«المهم نبيع» أفضل مسرحية فى «مسرحجى»

«المهم نبيع» أفضل مسرحية فى «مسرحجى»

العدد 802 صدر بتاريخ 9يناير2023

كانت مدينة الناصرة إحدى مدن الداخل الفلسطينى وهو الاسم الذى يطلق على الأرض المحتلة عام 1948 على موعد مع حدث مسرحى ثقافى رئيسى وهو مهرجان “مسرحجي” للمسرحيَّات الكوميديَّة القصيرة. وهذا المهرجان يعتبره المثقفون وهواة الفن حدثا ثقافيا فلسطينيا مهما ينبغى دعمه سواء من الجمهور أو المؤسسات.
وكان هذا المهرجان يعقد سنويا فى مدينة الناصرة التى تعتبر عاصمة المسرح الفلسطينى فى أراضي 48. ولأسباب عديدة لسنا فى موضع تفصيلها توقف لعدة سنوات هذا المهرجان الذى يعد حدثا رئيسيا ينتظره أبناء فلسطين فى أراضي 48 ويحضره أيضا عدد كبير من اليهود.
وأسفرت النسخة التى انتهت قبل أيام فى قاعة “سينمانا” بالناصرة عن فوز مسرحية “الـمهمّ نبيع” من تأليف د. أحمد سليمان “عكَّا” بجائزة أفضل نصّ.
وتحكى مسرحية “المهمّ نبيع”، عن بائع متجوِّل، يتقمص شخصية رجل دين مسيحى يبيع رموزًا دينيَّة في مدينة معظم سكَّانها من الـمسيحيِّين، يدخل عَلى طبيب مسلم، ويحاول بشتَّى الطُّرق والحيل إقناعه بشراء رموز مسيحيَّة مثل، مسابح مع صليب، دون أن يدري أنَّ الطَّبيب مسلم، وكان الطَّبيب بدوره يخجل من البائع لِـما يرتديه فاضطر لشراء عدَّة مسابح.
فجأة يرنُّ الهاتف المحمول لدى البائع، ومن خلال مكالمته عبر الهاتف يتبيَّن أَنَّهُ مسلم واسمه محمَّد، وأنَّه فرد من مجموعة تحترف هذه المهنة، وينكشف أمره للطَّبيب.
طاقية وكباه
 لكنَّ البائع كان ذكيا، فبمجرَّد تيقُّنه من انكشاف أمره، رمى القبَّعة عن رأسه، فإذا تحتها طاقيَّة بيضاء للمسلمين، ويتحوَّل إِلى بائع مسابح للمسلمين ومصاحف، ويعود إِلى إقناع الطبيب بشراء الـمسابح، بل وينشد نشيدًا إسلاميًّا، وينجح في إقناع الطَّبيب بشراء بعض الـمسابح، ل?كِنَّ الطَّبيب الَّذي اكتشف خدعة البائع وأنَّه ليس أكثر من نصَّاب، وحين انكشف أراد الطَّبيب استرجاعها، فما كان من البائع إِلَّا أن بدَّلها بمسابح للمسلمين،
وهنا صاح الطبيب: أنا يهودي مش مسلم.. قالها بغضب وصوت مرتفع، ليوقف البائع النَّصَّاب، لكنَّ البائع انتحى جانبًا وراح يحدِّث نفسه، «يهودي»، ثمَّ ألقى طاقيَّة الـمسلمين فإذا تحتها «كيباه» قبَّعة اليهود، وانقلب إِلى رجل دين يهودي وبدأ يتلو أدعية لليهود، وثار غضب الطَّبيب الَّذي لـم يجد بدًّا من الرَّكض خلف البائع النَّصَّاب وطرده وهو يردد الـمثل الشعبى الفلسطينى «اِقْلِبْ قَلَبْنا»، وهو يعنى تقلب الأحوال حسب الـمصلحة.
والـمسرحيَّة من تمثيل: عزَّت النَّتشة، علاء أبو غريبة وإنتاج فرقة شبابيك المسرحية الفلسطينية.

الصقل أولا
ومؤلف المسرحية هو الأديب طبب الأسنان ابن عكا الدكتور أحمد سليمان وهو كاتب متعدد الإبداعات لا يقتصر إبداعه على المسرح. بل نجده روائيا معروفا له اكثر من عشرين كتابا في عدة مجالات أخرى منها القصص للأطفال والكبار والروايات وغيرها من الإبداعات.
ويقول احمد سليمان انه يعتز بموهبته الأدبية التى حرص على صقلها منذ الصغر من خلال القراءة حيث انه لم يبدأ الكتابة إلا بعد أن كان قارئا لمئات الكتب في البيت التى كان أبوه يقتنيها والذى كان أيضا قارئا نهما للكتب.
 وتأصلت موهبته وبدأ الكتابة أثناء وجوده فى رومانيا لدراسة طب الأسنان بمدينة كلوج الرومانية. وهناك تعرف على الأوبرا والمسرح والموسيقى العالمية الأمور مما ساعد على تنمية موهبته. وصفه النقاد بأنه من اهم الأصوات الأدبية الجادة والبارزة والتي تفرض حضورها وتميّزها في ساحة الأدب الفلسطينى فى أراضي 48 كقصة إبريق الزيت، أو قصص أَلف ليلة وليلة.
 وتلقى كتاباته في القصة القصيرة والرواية أصداء واسعة طيبة لدى القرّاء، وفازت مسرحيته «سقوط إسبارطة» بالجائزة الأولى لدى مسرح الميدان وهو من ابرز الفرق المسرحية فى أراضي 48 ومع ذلك فان عدد المقالات والدراسات التي تناولت كتاباته المختلفة جميعها لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة!!
ويقول النقاد أن أحمد سليمان كاتب جيّد له تجاربه الثّرية، وله حضوره البارز، ولسنا أمام كاتب مبتدئ ما زال يتلمس أولى خطواته في عالم الأدب.

ملامح عكية
 ولد احمد محمد سليمان في مدينة عكا عام 1960 لاب من مواليد قرية «علما الخيط» المهجَّرة والمدمرة القريبة من مدينة صفد في الشمال. تعلم في مدارس عكا، ثمَّ تابع دراسة طب الأسنان في رومانيا، وأنهي دراسته عام 1985.
وله عدد أخر من المسرحيات مثل “صرخة” (وقد قامت بتمثيلها مجموعة من الشبان العكيين فوق خشبة مسرح الاوديتوريوم في عكا)، «ومطران العرب» وهى حائزة على جائزة مسرح الميدان، وهى «سقوط اسبارطة» الحائزة أيضا على جائزة مسرح الميدان. وهناك «شرشر وجرجر» وهى مسرحية للأطفال.
وتحفل أعماله المسرحية بمعالم وملامح عكيّة وعدد من مصطلحات أهل عكا مثل جامع الجزار (الحرم، الميضأة، قبر الجزار وربيبه وخليفته سليمان باشا العادل، المزولة، أم أربعة وأربعين أوضة، الأسوار، المنارة (برج الذبابة)، الميناء، السوق، راهبة الدير العجوز وحملة نابليون،وغيرها .
أزمة ليبيا فوق خشبة المسرح
الجميع ضحايا فى مسرحية المركب
حقق العرض المسرحي “المركب” للكاتب العراقي سلام الصكر، الذي يرصد مظاهر الحياة الاجتماعية والسياسية في ليبيا خلال الفترة الأخيرة، نجاحا كبيرا خلال عرضه في أكثر من دولة عربية منها الأردن وتونس، قبل مشاركته في مهرجان بغداد الدولي للمسرح.
وتعبر الفنانة الليبية الواعدة “يقين عبد المجيد” بطلة العمل عن سعادتها بنجاح المسرحية، مرحبة بالأصداء الإيجابية التي حققتها.
وأكدت الفنانة الليبية أن “نجاح العرض المسرحي يعود لعدة أسباب، منها مناقشته مشكلة تواجه أبناء النسيج الواحد، حيث تطرقت المسرحية لحل أزمة التفرقة والصراعات الداخلية التي يسببها الغرباء لتمزيق هذا النسيج”.
وكشفت عبد المجيد عن أحداث المسرحية، قائلة: “تدور حول رجل (عازف عود) وامرأة (معلمة)، تجمعهما ظروف الحرب والإرهاب والخوف إلى مركب مهجور لا يصلح للملاحة، ولكل منهما قصته وظروفه التي جاءت به إلى هناك”. وتابعت: “يحاول الرجل، وهو صاحب المركب، التخلص من المرأة لاعتقاده أنها من الذين يعيثون الفساد والقتل في الأرض بعد نشوب صراع كبير بينهما، لكن تتطور الأحداث فيتيقن أنها ضحية مثله’’.
واستطردت: “المرأة تختبئ من أناس ينشرون الخوف والفزع في قلوب البشر ويمارسون القتل الأعمى، وهو أيضا يخشى الغرباء الذين كسروا الأعواد التي صنعها هو وأجداده عدا واحد سلم من التخريب، فقرر أن يظل في مركبه ويبتعد عن التعامل مع الآخرين، فهو يرى أنه لا جدوى من المغادرة”.
وأضافت الفنانة الليبية: “ينتظر كل منهما رحيل الغرباء لإعادة بناء كيانه من جديد، ويحاول الطرفان التفاهم والالتقاء في نقطة واحدة، لكن النهاية تظل مجهولة”.
يذكر أن “المركب” شارك في الدورة السابعة للمهرجان المغربي لمسرح الهواة في مدينة نابل التونسية، وحاز على الجائزة الرئيسية للمهرجان.
والمسرحية من بطولة عز الدين الدويلي ويقين عبد المجيد، والإخراج لشرح البال عبد الهادي.


ترجمة هشام عبد الرءوف