العدد 561 صدر بتاريخ 28مايو2018
العناصر المشتركة بين المواقف القوية والمواقف الأضعف:
ما يهمنا هنا هو هل يشرح النموذج التفسيري علاقة النص بالأداء المسرحي فعلا. قبل أن نلتفت إلى هذا الأمر، رغم ذلك، يجب أن نلاحظ أن هناك ثلاثة ملامح عامة في كل نظريات التفسير قادرة على إقرار الأداءات كتفسيرات.
كل مواقف التفسير هذه أضعف من رؤية تصوير النص بمعنى أنها تعترف أن النص المكتوب ناقص. ولا شك أن كل أعمال الأدب الدرامي مكتوبة لكي تعرض على خشبة المسرح، وهذا يتم تناوله ليعني أنها حتى تعرض فهناك شيء مفقود.
تعترف كل مواقف التفسير هذه بأهمية أنواع من التفاصيل المضادة الواضحة في تمرين التدريس سالف الذكر. وفي موقف الأداء كتصوير للنص، فإن المسائل ذات الأهمية في الأداء فعلا هي الملامح الموجودة في النص نفسه. وتلك الملامح التي تحض على الأسئلة السخيفة، والتي لخصوصيتها وماديتها أهمية في الأداء، هي الملامح الطفيفة التي تثير انتباه المتلقين في الأداء الواحد الذي يشاهدونه – وكلها بلا أهمية. ولكن في كل موقف من مواقف التفسير، فمن المعترف به أن هذه التفاصيل ذات أهمية كبيرة. لأن إضافة مثل هذه التفاصيل يقدم كل ما هو مفقود في النص المكتوب.
تفترض كل مواقف التفسير هذه أن المؤدين يجب أن يختاروا بشكل قصدي التفاصيل المضافة الملائمة. فالصور التي تحدث بالمصادفة في الأداء – حتى لو كانت متوافقة مع تفسير بعينه – لا يتم تأملها باعتبارها جزءا من التفسير الأصلي.
ولذلك لا يمكن أن نرى أن الفروق بين هذه المواقف يغير الشكل المحدد الذي تقدمه كل نظرية لكل من هذه الملامح العامة الثلاثة.
الشك في مواقف التفسير القوية والمتوسطة:
ليست كل محاولة قصدية لدمج التفاصيل ومنح أحد أنواع الإنجازات السابق ذكرها – وهي الفهم والمعنى والترجمة – هي محاولة تفسير أدائي، أو أداء تفسيري. فالمحاضرة، مثلا، يمكن أن تكون تفسيرا لمسرحية «هاملت» أيضا. ولعل إحدى الاستجابات لهذا الاعتراض هو أن ندعم رؤية التفسير بالتأكيد على الصورة المشار إليها سابقا، وهي أن يكون لدينا أداء تفسيري في حالة أن يعكس المؤدون التفاصيل وتندمج مع مواد أخرى داخل الأداء المسرحي. ومع أن هذا الأمر جذاب مبدئيا، فإنه يعني أن الأداء يفسر المسرحية عن طريق أدائها بهذه الطريقة، ويستتبع ذلك أن اقتراح أن الأداءات تفسر المسرحيات لن يستطيع أن يشرح الذي ينشئ العلاقة بين المسرحية وأداءاتها بما أنه يفترض تلك العلاقة.
والطريقة التالية الأكثر وضوحا لتجنب المشكلة السابقة تواجه في ذاتها صعوبات. فربما نحاول أن نزعم أن كل أداء يهدف أن يكون تفسيرا بأحد هذه المعاني. وعلى أساس هذا الاعتبار، يمكن أن تظل العلاقة بين النص والأداء، التي لم تحقق تفسيرا، علاقة محاولة للتفسير. والمشكلة هي أن هذا الادعاء يبدو زائفا. إذ لا يهدف كل أداء لمسرحية «هاملت»، أن يفعل ذلك، لأنه في الواقع يحاول أن يفسر «هاملت»، بمعنى أنه يقدم تفاصيل تساعدنا في فهم أو نقل تلك المسرحية إلى نص مسرحي. ويمكن تقديم الأداء باعتباره تحديا لأي معنى يمكن أن يتناوله النص بشكل تقليدي، وليس كتفسير له.
في النهاية، هناك نتيجة إضافية لحقيقة أن اختيارات الأداء هي من بين الأحداث والإيماءات والنطق والإضاءة والإعداد والعناصر المادية الأخرى، وهي المؤثرات المنقولة بواسطة الأداء المسرحي، ليست منصوصا عليها. ويلاحظ (ديفيد أوسيبوفيتش) أنه:
«إذا كان الأداء المسرحي غير منصوص عليه، فلا سبيل إلى تفسير ذلك الأداء عموما (ولا حتى أي أداءات أخرى تستخدم النصوص) باعتبار أنه تفسير لنص».
تجاوز التفسير:
يحاول عنصر ثالث أن يتحرك إلى ما وراء نماذج لتفسير في علاقة النص بالأداء لكي ترى النصوص باعتبارها تقدم نوعا واحدا، من بين عدة أنواع أخرى، من تعليمات أو وصفات الإعداد للأداءات، ولكي نرى الأداءات باعتبارها تنفيذا لتعليمات مقدمة في النصوص بشكل موسع. وتجاوزا للفكرة التي أشرنا إليها توا بأن هناك مجرد مواد للأداء تستخدم لتقديم بعض الأداءات، يعامل (نويل كارول) كل النصوص باعتبارها «خطط أداء»، وهذا ينقل ما يسميه (كارول) «نموذج وصفة الإعداد».
نموذج وصفة الإعداد:
يمكن تأمل نموذج وصفة الإعداد باعتباره أضعف مفاهيم التفسير التي يمكن أن تقوم بوظيفة شرح علاقة النص بالأداء، لأنها تحتفظ بمفهوم التفسير باعتبار أنه مركزي بالنسبة للقصة، على الرغم من نشره للمفهوم بأسلوب مختلف. ولكنني أعتقد أنه من الأفضل أن أصنفه كبديل لنماذج تفسير علاقة النص بالأداء. وعلى أساس رؤية وصفة الإعداد، فإن عملية وضع الإضافات، التي يقوم بها المؤدون في التدريبات، هي التي تؤسس فعل تفسير النص. وبالمقارنة، فإن الأداءات ليست بذاتها تفسيرات للنص، بل هي نتائج للتفسيرات. علاوة على ذلك، لا داعي لتحفيز العملية التفسيرية من خلال التفسير النقدي للنص المكتوب. بمعنى آخر، الأداء هو نتيجة تفسير بأدق معاني ملئه.
وتضعف هذه الرؤية مفهوم التفسير لأنها توظف في أكثر مواضع التمركز حول النص بعدة طرق. أولا، تستغنى عن التركيز السيمانطيقي على أعمال الأدب الدرامي المميزة في الرؤي سالفة الذكر وتستبدلها بمفهوم العمل الدرامي كوصفة للأداء. إذ يشير (نويل كارول) بقوله:
«إن استخدامي للتفسير أوسع من ذلك المعنى المحدد للنوع المسرحي, فهو يشير إلى ملء أو كسوة النص المسرحي أو خطة الحدث بمؤثرات ومعانٍ متضمنة فيه، سواء كانت تتطابق مع القصد التأليفي من عدمه. فاختيار الممثل وتخطيط الإضاءة وإعداد المشاهد وتبني أسلوب الاغتراب، كلها أجزاء من تكوين تفسير، في رأي، ليس مجرد اختيارات متوافقة مع التمثيل».
ثانيا، تستغنى عن فكرة الأداء كتفسير وتستبدله بفكرة أن التفسير هو فعالية تحديد اختيارات أنواع التفاصيل التي نتآلف معها، كما في تمرين التدريس السابق ذكره، لكي نقدم أداء. ولذلك، يُسمح للاختيارات التي لها علاقة بالمؤثرات التي تسمح بالمعاني بشكل أكبر. وفي النهاية، على الرغم من أن الاختيارات لا داعٍ لأن تكون نتيجة للتوسيط القصدي بين النص والأداء، فإنها لا تؤكد أن التفسير الذي يستمر في تقديم الأداء مزود بتفسير نقدي. ولذلك، فإنه يسمح لأي مواد مضافة بشكل قصدي أن تكون نتيجة للتفسير.
هذا التناول لعلاقة النص بالأداء تناول واعد جدا. فنحن غالبا نتحدث عن نصوص أداء وعروض وأداءات بطرق متداخلة فيما بينهم. ونعرف أنه يمكن أن يكون لدينا مؤلف للمسرحية ومخرج مشهور للعرض، وأداء لهذا العرض في ليلة بعينها. وربما نقيم هذه الأشياء بشكل مختلف عن أشياء أخرى. وأحيانا نقرأ النصوص ونذهب لمشاهدة العرض الذي يستخدمها. وبالتأكيد نقيم النصوص بشكل مختلف عندما نتأملها كأعمال للقراءة مقابل تأملها كنصوص في الأداء. وهذه حقائق مهمة عن التقاليد المسرحية السائدة في الغرب الأوروبي في القرنين الماضيين. إذ يبدو أن نموذج وصفة الإعداد يفسح المجال لكل هذه الممارسات.
تحديات لنموذج وصفة الإعداد:
المشكلة الأولى أن هدف المدى المرجو في هذا الاعتبار ليس كاملا كما يبدو. فلا يمكن أن تكون المؤثرات المذكورة سابقا جزءا من تنفيذ خطة معينة في نص مسرحي. فليس من الواضح فورا، مثلا، ربما كان تبني أسلوب الاغتراب – على الأقل إذا كان يهدف إلى معارضة المعاني المفترضة أو المؤثرات الموصوفة في النص - جزءا من ملء أو تغطية وصفة الإعداد أو جزءا من تنفيذ خطة الحدث. وتتسم محاولة معارضة هذه المعاني أو المؤثرات المزعومة بممارسات (بريخت) لمساعدة المؤدين على فهم نصوصه.
وتتعلق المشكلة الثانية بكيف نشرح ما هو المهم في خطة الإعداد. ويمكن إعادة هذه النقطة إلى مكانها بتذكير أنفسنا إلى أي مدى نتسامح مع كونها مجتزئة من النص، بينما نظل نعتبر الموجود أمامنا هو أداء لمشهد الغرفة في مسرحية «هاملت». فهل يظل ذلك الأداء لمشهد الغرفة إذا لم يتهم «هاملت» أمه بالإسراع من الزواج بـ«كلاوديوس»؟ من الجائز لا. ولكن ماذا لو لم يظهر «بولونيوس» مطلقا، ولذلك لن يموت؟ من المحتمل أن يقال إنه لن يموت، ولا سيما إذا كان العرض يُقدم في مدرسة ثانوية. ولكن ما هي الخطة إذن، وكيف يعد المشهد الناتج تنفيذا لها؟ هذا ليس القرار الذي يفترض أن يتخذه الفلاسفة. إنه يتخذ في ظروف خاصة بواسطة الممثلين والمتلقين والنقاد، ثم يتخذ مرة أخرى في ظروف مختلفة. فالنقاد والآباء يمكنهم بسهولة ومنطقية أن يصلوا إلى استنتاجات مختلفة في هذا الشأن.
وتتعلق المشكلة الثالثة بكيف يمكن أن نشرح المهم أثناء تنفيذ الخطة. تأمل قرارا بتقديم مشهد الغرفة بممثل يؤدي دور هاملت وهو ينطق سطور «جرترود» والعكس، من خلال حدث مسرحي تجسده العرائس، مع أداء كل سطور بتتابع معكوس من النهاية إلى البداية. فهل يعد هذا أداء يتناول نص «هاملت» كخطة أداء وأنه ينفذ تلك الخطة؟ فكل سطور النص موجودة، ولكن كما يجادل (وارزين) «معرفة أن الأداء ملتزم بنص لا يخبرنا شيئا عنه تقريبا، وهذه النقطة ترتبط بأخرى، وهي أن كثيرا من الاختيارات المتضمنة في أي أداء هي اختيارات تصادفية وليست محددة مسبقا في خطة الأداء».
والمشكلة الحاسمة، رغم ذلك، هي أن اختيار استخدام النص المكتوب كخطة أداء هو في ذاته أحد القرارات الأساسية المفتوحة أمام المؤدين، وأن نموذج وصفة الإعداد في علاقة النص بالأداء تعوقها.
استراتيجيتان في تمركز الأداء:
على الرغم من الرؤية السابقة التي تأملناها، تسعى إلى التحرك فيما وراء التفسير ونتبنى رؤية مختلفة تماما في علاقة النص بالعرض، فلا متداخلة مع وجهة نظر المسرح الذي تكون فيه العروض المنصوص عليها نموذجية. تتناول كل من الأوضاع سالفة الذكر مسألة علاقة النص بالأداء بافتراض أن أغلب الأداءات المسرحية تُستخدم نصوص فعلا. فبقايا هذا الافتراض هي المسئولة في الحقيقية عن أنه على الرغم من أن وجهة نظر وصفة الإعداد تحول دون وجود اختيارات أساسية فهي سؤال مفتوح أمام المؤدين والمتلقين.
وتسعى أحدث محاولات التعامل مع علاقة النص بالأداء إلى البدء بتناول مختلف بشكل متطرف، يدفعنا إلى التركيز أولا على أنواع الأداء الأكثر تحديدا التي توظف النصوص، وأن نعالج الأخيرة باعتبارها حالات خاصة لنوع أعم من النشاط البشري. وهناك رؤيتان لهذا الأصل الحديث، تطورتا بطرق مختلفة ولها تأكيدات مختلفة. وأختم هده الدراسة بتقديم مختصر لكل منهما.
نموذج المكونات:
أولا، يؤكد نموذج المكونات الاستخدامات التي توضع من خلالها النصوص في الممارسة الفعلية. وإذا نظرنا إلى قائمة الملامح المقترحة بواسطة تمرين التدريس السابق ذكره في بداية هذه الدراسة، فيمكننا أن نقول إن هذا الوضع يؤكد على الملمح الرابع – وهو أن المتلقين عادة يشاهدون الأداء مرة واحدة – ويدرس ما يفعله المؤدون أثناء الإعداد للعرض في ضوء تلك الحقيقة.
والمؤيدان الرئيسيان لهذه الرؤية، وهما (جيمس هاميلتون) و(ديفيد أوسيبوفيتس)، يفترضان أن النصوص تستخدم في الأداءات المسرحية باعتبار أنها مصادر للكلمات والأفكار الأخرى من أجل تقديم العروض المسرحية بالإضافة إلى مكونات أخرى من مصادر مختلفة. وربما لا يحدد نموذج المكونات أي استخدام لنص بعينه – سواء كان نصا مسرحيا أو خلافه – فضلا عن أي شيء آخر، ولكنه يعني أن يكون له غرض واسع حتى يسمح بأي استخدام خاص.
ولذلك للوهلة الأولى، تعد الاختيارات المتعددة لكثير من الملامح الصغيرة التي تصنع الأداء في وضع مساو للمكونات المستمدة من أي نصوص يمكن استخدامها. حيث يُرى الغياب النسبي للأسئلة السخيفة عن الأداء المسرحية كشيء طبيعي على نحو ما. ولكن ما الذي يمكن أن يقوله هذا الوضع عن الأداء المتعددة التي تستخدم النص نفسه وأهمية النصوص في التقاليد الأوروبية؟
تعترف الإجابة على هذا السؤال بالتقاليد التاريخية في استخدام النصوص كخطط للأداء، وباعتبارها تقود، رغم ذلك، كثيرا من تفاصيل الأداء بالطريقة التي لا تجعل لهذه القرارات مدى في تلك التقاليد قبل أن يبدأ المؤدون أو المتلقون في تأمل مجموعة الأنواع المتاحة لهم. ومع ذلك، يفترض نموذج المكونات أن قرار ما هو مهم مثل استخدام النص بالشكل الملائم، لا يزال يتخذ بواسطة الذين يعملون في الممارسات المسرحية، وليس بواسطة التأمل الفلسفي. فهو يسمح لإمكانية أن تفوز إحدى الرؤى التي تأملناها سابقا في حدود ما يحدث في هذه التقاليد. وبذلك تسمح بنقاش جديد للافتراضات الفلسفية السابقة، رغم أنها تفسرها من جديد باعتبارها تفسيرات منافسة للممارسات المسرحية الفعلية في مواقف تاريخية معينة، فضلا عن كونها تحليلات لعلاقة النص بالأداء.
نموذج الآثار:
ثانيا، ما نسميه نموذج الآثار، فكرته الأساسية هي أن العمل المسرحي هو نوع حدث Event - type قابل للتكرار. وكيفية تذكره لإمكانية تكراره هي مسألة عملية يتم حلها في بعض الثقافات باستخدام النصوص لكي تتبع، جزئيا على الأقل، نموذج حدث نقدره ونرغب في تكراره.
ومثل نموذج المكونات، يؤكد نموذج الآثار الملامح الأولى في القائمة المقترحة في تمرين التدريس المذكور سابقا. فاختيارات المؤدين لتطوير الأداء وخصوصية ومادية هذه الاختيارات هي مسألة أساسية في تشكيل ما سوف نشاهده في الأداء. وبالمقارنة، تُقدم النصوص بواسطة فن مختلف، هو فن الكتابة. وإذا كان النص يُقدم بواسطة الكتابة، فإن الأداء يُقدم بواسطة المسرح، فالنص (الموضوع) والأداء (الحدث) هما نوعان مختلفان. فما هي إذن العلاقة بينهما.
للإجابة على هذا السؤال، يمكن أن نعلن مباشرة عن نوع من الانتقال إلى الأنطولوجيا. نميز أولا بين ثلاثة أنواع من الأحداث event - types. فالعمل المسرحي كما يزعم (بول وودروف) هو نتاج فن المسرح الذي قد يتكرر في عدة مناسبات وأماكن وبعدة طرق مختلفة. وبالمثل يُوظف باعتباره نوع حدث يتناول العروض أو الأداءات باعتبارها علامات. فالعرض قادر على التكرار، بفريق العمل والإعداد نفسيهما عادة. ثالثا، يحدث الأداء مرة واحدة، وقد يكون مثالا لكل من العمل المسرحي والعرض. ومن خلال تزويده بهذا التمييز يمكننا أن نسأل الآن ما الذي يجعل العمل المسرحي بما هو كذلك؟ وما الذي يجعل أي أداء هو أداء لعمل مسرحي معين؟ الحل الذي طرحه (وودروف)، على الأقل بالنسبة للمسرح التمثيلي هو:
«لاكتشاف جوهر العمل المسرحي التمثيلي، وتحديد الشخصية (أو الشخصيات) الرئيسية والصراع الأساسي (أو الصراعات) التي يتم حلها في الحبكة. وأعني بالحبكة الحدث المبني الذي يحافظ على انتباهنا ويقيس زمن الأداء المسرحي. وأعني بالشخصية، الشخص الذي يجذب انتباهنا بشدة».
بوضوح، لا يمكن أن يكون العمل المسرحي القابل للتعريف هو النص، ولا يمكن، كما يجادل (وودروف) أن يكون نوعا ينتمي إلى تقاليد الأداء، لأنه لا يمكن أن توجد عناصر تنتمي إلى تلك التقاليد التي لا نعتبرها أمثلة لنوع الحدث. تخيل مثلا عرضا يتعلق بـ(بورتيا) التي تغري «هاملت» في المشهد الأول، والتي تستدعي «كلاوديوس» لكي يرسل هاملت إلى الجيش لمحاربة «الفورتينبارز». لا بد أن هذا المشهد ينتمي إلى تقاليد نص «هاملت». ولكن لا يتضح ما إذا اعتبره المشاهدون عرضا لهاملت.
ما الذي يجعل الشخصية والحبكة نفسيها في المسرح التمثيلي يمتلكان الملامح نفسها التي تمكننا من تحديد عمل مسرحي بعينه؟ الإجابة المباشرة المستمدة من الهدف المعياري الذي يخدمه المسرح، وهو تحديدا تقديم الحدث الجدير بالمشاهدة. أولا، ما يستحق المشاهدة هو حدث ينبثق من الاختيارات، والشخصيات وحدها – بمعنى العوامل – هي التي تختار. ثانيا، ما يستحق المشاهدة هو حدث يجب أن يكون له مدة واضحة، ونماذج الحدث المرسومة هي التي يمكن أن تكون لها هذه السمة.
وعلى أساس هذه الرؤية يحدد المتلقون العمل المسرحي عن طريق إدراك سماته الأساسية، والنص المستخدم ليس جزءا من التطابق. ودوره، إن كان له دور، يساعدنا في تذكر الملامح الرئيسية، وبذلك نبني الحدث المسرحي من جديد.
هذه المواقف، كما قلت هي مواقف جديدة، وتبقى هذه الأوضاع محل بحث إذا كانت متوافقة وتقدم بديلا جديدا، أو حتى لو طرحت بديلين جديدين فيجب علينا تأملهما.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
قدمت هذه الدراسة في Journal compilation (في الجزء الرابع من المجلد الرابع) عام 2009 التي تصدرها جمعية الفلسفة.
وقد سبق أن قدمت جريدة “مسرحنا” دراسة سابقة للمؤلف نفسه في العدد رقم 550 لسنة 2018 وكانت تحمل عنوان (الأداء المسرحي والتفسير).
جيمس هاميلتون يعمل حاليا أستاذا للفلسفة وعلم الجمال في جامعة ولاية كنساس – الولايات المتحدة الأمريكية.