بعد انتهاء الدورة الفضية: «المعاصر والتجريبى» بعيون مصرية

بعد انتهاء الدورة الفضية: «المعاصر والتجريبى» بعيون مصرية

العدد 579 صدر بتاريخ 1أكتوبر2018

عقب إسدال الستار على فعاليات المهرجان القاهرة للمسرح التجريبي والمعاصر، قمنا بعمل استطلاع لرأي مجموعة من المسرحيين حول الدورة التي شهدت تنوعا بمشاركة مجموعة كبيرة من العروض العربية والأجنبية، بالإضافة إلى المحاور الفكرية التي جمعت المسرحيين من مختلف الدول لمناقشة مفاهيم تخص التجريب، فكان لبعض المسرحيين ملحوظات عن أبرز الإيجابيات والسلبيات في هذه الدورة، ورأى البعض ضرورة عودة التسابق مرة أخرى لما له من أثر بالغ على تحفيز المبدعين المسرحيين، وأشاد البعض بفكرة إعادة تقديم بعض العروض التي حصلت على جوائز في دورات سابقة للمهرجان. 
في البداية ذكر الدكتور محمد سمير الخطيب أن أهم إيجابيات دورة اليوبيل الفضي إعادة بعض العروض التي حصلت على جوائز في دورات سابقة من المهرجان التجريبي، ومنها «كلام في سري»، «الطوق والأسورة»، «قهوة سادة»، وقد شهدت هذه العروض إقبالا جماهيريا كبيرا، وهي عروض هامة، وشيء جيد اطلاع الأجيال الجديدة على هذه العروض التي تمثل تراثا هاما للمهرجان ومن الممكن عمل موسم لتلك العروض حتى يشاهدها الجماهير. أضاف: ومن إيجابيات هذه الدورة وجود مجموعة من العروض الجيدة والمتميزة. وكذلك وجود الفاعلية الخاصة «بذاكرة التجريبي» التي قدمت بسينما الهناجر وكان يعقبها ندوة، متمنيا أن تعمم هذه التجربة طوال العام، حيث من المهم الاهتمام والاطلاع على تراثنا في المهرجان التجريبي. 
تابع: من أبرز الإيجابيات أيضا تنوع الندوات وتعدد الأوراق المقدمة وهو شيء جيد وهام، إذ لا يقتصر المهرجان على تقديم عروض فقط، فوجود ندوات فكرية يقوم بعمل «تأصيل علمي». أما سلبيات هذه الدورة فتمثلت في أن بعض المسارح شهدت تزاحما كبيرا، وكان من الضروري التنويه عن سعة وعدد هذه المسارح والقيام بالحجز قبل العرض بيوم أو يومين أو القيام بتخصيص يوم للوفود ويوم آخر للجماهير حتى يتثنى لهم مشاهدة العرض. 
واختتم حديثه متمنيا استقطاب فرق احترافية للمشاركة في المهرجان، مشيرا إلى أن هذا سيدفع بالحركة المسرحية بشكل كبير. 
بينما ذكر الناقد أحمد خميس الحكيم أن أبرز الإيجابيات في هذه الدورة هو تنظيم مجموعة من الورش والندوات قبل بدء فعاليات المهرجان وهي فعاليات هامة، ناقشت الندوات أثر المهرجان التجريبي وندوات أخرى قامت بتقييم تاريخ المهرجان وهو شيء جيد، وكذلك الاتجاه نحو وجود ورش دائمة للمهرجان، وهو ما يعد استثمارا للمستقبل.
وأضاف: هذا العام قدمت مجموعة من العروض العربية أهم بكثير من العروض الأجنبية، فمن الملاحظ أن لدينا مشكلة في العروض الأجنبية وفي ملفاتها التي يتم إرسالها، فهي فرق صغيرة ليس لها تاريخ وأكبر كفاءة لديهم الاعتماد على فنون الأداء ومجموعة المؤدين في العمل المسرحي، على سبيل المثال العرض المكسيكي. أمر مهم التفكير في جلب فرق وعروض أجنبية قوية حتى وإن كانت ستتكلف. 
وتابع: العروض العربية تميزت هذه الدورة وذلك لأن معظمها حاز على جوائز قبل ذلك على سبيل المثال عرض «صدى الصمت» حصل على جائزة الهيئة العربية للمسرح العام الماضي وأيضا تجربة عرض «حضرة حرة» وعرض «هاملت بعد حين» وتجربة «الخادمتان» هي تجربة هامة وراسخة فقد استطاع الكاتب جواد الأسدي تطوير آلية استغلال نص كلاسيكي. أما عن السلبيات فقال: جمهور المسرحيين يذهب إلى العروض ولا يتم استقباله بشكل جيد، فكان هناك ضرورة لمراعاة إعلام الناس بشكل أفضل والتنويه عن حجز المقاعد قبل العرض بيوم أو يومين. 
وأخيرا أتمنى في الدورات المقبلة أن يتم العمل بشكل كبير على الجمهور في المسرح التجريبي والمعاصر وكيفية استقطابه، فمسألة الجمهور والوصول له أمر بالغ الأهمية وهناك ضرورة لمناقشة حلول حقيقية حول هذا الأمر فالجمهور هو القاعدة العريضة التي ستساعد في تطور المسرح ورسوخ أقدامه. 
وطالب المخرج تامر كرم بضرورة عودة التسابق مرة أخرى، وأن يكون لها معايير وآلية، مشيرا إلى أن التنافس له أثر كبير على الإبداع. 
بالإضافة إلى ضرورة أن يكون هناك ظهور أكبر للشباب، موضحا أن أكثر الأمور اللافتة في هذه الدورة هو غياب الجمهور عن العروض الأجنبية، وعقب المخرج تامر كرم متمنيا تلافي هذه السلبيات، مشيرا إلى أن البعض يظن أننا عندما ننتقد شيئا فهذا يعني أننا نريد أن نكون جزءا من المهرجان، ولكن الحقيقة أننا نلقي الضوء على السلبيات حتى نتلافاها ونستفيد كمسرحيين. 
وذكرت الكاتبة صفاء البيلي أن أهم ما يميز دورة اليوبيل الفضي عودة الجمهور مرة أخرى وهذه ظاهرة إيجابية، وقد تضمنت الإيجابيات أيضا إعادة بعض العروض التي حصلت على جوائز في دورات سابقة للمهرجان ومشاهدة رؤية المخرجين لعروضهم مرة أخرى وهل تغيرت رؤيتهم أم لم تتغير. بالتأكيد ظهرت مستجدات في هذه العروض على سبيل المثال عرض «قهوة سادة» للمخرج خالد جلال حدثت بعض المتغيرات في العرض عما شاهدناه عام 2007، وكذلك عرض «كلام في سري» للمخرجة ريهام عبد الرازق، وعرض «الطوق الأسورة» للمخرج ناصر عبد المنعم، فهم يطرحون أشياء في الوقت الحاضر مع الإبقاء على المشهدية الخاصة بتلك العروض، فهناك تطور هائل لتلك العروض وهو ما يثبت أن هذه العروض حصلت على جوائز عن استحقاق وأن مخرجيها لديهم حس إبداعي. 
وأما عن سلبيات هذه الدورة فهي تكرار الكثير من الوجوه المستضافة، فهناك ضرورة للبحث عن مسرحيين آخرين من الدول العربية. وأتمنى في الدورات المقبلة الاهتمام بالعروض التجريبية في مصر، فيجب أن تراعي الجهات المنتجة للعروض المسرحية أن تقوم بإنتاج عروض بها سمات التجريب. 
وأتمنى عودة الجوائز مرة أخرى وليس بالضرورة أن تكون مالية، ولكن من الممكن أن تكون جوائز تشجيعية، على سبيل المثال درع المهرجان، فالتسابق يساهم في تحفيز المبدع. 

الاحتفاء باليوبيل الفضي
وقال الفنان والمخرج محمد دسوقي مدير مركز الهناجر للفنون إن أبرز الظواهر الإيجابية لدورة اليوبيل الفضي هو الإقبال الكبير من قبل الضيوف العرب على عرض «مسافر ليل» للمخرج محمود فؤاد، فقد حاز العرض على نسبة مشاهدة كبيرة، ومن أبرز الإيجابيات الاحتفاء باليوبيل الفضي فهي فكرة رائعة وتؤكد على أن القائمين على المهرجان معترفون بأصحاب الفضل الحقيقيين الذين أنشأوا المهرجان منذ 25 عاما وقد استطاع المهرجان التجريبي تغيير الكثير من المفاهيم عن حركة التجريب لدى الشباب. 
وعن أمنياته للدورة المقبلة تابع قائلا: أتمنى تعديل لائحة المهرجان في ما يتعلق بمشاركة العرض الأول والثاني من المهرجان القومي، أتمنى إلغاء هذه الجزئية فالمهرجان القومي للمسرح يقام في إطار عروض المسرح المصري التي قد تكون عروضا تقليدية شديدة الجودة لكنها قد تكون غير مناسبة للمشاركة في المهرجان التجريبي. 
وتابع: عقب ثلاث دورات من عودة التجريبي أتمنى من القائمين على إدارة المهرجان إعادة النظر في عودة المسابقة الرسمية وفكرة وجود لجنة تحكيم دولية تضم مسرحيين كبارا من مصر والدول العربية والأجنبية، فهناك أمثلة لعدة مهرجانات أعادت فكرة التسابق مرة أخرى ومنها «المهرجان الدولي للمسرح الحر في الأردن» ومهرجان «أيام قرطاج» فقد كان المهرجان يضم مشاركات فنية فقط، ولكنه منذ عام قام بعمل تسابق وفي كل الأحوال نشكر إدارة المهرجان لأنهم أخلصوا في عملهم حتى وإن كانت هناك بعض السلبيات، ولكنني أرفع القبعة لهم فقد قاموا بواجبهم. 

التجريب تراكم مستمر
وقال الدكتور محمود نسيم عن الإيجابيات في هذه الدورة: كانت هناك عروض متميزة وأخرى ينطبق عليها وصف «جيدة» على سبيل المثال عرض «صدى الصمت» وعرض «الخادمتان» ولكن ليست هناك عروض منخفضة القيمة. 
وتابع قائلا: منذ الدورات الأولى للمهرجان التجريبي حدث نوع من الصدمة للعقل النقدي المصري. فأصبحت هناك صيغة مغايرة للصيغة التي نعمل من خلالها وبدأ ينعكس أثر المهرجان التجريبي على المسرحيين المصريين وذلك على مستوى بناء الصورة والتقنيات، فقد تطور المسرح المصري على مستوى الصورة المسرحية التي انتقلت انتقالة كيفية، ونستطيع أن نقوم بتقسيم هذا الأمر إلى قسمين: بناء الصورة المسرحية ما قبل التجريبي وبناء الصورة المسرحية ما بعد التجريبي، وفي بعض الأحيان كان هذا البناء شكليا، فالفن والتجريب بالأخص لا يمكن أن يكون قائما على الاستنساخ أو نقل التجارب، فهذا يعد مناقضا لفكرة التجريب، فالتجريب يأتي من أن هناك صيغة أو وضعا تم استهلاكه وفقد مقوماته ووظيفته وهو ما يقلق المبدع لأن الشكل أصبح نمطيا فيبدأ في التجريب ليصل لصيغة بها نوع من أنواع التفاعل المغاير، فالتجريب يعد «تحولا في السياق وليس صيغة مقحمة على السياق». 
بينما أشارت الناقدة داليا همام إلى تميز فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والمعاصر، الذي يعد بمثابة احتفالية كرنفالية، وقد تنوعت العروض هذا العام في رؤى المخرجين وأطروحاتهم. 
وأكدت الناقدة داليا همام على ضرورة المداومة على إصدارات المهرجان فهي تعد في غاية الأهمية والثراء لدى الباحثين المسرحيين، وهناك ضرورة لأن تكون الإصدارات ورقية بجانب الأسطوانات. في السنوات الماضية علمنا بتطور المسرح عن طريق تلك المطبوعات. 
وأضافت: من أكثر الأشياء الإيجابية أيضا العروض المعتمدة على استخدام الأشياء بالإضافة إلى تميز العروض العربية. 

آليات ورؤى جديدة
مهندس الديكور حازم شبل قال: لاحظنا إقبالا جماهيريا على العروض العربية والمصرية أكثر من الإقبال على العروض الأجنبية، فعلى سبيل المثال عروض «قهوة سادة» و»الطوق الأسورة» و»دراما الشحاتين» شهدوا إقبالا من قبل طلبة المعهد العالي للفنون المسرحية. 
ولكن تساؤلي هو: هل تابع طلبة المعهد العالي للفنون المسرحية فعاليات المهرجان، وخصوصا أنهم صانعو العرض المستقبلي ومن الهام أن يتابعوا فعاليات المهرجان، خاصة وأن المهرجان يتناول طرقا جديدة في تناول العرض المسرحي؟ 
وتابع: منذ 30 عاما ونحن نشاهد عروضا وفرقا من دول أجنبية مختلفة، فعلى سبيل المثال الفرقة السويسرية التي قدمت عرض الافتتاح، والتي سبق وأن قدمت عرضا في عامي 1988 و2008 وهو شيء جيد أن ترى الأجيال الجديدة هذه التجارب، ولكننا لم نستطع منذ 30 عاما تقديم تجربة مسرحية تضارع ما يحدث في الخارج. 
أضاف: إقامة المهرجان تحتاج إلى مجهود شاق، وهو مشكور ومقدر حتى وإن اختلفنا، فهو مجهود كبير، ولكن منذ 30 عاما لم تختلف آليات المهرجان، فما زلنا نقوم بعقد مؤتمر صحفي قبل بدء فعاليات المهرجان بيومين، وما زلنا نقوم بعمل حفل ختامي على الرغم من عدم وجود تسابق، وهذا الأمر لا يحدث دوليا في المهرجانات، فالأمر يحتاج إلى تطوير ورؤى جديدة ومختلفة. 
وأتمنى في الدورة التي ستقام 2020 أن يعتمد مجلس إدارته الجديدة على مجموعات قامت بالاحتكاك بالمهرجانات الدولية. 
 


رنا رأفت