خالد عبد الجليل: عمل جهاز الرقابة لا يتعارض مع حرية الإبداع.. ومكاتبنا في المحافظات للتفتيش فقط

خالد عبد الجليل: عمل جهاز الرقابة لا يتعارض مع حرية الإبداع.. ومكاتبنا في المحافظات للتفتيش فقط

العدد 567 صدر بتاريخ 9يوليو2018

استشهد الدكتور خالد عبد الجليل، المشرف العام على جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، بمقولة الأديب العالمي نجيب محفوظ عندما تولى جهاز الرقابة، حيث قال: «إن عمل الرقابة لا علاقة له بحرية الإبداع ولكن بعض الضوابط لحماية المجتمع والحفاظ عليه من الفتنة»، مشددا على أن ما قاله محفوظ هو ما يؤمن به في عمله. 
وكشف الدكتور عبد الجليل في حوار خاص لـ”مسرحنا” أن مقرات الرقابة على المصنفات الفنية في 7 محافظات للتفتيش فقط على المنشآت والعروض الفنية السينمائية والمسرحية والغنائية وأماكن إقامتها، وذلك لتحقيق الانضباط اللائق في ما يتعلق بهذه الأعمال والتأكيد من حصولها على التصاريح الرقابية اللازمة وكذلك إلزامها بقوانين جهاز الرقابة على المصنفات الفنية.
وأعلن مستشار وزير الثقافة أن الوزارة سوف تتحول من وزارة خدمية إلى وزارة تضيف للدخل القومي، خصوصا أن المنتج المصري ثري جدا حتى على مستوى تراثه السينمائي أو المسرحي أو الأدبي، وهو ما يمكن أن يدخل في منظومة اقتصادات التراث، وسط آليات تجارية معينة وبأساليب تسويق معينة، قائلا: إننا نسعى لتحويل المنتج الثقافي إلى منتج تجاري واقتصادي في الوقت نفسه، بحيث نستطيع أن نستفيد من هذا الإنتاج سواء كان الفيلم أو المسرحية أو اللوحة أو الكتاب، وكذلك الأصول الثابتة مثل المسارح والسينمات والبلاتوهات، وكل ما تملكه وزارة الثقافة من أصول وما تنتجه من منتجات، عليها أن تخرج من فكرة المنتَج الذي يصل للمتلقي.
هذا بعض ما صرح به د. عبد الجليل في حواره مع “مسرحنا”، فإلى الحوار.
 - في البدابة حدثنا عما يشهده جهاز الرقابة على المصنفات الفنية.. وكيف تتم إعادة هيكلة الجهاز ليقوم بدوره المنوط به على أكمل وجه؟
 - منذ فترة طويلة تبنيت بمعاونة جميع السينمائيين سواء لجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة أو غرفة صناعة السينما ونقابة السينمائيين عملية تحويل جهاز الرقابة إلى جهاز لحماية الملكية الفكرية والتصنيف العمري، وهو أمر مبني على ما يحدث في العالم كله، لتحويل هذا الجهاز من لعب دور المخبر الذي يقطع من الأفلام إلى دور شرطي المرور الذي يوجه السلعة إلى من يريد أن يتلقاها، وبالتالي بدأت تظهر ثقافة التصنيف العمري التي لم تكن موجودة، رغم أنها لا تتم في الوقت الحالي بشكل مثالي، ولكن بدأنا نراها في المسلسلات والأفلام وهي خطوة مهمة تعفينا من القطع من الأعمال الفنية بشكل عام.
 - وماذا عما ذكرته في تصريحات لك عقب توليك رئاسة الجهاز من إعادة هيكلة للجهاز وهو ما لم نره حتى الآن؟
 - إعادة هيكلة جهاز الرقابة ضروري للغاية، لأن الجهاز كان يعمل لسنوات طويلة بعقل رجل واحد وهو رئيس الرقابة، ولا يمكن تحت أي منطق أن يتحمل شخص واحد مسئولية الرأي والذوق والتوجه العام أو السياسة والثقافة العامة لـمئة مليون مواطن في مصر، وهذه مسألة لا تدخل في سياق العقل أصلا، فكان لا بد من النظر إلى هذا الجهاز الذي أهمل لسنوات كثيرة، ونحن نحاول أن نُعيد الهيكلة بحيث يكون هناك هيكل تنظيمي ومجلس إدارة ومجلس استشاري للتصنيف العمري ووحدة لتطوير أداء الرقباء ليكون مؤسسة قوية أيا كان من يرأسها، خصوصا أننا في حاجة إلى إعادة الكثير من المؤسسات سواء الثقافية أو الفنية المرتبطة بالثقافة والسينما والرقابة على المصنفات، التي يجب أن تتحول إلى هياكل مؤسسيه لها سياستها وأهدافها الواضحة التي يعمل بها رئيس المؤسسة، وليست مؤسسات أو هيئات تدار بعقل شخص واحد فقط، وبدأنا ذلك بالفعل مع تولي الدكتورة إيناس عبد الدايم حقبة وزارة الثقافة.
 - البعض يتساءل عن الداعي لإنشاء فروع جديدة للرقابة في 7 محافظات وعن المنوط بها من أدوار؟
 - بدأت بالفعل الدكتورة إيناس عبد الدايم تبني فكرة هيكلة الرقابة على المصنفات، ومن ضمن ذلك فصل ميزانية الرقابة عن ديوان عام الوزارة والسماح بضخ 3 ملايين جنيه لإعادة تأهيل المقر الخاص بالرقابة بشارع القصر العيني وإعادة افتتاحه بعد تجهيزه على أعلى مستوى تقني ويتبع أحدث الطرق التكنولوجية في التعامل مع العميل، بحيث يكون هناك مستوى آدمي في التعامل واستقبال العملاء. أما قرار إنشاء محموعة الفروع فهو للتفتيش وليس للرقابة على الأقاليم كما تصور البعض، وهذا ليس صحيحا، فهي فروع للتفتيش وتطبيق القواعد الرقابية، ومنح التراخيص للأفلام والمستوى العمري لها وإعطاء تصريحات لمسرحيات وأغانٍ ومغنين، حيث يتم ضبط أوتار كل هذا، وبالتالس فالتفتيش هو الآلية الوحيدة لضمان تنفيذ قرارات الرقابة، خصوصا أن نشاط الرقابة في مصر يمتد من أقصاها إلى أقصاها، إذن كيف تراقب ما تم الترخيص به؟ فكان لا بد من أن يكون هناك فروع في الأقاليم والمحافظات السبع كخطوة أولى، والبقية تأتي في المرحلة القادمة.
 - وماذا عن معايير الرقابة على المصنفات الفنية ورأيك فيها ومدى الالتزام بها من عدمه؟
 - أرى أن معايير وضوابط الرقابة الحالية معايير في شكلها العام فضفاضة بخلاف المعايير الواضحة الخاصة بحماية مصالح الدولة العليا وعدم الإخلال بالنظام والأمن العام والحفاظ على الذوق العام وازدراء الأديان والفتنة الطائفية، وهي معايير موجودة كجمل مجردة وهو ما أراه يعطي مساحة أكبر وأهم للرقيب لأن يتحرك فيها للدفاع عن حرية الإبداع، فهي تعطينا الفرصة لأن نوسع المجال لحرية الإبداع.
 - وهل ترى بخبرتك الثقافية والفنية أن الرقابة تؤمن بشكل كامل بحرية الإبداع؟
 - سوف أستخدم جملة أستاذنا العظيم الأديب العالمي نجيب محفوظ - الذي لا يزايد عليه أحد - عندما قبل أن يعمل بالرقابة قائلا: «إنني أظن أن عمل الرقابة لا علاقة له بحرية الإبداع ولكن بعض الضوابط لحماية المجتمع والحفاظ عليه من الفتنة»، وبهذا فأديب نوبل بنفسه رأى أن الرقابة لا علاقة لها بحرية الإبداع، ولكن لحماية المجتمع ممن يريد أن يزرع الفتنة الطائفية أو يؤذي المجتمع.
 - وما هي آلياتكم الجديدة أو خطتكم لتطوير العمل في جهاز الرقابة على المصنفات؟
 - استحدثنا آلية التصنيف العمري على الأعمال الفنية لعدم المنع، وهي أيضا آلية تتيح المساحة لأن يذهب المنتج الفني إلى من يستطيع أن يتلقاه، وخصوصا أن التصنيف العمري له عدة مؤشرات وهي العنف والجنس والعري والقبلات والألفاظ والسلوك والمخدرات والقضايا الإشكالية، فكل ما صعدت زاد التصنيف العمري لهذا المنتج، وبالتالي مشكلتي ليست منع الأفلام بل وضع تصنيف عمري عليها، وهو معيار مهم جدا بالإضافة إلى تطوير أداء الرقباء وتكوين مجلس استشاري للتصنيف العمري بمجموعة من الخبراء وأساتذة علم الاجتماع وعلم النفس والطفولة وعلماء التربية والسلوك لوضع معايير التصنيف العمري ومؤشراته وإعطاء درجاتها، وبالتالي يتم تطويره وتحويله بناء على التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
 - ماذا عن اللبس الذي حدث جراء قرار الرقابة ونقابة المهن التمثيلية منع بعض الفرق الخاصة والمستقلة من العمل؟
ليس صحيحا أن تم منع الفرق المسرحية المستقلة أو فرق الهواة من العمل، هناك خطأ في التفسير، هذا القرار خاص بفرق القطاع الخاص التجارية وليس الفرق المستقلة أو فرق الهواة، فرق المستقلين والهواة تعتبر أمبوبة الأكسجين التي تجدد دماء الحياة الثقافية والمسرحية بالعروض اليومية لها وتقوم بحقن المجتمع بالأفكار المستجدة والحوار المتجدد، وبالتالي فهي العصب الأساسي للعملية الفنية، وهم بعد ذلك من يقومون بتقديم مسرحيات كبيرة، بالتالي لا يوجد عاقل يستطيع أن يوقفها.
 - وكيف تفرق الرقابة بين الفرق المستقلة المسرحية وفرق الدرجة الثالثة التجارية؟
نعرف جيدا الفرق التجارية الخاصة ونفرق بينها والفرق المستقلة الجادة بسهولة، سواء من خلال تأجير مسارح ضخمة واختيار المصايف والفنادق الكبرى لتقديم أشياء غير فنية، وبالتالي هذا النوع من العروض يُرفض، ولكن عروض الفرق المستقلة مرحب بها ولدينا تعاون مع المدارس لتقديم عروض مسرحية للهواة، وكل يوم نمنح تصريحات لفرق الهواة والمستقلين وعلاقتنا بهم جيدة، وأحيانا نعاني في تقديم العرض في نفس اليوم المراد العرض فيه، ونساعدهم في ذلك ونزلل لهم العقبات.
 - ولكن يرى بعض المسرحيين أن هناك تخوفا مما يقدمه المستقلون، ورغبة في التحكم فيما يجب أن يقدم وما لا يجب، فبماذا تطمئنهم؟
لا توجد عروض منعت من العرض، ولكن عند التعامل مع الجمهور يعرف المسرحيون جيدا ما يجب أن يقدم وما لا يجب، لأنه يمس بمصالح الدولة أو يهبط بالذوق العام أو يدعو للفتنه الطائفية أو ازدراء الأديان.
 - ما الخلل الذي ستعالجه الشركة القابضة للصناعات الثقافية التي أقرتها وزيرة الثقافة مؤخرا؟
 - لدينا فلسفة واستراتيجية كاملة تم وضعها قبل إنشاء الشركة، مثل توفير فائض مالي لإعادة هيكلة البنية التحتية للوزارة وإصلاحها، بدلا من انتظار موازنة الدولة، كذلك الاستفادة مما تملكه الدولة من أصول، فكيف يمكن لمؤسسات الوزارة التي تضيع نحو 90? من ميزانيتها في رواتب للموظفين أن تستفيد من أصولها بشكل كافٍ، لأن أغلب الأصول تظل بعض شهور العام دون استغلال لعدم توفير موازنة كافية للإنتاج، فالمسارح مثلا كانت تتوقف عدة أشهر لعدم وجود موارد للإنتاج، وبالتالي يمكن أن تدخل الدولة في شراكة مع بعض القنوات الفضائية التي تشتري مواسم مسرحية كاملة مقابل ضخ موارد كافية لإنتاج مزيد من الأعمال المسرحية التي تذاع عليها، مما يحقق للوزارة انتشارا أكثر، وتكون عروضها الراقية في مواجهة بعض العروض الهابطة التي تملأ الحياة ليل نهار. وكذلك كيف يمكن أن تتحول مطابع هيئة الكتاب إلى مطابع تجارية يمكن أن تحقق أرباحا كبيرة للهيئة بالشراكة والطباعة للقطاع الخاص، وهي مطابع لا مثيل لها في مصر، وكل هذه الأمثلة لتبسيط دور وأهداف الشركة والجانب الذي سوف تقوم بمعالجته.
 - هناك تخوف من أن تتجه الوزارة إلى البحث عن الأرباح بدلا من دورها الثقافي المعهود؟
 - هذا السؤال يطلقه بعض أصحاب الفكر التقليدي والمقولب، فهناك من يربط بين الربح والإسفاف، والخسارة بالقيمة، تحقيق الربح ليس معناه أن تقدم منتجا هابطا، فالربح معناه كيف تجيد تسويق منتجك الجيد بحيث يصل إلى أكبر عدد من الجمهور المتاح، وبالتالي تستفيد منه وتربح. وسأضرب مثالا مما كنا نعاني منه سينمائيا، ففيما مضي، إذا عرض علينا فيلم جيد، لم نكن نستطيع أن نساعده إلا بتقديم جزء من الدعم له، ثم يعاني المخرج لمدة تقترب من 3 أعوام لإيجاد منتج مشارك، وإذا وجده لا يستطيع إيجاد موزع، وإذا وجد الموزع لا يستطيع المنافسة في السوق بسبب آليات التوزيع، أما الآن فلدينا الشركة التي تستطيع دعم الأفلام لوجيستيا من خلال ما تملكه من بلاتوهات وأصول ودور عرض وكاميرات تصوير ومونتاج وغيره إلى أن يتم فرضه بين دور العرض من خلال ما نملكه من سينمات. وحتى لو تم الاتفاق على إدارة القطاع الخاص لبعض الأصول مما سبق ذكره، فإننا سنضع بنودا تمكننا من الاستفادة من الأفلام الجيدة، ومن هنا نستطيع أن نساند الفن الجيد والأعمال المحترمة، وهذا المثال ينطبق على الحرف التراثية والمسرح والطباعة، فآلاف الكتب المخزنة في المخازن لو وجدت آليات تسويق جيدة لما ظلت هكذا، ومن هنا تأتي أهمية هذه الشركة المعنية بتسويق المنتجات الثقافية.
 - ما هو مستقبل مدينة السينما في ظل وجود مشروع الشركة القابضة للسينما؟
 - هذا مشروع، والشركة القابضة مشروع آخر، فأنا عملت مستشارا للسينما منذ 2014، وكنت أعمل على ملفات كثيرة، منها ملف الشركة القابضة، وملف مدينة السينما، وملف إعادة هيكلة المركز، وملف إعادة الأصول بشكل عام، وملف إعادة هيكلة الرقابة، والدكتورة إيناس عبد الدايم فتحت كل هذه الملفات، وفي أقل من 6 أشهر، وأصبحنا على بعد أمتار من إعلان قطاع السينما، وعلى بعد أمتار من افتتاح المبنى الجديد للرقابة على المصنفات الفنية وإعادة هيكلتها، وأن يظهر النظام الأساسي للشركة القابضة. وأنا أشعر في حركة وزيرة الثقافة في ملف السينما والتي تديره في صمت وحماس، وكأنها تعزف مقطوعة موسيقية، لأنها فجأة تسأل عن مشروع المركز وتحيله للمستشار القانونى لاستكمال الإجراءات، والملف الآن متوقف على اعتماد جهاز التنظيم والإدارة، والرقابة ضخت بها 3 ملايين جنيه، لنعيد المبنى ونقوم بإنشاء مبنى جديد، وقريبًا سيكون منتهى، والقوات المسلحة تعمل به منذ 4 أشهر وواصلت العمل خلال شهر رمضان، ونحاول أن نصنع من الرقابة وحدة خاصة لنرتقي بالمستوى المعيشي للرقباء، لأنهم يبذلون مجهودا خرافيا ومستواهم متميز وعددهم قليل جدا.
 - ما أهمية دور الشركة القابضة للصناعات الثقافية بالنسبة لصناعة المسرح في مصر؟
 - الشركة سوف تسهم في ازدهار المسرح بشكل كبير، فإذا نظرنا إلى البيت الفني للمسرح فسوف نجد أن لديه الكثير من المسارح لكن موارده وميزانيته محدودة، و90% من ميزانية البيت الفني للمسرح تذهب إلى مرتبات وأجور العاملين، وكثير من الأوقات يكون هناك مسارح ليس عليها عروض أو هناك عروض وليس لها تمويل، وبالتالي أن يكون لدينا شركة فسوف يتم تطوير صناعة المسرح في مصر من خلال تقديم محطات فضائية أو محطات وطنية وجهات وشركات راعية تتبنى عروضا مسرحية يصنعها نجوم ويشارك فيها فنانون ومستقلون وهواة، وتضخ أموالا للاستثمار في مسارح الدولة فكل هذا شيء جيد جدا، ويتم تسويق العروض بالقنوات والوكالات الإعلامية.
 


محمد خضير