كمال عيد.. رجل مسرح عربي من طراز رفيع

 كمال عيد.. رجل مسرح عربي من طراز رفيع

العدد 567 صدر بتاريخ 9يوليو2018

قلما تجد مسرحيا في الوطن العربي لا يعرفه، أو لم يتتلمذ على يديه، أو لم يقرأ تراثه الأدبي المسرحي، ولم يطلع عليه أو يفد منه، فهو رجل عشق المسرح، وبذل من نفسه وجهده الكثير الكثير، وكم من قضايا مسرحية تصدى لها، طار بشذا مسيرته الرائعة وجاب أنحاء الوطن العربي شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، يدرس الفن، ينشئ معاهد المسرح، يؤلف، وجاب العالم ممثلا للمسرح العربي في المؤتمرات الدولية وكان خير سفير للعروبة ومسرحها، سار في طريق حياته ويسير بحماسة الشباب، وأهل العلم من المؤمنين برسالتهم، ودورهم التنويري في حياة أمتهم، ولما أعلن اعتزاله طواعية في مؤخرة أحدث إصداراته كتابه الرائع الثقافة الرهان الحضاري، ونظرا لما يحاط به الآن من جحود ونكران، رأينا أن نسلط الضوء على مسيرة هذا الرائد المسرحي الكبير، إيمانا منا بأن الكلمة الصادقة لا تضيع أبدا وسط تلك الجلبة التي تملأ دنيانا على يد أدعياء الثقافة والفن.
الأستاذ الدكتور كمال عيد من الشخصيات الشهيرة في عالم المسرح وعلومه، ولد بالقاهرة في 18/ 6/ 1931، ويعمل حاليا أستاذا بقسم الدراسات العليا بأكاديمية الفنون، وأستاذا محاضرا بقسم الإعلام بجامعة عين شمس، وهو عضو بلجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة في مصر، تاريخه حافل بالشهادات العلمية فلقد حصل على دبلوم المعهد العالي للفنون المسرحية بمصر عام 1954، وتتلمذ على يد أستاذ المسرحيين زكي طليمات وعمل مساعدا له، وحصل أيضا على بكالوريوس الإخراج المسرحي بدرجة الامتياز عام 1962، وماجستير الآداب الدرامية من جامعة بودابست بالمجر عام 1970، ودكتوراه الفلسفة في الآداب الدرامية من أكاديمية العلوم المجرية عام 1974، ولقد تقلد عدة وظائف في مصر كلها في خدمة المسرح والفن، فعمل مفتشا للمسرح المدرسي بالإسكندرية عام 1955، ومفتشا للمسارح والملاهي بمصلحة الفنون المصرية 1956، ومخرجا بهيئة المسرح المصرية عام 1963، وارتحل بعلمه ينشره في أرجاء الوطن العربي، ففي ليبيا عمل مستشارا فنيا بوزارة الثقافة (1974 - 1977)، ثم أستاذا للدراما بكلية الفاتح من سبتمبر (1977 - 1987)، فوكيلا لمعهد الفنون المسرحية بمصر 1987، وبعدها عمل أستاذا للدراما والإخراج المسرحي بجامعتي الكوفة وبغداد (1989 -1990)، وعمل أستاذا للدراما والإعلام بكلية الآداب جامعة الملك محمد بن سعود بالرياض بالسعودية (1955 - 2001)، والآن أستاذا للدراسات العليا بأكاديمية الفنون مصر من عام 2002، وحتى الآن.
ويشهد سجل إبداعاته الفكرية تأليف وترجمة 25 كتابا في الفترة من (1966 - 2007), وأهم تلك الإصدارات: فلسفة الأدب والفن، المسرح بين الفكرة والتجريب، جماليات الفنون، علم الجمال المسرحي، المعمل المسرحي، تاريخ تطور فنية المسرح، سينوغرافيا المسرح عبر العصور، نصوص تجريبية من المسرح المجري، اتجاهات في الفنون المسرحية المعاصرة، علم اجتماع المسرح، دراما الناووس، توفستونوجوف والمخرج المعاصر، قضية الأوبرا بين التقليدية والتجديدية، التاريخ والتذوق الموسيقى، المسرح الاشتراكي، مشكلات الدراما الاشتراكية في مصر، زوايا جديدة في الأدب والدراما، مناهج عالمية في الإخراج المسرحي، قاموس أعلام ومصطلحات المسرح الأوروبي، وقاموس أعلام ومصطلحات الموسيقى الغربية، نظرية الحركة والدراما، الثقافة والرهان الحضاري.
وقد أخرج للمسرح المصري 18 مسرحية لكثير من المؤلفين العالميين والمصريين أهمها الحضيض (مكسيم جوركي)، دراسات أنطون تشيكوف (تشيكوف)، مشهد من البر (آرثر ميللر)، الضفادع (اريستوفانيس)، الأستاذ (يوجين أونيل)، الأزمة (أحمد حمروش)، الخبر (صلاح حافظ)، الحالة ج (عزت السيد إبراهيم)، طبول في الليل (بريخت)، الأراجوز (عبد الرحمن شوقي، الكوميديا السوداء (بيتر شافر)، شفيقة ومتولي (شوقي عبد الحكيم).
وهو من بناة الصرح الأكاديمي المسرحي العربي إذ ساهم في إنشاء كلية الفنون الجميلة والتطبيقية بجامعة الفاتح ليبيا (1987)، وقسم الفنون المسرحية بجامعة الكوفة (1990)، قسم الدراسات العليا بكلية الآداب جامعة الملك سعود 1988.
وللدكتور كمال عيد مساهمات لا تحصى ببحوث علمية في المؤتمرات مثل المؤتمر 11 للأدباء والكتاب العرب ليبيا 1977، والمؤتمر 12 بدمشق 1979، مؤتمر الغزو الثقافي تونس 1982، مؤتمر جامعتي باريس ونيس بباريس 1982، مؤتمر أيام الشارقة المسرحية بالإمارات 19994، وبالذكرى المئوية للنرويجي هنريك ابسن بالمجلس الأعلى للثقافة بمصر 2006.
وله نشاط علمي عربي ودولي متميز فقد مثل مصر في مؤتمر الهيئة العالمية للمسرح بالمجر 1969، ومؤتمر اتحاد الكتاب والأدباء ليبيا 1977، ومثل الجماهيرية الليبية في مؤتمرات السيناريو والإخراج في التعليم الذاتي لجامعة الدول العربية ليبيا 1979، ومؤتمر برخت بألمانيا 1980، وندوة المركز العالمي لأبحاث الكتاب الأخضر بباريس 1984، ومثل مصر في مهرجان الشارقة المسرحي بالإمارات 19994، وجامعة الكوفة في مؤتمر تعديل مناهج الدراسة بجامعة بغداد 1990.
وساهم بقلمه في كتابات الكثير من المقالات والدراسات في الصحف والمجلات في شتى البلاد العربية، مثل الأقلام، الألف باء، الوطن، المنتدى دبي، النادي الأدبي بالرياض، الجزيرة السعودية، عالم الفكر، الكويت، المجلة العربية للعلوم الإنسانية (الكويت) العراقية، المسرح، الإذاعة والتلفزيون، الكواكب المصرية، الأسبوع الثقافي ليبيا.
ولقد أشرف وناقش 20 رسالة ماجستير ودكتوراه بجامعة الإسكندرية، والقاهرة، وعين شمس، وأكاديمية الفنون بمصر.
ولأن لكل مجتهد ومخلص في عمله وفنه وعلمه نصيب فلقد نال الكثير الكثير من شهادات التقدير والدروع من وزارة الإعلام المصرية، منظمة التحرير الفلسطينية، وجامعات الفاتح بليبيا، بغداد، والمنصورة بمصر، ومن مهرجان المسرح المحلى دبي، ومسرح الخليج العربي الكويت، ومن حكومة الشارقة، ومن مهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) السعودية.
من أقواله:
* الكلمة التخصصية تؤلم المستجلبين على المسرح من غربائه.
*الكتابة معاناة وصدق حديث مسطور، وكراهية من الصغار والحاقدين.
*قررت وبالعقل الواعي الاستئناس للراحة، والاستمتاع بخريف العمر، ويكفيني فخرا أن أقرأ البقية الباقية من مكتبتي، وأحفظها لأطير بها إلى يوم الحق، طالما أن المناخ الثقافي المعاصر لا ينتبه إلى ما يصدر من كتاب.
 


كمال يونس