في عيدها القومي.. الأقصر تاريخ مجيد لبلاد ساحرة

اخر تحديث في 11/13/2020 10:46:00 PM

محمد إمام

تحتفل الأقصر بعيدها القومي في الرابع من نوفمبر وهو ذكرى اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون عام 1922، وقد ألغيت الاحتفالات هذا العام التي دأبت قصور الثقافة على المشاركة فيها للإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا خاصة في وجود توقعات لموجة ثانية.

تقع الأقصر في جنوب مصر، تحدها أسوان من الجنوب وقنا من الشمال، والبحر الأحمر من الشرق والوادي الجديد من الغرب، وتنقسم إداريا إلى خمسة مراكز بالإضافة إلى مدينة الأقصر، وقد كانت تتبع إداريا محافظة قنا ثم انفصلت عنها لتصبح مدينة ذات طابع خاص في ثمانينيات القرن الماضي، وفى 9 ديسمبر 2009 صدر قرار جمهوري بإعلانها محافظة لتضم إليها مركزي إسنا وأرمنت بدلا من تبعيتهما لقنا، وتحول العيد القومي للمدينة إلى تاريخ إعلانها محافظة حتى عام 2015، ولكن قدمت مذكرة إلى مجلس الوزراء لعودة العيد القومى إلى الرابع من نوفمبر، وقد وافقت رئاسة الوزراء على ذلك.

ولمكانة الأقصر الكبيرة على المستويين الدولي والمحلي اختيرت عاصمة للسياحة العالمية عام 2016 وعاصمة للثقافة العربية في 2017، علاوة على احتضانها مهرجانات فنية تتفرد بها كمهرجان التحطيب الذى تنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة في ديسمبر من كل عام، ومهرجان الأقصر للسينما الأفريقية في شهر مارس، ومنها أيضا انطلق مهرجان السينما الأوروبية ثم انتقل إلى مدينة شرم الشيخ.

أسماء الأقصر:

ذكرت لأول مرة في الأسرة الرابعة باسم "المدينة" ثم "واست" أي الصولجان ثم "واست نخت" الصولجان المنتصر أو القوي، ثم طيبة المشتقة من كلمة "تا إبت" أي الأرض المقدسة، وذكرها هوميروس الشاعر الإغريقي في الإلياذة والأوديسا باسم "طيبة مدينة المائة باب" ربما لكثرة صروحها أو كثرة الأبواب بها، أما اسم الأقصر فهو جمع تكسير لكلمة قصر، فعندما دخل العرب المدينة قالوا "ما هذه الأقصر" لضخامة معابدها التي تشبه القصور.

الأقصر قاعدة تكوين الإمبراطورية:

ظلت المدينة باهتة الذكر حتى الدولة الأسطى، وبدأ نجمها يبزغ في عهد الدولة الوسطى حين تولى ملوك الأناتفة والملوك المسمين مونتوحتب في الأسرة الحادية عشر، ثم انتقلت العاصمة في عهد الأسرة الثانية عشر إلى اللشت، وعقب الغزو الهكسوسي لمصر وسيطرتهم على منطقة الدلتا وصولا إلى حدود مصر الوسطى متخذين من أواريس عاصمة لهم، قادت طيبة توحيد صفوف المصريين وحرب التحرير بقيادة سقنن رع تا عا الشجاع، ومن بعده كا مس ثم أحمس لتعيد طيبة المجد لمصر تحت لواء آمون رع، ومنها تنطلق الحملات العسكرية في شتى البقاع في الأسرة 18 وتكونت الإمبراطورية المصرية التي وصلت إلى حدود قبرص وكريت شمال وأثيوبيا جنوبا وبرقة في ليبيا غربا، واستمرت حتى عصر رمسيس الثالث، ومع دخول مصر في عصر الانتقال الثالث وضعف الحكام آنذاك فرضت طيبة سطوتها وأصبحت العاصمة الدينية، لتظل حتى الآن الحرف الأبهى والأجمل في هذا التاريخ.

هوارد كارتر واللورد كارنرفون:

جاء إلى مصر اللورد الإنجليزى كارنارفون الذى تعرض لحادث سير في إنجلترا سببت له بعض المشاكل في الجهاز التنفسى، فنصحه الأطباء بزيارة مصر لمناخها الجاف، وعندما وصل إلى الأقصر وجد بعض الأثرياء الأجانب يحصلون على حقوق التنقيب عن الآثار فاستهواه الأمر، فاشترى حق التنقيب من ثرى آخر فقد شغفه بالموضوع. وقابل كارنارفون الرسام هوارد كارتر الذى أتى ليبيع لوحاته التى يرسمها ليكسب قوت يومه، وأقنعه كارتر بتمويل بعثة أثرية للبحث عن كنز الفرعون المفقود توت عنخ آمون.

بدأ تمويل البعثة وظل كارتر يبحث عن مقبرة توت عنخ أمون حتى اندلعت الحرب العالمية الأولى، فتوقفت الأعمال وبعد أن وضعت الحرب أوزارها استأنفت أعمال الحفر والتنقيب، وضاق كارنارفون زرعا بكارتر، لصرفه أموالا طائلة دون جدوى، ولكن الأخير أقنعه بتمويل بعثة لموسم واحد فقط، وبينما كارتر يمتطي جواده تعثرت قدمه في إحدى الحفر في الأرض في منطقة الدير البحري، وكانت المفاجأة فقد عثر على مقبرة سميت لاحقا بمقبرة الحصان، لكنه لم يكن قبر توت عنخ آمون وإنما قبر منتوحتب الثاني، واستمر البحث طويلا حتى الرابع من نوفمبر 1922.

لعنة اكتشاف قبر توت عنخ آمون:

كان أحد الصبية يلهو في فترة استراحته أسفل مقبرة رمسيس السادس فكشف عن درجة سلم، فأزاح التراب قليلا ليعثر على درجة أخرى، فنادى الطفل على كارتر الذى أزاح التراب ليكشف عن درج قاده إلى مدخل مقبرة توت عنخ آمون سليما وعليه ختم الملك، وعلى الفور استدعى اللورد كارنارفون وابنته، وبمجرد وصولهما فض الختم وفتح باب المقبرة، لتبدأ أكثر الأحداث شهرة وأكثرها انتشارا في العالم.. لعنة الفراعنة.

دخل ثلاثتهم إلى المقبرة وكان جانب من محتوياتها مبعثرا، فقد تعرضت للسطو في العصر الفرعوني، ولكن الحراس أنقذوها من السرقة وفر اللصوص، وظل يطرق كارتر على الجدران حتى وجد خلف أحدهم فراغا فكسره وأشعل شمعة ليعلم إذا ما كان هناك هواء أم لا، تراقص لهب الشمعة فاطمئن، ليكسر الباب الذى يسد الجدار ويدخل ليجد خمسة توابيت تضم بعضها بعضا، ويخرج جثة توت عنخ آمون.

أخرج الجثة ليدرسها ويزيل عنها قناعها الذهبى الشهير، فهاجت الأرض برياح قوية وكأنها تعترض على انتهاك حرمة الملك النائم، وبعدها بثلاثة أيام مات كارنارفون بالحمى، وتعرض بعض العمال لحوادث متفرقة، لتكتب الصحف العالمية لعنة إيقاظ الفرعون النائم...وتبدأ من بعدها لعنة الفراعنة والتي لم تخمد إلى الآن، صحيح أنها خمدت فعلميا لا وجود لها، لكنها أخذت طابعا أسطوريا لا ينتهى، وكأنها المقبرة أصبحت صندوق بندورا الذى بفتحه انطلقت الشرور في العالم، ولكن من مقبرتنا انطلق بسبب اللعنة شره الثراء السريع، حتى أن كارتر نفسه مات بعد ست سنوات من اكتشافه المقبرة.

آثار الأقصر:

تضم الأقصر معظم آثار مصر، فبها قرابة 600 مقبرة أو تزيد قليلا، ما بين مقابر للملوك والملكات والأفرد والنبلاء موزعة في عدة جبانات بطول البر الغربى للمدينة، وكذلك مجموعة من المعابد الجنائزية كمعبد الدير البحري، منتوحتب نب حبت رع، مدينة هابو، دير المدينة، دير شلويط، أمنحتب الثالث، أمنحتب بن حابو، الرامسيوم، تحتمس الثالث والثانى...وغيرها، وفى البر الشرقى أكبر معابد العالم "الكرنك" وكذلك معبد الأقصر ويربط بينهما طريق الكباش الشهير، ومعبدى المدامود والطود، ومتحفان أحدهما باسم متحف الأقصر يضم مومياء الملك أحمس طارد الهكسوس وأخرى لملك مجهول. لذا يمكن القول أن الأقصر إذا ما تشققت أرضها أخرجت كنوزها وكأنها حمم بركانية.

جدير بالذكر أن إجمالي عدد المواقع التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة في محافظة الأقصر (26) موقعا ما بين قصور وبيوت ثقافة ومكتبات، موزعة على مدن ومراكز المحافظة، تُقدم الأنشطة الثقافية والفنية المتنوعة كافة، والتي تناسب كل الفئات والأعمار.. ويمكنكم زيارة الصفحة الرسمية لفرع ثقافة الأقصر التابع للهيئة من هنا.