سيد خطاب.. حينما يكون العطاء رجلا

سيد خطاب.. حينما يكون العطاء رجلا

العدد 544 صدر بتاريخ 29يناير2018

قالوا عنه إن ثقته في نفسه لم تنل من تواضعه، انضباطه كان نموذجا يصعب تكراره، فالراحل من أولئك الذين لا تلقى منهم شرا أو ضررا، عادة ما تجد منه حسن النية وحسن المعاملة، لطيف المعشر، دمث الخلق، يستمتع دائما بالأداء المنضبط بعيدا عن التشويش، يبهر الجميع بقدرته على الإنجاز البعيد عن الصخب والأضواء.
كان كبيرا في عطائه، دقيقا في تعامله مع الآخرين، متسامحا كريما مع المسيئين إليه، عطوفا حنونا على الصغير قبل الكبير، مسايرا ملاطفا مع الجميع، فأحبوه وبادلهم حبا بحب، لم يتوان يوما عن القيام بمسئولياته سواء كأستاذ أكاديمي ورئيس لقسم النقد والدراما بالمعهد العالي للفنون المسرحية، أو كرئيس لجهاز الرقابة على المصنفات الفنية، وصولا برئاسته الأخيرة للهيئة العامة لقصور الثقافة، لم يفرط يوما في صداقة صديق.
كثيرة تلك المواقف التي عاشها كل منا مع الراحل، وهذا إن دل فإنه يدل على أن الإنسانية سمة راقية نبيلة، حين نتحلى بها نرضي ضمائرنا ونبهج نفوس الآخرين.
إن نموذج كنموذج الراحل د. سيد خطاب، هو نموذج نفتقر إليه جميعا الآن، نفتقر إلى الطاقات التي تعمل بجد وتنتج بهدوء، نفتقد إلى جنود يعشقون العمل من خلف الستار، وكم نحن بحاجة إلى مثل هؤلاء الذين يتواضعون بما يملكون وما يفعلون.
أما د. محمد سمير الخطيب فقال رحم الله الفقيد د. سيد خطاب الصديق والإنسان والأخ العزيز، فلقد كان أستاذا ومعلما أكاديميا من الصعب تعويضه، وبرحيله فقدنا أحد أهم أساتذة النقد والدراما في وقتنا الحالي، فلقد كان رحمه الله لا يبخل على أحد بالمشورة أو المساعدة أو الدعم، عاش حياته مؤمنا بمسرح الثقافة الجماهيرية، بذل الكثير من الجهد والعرق من أجل شباب المسرح بوجه العام وشباب الثقافة الجماهيرية بوجه خاص، كان شغله الشاغل بناء الإنسان ودعم ونشر الثقافة في كل ربوع مصر، كان طيب القلب ذا ابتسامة هادئة لا تفارقه يداعب الكبير والصغير، لم يكن يوما متكبرا أو متعاليا بل كان بسيطا، فعشقه الجميع الكبير قبل الصغير، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وألهمنا جميعا الصبر في هذه الفاجعة.

أما المخرج المسرحي حمدي حسين فقال إن الفقيد هو أحد أصدقائه المقربين، وتجمعهم عشرة سنين طويلة، على المستوى الشخصى والمهنى والاجتماعي، كثيرة هي تلك الذكريات التي يتذكرها الآن تجرى أمام عينه، وهو لا يصدق أنه لن يراه مرة أخرى، فقد جاء فراقه صادما ومفاجئا ليس له وحده ولكن لكثير من محبيه وتلاميذه وأصدقائه، مضيفا أن الفقيد لم يكن أستاذا أكاديميا متميز فقط بل كان أيضا أخا وصديقا للجميع، يحمل بداخله هموم المسرح المصري وخصوصا مسرح الثقافة الجماهيرية، مؤمنا دائما بأن الشباب هم الأمل ومن أجل ذلك كان داعما لكثير من المشاريع الفنية الخاصة بالشباب، كان دمث الخلق، طيب المعشر، بشوش الوجه، يحمل بداخله طاقات فنان شاب متجدد دائما، ناقد متميز يصعب أن يعوض، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

من جانبه أكد السينوغراف خالد عبد العال أن الفقيد قامة كبيرة فقدها المسرح المصري، أستاذا أكاديميا متفرد، ناقد ومخرج من طراز فريد، عشق المسرح ومارسه بروح الهواية، كان يسعى جاهدا من أجل أن تضاء المسارح في كل ربوع مصر وأن تصل الثقافة إلى كل أفراد المجتمع المصري، أما على المستوى الشخصى فهو أحد أصدقائه المقربين جدا وتجمعهم ذكريات كثيرة لا يمكن أن ينساه، فقد كان رحمه الله طيب القلب، يسعد بالوجود وسط الجميع، متواضع إلى أقصى حد، متعاون بشكل كبير، داعما للصغير قبل الكبير، لا يترك مناسبة إلا وتجده أول الحضور، رحمه الله رحمة واسعة.
أما المخرج عزت زين فقال لا اظن أن سيد خطاب يشبه أحد ولا ان أحد يشبهه، هو مثال نموذجي للمثقف والفنان العصامي، استوقفني وأنا اخرج من المسرح عام 1983 ليعبر عن اعجابه بالعرض ورغبته في ان ينضم الينا - كان لا يزال طالبا - انضم الينا وزاملنا ومثل معي لاول مره في تجربة اعتمادي كمخرج «ياسين وبهية «1984، وتوالت أعمالنا معا ثم زاملني في التربية المسرحية والتحق بالمعهد مما اضطره للحصول علي اجازة ولمدة أربع سنوات كان يعمل ويدرس بالقاهرة ويقيم بمفرده ويتولي كافة شؤونه بشجاعة وطيبة الريفي الذي يصمد واثقا ان الزرع سيثمر، استطاع ابن قرية بيهمو ان يتفوق ويسافر بعثته إلى إيطاليا ويعود محملا بطموحه الدائم في تغيير واقعنا الثقافي، اصاب واخطأ، وانتقده الجميع ربما أكثر من اي مسؤول آخر، ربما لكونه بلا عزوة أو شلة، كان المسرحيون في كل مصر عزوته، لذا نادوا به لرئاسة الهيئة ووقفوا بجواره عندما ظلم، وعاتبوه علي اخطاء اعترف بكثير منها، تحمل قلب الريفي المكافح فوق طاقته وانهكته الرحلة، فمضي لرحلته الأخيرة في مشهد لا تخطئه عين.

كما أكد المؤلف المسرحى شريف صلاح الدين أن سيد خطاب قيمة كبيرة وعظيمة وبرحيله فقدنا أحد أهم القامات المسرحية الهامة، مضيفا أن بداية تعارفه على الراحل كانت خلال التسعينات، كان رحمه الله ناقدا متميز متجدد دائما يستطيع ان يقرأ العروض المسرحية بطريقة متفردة كانت تذهله هو شخصيا، كما كان متعاونا إلى أقصى أحد، وقد صارت صداقة بينه وبين الراحل، استفاد فيها من خلاله على المستوى الإنسانى والمعنى والنقدى والمسرحى، مؤكدا أن الراحل لم يكن يتأخر عن تلبية طلب إلى إنسان، مهموما دائما بأحوال المسرح، حلمه أن يرى المسرح المصري منتشر في كل ربوع مصر، متذكرا أنه حينما كان رحمه الله رئيس لجهاز الرقابة على المصنفات الفنية لم يبخل لحظة واحدة في حل كل المشكلات التي كانت تعترض الكثير من المسرحيين، وعندما كان يشغل منصب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة فتح باب مكتبه أمام الجميع، كان يحمل قلبا طيبا، بشوشا، متواضعا، معلما وأستاذا وصديقا وفيا، متحمس دائما للشباب وداعما لهم.
أما السينوغراف حازم شبل فقال إن الراحل صديق عزيز جدا على قلبه، تزامل معه كثيرا في الكثير من أنشطة المسرح في لجان تحكيم ومؤتمرات ومهرجانات عربية ودولية، مضيفا أن الفقيد كان من هؤلاء المهمومين بمسرح الثقافة الجماهيرية، متجدد دائما، داعما بقوة ومتحمس للشباب، يحلم أن يرى المسارح تضاء في كل ربوع مصر، كان له مواقف مشرفة كثيرة، تحمل من أجل مواقفه الكثير من المتاعب، كان أحد المعارضين للعشوائية التي تسود في أحيان كثيرة وزارة الثقافة وتعطل العمل العام، لم يكن أستاذا أكاديميا فحسب، بل كان فنان وناقد من طراز فريد، وبرحيله فقدنا أحد أهم القامات المسرحية الفاعلة للحراك المسرحى المصري.

أما المخرج شريف فتحى فقال، أن الراحل بمثابة الاخ الأكبر والأستاذ والسند، تجمعه معه عشرة سنين طويلة، وذكريات كثيرة جدا، تجرى الآن أمام عينه، مضيفا أنه لا يجد ما يقوله في تلك اللحظات، فالصدمة تفوق الخيال لديه، ولا يصدق حتلا الآن أنه لن يرى الراحل مرة أخرى، فالعلاقة بينهم لم تكن علاقة صداقة فقط، بل تتخطى ذلك إلى علاقة متينة جدا على المستوى الأسرى في المقام الأول، وعلى كل المستويات والأصعدة الأخرى المهنى والفنى والمسرحى والنقدى، مختتما حديثه بان الراحل أحد أهم القامات الفنية والنقدية والمسرحية الهامة في المسرح المصري وأحد المهمين بمسرح الثقافة الجماهيرية، وأحد الداعمين للشباب، وأحد اهم القامات النقدية المتجددة.

من جانبه قال محمد فتحى مدير مركز الجيزة الثقافى، أن سيد خطاب بالنسبة له ليس أستاذا أكاديميا بالمعهد العالى للفنون المسرحية بل هو الأخ والصديق والسند والداعم له في كثيرا من المواقف الصعبة التي كان يتعرض لها، مضيفا أن الراحل كان يناديه وهو ما زال طالبا بقسم الديكور ويقول يا باشمهندس، لدرجة كانت تجعله يستغرب جدا ولا يعرف كيف يرد، فما زلت طالبا بقسم الديكور بينما من ينادى هو الدكتور سيد خطاب القامة المسرحية الكبيرة، مؤكدا انه الراحل كان أحد الداعمين له والمشجعين له حينما جاءته منحة الدراسة بأكاديمية الفنون بإيطاليا وكان أحد المدركين لأهمية الدراسات التي قمت بها هناك، مضيفا أن الراحل كان بالنسبة له الأخ الكبير الذي كثيرا ما عاد إليه في كثير من المواقف، كما أنه قد عمل معاه في كثير من احتفالات الهيئة العامة لقصور الثقافة حينما كان الراحل رئيس للهيئة ومنحنى فرصة تصميم ديكورات احتفالات الهيئة في مناسبات كثيرة، موضحا أنه حاول الاتصال به ليلة وفاته لأخذ رأيه في موضوع معين ولكنه وجد جهازه مغلقا، فقال في نفسه لعله يستريح ولم يكن يدرك أنه سوف يستريح للأبد.

وقال السيناريست حازم متولي : وداعا سيد خطاب.. الصديق الشريف رغم أنف كل تشويه نحونا.. وحكى متولي موقفا لخطاب إبان توليه رئاسة هيئة الرقابة على المصنفات الفنية “ لما كان د. سيد خطاب رئيس لجهاز الرقابه على المصنفات.. مكانش في سابق معرفه بيننا.. بس كان ليه معايا موقفين بقينا بعديهم أصدقاء في علاقه تأسست على رغبتي الشخصيه ان راجل زي ده يبقى صديقي.. الموقف الأول كان بخصوص سيناريو الرقابه فضلت ترفضه سنه ونص.. ولما عرضت المشكله عليه.. قرر يقرى بنفسه.. بعدها اجتمع بالرقباء وقالهم (مقدرش امنع فيلم زي ده وأنا باوافق ع الكباريهات اللي بتتعرض في السينما.. اكتبوا كل أسباب الرفض في التقرير على انها ملاحظات.. وكده كده هنرقب الفيلم قبل العرض).. الموقف التاني كان في فيلمي «بعد الطوفان».. كان عندي مشهد الرقباء كانوا مصممين اشيله من نسخة العرض.. وبعدين عمل اجتماع عشان اقنعهم.. ورغم اقتناعهم كانوا قلقانين.. فقالهم (احنا شغلتنا نشيل اللي مش مقتنعين بيه.. والمفروض اصلا لا نشيل ولا نحط.. فمادام اقتنعتوا.. لو سمحتوا خلصوا الإجراءات عشان الراجل عايز يعرض الفيلم.. في الآخر انا اللي باوقع ع النسخ)، فجعني خبر رحيلك يا صديقي.. لك كل الرحمة والمغفرة باذن الله.. ولنا كل الألم لفراق الاستثنائيين من أمثالك

ويحكي السيناريست سيد فؤاد موقفا لخطاب “ كنت كاتب نص مسرحي اسمه. شعوب مستعمله سنة 2009 إخراج عزه الحسيني كل موظفي الرقابه رفضوه وفاضل يومين العرض وكان هو رئيس الرقابه اجاز النص علي مسؤوليته وعرض نفسه لخطر كبير ان ذاك ومواقف محترمه كتير الجميل الراقي. د سيد خطاب. ربنا يرحمك وعزائي للعائله وكل الاحباب والأصدقاء “
وكتب مدير الانتاج الفنان صبري السماك ناعيا خطاب بقوله وداعا يا ابن عمي يا عزوتي (انت كنت دايما بتناديني كدة يا سيد) ولروحك السلام، ويحكي السماك موقفا لخطاب إبان توليه الرقابة على المصنفات الفنية “ لما صديقي الدكتور سيد خطاب انتدب لإدارة الهيئة العامة للرقابة على للمصنفات الفنية كان عندي مشكله رقابية عويصة في أحد الأفلام السبنمائية للعرض العام فاستدعاني سيد خطاب لمكتبه واحضر الرقباء وقال لي اقنع الناس دي فنيًا وأنا هقنعهم إداريا وطبعا أقنعت ابوهم فانتصر للفن وللمنطق وليس الروتين والمنع والقهر وعلى ما اذكر انه لَم يحدث في عهدة ان ذهب نص أو عمل فني للأزهر أو الداخلية أو الجيش أو حتى منع اَي عمل من العرض العام مهما كانت العواصف والظروف. “

وقال الناقد الكبير عبد الرازق حسين ناعيا خطاب بقوله “ البقاء لله، كما كانت حياته سريعه، ممثلا، مخرجا، أستاذا للدراما والنقد، رئيسا للرقابة على المصنفات الفنية، رئيسا لهيئة قصور الثقافة، كانت نهايته أيضا سريعه ومفاجئة وصادمة، الدكتور سيد خطاب، تابعت مشوار حياته منذ بدايته، لم أشاهده يوما إلا بشوشا مبتسما متواضعا، كان رحمه الله نموذجا للمثقف المهموم بدوره كأستاذ أكاديمى، الحريص على تجاوز قاعات الدرس، وكما بدأ حياته هاويا للفن في قصر ثقافة الفيوم، ظل حريصا على مواصلة دوره العام بروح الهواية، ناقدا يكتب المقالات والمتابعات العلمية، عضوا في لجان تحكيم مسرحيات الهواة ولجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة، عضوا في مجلس نقابة المهن التمثيلية، رحم الله الدكتور سيد خطاب، الفنان والإنسان والأستاذ الأكاديمى والأدارى الناجح “

 وقال د. عماد سعيد الرئيس الأسبق للمركز القومي لمسرح “ مع السلامه ياصديقي الحبيب والمحترم.. الف رحمه ونور عليك ياصديق العمر.. تعرفت عليه..منذ تخرجه من المعهد ضمن دفعه قمت بتدريس لهم خلال المختبر العلمي بالبيت الفني للفنون الشعبيه (فرقه الغد) ومنذ هذا تاريخ تولدت بيننا علاقه طيبه فنيه وحياتيه..ابن بلد..ومع مرافقتنا مع بعض من خلال المؤتمرات ولجان التحكيم..دائما كان نعمه الرفيق من خلال الطريق..ونحن لانتقابل كان إحساستنا ثابته ولكن كان تزداد بلهفه اللقاء.. انني اعرطف ان الموت حق..لكني لا اصدق عندما طالعني ماكتب ولكني تفحصت أكثر رغبه في إيجاد معلومه ان الوفاة أحد معارفه.. ولكن هي الحقيقه....مع السلامه ياابوالسيد وعلي لقاء....والبقاء لله “

وقال د. أيبمن صبحي “ كنت إذا رأيته تقول سبحان الله، ليس موهوبا فقط كناقد كبير الشأن، بل له كاريزما نجوم التمثيل بطلته وإشعاع الطيبة من وجهه.. سيد خطاب هو الذي شهد له أساتذته كالعلامة د. كمال الدين عيد، كما تسمع ممن تتلمذوا على يديه، الاعتزاز به والاحترام له، حتى بعد سنوات من التخرج.. هو مثال الإدارة الفنية كرئيس للإدارة المركزية للرقابة، بأسلوب السهل الممتنع الذي يليق برجل بمعنى الكلمة في الفن والحياة “
ويقول  د. سيد الإمام مودعا خطاب كزميل وتلميذ وصديق بقسم النقد بالمعهد العالي للفنون المسرحية “ ما كنت اتخيل أني أودعه وكنا قبلها علي موعد.. أتذكره طالبا لحوحا بالأسئلة أمامي، حتى صار زميلا ورفيقا اعتز به.. ولكن هكذا شاء من خلقني وخلقه، فلا راد لقضائه. وداعا يا ابن خطاب.. وداعا. “


محمد جمال الدين