خشبة المسرح المغربية.. حيث ينبض التراث من جديد على يد أبنائه

خشبة المسرح المغربية..   حيث ينبض التراث من جديد على يد أبنائه

العدد 940 صدر بتاريخ 1سبتمبر2025

تمتلك دولة المغرب تراثًا قويًا، وقد قام أحد المخرجين وهو أهل سيدي دحو إدريسي  بتكوين فريق لعرض التراث المغربي على خشبة المسرح، مستفيدًا من الحكايات الشعبية، والأهازيج، والرقصات التقليدية، إضافة إلى استخدام العناصر البصرية والأزياء التراثية التي تعكس تنوع الثقافات المغربية. وقد سعى هذا الفريق إلى تقديم عروض مسرحية تجمع بين الأصالة والابتكار، لتكون تجربة فنية حية تنقل روح التراث المغربي إلى الجمهور، وتفتح أمامه نافذة للتعرف على تاريخ وثقافة وطنه بطريقة جذابة ومؤثرة. كما ساهمت هذه المبادرة في تعزيز الوعي الثقافي لدى الجمهور، وإبراز قدرة المسرح على أن يكون أداة للحفاظ على الهوية الوطنية ونشرها بين مختلف الأجيال.
رؤية المخرج وأهمية المسرح في الهوية الثقافية
يوضح المخرج المغربي أهل سيدي دحو  إدريسي:  بأنه يرى المسرح منصة حيوية لترسيخ الهوية الثقافية، وليس مجرد وسيلة للترفيه، خاصة في ظل تسارع العولمة والانفصال عن الجذور. فهو قادر على استحضار الرموز والطقوس والحكايات المؤسسة للهوية المغربية، وتجديدها وتقديمها للأجيال الجديدة بلغة قريبة منهم، مع الحفاظ على العمق التاريخي للقصص والرموز المستخدمة.
رؤية المخرج وأهمية المسرح في الهوية الثقافية
ويكمل: على الرغم من وصول أصداء عروض فرقة «لمقام» إلى الجمهور خارج المغرب عبر التغطيات الإعلامية والمهرجانات الافتراضية، لم تتمكن الفرقة بعد من تقديم أي عرض خارجي لعدم توفر الدعم المالي، وما زالت تنتظر مستثمرًا يؤمن برؤيتها ويتيح لها الفرصة لتمثيل المسرح المغربي على الصعيد الدولي. تعمل الفرقة وفق قواعد المسرح العالمية على مستوى مكونات العمل الدرامي—من النص، والإخراج، والأداء، والإضاءة، والصوت—مع تقديم إسقاطات مغربية فريدة تعكس خصوصية الثقافة المحلية وتعيد سرد التراث بطريقة عصرية ومبتكرة.
العناصر التراثية وروح العرض المسرحي
يضيف: العناصر التراثية في عروض الفرقة ليست مجرد ديكور، بل جزء من روح العرض. فالموسيقى التقليدية تعمّق الأثر العاطفي، وتساعد الجمهور على الانغماس في الأحداث، بينما تنقل الأزياء التقليدية المشاهدين إلى الزمن الذي تناقشه المسرحية. كما تُستخدم الحرف اليدوية والقطع التراثية كوسائل إيضاح على الخشبة، ما يمنح العمل بعدًا بصريًا وثقافيًا إضافيًا ويبرز الحرفية المغربية في كل تفصيلة من تفاصيل العرض.
ويؤكد: اختيار اللغة في مسرحية «لمقام» يعكس التزام الفرقة بالدارجة المغربية العميقة، ذات المعجم الأصيل المستنبط من اللغة العربية، والتي تمنح النص حيوية ومصداقية في نقل حياة المجتمع المغربي. وفي الوقت نفسه، تعترف الفرقة بأن اللغة المسرحية عالمية وموحدة، وتؤمن بتعدد لغات التعبير كجزء من غنى الهوية الثقافية، وهو ما يظهر في المزج بين الحوار اليومي واللغة الشعرية في النص المسرحي.
يوضح المخرج أهل سيدي دحو: بأن المشروع الأقرب إلى قلب الفرقة هو مسرحية «لمقام»، كونها المولود الأول للفرقة وتمزج بين القصص الشعبية والأصيلة، مستلهمة من الحكايات المغربية القديمة، ومعالجة موضوعات اجتماعية حديثة، مثل قيم التضامن، الشجاعة، والعدالة. تعتبر هذه المسرحية لوحة فنية تاريخية ملهمة، وفرصة للإفتخار بإنتاج مسرحي مغربي مئة بالمئة من أبناء الشعب، يعكس روح المجتمع وهويته الثقافية الفريدة.
المهرجانات والتراث وطموحات الفرقة المستقبلية
ويختتم: تشهد المغرب إقامة عدة مهرجانات تراثية وثقافية، تهدف إلى عرض الأعمال وخلق مساحة للحوار، والتكوين، والتوثيق. تطمح فرقة «لمقام» إلى أن تصبح مرجعًا وطنيًا ودوليًا في مجال المسرح التراثي المعاصر، من خلال توسيع شبكة الشراكات، إنتاج عروض جديدة، وتكوين جيل جديد من المسرحيين المهتمين بالتراث، مع الالتزام بالتراكم، التجديد، والاستمرارية، والحفاظ على جوهر الهوية الفنية. تسعى الفرقة أيضًا إلى استكشاف طرق مبتكرة لدمج التكنولوجيا مع العروض المسرحية، بهدف تعزيز تجربة الجمهور وإيصال التراث المغربي بطريقة أكثر تفاعلية وجاذبية.
 


جهاد طه