شباب نوادي المسرح: «الورش» تضمن اعتماد الأفضل والمستحق

شباب نوادي المسرح: «الورش» تضمن اعتماد الأفضل والمستحق

العدد 527 صدر بتاريخ 2أكتوبر2017

اتخذت إدارة المسرح بالهيئة العامة لقصور الثقافة منذ العام الماضي آليات جديدة لاعتماد مخرجين جدد بالثقافة الجماهيرية وهي أن يجتاز المخرج تدريبا من خلال ورشة في كافة عناصر العرض المسرحي ثم يقوم بعد ذلك بعمل تجربة مسرحية يتم اعتماده من خلالها.
من هنا إلتقينا ضمن فعاليات المهرجان الختامي الأخير لنوادي المسرح ببعض المتدربين من مخرجي نوادي المسرح لموسم 2017 في المرحلة الأولى من مراحل الورشة الثلاث للتعرف على آرائهم ومقترحاتهم حولها ومدى جدواها.
بالإضافة لرأي بعض المدربين والمسئولين حول هذه الآلية؟ وما الذي ينقص هؤلاء المخرجين ليكونوا قادرين على حمل مسرح الثقافة الجماهيرية على اكتافهم في المستقبل.
عماد علواني

يقول شاذلي صالح – البحر الأحمر – إن الورش كانت جيدة ومتميزة بالإضافة إلى أن وجوده بالورشة يمكّنه من متابعة جميع عروض المهرجان الختامي لنوادي المسرح والاطلاع على تجارب زملائه، بالإضافة إلى فائدة تجمع مجموعة شباب من مختلف المحافظات بما يحقق شيئا من الترابط بين شباب النوادي.
وأضاف أن برنامج الورشة عبارة عن محاضرتين يوميا، بالإضافة إلى مشاهدة عرضين بختامي النوادي مساء، لكنه يرى أن ذلك مجهدا جدا، واقترح أن من الأفضل أن يكون برنامج الورشة محاضرة واحدة صباحا، ولو اضطر الأمر لأن تستمر الورشة حتى بعد انتهاء المهرجان.
ويضيف أنه استفاد كثيرا من الورش التي فتحت آفاقه على رؤى جديدة، بالإضافة إلى الجانب الأكاديمي الذي كان يحاول تعويضه بالقراءة، لكن الدراسة على أيدي أكاديميين متخصصين أفضل كثيرا، مشيرا بشكل خاص إلى ورشة الدراما مع د. سيد الإمام، وورش الإضاءة والديكور وما حصله من فوائد فيها، إلا أنه يلفت إلى ضرورة الاهتمام أكثر بالجانب العملي إلى الجانب النظري كما حدث في ورشة الإضاءة من دراسة نظرية تم تقديمها بشكل علمي على مسرح الغد.
ورغم إعجابه الشديد بالتجربة وفوائدها فإنه لفت إلى أن إبلاغه بموعد الورشة تم قبلها بيوم واحد بالإضافة لتأجيل ختامي النوادي أكثر من مرة، وهو ما لم يكن جيدا في رأيه..

  • معرفة ودراسة أكاديمية

ويقول مينا رأفت – الأقصر – إنه شارك في الختامي بعرض “سينيت” وكلمة سينيت تشير للعبة فرعونية قديمة تشبه لعبة الشطرنج وعبر عن سعادته بالمشاركة في المهرجان الختامي والورشة أيضا.
ويضيف أنه يمارس المسرح منذ 15 عاما من خلال المسرح الكنسي الذي يعتمد على الموضوعات الاجتماعية والدينية، وقد أضافت له الورشة الكثير حيث اكتشف من خلاله أنه كان يعمل بشكل عشوائي طوال هذه السنوات.
قال إن الورشة قد أصقلته بمعرفة ودراسة أكاديمية كالدراما وطبيعة عمل الدراماتورج، وأشاد بورشة الإضاءة لا سيما الجانب العملي منها الذي عرفه على نوع العدسات والكشافات واللون ودلالته.
لكنه عبر عن استيائه من عدم انضباط مواعيد الورش والتنظيم في بعض الأحيان. وتأجيل موعد المهرجان أكثر من مرة.
وأشاد كثيرا بفكرة الاعتماد عبر الورش وإنها فكرة صائبة بديلا عما كان يحدث سابقا من اعتماد للمخرجين عبر تجربة إخراج واحدة ربما لا يكون هو مخرجها الحقيقي.

  • تدريب المخرج على تدريب الممثل

وتقول شيرين النجار – اأسيوط – إنها سعيدة بمشاركتها في الورش لكنها تطمح إلى زيادة الجانب العملي داخل الورشة.

  • الاعتماد بمعايير فنية

يقول أشرف عبد الجواد إن الفكرة جيدة حيث منعت اعتماد من لا يستحق، فالورشة ساهمت في أن يكون الاعتماد بناء على معايير وأسس أكاديمية لا سيما وأن المحاضرين أساتذة متخصصون من معهد الفنون المسرحية مثل د. سيد الإمام، ود. عمرو عبد الله، د. أحمد عبد العزيز.
وأضاف أن الورشة في هذا العام أفضل من العام الماضي فهي تسير على أسس ومعايير وضوابط والتزام وتقييمات وتقارير، وتمنى لها الاستمرار.
لكنه يرى ضرورة أن يكون اختيار المخرجين المتدربين بناء على السيرة الذاتية للمخرج وأعماله قبل ذلك.

  • النظري والعملي

وقال هاني محمد أحمد – أسيوط – إن الورش مفيدة جدا وإن أي تجربة سأقدمها بعد ذلك ستكون أفضل – بلا شك – لأن المفاهيم بالنسبة له أصبحت مختلفة فالدراسة الأكاديمية تضيف كثيرا للهاوي.
ويضيف أنه استفاد كثيرا من د. سيد الإمام حول الدراما وجميع مفردات العمل المسرحي.
وأكد أن المسألة كانت تقتصر إلى حد كبير على الجانب النظري لكنه يعتقد أن ذلك لأن المتدربين ما زالوا في المرحلة الأولى وأن الجانب العلمي سيكون في المرحلة الثانية بشكل أكبر مؤكدا أنه يفضل الجانب العملي أكثر.

  • الورش هي الأهم في الفاعليات

وقالت راندا شريف اللاهوني – الفيوم - العمل في نوادي المسرح منذ إنشائها ما هو إلا ورشة تدريب دائمة ومعمل بحث مستمر حيث التوجه إلى التجديد والبحث عن إيجاد الحلول المبتكرة، لذا فإن تجربتي مع الورشة المواكبة للمهرجان الختامي لنوادي المسرح هذا العام أعتبرها هي الأهم في فعاليات المهرجان لأنها هي ما كنّا نطمح له منذ زمن، مشيرة إلى أنها المسار الصحيح في إدراك الهدف الحقيقي من النوادي، ونحن نعلم جيدا أن هناك الكثير من المواهب في شباب النوادي ولكن ما كان ينقصهم هو الدعم العلمي الحقيقي والمنهجي والتدريب على أسس صحيحة من خلال مجموعة من العلماء والمدربين المتميزين والمؤمنين بالتجربة، وهذا ما لمسته فعليا مع وجودي من أول أيام ورشة التدريب.
أوضحت أنها وجدت الاهتمام الصادق من مجموعة القائمين على تنظيم أعمال الورشة والأساتذة القائمين على التدريب والزملاء المتدربين الذين أظهروا الاهتمام ليس بهدف الاعتماد بقدر المعرفة والتعليم والاستفادة الفنية، كذلك اقترحت على الإدارة عمل ورش مشابهة للمتميزين في بقية مفردات العمل المسرحي في النوادي، كلٌ حسب تخصصه، وأن تكون ورشا متخصصة يتم اعتماد خريجيها للعمل في تخصصاتهم مثل السينوغرافيا والموسيقى والتأليف وغيرها لإثراء حركة نوادي المسرح.

  • التقييم الحقيقي

ويقول أشرف علي – إسكندرية - إن الورش مفيدة جدا، حيث أضاءت لنا الكثير مما كنا نجهله في كل المجالات بداية من محاضرات د. سيد الإمام حتى آخر يوم مع المخرج سعيد قابيل. ويرى في تقييمه للمرحلة الأولى من الورشة أنها قدمت أساسيات في جميع المفردات والعناصر المسرحية بينما التقييم الحقيقي يمكن أن يتم بعد المرحلة الثانية.
كما يرى أن التمثيل النسبي قد يحقق نتائج أفضل لو تمت مناقشته بشكل أفضل.

  • اعتماد الأفضل

ويقول أسامة محمود – بني سويف – إن فكرة الاعتماد من خلال الورش هو ما كنا نهدف إليه ونطالب به منذ زمن، لأن بعض المخرجين يتم اعتمادهم مصادفة وهو ما يؤثر بعد ذلك على مستوى عروض الثقافة الجماهيرية.
ويضيف أنه يمارس المسرح منذ عام 1988 وشارك في نوادي المسرح خمس مرات ووصل في كل مشاركاته للمهرجان الختامي ولم يتم اعتماده حتى الآن لأن الآلية كانت مختلفة، أما آلية الاعتماد من خلال الورش فهي تضمن أن يتم اعتماد الأفضل والمستحق. ويضيف أن الورشة تصقل المهارات وتكسب الخبرات وتسمح بعملية “الفلترة”، خاصة في وجود القامات التي تدرس في الورش، الأمر الذي يجعل من الورش مكسبا كبيرا، منه الاحتكاك مع 35 مخرجا من كل أقاليم مصر بتعدد رؤاهم ومواهبهم.
وتمنى أن تقوم الورش بعد ذلك على التفاعل بديلا عن المحاضرات.

  • جدول المحاضرات

وقالت مها بدر: الورشة فكرة جميلة وجريئة لأنها تعد دراسة أكاديمية متخصصة تتم بواسطة أساتذة في أكاديمية الفنون لتخريج المخرج الملم الواعي بأدواته الفنية، لكنها أشارت إلى مشكلة عدم وضع جدول محدد بمواعيد المحاضرات قبل الإعداد للورشة، مطالبة أن تكون مواعيد المحاضرات صباحا بحيث نستطيع أن نتابع عروض المهرجان ليلا دون الإحساس بالتعب والإرهاق.
وعلى جانب آخر التقينا بمجموعة من المدربين بالورشة ومنهم:  

  • الشخصية والزمان والمكان

د. سيد الإمام – أستاذ الدراما بالمعهد العالي للفنون المسرحية – قال إنه حاضر بالورشة لمدة 3 أيام ويعلم أنهم في بدايات عملهم كمخرجين، وأضاف أن لديه خبرة طويلة بنوادي المسرح ومشكلات العاملين بها، ولذا كانت البداية بتعليمهم معطيات النص الدرامي ومكوناته. مضيفا: ونظرا لضيق الوقت ركزت اهتمامي على ثلاثة عناصر وهي عنصر الشخصية والعلاقة بين الشخصية الدرامية والشخصية في الحياة ودوائر الوجود التي يمكن من خلالها تحليل الشخصية الدرامية خلال الواقع المعيش بداية من الأسرة والدوائر المحيطة بالحي والمدينة.. إلخ وتأثيرها عليهم وعلى الشخصية الدرامية. العنصر الثاني هو عنصر الزمان الذي تناولت في جزء منه “العصر”، وجزء آخر تعلق ببدايات اليوم ونهاياته، وآخر في التعامل مع فكرة الفصول وتأثيرها على ملابس الشخصية وعلى أخلاقها وطباعها وإحساسها بالجو العام، وبالتالي توضيح مفهوم وتجليات فكرة الزمن لمن هو بصدد التعرض لعنصر الدراما.
تابع: هذا بالإضافة لأنواع أخرى من الأزمنة كالزمن الميتافيزيقي والزمن “الكرونومتري” والزمن “السنكرونومتري”، وبالتالي يستطيع المتدرب تحديد الزمن الخاص بكل لحظة درامية فالتعامل مع جميع عناصرها كالملابس والحركة.. إلخ. أما العنصر الثالث – أضاف الإمام - فهو المكان وكيفية التعامل معه وكيف يؤثر نوع العرض على خشبة المسرح، وهو ما أتمه عمرو عبد الله في ورشة. وأضاف أنه طرح من خلال ذلك مفهوم الدراماتورج وحساباته المعقدة والمشكلات التي تواجهه في التعامل مع النصوص.
أوضح الإمام أن المعلم – أحيانا - ما يضطر لجرح علاقة الإنسان بواقعه، وقد أسفر ذلك عن استفسارات كثيرة جعلت الطلاب يطلون داخل أنفسهم وعلى واقعهم، والبعض طلب مناقشته بشكل منفرد ليروا أنفسهم بشكل آخر وفي ضوء آخر، وأكد أن المستقبل دائما لمصلحة الشباب، والبلد التي تفقد شبابها تحكم على نفسها بالإعدام، وبقدر ما تعطي الشباب وترعاه ستجد ثمارا.
المخرج هو العنصر الأكثر حضورا
وأشاد د. الإمام بآلية اعتماد المخرجين من خلال الورش ولفت إلى أنه ممن طالبوا كثيرا بهذه الورش، لا سيما ورش المخرجين ليحدث حركة دائمة في الثقافة الجماهيرية، فالممثل قد يمارس اللعبة في وقت فراغه وليس دائما، بينما المخرج هو العنصر الأكثر حضورا ويستطيع التعامل مع متغيرات الممثلين.

  • ضرورة تأهيل الكوادر

وفي نهاية حديثه أكد كثيرا على ضرورة إعادة تأهيل العناصر الإدارية والكوادر التي لا تعي دورها ومهامها الثقافية وإلا سيتبدد كل ما تم صرفه على المخرجين، لذا نحتاج لصيغة أخرى لمفهوم “مركز إعداد الرواد” الذي أسسه الكاتب الراحل سعد الدين وهبة، لتهيئة وإعداد الكوادر الإدارية لتقود العمل الثقافي داخل الأقاليم.

  • ثلاث مراحل للورشة

يقول المخرج محمد الطايع – المشرف على الورشة واأحد مدربيها – إن مشروع النوادي في غاية الأهمية بل قد يكون الأهم في مشاريع الثقافة الجماهيرية من حيث الهدف، حيث يقوم بتدريب مخرجي نوادي المسرح من خلال مثل هذه الورش التي تمر بثلاث مراحل: المرحلة الأولى حيث يتم التدريب على كل العناصر ضمن فعاليات المهرجان الختامي لنوادي المسرح، والمرحلة الثانية يتم فيها استدعاء المخرجين الذين تم اختيارهم للورشة، ثم المرحلة الثالثة التي تنتهي بإنتاج تجارب للمخرجين المتميزين كتطبيق عملي لما درسوه بالورشة. ثم يتم عمل ملتقى لهذه العروض وتقييمها من قبل لجان متخصصة ومن ثم يتم اعتماد المواهب الحقيقية الجادة.

 


كاتب عام