الأميرة ذات الهمة.. أطول ملحمة شعبية عربية

الأميرة ذات الهمة.. أطول ملحمة شعبية عربية

اخر تحديث في 1/3/2021 9:55:00 PM

محمد إبراهيم
سقراط قال عن أحد الرجال: "تكلم حتى أراك".
وحين تكلمت ذات الهمة، فلا يضاهي من قولها الرجال ولا النساء: "إن سيفي حجلي والغبار كحلي والحصان أهلي".

تأتي حكاية ذات الهمة، المرأة العربية الشهيرة بالبطولة والإقدام، والتي تبدأ سيرتها من عهد عبد الملك بن مروان الأموي، حيث رزق جدها الصحصاح بولدين وهما "ظالم" و"مظلوم"، وكان الاتفاق بين الأخوين ظالمًا ومظلومًا أن من ينجب الولد يكون له المُلك دون الآخر، وإذا أنجبا ولدين تٌصبح لهما الإمارة مشتركة بينهما، ورُزق مظلوم بنتا وسماها فاطمة وكان لا يرغب فيها، ولكن واصلت الأم رعايتها فعهدت بها إلي جارية تُدعى أم مرزوق؛ فكانت تعود بها لأمها يومًا بعد يوم كي ترضعها.
ألقاها أبوها مظلوم في الغربة حيث نشأت بين أبناء بني كُليب وكانت هذه اللبنة الأولى في بناء شخصيتها، كانت ذات الهمة جارية قوية السواعد والأطراف، هائلة الأكتاف، وكانت صفاتها الشخصية وبنيتها القوية اللبنة الثانية فى تكوين شخصية البطلة. 
على حين غفلة أغارت قبيلة بني طيء على مضارب عمها وأبيها وأسرت الكثير من النساء والسبايا وكانت منهم الأميرة ذات الهمة التى لم تبرح السادسة من عمرها، نشأت ذات الهمة بين الجِمال والخيول فقد كانت ترعاهم في أسرها، كانت ذات الهمة تعيش لتسمع أخبار وإنجازات جدها الأمير الصحصاح فاتح القسطنطينة، فأولعت بالفروسية وفهمت لغة الخيل والجِمال، وتخلت عن كل ما يربطها بمظاهر الأنوثة، تهافت عليها الخُطّاب وكان أميرها (الجبيري) يعرض عليها الأمر، وكانت ترفض مُدعية أنها لم تُخلق للنوم على الفُرش والتدليل، وترجعهم خائبين، إلى أن تقدم لخطبتها أحد الشباب المَرموقين من العرب وفرضه عليها الجبيري إلا أنها رفضت وفرت هي وجاريتها مُتخذة من الخلاء مخبأً، بدأت بفرض الجزية والسطو على المارة إلى أن عظُم شأنها وزاد نفوذها وزاد أتباعها، وأغارت ذات ليلة على قبيلتها ونازلت أبيها وكادت أن تقضي عليه، إلى أن تدخلت أمها التي عرفتها وكشفت عن شخصيتها، انتهي الأمر بعد التعرف عليها وعادت ذات الهمة (داهية بني طيء، أو الدلهمة) إلى قبيلتها.
أُقيمت الأفراح والمباهج بعودة (الدلهمة) لقبيلتها وبيتها بعد سنوات الأسر والغربة والإذلال، أُغرم بها الحارث – ابن عمها ظالم، حين شاهدها تُنازل الفرسان وترديهم قتلي، وكانت بمفردها تنازل والده ظالم وعمه مظلوم، بجرأة وجسارة عشرات الرجال، طالب بالزواج مُعلنًا حبه لها وهيامه، وأخبر أمه جومانة وألح عليها؛ ليذهب الأب ظالم بنفسه إلي أخيه مُعلنًا رغبته ورغبة ابنه فى الزواج من ذات الهمة، وكان ردها المُعتاد بالرفض وحين ألح عليها أبيها مظلوم هددت بالفرار من القبيلة مرة أخرى، وإذ بها تحاور عمها ظالم بفصاحة الفرسان، بعد أن تعممت واتشحت بزي الرجال، شارحة أمرها وحقيقة رغبتها وميولها فى كلمات موجزة "فاعلم أنني ما خُلقت إلا للنزال، لا للفراش ولا الزواج، ولا يُضاجعني إلا سيفي وعدة حربي، وكُحل غبار النجع مُرادي......".
المراجع:
1-    د. محمد الجوهري، مجلد الأدب الشعبي من موسوعة التراث الشعبي، سلسلة الدراسات الشعبية، الهيئة العامة لقصور الثقافة.
2-    شوقي عبد الحكيم، الأميرة ذات الهمة أطول سيرة عربية في التاريخ، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة والنشر، 2014.
3-    مخطوطة عن سيرة الأميرة ذات الهمة ووالدها الأمير عبد الوهاب نسخ بخط مصطفى عام 1195 هـ، وطُبعت بذات الحالة بدار الكتب المصرية عام 1969م 7:284 النشرة المصرية للمطبوعات، الأساطير والفولكلور.


محمد ابراهيم

محمد ابراهيم

راسل المحرر @