العدد 947 صدر بتاريخ 20أكتوبر2025
لا بد للمسرح أن يتعامل مع مشاكل المجتمع خصوصا إذا كان اطراف هذه المشاكل ممن ليس لهم صوت مسموع. وهذا مبدأ تؤمن به الممثلة والمخرجة والكاتبة المسرحية الفرنسية ذات الأصول الفيتنامية والشمال أفريقية كارولين جيلا نجوين 44 سنة.
من الطوائف المظلومة التى يجب أن نستمع إليها كما ترى نجوين العاملون فى صناعة الملابس. لذلك خصصت احدث مسرحياتها “لاكريما” للحديث عن معاناة هذه الفئة وتوصيل صوتها لمن يهمه الأمر وقبل هذا وذاك إلى الجماهير.
وهذه المسرحية حققت نجاحا كبيرا عندما عرضت فى فرنسا وبدأ عرضها على مسرح أكاديمية الموسيقى فى نيويورك.
ولم يكن الجديد فى هذه المسرحية فقط الموضوع الذى عالجته المسرحية. كان الجديد هو أن المسرحية شارك فيها عدد من الممثلين كان بعضهم يتحدث الفرنسية وبعضهم يتحدث الانجليزية وأخرون يتحدثون التاميلية وأخرون يتحدثون بلغة الإشارة الفرنسية. وقد عرضت المسرحية على هذا النحو فى فرنسا نفسها وفى الولايات المتحدة.
تنويع
وتفسر نجوين ذلك بأنها محاولة لتنويع المسرح الفرنسى حتى لايظل مقصورا على الناطقين بالفرنسية. وهذه الفكرة ساعدتها على الانتشار فى خارج فرنسا. وسوف تطبق الفكرة فى جولات تنوى القيام بها فى عدة دول أخرى وتم التعاقد عليها حتى عام 2027.
وهذا الأسلوب ليس جديدا بل سبق ان اتبعته ولكن فى السينما فى فيلم “سايجون” عام 2017 الذى تدور أحداثه على مدى عدة عقود من الاحتلال الفرنسى لفيتنام. وكان الحوار فى هذا الفيلم باللغتين الفرنسية والفيتنامية. وحقق الفيلم نجاحا كبيرا فى فرنسا وفى الدول التى عرض فيها مثل فيتنام والصين واستراليا.
وتدور أحداث المسرحية حول ثلاثة أشخاص يعملون فى بيت أزياء فرنسى يحمل اسم لاكريما والتى استمدت منها المسرحية اسمها. وهم مشغولون فى تفصيل وتطريز فستان زفاف لحساب أميرة بريطانية.
وعلى مدى 3 ساعات (لم يوضح ناقد النيويورك تايمز ما إذا كانت مقسمة إلى فصلين أو ثلاثة) تتابع لاكريما عملية تجهيز الفستان بدءا من التصميم فى مدينة الينكو الفرنسية وتطريزه فى مومباى فى الهند.
تضحيات
ومن خلال هذه العملية وسرد العديد من القصص الشخصية والمهنية تستعرض المسرحية ما تقول إنه التضحيات التى يقدمها العاملون فى هذا المجال من أجل إنجاز أعمالهم وما يتعرضون له من مشاكل ومظالم وضغوط لا يشعر بها من هم خارج المجال.
وتعد لاكريما أول عمل رئيسى لجويلا نجوين منذ تولت منصب المدير الفنى لمسرح ستراسبورج القومى. فى شرق فرنسا. وكان هناك ترحيب واسع فى الأوساط الثقافية والفنية بتعيينها رئيسا للمسرح. وهذا المسرح واحد من ستة مسارح قومية تمولها الدولة بالكامل فى فرنسا. وهى حاليا السيدة الوحيدة التى تدير واحدا من المسارح الستة.
وهى تعتز برئاسة المسرح لأنها درست الإخراج المسرحى فى مدرسة الدراما الملحقة بالمسرح عام 2008.
غير البيض
وتقول إنها سوف تكرس جهودها فى الفترة القادمة لزيادة أعداد الممثلين من غير البيض فى المسارح الفرنسية. ذلك أن أعدادهم قليلة بشكل يبعث على الحزن ولا يعكس التنوع العرقى واللغوى والثقافى الذى تتمتع به فرنسا. وهذه الفئة عادة ما تكون محور مشاكل عديدة تعالجها عادة فى مسرحياتها.
وهى تفضل إسناد نصف الشخصيات عادة فى مسرحياتها إلى العناصر الجديدة حديثة الخبرة أو التى لم تمارس التمثيل المسرحى من قبل لتكوين أجيال من الممثلين. أما النصف الثانى فيكون من أصحاب الخبرات لينقلوا خبراتهم للأجيال الناشئة.
وهذا ما فعلته فى لاكريما حيث كان نصف الممثلين من حديثى الخبرة وبعضهم كان يشارك فى مسرحية لأول مرة فى حياته. فهى تسعى كى ينقل أصحاب الخبرات تجاربهم إلى صغار السن.
ويقول دان ارتو وهو من الممثلين المخضرمين المشاركين فى المسرحية أن جويلا لديها القدرة على توجيه الممثلين لتقديم أفضل ما لديهم.
ومن الطرائف أنها اختارت أم أرتو لتمثل دور أمه فى المسرحية، وهى لم تمثل من قبل.
وتنوى كارولين نجوين تكرار تجربة الثنائية اللغوية او التعدد اللغوى فى الأفلام مع لغات أخرى من لغات الجماعات العرقية واللغوية التى تعيش منها جاليات كبيرة فى فرنسا مثل العرب والأفارقة والأتراك.