اختلفوا حول إيجابياته وسلبياته .. موسم 2017 المسرحي في ميزان صناعه

اختلفوا حول إيجابياته وسلبياته .. موسم 2017 المسرحي في ميزان صناعه

العدد 542 صدر بتاريخ 15يناير2018

ونحن على اعتاب عام جديد للمسرح المصري، وكعادة “مسرحنا”، فكرنا في عمل تقييم سريع للموسم المنقضي، فالتقينا بعدد من المسرحيين الكبار في مصر ليقيموا لنا النشاط المسرحي لعام 2017 ونتعرف على أمنياتهم للعام القادم.

قال مهندس الديكور حسين العزبي إن أكثر الظواهر الإيجابية لعام 2017 هي المهرجانات المسرحية المتعددة وظهور الشباب بقوة، حيث كانت هناك جهات كثيرة تساعد على ذلك، منها نقابة المهن التمثيلية، وذلك باحتوائهم في مسرح النهار وتقديمهم لعدة أعمال مسرحية، إضافة إلى أن مؤتمرات الشباب التي عقدها رئيس الجمهورية ساهمت بشكل فعال في الاهتمام واستقطاب الشباب، فالاتجاه نحو الشباب من أهم أساليب مقاومة الإرهاب، أما فيما يخص أفضل عروض 2017 فهي عرض المخرج عمرو حسان “الحادثة”، وعرض المخرج والممثل رامي الطنباري، ومن عروض مسرح الدولة عرض “يوم أن قتلوا الغناء” للمخرج تامر كرم، ومن أفضل مهندسي الديكور محمد فتحي ونهاد السيد، وأفضل المخرجين تامر كرم ومحمد الصغير. وعن ما يحتاجة المسرح عام 2018 قال: يجب الاهتمام بالجماليات الخاصة بالعرض المسرحي، بجانب التمثيل والإخراج، ويجب الاهتمام بمعرفة الفن الحركي الجمالي التشكيلي بجانب جماليات التمثيل. وعن فكرة وجود فجوة بين الأجيال المسرحية المختلفة، قال: قديما كان هناك تواصل بين الأجيال، إضافة لوجود بعثات كثيرة للخارج ساهمت في صقل المعرفة والتواصل، أما الآن فهناك بالفعل فجوة بين الأجيال.
عام الشباب
وقال المخرج محمد الخولي إن أهم الظواهر المسرحية 2017 وهو أن معظم العروض كانت للشباب سواء لمؤلفين أو مخرجين أو ممثلين، وكان ملاحظا عدم وجود جيل الرواد وجيل الوسط في المسرح، وهي ظاهرة ليست صحية فيجب أن يحدث توازن بين الأجيال الثلاثة، تابع: الفن ليس به الأفضل، والمسرح يقدم كل الوجبات وكل الرؤى وكل مسرح له هويته ويجب أن يكون هناك تنويع ما بين المسرح الغنائي والشعري والسياسي، وأن تلتزم كل فرقة بهويتها، وهناك مجموعة عروض تميزت ومنها عرض “يوم أن قتلوا الغناء” للمخرج تامر كرم وهو مخرج مالك لأدواته ومن أكثر الشباب المسرحي البارز، ومفردات العرض تميزت بشكل كبير سواء في الديكور أو الموسيقى أو التمثيل، أضاف: أتمنى في عام 2018 أن تقدم عروض تسهم في تنمية الروح الوطنية لدى الشباب، فيجب أن يقوم الفن بدوره، فالثقافة هي القوة الناعمة والمؤثرة، تابع: الأجيال يكمل بعضها بعضا فجيل الكبار تعلم منه الشباب وطور من أعماله فالأجيال تتعلم من بعضها البعض.
عودة الجمهور
وقال المخرج المسرحي فهمي الخولي عام 2017 شهد ظاهرة من أهم الظواهر وهي عودة الجمهور للمسرح، حيث استطاع عرض “قواعد العشق الأربعون” للمخرج عادل حسان، جذب جمهور كبير، وهي المرة الأولى في المسرح المصري التي توجد فيها نوعيات مختلفة من الجماهير قرأوا الرواية وأرادوا رؤيتها على خشبة المسرح، كذلك من أكثر الظواهر إيجابية ظاهرة مسرح الشارع وعرض المخرج إسلام سعيد الذي تم تقديمه في المقابر، وأناشد إسماعيل مختار رئيس البيت الفني للمسرح تكوين فرقة خاصة بمسرح الشارع تقوم بعمل جولات في المحافظات المختلفة، أما أفضل العروض المسرحية فهناك عرض “سلم نفسك” للمخرج خالد جلال، وأفضل مهندس ديكور حازم شبل، وأفضل مخرجين خالد جلال وتامر كرم ومحمد مكي والمخرج إسلام إمام، أضاف: للأسف الشديد الشباب كما لو كانوا قد جلسوا واتفقوا على أن يكون لهم الدور الأهم وتم استبعاد جيل الرواد ولا توجد محاولة للتواصل إلا من عدد قليل من المخرجين الشباب.
ارتفاع مستوى الإخراج عن التأليف
وقال الكاتب محمد أبو العلا السلاموني إن أفضل عرض مسرحي لعام 2017 هو عرض “يوم أن قتلوا الغناء”، فهو عرض جيد على المستوى الإخراجي والديكور والتمثيل والغناء والإضاءة، وقال إن الظواهر السلبية تمثلت في بعد الموضوعات والقضايا التي تناقشها العروض عن الواقع، مشيرا إلى أن هناك عدة قضايا يجب أن يتم تناولها في العروض كقضايا الفساد والعولمة والقضية الفلسطينية وأيضا قضية الإرهاب، ومن الضروري الحديث عن هذه القضايا بشكل حقيقي نظرا لخطورتها. ومن الإيجابيات، أشار إلى أنه كانت هناك إبداعات شبابية وعروض جيدة في المسرح المستقل ومسرح الهواة والجامعة، وأن أهم الظواهر ارتفاع مستوى الإخراج عن التأليف، فالمخرجون الشباب لديهم من التصور والأداء والأفكار الجديدة الكثير، وتابع: هناك ضرورة هامة للتركيز على المؤلف المصري، وهناك سلاسل مسرحية تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة وهيئة الكتاب، وهناك مسابقات المركز القومي للمسرح ومسابقات المجلس الأعلى للثقافة، وهذه المسابقات من شأنها أن تضخ دماء جديدة للتأليف المسرحي، ومن الظواهر السلبية أيضا ظاهرة المؤلف المخرج، كذلك رأى أنه لا توجد فجوة بين الأجيال.
قال الكاتب والمؤلف محمود الطوخي إن أهم الظواهر الإيجابية في المسرح المصري هي وجود كوكبة من المخرجين الشباب المبدعين ووجود قيادات شابة في المسرح، وهو شيء مبشر، ومن الظواهر السلبية عدم وجود ميزانيات كافية وأعتقد أنها ظروف عامة بالدولة. وعن أفضل المخرجين، قال المخرج تامر كرم والمخرج محمد علام والمخرج شادي سرور، أما أفضل مهندسي الديكور فقال: الدكتور محمد سعد، وأفضل ممثل الدكتور علاء قوقه والفنان ياسر صادق، ومن الظواهر الجيدة أيضا يرى وجود عروض تحتفي بانتصار أكتوبر مثل «عبور وانتصار» للمخرج محمد الخولي، أما بالنسبة لأفضل مؤلف فقال المؤلف محمود جمال الحديني وهو انطباعي الذي عبرت عنه عقب مشاهدتي لعرض “يوم أن قتلوا الغناء”، وتمنى أن يتواصل المسرح مع الجماهير في جميع الأقاليم وليس فقط في القاهرة والإسكندرية.
الثقافة سلاح
الفنانة فردوس عبد الحميد قالت إن أكثر الظواهر التي لاحظتها هذا العام هي عدم وجود دعاية كافية للعروض، بالإضافة إلى عدم وجود ميزانيات كافية لإنتاج العروض، مشيرة إلى أن هناك خللا وإهمالا في المسرح، وأن البعض يعتبر المسرح “أداء واجب”، أضافت: من أهم الظواهر الإيجابية وجود عروض لفرق خاصة وحرة تميزت بأقل الإمكانيات، وأشارت إلى أن الفائزين في المهرجان القومي هم الأفضل في العام، مشيرة إلى أن عرض «يوم أن قتلوا الغناء» للمخرج تامر كرم كان متميزا في جميع مفرداته، وتمنت الاهتمام بالثقافة وتدعيمها وأن يترجم هذا الدعم لتمويل، مؤكدة أن الثقافة سلاح ضد غياب الوعي، وهناك ضرورة أن تكون هناك ميزانية كبرى لوزارة الثقافة وأن تكون مخصصة وموزعة على هيئات المسرح.
مزيد من المسارح المجهزة
وقال يوسف إسماعيل مدير المسرح القومي إن أهم إيجابيات هذا العام وجود مجموعة من العروض المتميزة كعرض “قواعد العشق الأربعون”، وعرض “يوم أن قتلوا الغناء”، وعرض “الجلسة” للمخرج مناضل عنتر، واستمرار عرض النجم يحيى الفخراني على المسرح القومي، ومجموعة أخرى من العروض المتميزة، وأما عن السلبيات فقال: هناك مسرحان مغلقان مثل المسرح العائم الصغير والمسرح العائم الكبير، ونحن نعاني من قلة عدد المسارح، لذا لا بد من فتح هذه المسارح وأن تكون هناك صيانة حقيقية للمسارح، وأضاف: أتمنى لعام 2018 أن يزيد عدد مسارحنا، وأن تزيد ميزانية الإنتاج، كما أتمنى أن يقدم كل مسرح ما لا يقل عن 6 عروض، وهو ما يتطلب قدرة إنتاجية وأن تكون هناك خريطة زمنية محددة، وأقترح أن تكون خطتنا المسرحية موضوعة على كتيب مصر للطيران، وهو ما يتطلب دقة زمنية في مواعيد تقديم العروض.
لجنة المسرح
أما د. هدى وصفي فقالت: شاهدت “قواعد العشق الأربعون” للمخرج عادل حسان، ولم أتابع بقية العروض، وقد تجاوز العرض فكرة الأديان والتعصب وانحاز إلى الخالق، وكل ما من شأنه تطهير النفس البشرية، وهو يعد من العروض الرائعة واستطاع تحقيق إقبال جماهيري، واقترحت وصفي أن تناقش لجنة المسرح فكرة أن يختار كل مسرح ما يناسبه بحيث يتوفر للموسم الجديد نص مترجم وآخر شعري ونص غنائي، ونص ريبورتوار، وأن يوجد مؤلفان؛ عربي ومصري، إضافة إلى ترجمة كتابين في الإخراج، وعمل ورشة كبيرة في مفردات العمل المسرحي ويكون القائم عليها مسرحي متفق عليه من قبل المسرحيين، إضافة إلى إرسال بعثات للشباب المتميز وعمل جلسة لتقييم المهرجان القومي والمهرجان التجريبي واستدعاء القائمين عليهما ومناقشتهم.

ليست هناك ثقافة في مصر
وقال الدكتور سناء شافع إن المناخ العام للثقافة في مصر ليس معتدلا، فلا توجد استراتيجية للثقافة، وبالتالي لا توجد ثقافة في مصر، وأضاف: رئيس البيت الفني للمسرح إسماعيل مختار يعمل بكل طاقته لينقذ ما يمكن إنقاذه، مشيرا إلى أنه لا يوجد سوى شذرات واجتهادات شخصية مثل مونودراما “سيلفي مع الموت” للفنانة نشوى مصطفى والمخرج محمد علام، معتبرها بارقة أمل في الطريق، وتمنى أن يعقد سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي اجتماعا شخصيا مع من يفهمون في الثقافة لوضع استراتيجيات للثقافة، أضاف: لا يوجد من هو أفضل، فكما سبق أن قلت إن المناخ العام للثقافة ليس معتدلا ولا توجد سوى اجتهادات شخصية.
لا بد من تدعيم المؤلف المصري
وقال الفنان محمود الحديني هناك عدة ظواهر سلبية لعام 2017 تمثلت في أن المسارح تمكث لفترة طويلة مغلقة حتى يخرج عرض جديد، وهو شيء يدعو للأسف، فالمسارح عندما تغلق تتسبب في ابتعاد الجمهور وهو شيء سلبي للغاية، أضاف: قديما كان المسرح القومي يقدم 20 عرضا في الموسم الواحد، أما الآن فخروج عرض جديد يعقبه إغلاق المسرح لعدة أشهر. أما عن الظواهر الإيجابية، فقال: وجود طاقات مبدعة من الشباب الذين يمتلكون طاقات إبداعية، وتمنى أن يكون لكل مسرح خطته وأن يكون لكل فرقة خطتها وبناء عليها يتم ترشيح المخرج المناسب وليس العكس، كما تمنى أن يوجد المؤلف المصري وأن يتم تدعيمه بمجموعة من المسابقات، وبالأخص في الهيئة العامة لقصور الثقافة.
شبورة ضخمة
وأعرب المخرج المسرحي سمير العصفوري عن استيائه الشديد من المسرح المصري هذا العام، مضيفا: هناك شبورة ضخمة ولا توجد أي لغة مشتركة أو أي تواصل، فاللحظة الآنية نعاني فيها من غياب التنظيم في الحركة المسرحية والثقافية، تابع: لا أجد من أتحدث إليه، وقد تعبت من طرح التساؤلات. وعن الأفضل قال: هناك مجموعة من المخرجين الشبان الذين يكافحون لخروج عروضهم للنور، منهم المخرج عادل حسان وعرضه “قواعد العشق الأربعون”، والمخرج تامر كرم وعرضه “يوم أن قتلوا الغناء”. أما عن السلبيات فقال: عدم إلقاء الضوء على الحركة المسرحية في الأقاليم، بسبب غياب الإعلام، إضافة إلى تحول المسرح القومي إلى دار مناسبات، مشيرا إلى أن المسرح القومي ولمدة عامين على التوالي يقدم عرضا واحدا فقط، وتساءل: أين الإنتاج الجديد؟ لا أحد يعلم، والإشكالية الكبرى هي أننا كلما تباطئنا في خروج العروض تسبب ذلك في عزوف الجماهير، وهي إشكالية كبرى أصبحنا نعاني منها، بالإضافة إلى غياب الفنانين الذين لديهم قيمة ولمعان كبير عن المسرح، فكيف سيقدمون عروضا مسرحية بلا جمهور أو دعاية. وتساؤلي: أين هي الفرق المسرحية الحقيقية؟ أجاب: هناك محاولات من قبل عدة مخرجين منهم المخرج عادل حسان الذي حمل على عاتقه عمل مشروع لمسرح الشباب عبارة عن ورشة عمل كاملة، وهو شيء جيد، ولكن هناك إشكالية كبرى هي أن قضية نجاح المسرح أو فشله لم تعد مسئولية المدير المسئول، فهو يقضي فترة محددة، أشار العصفوري أيضا إلى أن هناك مسارح قدمت نشاطا جيدا مثل مسرح الطليعة في فترة تولي أحمد السيد والمخرج شادي سرور.
الممثل المسرحي د. علاء قوقة يجزم أن المستوى الفني العالي لكثير من العروض هو السمة المسرحية الأبرز، بالإضافة إلى تسيّد عروض المخرجين الشباب واجتهادات الممثلين في الأداء بشكل عام خاصة في فرق الجامعة وأخيرا انحسار عروض الهيئة نسبيا عن العروض شديدة التميز لحساب القطاعات المسرحية الأخرى.
وعن أفضل العروض التي لفتت انتباهه يقول «عرضان» هما الجلسة وسينما 30، ومن اللافت أنّ الكاتب هو ذاته المخرج في التجربتين. ولفت انتباهي في الأداء، ياسر صادق في يوم أن قتلوا الغناء»
عن السلبيات يقول «ما زال المهرجان التجريبي يبحث عن هويته الحقيقية الغائبة، وعدم وجود تسابق يضعف كثيرا من قوة المهرجان، واختيار العروض يشوبه بعض الأخطاء بالإضافة إلى وجود عروض عربية في المهرجان القومي وهو ما ينافي هوية المهرجان القومية وتغيير لائحة المهرجان القومي نقيصة كبيرة واستحداث جائزة الجمهور ليس له أساس من العدالة، كما أن هذه الجائزة ليست لها دلالة وليست معيارية حيث إن حشد شباب الجامعة لزملاءهم وذويهم في عروضهم سيمنحهم هذه الجائزة دون جهد وقد تكون دون حق، كما أن إلغاء بعض الجوائز مثل جائزة التعبير الحركي، وحجب جائزة التأليف جعلتني استاء بشدة من المهرجان القومي على الرغم من أنه كان مبشرا» ويضيف «أتمنى عودة اللائحة للمهرجان القومي، والالتزام دقة أكثر في اختيار عروض التجريبي وعودة التسابق إليه، والأهم عودة ترجمة الكتب في التجريبي لأن إلغاءها كارثة ضخمة تفوّت علينا فرصة كبيرة للاستفادة والاطلاع على أحدث الإصدارات»
أما المخرج المسرحي سعيد سليمان فيقول «السمة المسرحية الأبرز في موسم 2017 هي اعتماد المسرح على الوجوه الشبابية وإن كنت لا أقصد الشباب من حيث السن تحديدا، ولكن أقصد تلك الوجوه التي لا تُصنف على كونها نجوم شباك بالمعنى التقليدي للكلمة، فالشباب هذا العام هو نجم الشباك الأول وهو نجم الجوائز ونجم المشاركات في المهرجانات، كما يمكننا رصد التنوع الكبير في العروض والقضايا والأفكار المطروحة. لم يلفت انتباهي عرض واحد ولكن هناك عدة عروض لفت انتباهي فيها عنصر مسرحي ما، كالأداء الحركي في عرض، والصورة المسرحية في عرض آخر، أو الموسيقى في عرض ثالث، وقد لفت انتباهي على مستوى الأداء، أداء محمد عبد العظيم في عرض الثامنة مساءً، وأداء الفنان علاء قوقة في عرض «مسافر ليل»
يضيف «لم تكن هناك سلبيات إلى حد كبير، سوى احتياجنا لمزيد من الجموح في الخيال، وأتمنى في العام القادم، أن تُفتح أبواب الأفكار المختلفة على مصراعيها، لأننا في مرحلة مختلفة، وتتطلب تناولا مختلفا، يكسر التقليدي والمألوف، وبالطبع سيختلف التكنيك والطرح الجمالي، إذا ما كانت القضية مختلفة وغير تقليدية»
الفنانة نشوى مصطفى تقول «السمة المسرحية الأبرز هي النجاحات الهامة والكبيرة التي تمثلت في عودة الجمهور بشكل كثيف للمسرح، ولا أقصد الجمهور الشبابي فقط، لكنني لمست شخصيا حضور أسر بأكلمها للمسرح وحضور تيارات دينية وفكرية كنا نظن أنها تحرّم المسرح، حيث لاحظت حضور منتقبات وملتحين، بالإضافة إلى أن ما أبهجني جدا وقمت برصده وتوثيقه، هو حضور بعض الجاليات العربية التي حضرت في مجموعات وكانت تردد بعد العرض (تحيا مصر) ليؤكدوا أن الفن سلاح يجمع الشمل ويدعم الريادة. كما كان من اللافت طرح أفكار طازجة وشديدة الحيوية تؤكد أن المسرح تجاوز التقليدي والمألوف وإن تعامل مع نصوص كلاسيكية وتقليدية إلا أنه يقدّم طرحا مغايرا، بالإضافة إلى استمرارية نجاحات خالد جلال ودعمه المستمر بتقديمه للوسط وجوه جديدة شديدة التميز والإبداع. كما كان من المدهش أن عروضا تابعة للهيئة، تخطت إيراداتها المليون وذلك بناءا على تسويق جيد وجودة فنية عالية وبالطبع ما لفت انتباهي في الأداء، هو الذي يلفت انتباهنا جميعا دائما وهو الفنان د.يحيى الفخراني»
عن السلبيات تقول «مادمت داخل العملية الفنية فأنا أتلقى النقد ولا أحكم على أية سلبيات، لكن دعني أتمنى عودة الريادة لمصر في كل المجالات ليس في المسرح أو الفن فقط، ولكن البداية هي الفن لأن الفن طاقة ونور وتحفيز ودفع للمستقبل»
المخرج المسرحي إيميل شوقي، يرى أن مؤسسة المسرح في مصر، ما زالت تعاني العشوائية والتخبط والعمل دون خطة واستراتيجية واضحة للنهوض بالمسرح والعودة به لسابق عهده ويقول «ما زالت العشوائية هي السمة الأبرز، يعلنون عن مشروعات لا يتم تنفيذها، وعروض تهبط «بالباراشوت» لا تدري كيف سقطت وقامت بتنحية عروض مخطط لها، وعروض حققت نجاحا، وعلى الرغم من ذلك تم «هرسها» فلم تستمر وتوقف عرضها، مثلما حدث في عرض العسل عسل. تابع: لفت انتباهي عرضان، هما العسل عسل، ويوم أن قتلوا الغناء، وعلى مستوى الأداء، هناك نجوم تم «هرسها» أيضا كالعروض وهم نجوم عرض الحلفة التنكرية، محمد رياض ولقاء سويدان، ومحمد محمود وهؤلاء لن يعودوا للمسرح ثانية»
وعن السلبيات التي لمسها في الموسم، وأمنياته للقادم يضيف «الهيئة تهتم بعروض بعينها على حساب عروض أخرى، من حيث رصد الميزانية والدعاية الواجب توافرها لكل العروض، فلدينا عرض في القومي تم رصد مليون و600 ألف جنيه ميزانية له، في حين رصدت ميزانيات هشة لعروض أخرى جيدة ولا يتم الاحتفاء بها، وأتمنى في 2018 أن تضع الدولة خطة واضحة للعودة بالمسرح من جديد، بداية من الاهتمام بالبنية التحتية في عدد المسارح والاهتمام بخشباتها، دعونا من هذه المسارح المتهالكة، لنبني مسارح جديدة حديثة تليق بالمسرحيين المصريين، هل يعقل أن القاهرة على اتساعها، ليس بها سوى أربعة مسارح وسط الأسواق والبارات؟!!! والإسكندرية التي كان بها 20 مسرحا، أين مسارحها الآن؟!! هل يعقل أن تجديد المسرح العائم، يقتضي ثلاث مواسم؟!. عدتُ قبل فترة وجيزة من كندا، ولا أستطيع أن أقول سوى «حرام اللي بيحصل فينا كمسرحيين مصريين» المسرحيين يحلمون باليوم الذي يتركون به المسرح، لدينا فنانون وأفكار وتجارب عظيمة ولكن ليس لدينا أدنى إمكانات للعمل»
الفنان أحمد صيام يقول «ظهور الكثير من التجارب المميزة وظهور الفرق الشبابية التي لها جمهورها هي السمة الأهم هذا العام مثل، 1980 وانت طالع، وجنون الشهرة وهي تجارب متميزة لمحمد جبر ولاقت نجاحا واضحا، وذلك في ظل عدم تقديم البيت الفني للمسرح الكثير هذا العام فيما عدا الطليعة الذي قدّم عروضا تتوافق مع فلسفته من تجارب جديدة ومختلفة، أما القومي فلم يقدم الكثير والكوميدي قدّم تجربة نشوى مصطفى التي لا تتوافق مع الكوميدي، وهذا ليس حكما على تجربة نشوى فنيا ولكن لا بد أن تتوافق التجربة مع المسرح الذي يقدمها، كما أن المسرح الحديث قدّم الحفلة التنكرية الذي ثارت حوله الكثير من الخلافات ولم يحقق المرجومنه، فبشكل عام أدوار المسرح التي أنشئت لأجلها تم هدمها وإلغاءها وأصبحت الروايات تنجح وتفشل على الفيسبوك، في شكل ترويجي لبضائع ليست حقيقية مما اعتبره نوعا من الغش التجاري، فالفنان لديه عدد كبير من المتابعين يدعوهم لحضور الرواية الفارقة ثم يحضر الجمهور ولا يجد شيئا يستحق. تجربة العطر لمحمد علام للصم والبكم هي تجربة تعاطفنا معها لظروفها ونرفع لهم القبعة لكن لا يجوز أن يتم تصديرها على أنها هي التجربة الأكثر فنية، ولا بد لحركة النقد أن تعود لموضوعيتها ولأخلاقياتها التي تعلمناها من أساتذتنا كبار النقاد، فليس معنى أن تنتقد عملا فنيا أنك تهدمه، بل العكس هو الهدم، وأحد أسباب سقوط المسرح هو سقوط النقد في هوّة النقد المزاجي» ويضيف «لفت انتباهي عرض الحادثة في مهرجان النقابة، ولفت انتباهي بشدة أداء ياسر صادق في يوم أن قتلوا الغناء»
وعن أمنياته للقادم قال «أتمنى تقديم مسرح حقيقي نتجاوز به مسرح مصر الذي بدأت تنحسر أضواؤه بالمناسبة وقدّ قام بدوره في تعريف الناس بأن هناك مسارح وخشبات، وجاء الوقت لتقديم مسرح حقيقي تدرك به المسارح تأدوارها وتلتزم بتخصصاتها وفلسفاتها التي قامت لأجلها، ويكون فيه دور للقطاع الخاص والعام وللمعهد العالي والأكاديمية وتقوم الصحافة بدورها في التنوير على هذا المسرح وحركته»
السينوغراف حازم شبل فيقول «التميز الذي اتسمت به الكثير من العروض وغياب القطاع الخاص بالشكل التقليدي المتعارف عليه، بالإضافة لاستمرارية تميز تجربة مركز الإبداع هي السمات الأبرز هذا العام. المسرح القومي تعثر ولم يقدم جديدا. لديك ظاهرة مسرح الهوسابير والفلكي التي لا بد من التوقف عندها بتجاربها الشبابية المتميزة وجمهورها الفريد، كل هذه الظواهر هي بداية لطيفة لحركة مسرحية جيدة ومبشرة.» أضاف: «قدمت بشكل شخصي خمسة عروض سعدت بها جدا، هي ليلة وسنووايت وحلم ليلة صيف، وتجربتين في مشروع صولو، كما شاركت في معرض في تايوان، بالإضافة لانضمامي عضوا في لجنة المسرح، وانتخابي ضمن مجلس الهيئة العالمية للسينوغرافيا. وقد لمستُ تميزا في عدد من التجارب منها استمرار تألق خالد جلال وشبابه، وتوليفة عادل حسان، وثبات أقدام محمود جمال ككاتب، ورسوخ تامر كرم في يوم أن قتلوا الغناء ومناضل عنتر في الجلسة ونشوى مصطفى في «سيلفي الموت»
يضيف: «السلبيات أراها في المسارح المغلقة، حتى المسارح التي كان من المفترض أن تفتح صيفا، بقيت مغلقة، لذا أتمنى أن تُفتح المسارح وأن تبني مسارح جديدة بإمكانيات حديثة يخصص بعضها للشباب وأتمنى أن يعود القطاع الخاص بالشكل اللائق الذي يكون فيه العمل الفني الحقيقي هو البطل».
الأكاديمية والفنانة د. دينا أمين تقول «سمة الموسم في 2017 هي التجريب، فلدينا عدد من المخرجين حاولوا في اتجاه التجريب وبعضهم في اتجاه المسرح الموسيقي وما زالت تجارب خالد جلال شديدة الثراء وتعطينا بعض التفاؤال الذي نحتاجه حقيقة»
عن السلبيات التي لمستها تقول «للأسف السلبيات هي ذاتها لا تتغير، فما زال لا يوجد برنامج واضح والعروض تنتهي كما بدأت دون أن نسمع عنها، كما أن لدينا نقص شديد في بعض عناصر الإنتاج كمصممين الأزياء مثالا» وتضيف: «الأمنيات كثيرة جدا فنحن نتمنى تسليط الضوء أكثر على دور المسرح ليس كتسلية ومتعة ولكن كثقافة، فلدي طلاب في الجامعة، اسألهم في عامهم الجامعي الأول عن آخر عرض مسرحي شاهدوه، لتتفاجأ بأنهم لم يحضروا مسرحا قط، وفي كل بلاد العالم، هناك تخفيضات ومقاعد محددة لطلاب المدارس والجامعات فأتمنى أن أرى ذلك، بدلا من توسطي شخصيا لبعض طلابي لدى زملائي المخرجين لحضور عروضهم، أود أن أرى هذا الدور تقدمه الدولة، كما أتمنى أن أرى مسرح جامعة مدعما من الدولة فكل الفنانين العظام بدايتهم كانت مسرح الجامعة».
رنا رأفت - أحمد منير أحمد

 


كاتب عام