ما لا تعرفه عن تعامد الشمس بمعبد أبي سمبل

ما لا تعرفه عن تعامد الشمس بمعبد أبي سمبل

اخر تحديث في 2/15/2023 9:02:00 PM

محمد إمام

تعامد الشمس على قدس أقداس معبد "أبو سمبل" ليس هو الوحيد من نوعه، فهناك تعامد آخر على معبدي الكرنك والدير البحري "حتشبسوت" بالأقصر، لكن تعامد الشمس بأبي سمبل هو الوحيد الذى انتشرت من حوله الأقاويل والتأويلات، فهناك من قال إن التعامد يحدث في يومى ميلاد وتتويج الملك رمسيس الثانى، وهناك من يرى أنه فى يومى ميلاده ووفاته وكأن وقت وفاته معلوم مسبقا!! وهنا يظهر سؤال كيف تتم عملية التعامد خاصة وأنها لم تتغير على مدار ثلاثة آلاف عام؟

ظاهرة تعامد الشمس فلكيا

عند بناء أي معبد يراعي المهندسون عدة قواعد صارمة عند تحديد اتجاهات محاور المعبد، فالاتجاه المهم عندهم هو من الشرق إلى الغرب ثم اتجاه الجنوب إلى الشمال، وهو ما يتوافق مع العقيدة الأوزيرية والشمسية عند قدماء المصريين. علاوة على أن مسار النجوم كان له كهنة متخصصون فى رصده ومتابعته، وتحديد حركة الشمس والقمر لضبط حركة التقويم الشمسي والقمري والنجمي.

كيف تحدث الظاهرة؟

يقول د. مسلم شلتوت –رحمه الله- أستاذ بحوث الشمس والفلك أنه فى عام 1874 اكتشفت إميليا إدواردز ظاهرة تعامد الشمس على وجه رمسيس الثانى، وظلت هذه الظاهرة محل تفكير وتحليل كبير من المتابعين كونها لم تتغير على مدار ثلاثة آلاف عام في الساعة السادسة وخمس وعشرين دقيقة في يوم 21 فبراير، أو الساعة الخامسة وخمس وخمسون دقيقة في يوم 21 أكتوبر.

تدور الأرض حول الشمس فى مدار شبه دائري، تتبعه ظاهرة أخرى لدوران الشمس على ما يسمى دائرة البروج السماوية -وهي منطقة في السماء 9 درجات شمال و9 درجات جنوب حول مسار الشمس الذي تتحرك فيه عبر السماء -وهي دائرة تميل بمقدار 23.5 درجة على ما يسميه الفلكيون دائرة الاستواء السماوي  -وهي دائرة كبيرة في الكرة السماوية تكون على نفس مستوى خط الاستواء للأرض- لذلك فإن للشمس حركة يومية للمكان التي تشرق منه على الأفق، فهي تشرق من اتجاه الشرق الحقيقي يومي 21 مارس، و 23 سبتمبر من كل عام وهما بداية الربيع والخريف .

يوضح "شلتوت" أن الشمس تتواجد في حوالي 21 مارس  و23 سبتمبر في نقطة تقاطع مسار الشمس مع خط الاستواء السماوي وهذان هما وقتي تساوي الليل والنهار "الاعتدالين"، وتسميان بنقطتي الربيع والخريف على التوالي. وفي حوالي 21 يونيو تصل الشمس إلى أقرب نقطة إلى الشمال على مسار الشمس، وفي حوالي 21 ديسمبر إلى أقرب النقط إلى الجنوب. وهذان هما وقتي بداية الصيف والشتاء وتسميان بنقطتي الانقلاب"نقطتي انقلاب الشمس" على التوالي. وكل من نقط الربيع والخريف والصيف والشتاء يبعد عن الآخر بمقدار بمقدار 90 درجة في مقياس السماوي.
أما في فصلي الربيع والصيف فإنها تشرق من ناحية الشرق مع انحرافها لبضع درجات ناحية الشمال حيث تبلغ قيمة هذا الانحراف أقصى ما يمكن يوم 21 يونيو ومقداره 23.5 درجة من ناحية الشمال، أما في فصلي الخريف والشتاء فإنها تشرق من ناحية الشرق مع انحرافها لبضع درجات ناحية الجنوب حيث تبلغ قيمة هذا الانحراف أقصى ما يمكن يوم 21 ديسمبر ومقداره 23.5 درجة ناحية الجنوب .. وبالتالي فإذا تخيلنا وجود ممر طويل فى الأفق مغلق من ناحية الغرب فإن تعامد الشمس سيحدث على جداره المغلق مرتين كل عام إذا كان محور هذا الممر في اتجاه الشرق أو منحرفا عنه ناحية الشمال أو الجنوب بزاوية مقدارها 23.5 درجة كحد أقصى.

 ويستطرد قائلا: لذلك فتعامد الشمس على قدس الأقداس يعد أمرا طبيعيا لأن درجة انحرافه عن الشرق الحقيقي هو عشر درجات ونصف ناحية الجنوب.

ويضيف "شلتوت" أن الحسابات الدقيقة تشير إلى أن فروق الزوايا الأفقية للشمس المشرقة في أيام التماثل يومي 21 فبراير و 21 أكتوبر تضيق كلما اتجهنا جنوبا فهي لمنف 9.2 دقيقة قوسية ولطيبة 7.5 دقيقة قوسية  - الدقيقة القوسية هي وحدة لقياس الزوايا تعادل 1/160 ولما كانت الدرجة تعادل (1/360) من محيط الدائرة، فإن الدقيقة القوسية تعادل (1/21600) من قوس الدائرة الكاملة. وتستخدم الدقيقة القوسية في المجالات التي تتطلب دقة في قياس الزوايا مثل علم الفلك - ممـا يعني أن اختيار المعبد في الجنوب قد يكون راجعا لأسباب فلكية ومعمارية بجانب قدسية المكان، والزاوية الأفقية هي زاوية انحراف الشمس عن الشمال الجغرافي مقاسه في اتجاه الشرق وهي الزاوية التي يجب أن ينطبق عليها تماما اتجاه محور المعبد يومي 21 فبراير و 21 أكتوبر لكي تتم ظاهرة تعامد الآشعة على قدس الأقداس عند شروق الشمس . حيث إن زاوية انحراف محور المعبد عن الشمال الجغرافي هي مائة درجة وثلاثة وثلاثون دقيقة قوسية وثلاثة وثلاثون ثانية قوسية مقاسة في اتجاه الشرق قبل نقل المعبد لأعلى الهضبة.

 ويكمل أستاذ بحوث الشمس والفلك السابق أنه يتضح من الحسابات بأن الشمس من المفروض أن تشرق على معبد أبي سمبل يوم 21 فبراير الساعة السادسة واثنين وعشرين دقيقة لو لم يكن هناك حاجبا طبوغرافيا لها على الأفق الشرقي . لكن من الثابت أن الظاهرة تحدث عند الساعة السادسة وست وعشرين دقيقة، عندما تتطابق الزاوية الأفقية للشمس مع زاوية اتجاه محور المعبد تماما، حيث إنه خلال هذه الدقائق الزائدة تكون الشمس ارتفعت فوق الأفق بمقدار 34 دقيقة قوسية وأصبحت التلال التي في الجهة الشرقية للنيل لا تحجب وصول آشعتها للمعبد ولقدس الأقداس فيحدث تعامد الشمس. فهناك إذن علاقة ما بين ارتفاع التلال الشرقية وزاوية اتجاه محور المعبد وبعد نقل العبد إلى الهضبة لحمايته من الفيضان أصبح التعامد يومى 22 أكتوبر و22فبراير من كل عام.

ظاهرة التعامد ثقافيا:

تستثمر الهيئة العامة لقصور الثقافة ظاهرة تعامد الشمس ثقافيا وفنيا، فتقيم مهرجانا محليا يستمر لمدة أسبوع فى أكتوبر، تشارك به عدة فرق للفنون الشعبية بعروضها الفنية فى مختلف أرجاء المحافظة مقدمة حفلا ضخما فى يوم التعامد أمام معبد أبى سمبل. هذا إلى جانب عدد من المحاضرات الثقافية والورش الفنية على مدار الشهر للتعريف بأهميته التاريخية.

أما فى شهر فبراير فيقام مهرجان دولي بمشاركة فرق من أوروبا وآسيا وأفريقيا إلى جانب الفرق المحلية.

راجع

الدقيقة القوسية: https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AF%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9_%D9%82%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A9

دائرة الاستواء السماوى:

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AE%D8%B7_%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%A1_%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%85%D8%A7%D9%88%D9%8A

دائرة البروج السماوية:

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AF%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%88%D8%AC

http://www.m-shaltout.com/arab-3.htm


محمد إمام

محمد إمام

راسل المحرر @