في ندوة «الشرقاوي والمسرح الشعري» بمعرض الكتاب:

في ندوة «الشرقاوي والمسرح الشعري» بمعرض الكتاب:

العدد 546 صدر بتاريخ 12فبراير2018


أيمن الشرقاوي: شخصية الحسين ستظل حاضرة في كل ثائر من أجل الحق
ضمن الفعاليات التي ينظمها معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ49، أقيمت الخميس الأول من فبراير ندوة «عبد الرحمن الشرقاوي والمسرح الشعري» تحدث فيها الفنان جلال الشرقاوي والفنانة سميرة عبد العزيز، وأدارها د. أحمد مجاهد.
قدم د. أحمد مجاهد الندوة بالترحيب بالحضور، ثم قدم سردا سريعا لأعمال الشرقاوي المسرحية قائلا: عبد الرحمن الشرقاوي قامة عالية وعلم كبير جدا، بحر زاخر بالمواهب، كان صحافيا وهو أحد الرواد الذين أسهموا في صناعة النقلة القوية في الشعر من العمودي إلى الحر والتفعيلة، وهو من الرواد في كتابة القصيدة الحديثة مع صلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطي حجازي، وقد أثمر كثيرا في هذا المضمار. أضاف: كتب الشرقاوي المسرح الشعري في إطار شعر التفعيلة ومن مسرحياته «مأساة جميلة»، «القاهرة» 1962، «الفتى مهران» 1966 «وطني عكا» 1968، «ثأر الله» بجزأيها «الحسين ثائرا» و«الحسين شهيدا» 1969، و«النسر الأحمر»: 1975، و«عرابي زعيم الفلاحين» 1981.
وعلق مجاهد: كانت الظروف السياسية المتزامنة مع إبداعات الشرقاوي ومعاصريه (في حقبة الستينات) تدفع كثيرا من الكتاب اليساريين أصحاب الفكر الحر إلى كتابة إبداعاتهم، خاصة إذا كانت في المسرح، من التاريخ، ليقولوا ما يريدونه على ألسنة شخصياتهم التاريخية وليس على لسان الكاتب ذاته، واتضح ذلك بكثرة عند المبدع الراحل عبد الرحمن الشرقاوي، واختتم مجاهد مقدمته بإلقاء مونولوج «الكلمة» للشرقاوي من مسرحية «الحسين شهيدا».
الفنانة سميرة عبد العزيز قالت: عبد الرحمن الشرقاوي مثال المبدع المثقف، وهو يمثل لي المرجعية الأساسية والأولى في إجادتي وإتقاني للغة العربية. تابعت: في بداية طريقي كنت أقدم مسرحية بالإسكندرية، كان يحضرها المخرج الراحل كرم مطاوع، ودعاني أن أحضر إلى القاهرة لأشارك في مسرحية كان يخرجها وهي «وطني عكا» وطلب مني حفظ مونولوج منها وتقديمه بحضور الشرقاوي نفسه، وأدخل هذا الخوف إلى نفسي فخرجت من المسرح القومي إلى الفجالة وأحضرت كتابا في قواعد اللغة العربية، ورحت أدرسه من جديد حتى يتسنى لي تشكيل المشهد، ومع ذلك كانت الرهبة تنتابني وكان الشرقاوي يشجعني بإعجابه، وتضامن معي لتقديم دور الفتاة الفلسطينية، وعندما قال مطاوع إنني أديت المونولوج بخوف وقلق رد الراحل عبد الرحمن الشرقاوي بأن خوفي سيفيد العرض، حيث إن الخوف بعض سمات الشخصية المسرحية التي سأقدمها بالعرض، وكان هذا ميلادي كممثلة محترفة في المسرح القومي.
أما الفنان جلال الشرقاوي، فقد استهل كلمته بالحديث عن رواد المسرح الشعري في مصر؛ حيث قال بادئا من أمير الشعراء وعزيز أباظة مشيرا إلى أن شعرهم كان من الشعر التقليدي العمودي إلى أن جاء جيل آخر يتقدمه عبد الرحمن الشرقاوي تلاه صلاح الدين عبد الصبور ثم فاروق جويدة رافعا لواء الشعر، ولم ينسَ جلال الشرقاوي الحديث عن المسرح الشعري المكتوب بالعامية حيث ذكر أدوار بيرم التونسي ونجيب سرور. انتقل جلال الشرقاوي للحديث عن السيرة الذاتية لعبد الرحمن الشرقاوي قائلا: تعلم في كتاب بقرية الدلاتون شبين الكوم/ المنوفية، وانتقل منه إلى المدارس الحكومية ثم إلى كلية الحقوق جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليا) التي تخرج فيها عام 1943م ليعمل بإلإدارات القانونية لوزارة المعارف العمومية ويستقيل بعد ذلك بعامين ليتفرغ للأدب في نشاطات متنوعة، فهو الكاتب الصحفي في جرائد الجمهورية والأهرام والغد والفجر والثقافة، حتى عين رئيسا لمجلس إدارة مجلة روزا ليوسف ورئيسا لتحريرها ثم مديرا عاما للمجلس الأعلى للفنون والآداب بدرجة وزير، اشتهر بقلمه السياسي اللاذع وهجومه على الاستعمار البريطاني وعلى النظام السياسي الداخلي، مدافعا عن الفلاح والطبقة الكادحة وعن قيم الحق والحرية والخير والجمال وهو الشاعر، الأديب، القصاص، الروائي، المؤلف المسرحي، الشاعر، السينارست السينمائي، المفكر الإسلامي، المؤرخ لسير أئمة الفقه. وتوقف جلال الشرقاوي أمام نصي «الفتي مهران» و«ثأر الله» بجزأيها قائلا عن مسرحية “الفتى مهران”: كان الراحل عبد الرحمن الشرقاوي معارضا لحرب اليمن، وقد أثبتت الأيام أنه كان على حق، حيث أدت حرب اليمن إلى نكسة 1967م، وقد عارض الشرقاوي هذه الحرب بمسرحيته “الفتى مهران” التي كتبها 1966 صارخا فيها منددا ومدينا، أضاف: ولم يكتفِ الشرقاوي في هذه المسرحية بطرح قضية الحرب فقط، ولكنه تناول إلى جانبها بعضا من قضايا ذلك العصر مثل قضية الشعب الذي خضع واستسلم من أجل لقمة العيش فخسر نفسه وعيشه معا، وكذلك قضية تكميم الأفواه وفرض الرقابة على جميع أجهزة الإعلام والثقافة والإذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح، وقضايا فساد الحكم والرشوة التي سادت أروقة الحكم، وقضية تحول المخلص الذي انتظره الشعب طويلا إلى فرعون جديد، وما جاء سوى الدجال. تحدث جلال الشرقاوي عن البطل الذي تحطم عندما تخلى عن بعض مبادئه الثورية في «الفتى مهران»، كما تحدث عن البطل الذي لا يهادن ولا يستسلم، الذي يقاوم الطغيان حتى الموت على الرغم من بقائه وحيدا بعد أن تفرق عنه الأصحاب سعيا وراء العيش وخوفا من بطش السلطان في مسرحيتي «الحسين ثائرا» و«الحسين شهيدا» عبر مسرح سياسي غير مباشر مأخوذ من التاريخ. تابع الفنان جلال الشرقاوي حديثه عن «ثأر الله» في جزأيها: «الحسين ثائرا» و«الحسين شهيدا» مزيحا الستار عن تجربته معها كاشفا عن معركته التي خاضها مع الرقابة الدينية بمصر، عندما فكر في إخراجها على خشبة المسرح عام 2000، التي جاءت بعد محاولة أخرى فاشلة للمخرج الراحل كرم مطاوع، حيث قال: قررت خوض التجربة بنفسي مرة أخرى، فقمت بالاتصال بزوجة الراحل عبد الرحمن الشرقاوي ونجله للحصول على موافقتها على عرض المسرحيتين على خشبة المسرح القومي، ثم توجهت بمذكرة للأزهر للحصول على الموافقة، وقابلت فضيلة الإمام الراحل محمد طنطاوي الذي أكد أنه يجب أن يعرض الأمر على مجمع البحوث الإسلامية، فتعنتوا وقاموا بالرفض وطلبت حينها مناقشتهم في هذا الرفض. وكان ذلك إبان حكم الرئيس السابق محمد حسني مبارك. تابع: معالجتي الرئيسية كانت تنصب على قضية توريث الحكم، وتلك رؤيتي لحكم يزيد بن معاوية خلال النص. تابع الشرقاوي: مجمع البحوث الإسلامية الذي تكون حينذاك من اثنين وخمسين عالما وشيخا، قالوا ضمن أسباب رفضهم تقديم «ثأر الله» إنه اتقاء للفتنة والتفريق بين الأمة الإسلامية، وبصفة خاصة السنة والشيعة، ولأنه قد يفهم منها أنها تدعو إلى الانقلاب على الحكم لأن الدولة ظالمة، وقد استقر الرأي بأن أرسل الأزهر مذكرة بالنصح عن الابتعاد عن ما يثير المشكلات، ورفض السماح بالعرض.
واختتم جلال الشرقاوي بقول الراحل عبد الرحمن الشرقاوي “إنّي منذ أخذت الکلمة أداة للتعبير، أعيش لأکتب، وما أنا من هؤلاءِ الذين يکتبون ليعيشوا، من أجل ذلك قد عانيت أهوالاً من ألوان العذاب في أيام منعي من الکتابة أو امتناعي مرغمًا عن الکتابة، ويوما بعد يوم تحولت الآلام النفسية إلي آلام جسدية هائلة، وکلما أمسکت بالقلم لأکتب داهمتني آلام جسام لا يطفئها بشر کأنها عذاب الحريق”.
وأنهى حديثه بالاعتذار للراحل عبد الرحمن الشرقاوي عن منع تقديم أعماله حتى وهو بين يدي الرحمن.
عقب أيمن عبد الرحمن الشرقاوي نجل الكاتب الراحل مؤكدا على أن شخصية الحسين ستظل حاضرة في كل ثائر ضد الظلم، وأنها ليست فقط تلك الشخصية الفريدة في التاريخ الإسلامي.
 

 


همت مصطفى