد النقاد المسرحيين في بريطانيا – وعلى المخرج من قبلها بعض الألفاظ غير اللائقة التي وردت في الأغاني التي كانت ترددها تحت تأثير الأرواح الشريرة حسب النص.
وبعد ذلك أدى بقية الممثلين أدوارهم بشكل جيد أو معقول مثل جيني سيدروف في دور الأم الممثلة وتريسترام ريمارك في دور المخرج صديق الأم الذي يحاول إخراج الروح الشريرة فيلقى مصرعه على يديها. وهنا تستعين الأم بجارسيا الذي يلعب دور قس كاثوليكي وزميله بيتر باولز.
وساعد على نجاح العرض الإنجليزي نجاح مهندسة الديكور أن فليشيل في تصميم خشبة المسرح على عدة مستويات بحيث أعطت انطباعات موحشة عن البيت الذي تجرى فيه الأحداث. كما أجادت في تصوير مشهد الدماء وهي تسيل من ورق الحائط حتى ظن المشاهدون أن هناك دماء حقيقية تسيل من الورق وليس مجرد خدع بصرية. وكذلك مشهد تحطم غرفة النوم.
ويرى الناقد أن هناك بعض نقاط الضعف التي يمكن التعامل معها حتى موعد بدء العرض ومنها الحوار الذي يحتاج بعض التركيز. ويرى أن يعود صاحب المعالجة إلى الفيلم المنتج عام 73 لأن حواره كان رائعا.
أزمة إيما رايس
أفكار جديدة وعقليات قديمة
إذا كان المسرح نشاطا ثقافيا في المقام الأول، فهو في الوقت نفسه أيضا نشاط إداري واقتصادي وصناعي ويمكن أن تطفو بعض مشكلاته على السطح.
ومثال ذلك الأزمة التي تتحدث عنها الصحافة البريطانية الخاصة بفرقة شكسبير المسرحية البريطانية بعد عزل إيما رايس المديرة الفنية للفرقة وهي ممثلة مسرحية وسنيمائية وتلفزيونية وممثلة دوبلاج صوتي ومخرجة مسرحية. وجاء العزل بناء على توصية من مجلس أمناء الفرقة المكون من عدد من الشخصيات العامة وهو غير مجلس الإدارة.
وفي أول تصريحاتها للصحافة البريطانية بعد عزلها قالت رايس (52 سنة) ساخرة، إنها تتفهم جيدا قرار المجلس بالتوصية لإقالتها. فهي مواطنة بريطانية من أصول بسيطة ولا تنتمي إلى الطبقات الراقية وأسر النبلاء. ولو كانت كذلك لما استاء المجلس من دعوتها للتجديد بإدخال بعض التقنيات المسرحية الحديثة مثل منصات الإضاءة والأصوات المكبرة واعتبره خروجا على التقاليد العريقة للمسرح البريطاني. وهذه التقنيات لا تؤثر إطلاقا على الطابع التراثي للمسرحيات التراثية التي تقدمها الفرقة لشكسبير أو غيره لكنها تقدمها بشكل عصري مناسب. وقالت إنها لو كانت من أبناء الطبقات الراقية لوجدت من يستمع إليها ويناقش أفكارها ويحتكم إلى قدرتها على تنفيذ أفكارها على نحو مناسب لكونها مخرجة مسرحية صاحبة خبرة طويلة.
هجوم مستمر
وواصلت هجومها على مجلس أمناء الفرقة في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية في برنامج موجات ليلية للمذيعة الشهيرة صاحبة الأصول الهندية سميرة أحمد. قالت في البرنامج إنها تعتقد أن مجلس الأمناء أخطأ أصلا في اختيارها لأنهم اعتقدوا أنه في الإمكان أن تتخلى عن أفكارها لمجرد إرضائهم والبقاء في منصبها. وبسبب موقف المجلس منها لم تستطع أن تقدم شيئا للفرقة ولا للمسرح البريطاني بشكل عام خلال عامين - أو تعتبر نفسها كذلك – رغم النجاح الذي حققته المسرحيات التي قدمتها الفرقة خلال العامين. وقالت لسميرة أحمد مذيعة برامج الفنون في هيئة الإذاعة البريطانية إنها لو استمرت عشر سنوات في منصبها لما استطاعت أن تقدم شيئا مع أشخاص بهذه العقلية. ومضت قائلة إنها تشعر بالألم لهذه التجربة الفاشلة التي انتهت بسرعة.
وتعود فتقول إنها تعتبر الفرقة أفضل مكان في العالم ويبدو أنها فكرت بصوت عالٍ وكان لا بد أن يكون الصوت منخفضا. وقالت إنها تتمنى لخليفتها ميشال تيري – وهي أيضا ممثلة وكاتبة مسرحية – كل التوفيق باعتبارها صديقة وزميلة لها.
وكانت إيما رايس قد فازت بجائزة سيدة بريطانيا الأولى في استفتاء البرنامج الإذاعي الشهيرStandard Issue Magazine عن عام 2016 بفضل شجاعتها وقدراتها القيادية وقدرتها على الابتكار.
 


ترجمة هشام عبد الرءوف