العدد 575 صدر بتاريخ 3سبتمبر2018
مسرح قصر ثقافة بني سويف له تاريخ عريق ومعروف لدى المشهد الثقافي والفني حيث يحتضن التجارب الفردية، وكان آخرها كرنفال المسرح الكوميدي الأول الذي يستضيف مجموعة من خمسة عروض مسرحية تقدم بالجهود الذاتية على مدار خمسة أيام تبدأ مع إجازة عيد الأضحى بواقع عرض لكل يوم.
العرض الافتتاحي (حزر فزر) من إخرج أحمد عبد العليم مع كوكبة كبيرة من الشباب الواعد المتحمس للعمل المسرحي ويمتلك قدرة على العطاء المسرحي إذا تم توجيهه بالشكل الصحيح. وأخص بالذكر (الطفل آدم) الذي استطاع بكل براءة وتلقائية أن يصعد على جناح التنين/ خشبة المسرح التي يهابها أباطرة المسرح استطاع آدم ببراءة الطفولة الواعية أن يروض ذلك التنين ويقف وسط أكثر من عشرين ممثلا من الشباب ليقدم دوره الذي لا يتعدى الخمس دقاق بثبات وثقة بالنفس يستحقان الاشادة.
وإن كان الهدف من الكرنفال هو تقديم مجموعة من العروض الكوميدية التي تناسب إجازة عيد الأضحى المبارك إلا أنه لا بد وأن يكون فرصة لاستغلال طاقة هؤلاء الشباب المتحمس للعمل المسرحي، وهنا يأتي دور الأساتذة الذين لهم سابقة أعمال مسرحية قيمة أثرت المشهد الثقافي والفني سابقا لتدعيم هذه التجارب الفنية الواعدة والوقوف بجانبها لتكون نواة لفرق مسرحية قادمة تستكمل المسيرة الفنية والثقافية في بني سويف، من حيث وجود منهج يقدمه ذوي الخبرة في الأعمال المسرحية والكتابة الدرامية والإخراج والديكور والإضاة والأداء التمثيلي، وكافة عناصر العرض المسرحي الذي افتقد الكثير منه العرض الافتتاحي للمهرجان (حزر فزر).
عرض بسيط في مجمله يتآلف من مجموعة اسكتشات فُكاهية تخاطب ذهن المتلقي بالوقوف عند مظاهر اجتماعية متكررة تناقش مشكلتي التعليم والصحة اللتين تعتبران من أهم مشكلات المجتمع المصري على طريقة الفوازير ليقول لنا العرض لماذا كل هذه الحيرة على الرغم من أن الإجابات واضحة فقط لو فكرنا تفكيرا صحيحا.
وعلى الرغم من أن العرض عبارة كولاج - كما جاء على لسان مقدمة العرض - من أعمال درامية: بكرة لمحمود الطوخي، ما حصلش خير لأشرف حسني، بيانولا لمحمد عبد المعطي، فإن البناء الدرامي يبتعد تماما عن هذا الكولاج بمعناه الدرامي، بل جاء بعيدا حتى عن التوليفة الكوميدية للكتابة في أبسط صورها.
وجود عدد كبير من الممثلين على خشبة المسرح معظم الوقت جاء مربكا للمُشاهِد على الرغم من سيطرة المخرج على عناصر التمثيل لهذه المجموعة وهذه سيطرة تحسب له، وتحسب لمجموعة الممثلين أنفسهم لأن العدد كان مبالغا فيه، وأعتقد أن ذلك نتج من حماس المجموعة الشبابية للمشاركة في العرض، إلا أن هذا العدد الكبير من الممثلين على خشبة المسرح جعل المخرج حذرا في حركتهم المسرحية والتكتل على خشبة المسرح بلا داع.
إن نوعية العرض المقدم لا تتناسب أبدا مع هذه الدلالة الفنية لترك ممثلة في وضع ثابت لمدة تزيد عن سبع دقائق في ركن المسرح. وجاءت المقدمة المظلمة طويلة جدا في بداية العرض تبعها مقدمة موسيقية وحركات درامية أطول مستلهمة من عروض سابقة لا تناسب العرض القائم.
كان بإمكان مصممة الديكور (دعاء) الاكتفاء بعلامة استفهام كبيرة أوعلامة تعجب واحدة فقط لتناسب الفكرة بدلا من حبال علامات الاستفهام والتعجب التي كانت تملأ الفضاء المسرحي مثل حفلات أعياد الميلاد. أيضا كان في إمكان مخرج العرض أن يكتفي بإنارة المسرح إنارة عادية بدلا من إفيهات الإضاءة المفتعلة التي لاتناسب ما يدار على المسرح. لنخرج في النهاية بعرض مربك لكنه جميل أسعد جمهور الأطفال في العيد وهم يكررون “دم دا طاطا.. دوم دا طاه” وهي جملة لحنية ذات واقع سمعي مريح على لسان الممثلة طوال العرض ولكن كل ذلك لم يستغل جيدا في العرض.
ودور الأساتذة مهما في التوجيه أثناء البروفات المسرحية لمثل هذه العروض والتي كان يمكن أن تكون عبارة عن ورش عمل تقدم من خلالها كيفية كتابة الإعداد الدرامي السليم للمسرح، وأنواع العروض المسرحية التي ينبغي أن تقدم، وأهم وأبسط قواعد الإخراج والديكور المسرحي، والفرق بين الأداء التمثيلي ورقصات الدي جي كما جاء في العرض. وأن المسرح الفقير له نوعية خاصة من العمق الذي يقدم حتى لا يكون صدى لبرنامج تلفزوني شهير.