عقوبة السارق في مصر القديمة

عقوبة السارق في مصر القديمة

اخر تحديث في 10/24/2019 8:20:00 PM

محمد إمام صالح

اجتمع تشكيل عصابي مكون من ثمانية أشخاص من غرب طيبة يقودهم "حعبى ور" عامل المحجر هم: "حعبى عو" الحجار، "ستخ نخت" و"إير إن أمون" النجاران، "أمون إم حب" مزارع، "خع إم واس" سقاء، وآخران، وهيئتهم جميعا تدل على جوع وحرمان.
أنصت الجميع لحعبى حور وهو يقول: "لا خطر علينا والليلة خير وقت للمحاولة، فالقمر ضئيل فيسمح لنا بمعرفة طريقنا إلى المقبرة دون أن يرانا أحد. كما أنى رتبت الأمور بحيث لا يكون حرس الجبانة موجودين في نوبتهم الليلة". وأضاف: "إني رشوت الكاتب التعس في قسمنا ليكتب مذكرة بإمضاء مجهول أمليتها بنفسى عليه، تشير أن صاحبها علم بأن عددا ضخما من الرجال سيسطون على مقبرة في الوادي، وأرسلتها إلى رئيس الشرطة. وسوف أشعر أننى أستحق أن أتهم بالغباء طيلة حياتي إن لم يرسل معظم رجال الحرس إلى الوادى على إثر هذه الإشارة المزيفة".

صحيح أن العصابة نجحت في سرقة محتويات قبر الملك "سوبك إم ساف" إلا أن الشرطة قبضت عليهم، لأن رئيس الشرطة أرسل بالفعل العدد الأكبر من الرجال إلى الوادى لإحباط السطو المزعوم، إلا أنه أرسل فرقتين صغيرتين لتفتيش باقى أنحاء الجبانة وقبضوا على اللصوص. وحكمت المحكمة بإعدامهم باستخدام الخوازيق، كونهم سرقوا المقبرة ودمروا جثة الملك ودفعوا رشوة وأقسموا زورا بحياة الفرعون1.

رشوة المعبودات


رصدت الرشوة منذ العصر المصرى القديم، ففي قصة الصراع بين حورس وست، اجتمع مجمع المعبودات في جزيرة ليفصلوا في الصراع بين المتخاصمين. وأصدروا أوامرهم إلى حارس تركوه على الشاطئ ألا يسمح بمرور أي شخص مهما كانت الأسباب. ولأن إيزيس كانت لا تأمن مكر أخيها ست، فتنكرت بقوة السحر في هيئة امرأة عجوز، وتوسلت للحارس أن يعبر بها النهر في قارب ويوصلها إلى الجزيرة حيث اجتماع المعبودات؛ لكنه رفض. فظلت تتوسل إليه وظل هو على إصراره حتى قالت له "اعبر بي النهر وسأعطيك رغيفا من الخبز، فقبل الحارس وتعبر إيزيس إلى الجزيرة وتتدخل ليكون الحكم في صالح ابنها وليس في صالح أخيها.. لتصبح من أبرز علامات الرشوة في التاريخ.

الرشوة في التعاليم المصرية:


نجد في التعاليم الملك "خيتى" يقول لابنه "ريكارع": "أكثر العطاء لكبار رجالك ليقيموا أحكامك، الإنسان الثري في داره لم يكن منحازا، لأنه يمتلك الخيرات وليس له احتياجات، أما الإنسان المعوز فلن يتحدث طبقا للحقيقة، ولن يستطيع أن يكون عادلا ذلك الذي يقول: آه لو كان عندى، ولسوف يميل ناحية من يرضيه ويحابى من يقدم له المكافآت.
وفى تعاليم "أمنمؤوبى" لولده: "لا تقبل هدية رجل قوى لتظلم الضعيف من أجله، فالعدل هبة غالية من الله يهبها لم يشاء". وأضاف: "لا تتقبل رشوة من صاحب نفوذ"2.
يُطلق على الرشوة أسماء عديدة منها: "هدية، مكافأة، إكرامية، شاي" حتى لا يشعر الراشى والمرتشى بالخزى أو العار. فالرشوة أحد أشكال التعاملات غير القانونية التي يعاقب صاحبها ومتلقيها بالسجن. ولأن فعل الرشوة منبوذ على المستوى الرسمي والمجتمعي؛ إلا أن البعض قد يضطر لاستخدامها تسييرا للمصالح، سواء كانت مصالح من حق مواطن فيضطر لأن يدفع إلى موظف فاسد حتى يحصل على مبتغاه، أو لا يكون صاحب حق ولكنه صاحب مصلحة فيدفع رشوة ليأخذ حق غيره.
وقدر رفض المجتمع المصرى القديم الرشوة على عمومها، وليس معنى الرفض أنهم لم يستخدموها أحيانا، على غرار مجتمعنا الحالي الذى يرفضها لكنه يمارسها أحيانا بداعى الضرورة.

 

1- آلن شورتر، الحياة اليومية في مصر القديمة، ترجمة نجيب ميخائيل إبراهيم، مراجعة محرم كمال، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1997، ص130-139
2- سمير أديب، أضواء على الجريمة والعقاب في مصر القديمة، أدوماتو عدد 8، مركز عبد الرحمن السديري الثقافي، يوليو 2003، ص69


محمد إمام

محمد إمام

راسل المحرر @