العدد 876 صدر بتاريخ 10يونيو2024
المسرح الموسيقي هو شكل من أشكال الأداء المسرحي الذي يجمع بين الغناء والحوار والتمثيل والرقص، ويحتاج هذا النوع من المسرح إلى ممثل شامل قادر على الغناء والرقص والتمثيل معًا، ولكن ما هي طبيعة هذه العروض الموسيقية؟ وهل هذا النوع يحتاج إلى متطلبات خاصة على مستوى النص وباقي العناصر المشاركة؟، هل يتم تقديمه بطريقة تجذب الجمهور؟ وهل هذا النوع في مصر من الممكن أن نطلق عليه عبارة «عرض جماهيري»؟، أم أن الجمهور يفضل العروض المسرحية التقليدية أكثر؟، وما هي أهم عناصر نجاح العروض الميوزيكال؟، «مسرحنا» التقت بمجموعة من المسرحيين والأكاديميين ليجبونا على هذه الأسئلة، ونتعرف معهم على طبيعة العروض الموسيقية ومتطلباتها.
العروض الميوزيكال تحتاج فريق عمل خاص
قال المخرج السعيد منسي: العروض الموسيقية والغنائية تحتاج إلى فريق عمل خاص، ويُستحب أن تكون الموسيقى والغناء لايف، وهذا يحتاج قدرات تدريبية مُعيّنة ومُلحن متميز قادر على تقديم ذلك، وممثلين يقدموا ذلك بنفس الجودة، وأرى أن من ركائز العروض الموسيقية والغنائية أن تكون لايف، ولكن العروض المسجلة لا تكون بنفس حرفية اللايف ومتعته.
وأضاف السعيد: هذه العروض تحقق جماهيرية لأن أي متلقي يشاهد المسرح في الأغلب هو مُحب للمسرح، فعندما يرى ويسمع صورة وصوت جيدين، هذا يجعل المتلقي يستمتع بهذه العروض أفضل، والفكرة ليست مقارنة بين العروض الميوزيكال والتقليدية، ولكن المسرح الجيد بشكل عام طالما سيتم تقديمهم بشكل جيد، فسيرحب به المتلقي.
وتابع: والعروض الميوزيكال تستطيع أن تحقق جماهيرية كبيرة في مصر، في الفترة الاخيرة هناك عروض موسيقية متميزة، وهذه النوعية من العروض تحتاج إلى إبهار، الإبهار في هذه العروض هو عنصر اساسي، سواء على مستوى الاستعراض أو الصورة والموسيقى، وهذا يحقق جماهيرية كبيرة جدًا.
التحدي البشري والمادي
وقال المخرج هاني عفيفي: هناك تحديات في المسرح الغنائي أولها التحدي البشري، نحتاج كُتّاب على دراية بالدراما وفي نفس ذات الوقت على دراية بالشعر، هناك كُتّاب وشعراء ولكن من يستطيع أن يصنع الاثنين معًا قلة قليلة، وهناك التحدي المادي، لان المسرح الغنائي اللايف مكلف جدًا، يحتاج إلى مؤديين قادرين على التمثيل والغناء والاستعراض بكفاءة جيدة، وهم ايضًا ليسوا كثيرين، واللايف يحتاج غلى عدد عازفين كبير، وهذا مُكلّف جدًا، إلى جانب إمكانيات الصوت، إلى جانب الإبهار البصري، إلى جانب أن يجب أن يتم تقديم هذه النوعية من العروض على مسارح خاصة مُجهزة لاستقبال هذه النوعية من العروض، وعلى الرغم أن مصر بلد مشهورة بالفن ومتميزة فيه، ولكن المسارح التي بها مكان للعازفين قليلة جدًا، وبعد المسارح تُغطي مكان الموسيقيين، حتى تستغل المسرح بشكل عام، بسبب ندرة أن يكون هناك مسرح غنائي لايف.
وتابع عفيفي: هناك ايضًا تحدي الوقت لأننا نقوم بمجهود مضاعف وبروفات طوال الوقت، وكل ذلك يحتاج وقت طويل في التجهيز، في الكتابة والتلحين، المسرحية كلها تكون موسقيقية، فتحتاج وقت كبير من المؤلف الموسيقي والموزع، إلى جانب حفظ العازفين والممثلين، وكل هذا مكلف جدًا إلى جانب الوقت والمجهود، من وجهة نظري أن التحديات منصرة في التحديات المادية والإمكانيات وتوفير إمكانيات تصنع مسرح غنائي لايف، وعزف حي على المسرح.
وأكد هاني عفيفي أن هناك فرق ما بين العروض المسرحية التي تحتوي على العديد من الأغاني وبين المسرح الغنائي والموسيقي، لأن المسرح الميوزيكال الدراما تكون معتمدة على الغناء والحوار معظمة بالأغاني والحركة معظمها بالموسيقى،وللأسف هذا نادر تقديمه في مصر.
وأضاف عفيفي: أهم تجربتين مسرح غنائي قدمتهم، كانوا بمبادرة من الفنان إبراهيم موريس، والذي تصدى لانتاج مسرحيتين كبار، وهما مسرحية «ليلة» والتي تم تقديمها على مسرح الماركيه في إحدى المولات منطقة التجمع الخامس عام 2017، ومسرحية «ولا في الأحلام» عام 2023، وتم تقديمها على مسرح قصر النيل، والفرق بين المسرحيتين ست سنوات، عندما يكون نفس المؤلف والملحن والمخرج والمنتج يقدموا عمل كل ست سنوات، هذا يوضح مدى صعوبة صناعة المسرح الميوزيكال، ومدى إرهاقه فنيًّا وماديًّا.
خشبات المسرح القديمة لا تتناسب مع العروض الموسيقية المعاصرة
مخرج العرض الميوزيكال يجب أن يدرك تقنيات وعناصر المسرح الموسيقي
كذلك قالت الدكتورة ياسمين فراج أستاذ النقد الموسيقي ورئيس قسم الإنتاج الإبداعي بأكاديمية الفنون: هذه العروض تحتاج طبيعة خاصة على مستوى المؤدي، نحتاج مؤدي يجيد الغناء والرقص والتمثيل، بأهمية هذا الترتيب، فيجب أن يكون صوته جيد ذو أذن موسيقية جيدة ليستطيع أن يرقص على الموسيقى ثم يأتي التمثيل، ومن المفترض أن يكون الثلاثة عناصر على نفس الدرجة من الكفاءة على مستوى المؤدي، وعلى مستوى المسرح وطبيعته، يجب أن يكون مسرح حديث، خشبات المسرح القديمة لا تتناسب مع العروض الموسيقية المعاصرة، مثل هرس إضاءة مختلفة ومسارح بها «حفر» لأماكن الموسيقيين، وبما أننا نتحدث عن العروض الموسيقية فنحن في القرن الـ21، ويجب أن يكون لدينا التقنيات المعاصرة جدًا مثل الهولوجرام، يجب أن يتواجد في أي مسرح يعمل بالمعايير المعاصرة، هذا على مستويات خشبات المسرح، إلى جانب أننا نحتاج إلى مخرج واعي مدرك معنى المسرح الموسيقي، بمعنى أن لا يمكن أن يكون تركيزنا على التمثيل والأغنية والحركة «سنيدة» بمعنى عنصر مساعد للتمثيل، بالعكس، عندما يكون العرض ميوزيكال، فالموسيقى هي الأساس في العرض سواء الموسيقى مصاحبة للحركة أو موسيقى مصاحبة للغناء، ولكن لا يكون العرض قائم على التمثيل ويتخلله بعض الأغنيات والاستعراضات، هناك بعض صناع المسرح الميوزيكال، يُلحنون النص النثري، او النص يُكتب شعرًا، فيجب أن يكون مخرج العمل الميوزيكال، مدرك لمعنى تقنيات وعناصر المسرح الموسيقي، وهناك نقطة هامة في عناصر المسرح الموسيقي، فكرة اختيار وتواجد موسيقي يفهم مفردات المسرح، بمعنى أن ليس أي عازف قادر على العمل في المسرح الموسيقي اللايف، إلى جانب أن أيضًا المُلحن الذي يُلحن الأغنية الدرامية يجب أن يكون واعي بطبيعة المسرح، لأن ليس أي ملحن تقليدي يستطيع أن يتعامل مع تلحين الأغاني الدرامية، والتي لها معايير على مستوى اختيار المقامات والإيقاعات، وفكرة هل المغني سيغني أم سيؤدي، أم سيقول إلقاء مُنغّم أم أغنية طربية، هذا يحتاج إلى مُلحن يفهم ما معنى كلمة دراما.
وأضافت دكتورة ياسمين: قبل أن نبحث هل نقدم مسرح موسيقي يجذب الجمهور، يجب أن نسأل انفسنا، هل لدينا في مصر مسرح ميوزيكال؟ من وجهة نظري لا أرى أن لدينا هذا النوع من المسرح، شاهدت عروضصا كثيرة يأتون بمطربة أو مطرب يغنون، أو ممثلة ترقص وتغني «بلاي باك»، ما يطلقوا عليه مسرح غنائي في مصر دون ذكر أسماء عروض، فقيرة جدًا، للأسف ما يقدم هو قائم على التمثيل والأغنيات المقحمة على النص الدرامي وليست في نسيج العمل الدرامي، فنحن تقريبًا ليس لدينا ما يعرف بالمسرح الميوزيكال بالمعايير العالمية.
وتابعت: مما لا شك فيه أن المسرح الموسيقي في مصر جماهيري، لأن مصر في العشرينات وحتى الخمسينات ومسرح ملك وفرقة نجيب الريحاني وعلي الكسار وفرقة منيرة المهدية وفرقة ملك، التي ظهرت في أوائل الاربعينات واستمرت حتى الخمسينات، كل هذه الفرق كانت تقدم مسرح غنائي، كانت تعتمد على النص الدرامي والاغنية الدرامية التي تخدم الدراما، ولكن هذا اللون من المسرح ناجح جدًا، وبعد 1952، ظهر لدينا مسرحيات غنائية نالت نجاح كبير مثل «ياليل يا عين» وفي الستينيات «وداد الغازية»، وعدد كبير من المسرحيات الأخرى، وكان الجمهور عليها كثيف جدًا، ولم يكن التليفزيون متواجد بعد، فكان المسرح هو وسيلة الترفيه والمتعة للجمهور.
تقديم عمل مسرحي موسيقي هو نوع معالجة مسرحية ليس له علاقة بالنص
فيما قال المؤلف الموسيقي المسرحي الدكتور هاني عبد الناصر الاستاذ المساعد بكلية التربية الموسيقية بجامعة حلوان: التجربة اثبتت أن العرض الموسيقي هو نوع معالجة مسرحية ومعالجة فنية، كيف يقدم العمل مسرحيًّا في اختيار انه يقدم بشكل موسيقي، هذا اختيار مبدعي العمل، ليس له علاقة بالنص، والدليل أن رواية «البؤساء» تم تقديمها ميوزيكال، وغيرها من الروايات الأدبية، فكرة تقديم عمل مسرحي بشكل موسيقي هو نوع معالجة مسرحية ليس له علاقة بالنص، والعمل المسرحي الموسيقي يتطلب عناصر خاصة جدًا، بتطلب ملحن مدرك الفرق بين تلحين كلمات الاغاني في المطلق وبين التلحين للمسرح، والتلحين الدرامي له متطلبات خاصة، تعامل مختلف مع الكلمات والعصر المقدم فيه العرض المسرحي، قصة العرض تدور في أي عصر، وطبيعة صوت المغنيين الذين سيمثلوا، وطبيعة الشخصية التي يلحن لها الكلمات الخاصة بها، ليصنع لها ألحان تبرز معالم وملامح الشخصية، فعلى سبيل المثال، لا يمكن أن نقدم الحان تتسم بالرقة مع شخصية شريرة أو قاسية، وكذلك باقي العناصر للعرض الميوزيكال، فتصميم الرقصات للعروض في المطلق غير تصميم الرقصات في عمل موسيقي غنائي، وكيفية أن يجمع الممثل بين الحركة والغناء والأداء معًا ومصمم الاستعراضات يستطيع أن يراعي ذلك، إلى جانب أن يجب في هذه النوعية من العروض يجب أن يكون هناك إبهار بصري، على مستوى الإضاءة والديكور والملابس، المسرح الموسيقي قائم على الابهار، وإخراج الأعمال الموسيقية يحتاج إلى مخرج خاص قادر على المحافظة على إيقاع العمل وقادر على جذب انتباه الجمهور طوال الوقت، ويكون له تصور مسبق للعمل قبل بدايته، ومع بدأ العمل في هذا المشروع الفني يبدأ تنفيذ تصوره المبني على تكامل كل العناصر مع بعضها البعض.
وأضاف دكتور هاني: التجربة اثبتت اننا قادرين على تقديم هذه النوعية من العروض بشكل ناجح، هناك تجارب كثيرة مسرحية ميوزيكال لاقت نجاح، وكان آخرها التجربة التي شاركت فيها وهي «ولا في الأحلام» للمؤلف المسرحي والموسيقي إبراهيم موريس ومن إخراج هاني عفيفي، وقبلها قدم مخرج ومؤلف العمل تجربة «ليلة» والتجربتين لاقوا نجاح كبير، وهناك عددصا من النجوم الكبار حرصوا على حضور العمل أكثر من مرة، والجمهور يتأثر بالتعود، للأسف نحن في مصر مقلين في تقديم هذا النوع من المسرح، نظرًا لقلة الإمكانيات الإنتاجية وهذه العروض تتكلف مبالغ طائلة، أو هناك سبب آخر ندرة العناصر الفنية التي تستطيع أن تقدم هذا اللون، فالجمهور المصري غير معتاد على مشاهدة العروض الميوزيكال بشكل كبير، فهذا اللون هو غير مألوف لديه، ولكن التعود هو الذي يبني القاعدة الجماهيرية، الجمهور إذا رأى عمل جيد في كل عناصره ويحترم عقليته ويحقق له الإمتاع، بالتأكيد سيقبل عليه، ومع تكرار هذه التجارب، الجمهور سيعتاد على هذا اللون من المسرح.
العروض الموسيقية تمتاز باحتضانها للموسيقى الحية
ويرى الناقد أحمد خميس أن العروض الموسيقية تمتاز باحتضانها للموسيقى الحية المصاحبة للعرض المسرحى المزمع تقديمه وهو آمر يتطلب كثير من الجهد الابداعى والتقنى ويحتاج لكثير من الوقت اثناء البروفات، حتى تتناغم العناصر مع بعضها البعض بالقدر الذى يخدم العرض المسرحى ويعطيه حيوية ومرونة وقدرة فائقة على التأثير، والمشكلة الاساسية التى تواجه تلك العروض هو كفاءة تلك الموسيقى ومرونتها بالقدر الذى يخدم تيمات النص المعد خصيصا لهذا النوع ومدى توافق بقية العناصر بطبيعة الحال وأيضا المسرح الذى يستوعب وجود موسيقيين وممثلين واستعراضات وديكورات وإكسسوارات دون ان يكون هناك خلل يعطل الافعال والاحداث، ومهم جدا مرونة المنتج ووعيه بالنوع الدرامى وما يتطلبه من استعداد حسب العناصر وموضوع النص والممثلين القادرين على التناغم والتوافق مع تلك التركيبة المعقدة.
وأضاف خميس: نستطيع تقديم ذلك النوع فى عروضنا بطريقة تسعد الجمهور بالطبع وسواء كانت العروض قليلة التكلفة او باهظة التكاليف فأن المتلقى يلتف حولها ويشجعها والنماذج التى قدمت مؤخرا مبشرة للغاية منها ما قدم فى القطاع الخاص مثل (تشارلى) وعرض اخر للمخرج هانى عفيفى وهو (ولا فى الاحلام) ومؤخرا عرض (الطاحونة الحمراء) بالثقافة الجماهيرية من إخراج حسام التونى وكتابة احمد البنا عن الفيلم الشهير Moulin Rouge، وبالتأكيد العروض الموسيقية مهتمة جدا بالجمهور والكل ينتظرها سواء الجمهور العادى او المتخصص ويكفى ان نراجع ما حدث مؤخرا مع الاقبال الجماهيرى على عرض الطاحونة الحمراء بوجود زخام شديد ادى لمعارك بالايدى حرصًا من المتلقى على متابعة العرض فى عدد لياليه المحدودة.
وتابع الناقد أحمد خميس: اهم عناصر نجاح تلك العروض هو توفير المناخ الملائم لها من استعداد الانتاج لوجود مسرح واجهزة تقنية تحتمل وجوده، وممثلين على قدر عالي من التدريب والتوافق وقدرة على تحقيق مسألة الممثل الشامل، وأيضا نصوص معدة بشكل يدمج الغناء الحى داخل نسيج الاحداث.
الميوزيكال تحتاج متطلبات خاصة على مستوى النص
قال الفنان محمود متولي: طبيعة العروض الموسيقية تحتاج إلى تحضيرات وعمل مكثف عليها عكس العروض الموسيقية العادية، لأن دائمًا الدراما المُغناه نخلط بينها وما بين النصوص العامة، المضاف إليها أغنية مثلا في العرض، والعروض الميوزيكال، التي تحتاج متطلبات خاصة على مستوى النص، الورق يجب أن يُكتب بشكل يُلحن ويكون دراما مُغناه، والمؤلف داخل التجربة عليه أن يكون مرن مع المخرج في تغيير النص لما يتطلبه، وأرى أن أي دراما أو حبكة من الممكن أن يتم تحويلها لمسرح ميوزيكال، من بداية الورق من المفترض أن يكون 80% من النص غناء درامي و20% حوار عادي، ولكن هذا لا يحدث في مصر بهذا الشكل تخوفًا من أن يمل الجمهور من ذلك لأنهم غير معتادين على هذا الشكل من المسرح، ولدينا تجارب غنائية أو ميوزيكال بالكامل استطاعت أن تجذب الجمهور وتنجح جماهيريًّا ونقديًّا، ومن العروض الغنائية «يوم ان قتلوا الغناء» و»تشارلي»، والعروض الميوزيكال «ولا في الأحلام» و»كتيبة نغم» و»أوليفر» و»الطاحونة الحمراء».
وأضاف متولي: حالة الغناء والموسيقى الحية والتمثيل والاستعراض والبناء الدرامي للحدوتة نفسها، عوامل جذب للجمهور، والمخرج في العروض الميوزيكال يكون هناك مخرجين، مخرج موسيقي ومخرج درامي، مهمتهما اختيار اصوات مناسبة للأدوار، وليس المقياس حلاوة الصوت فقط، وإنما الصوت «لايق» على الشخصية الدرامية التي سيقدمها الممثل، للأسف في مصر نبحث عن الأصوات الجيدة فقط، لان نادرًا ما نجد صوت جيد يمثل، والمخرجان عليهم عاتق ان يختاروا ما يليق ان يقدم الدور صوتًا وأداءً تمثيليًّا، التسكين مهم جدًا من البداية، الهندسة الصوتية هامة جدًا في العروض الموسيقية اللايف، وللأسف تكلفتها باهظة جدًا على الجهة الإنتاجية، والعروض الموسيقية تكون مبنية على الإبهار البصري، ديكور وملابس وإضاءة وسينوغرافيا مبهرة، والاستعراضات مبهرة وكذلك الآداء يجب أن يكون فيه إبهار للمتلقي، وأرى أن العروض الميوزيكال قادمة بقوة، وكنت احلم بأن اقدم عرض ميوزيكال، والحمد الله حققت هذه الأمنية هذا العام مع مسرحية «الطاحونة الحمراء».
اللايف يجذب الجمهور إذا كان مصنوع بحرفية شديدة
فيما قال الملحن والمؤلف الموسيقي زياد هجرس: العروض الميوزيكال تعتمد على الموسيقى بحد أدنى 50% من العرض، ومعظم العرض يكون غناء وموسيقى، ويحتاج متطلبات خاصة على مستوى النص، الورق من البداية يجب أن يتم كتابته أو مُعد بشكل غنائي أو موسيقي، إما أن يتم كتابة أغاني كاملة داخل النص في دراما العرض، او يُكتب بشكل حوار مُغنّى، والحوار المُغنّى، يجب أن يكون هذا الحوار متجانس مع دراما العرض، ثم ياتي دور الملحن والمؤلف الموسيقي، وأهم عنصر في هذا العمل الممثل، يجب أن يكونوا قادرين على الغناء والأداء المتميز، ويكون لديهم قدرة على الغناء بأداء درامي، وفي العروض الموسيقية هناك حلين للموسيقيين، إما أن تكون الموسيقى والغناء لايف، أو ان تكون الموسيقى مسجلة والغناء هو اللايف، والنوع الأول هو الأصعب، بسبب الامكانيات المادية، وأن يتم توفير عددًا من العازفين الجيدين المدركين لطبيعة الموسيقى على خشبة العروض المسرحية، إلى جانب هندسة صوتية جيدة ومسرح جيد.
وأضاف هجرس: الجمهور يُجذَب عندما يجد أنه مُقدّر من صُنّاع العمل، واللايف بالتأكيد يجذب الجمهور أكثر إذا كان مصنوع بحرفية شديدة، وبالتأكيد العروض الميوزيكال جماهيرية، وأرى أن هذا اصبح اتجاه خلال الـ 5 سنوات الماضية، أن يتم انتاج عروض غنائية مع اختلاف مستواياتها، مازال الجمهور يحتاج مزيدًا من المعرفة والوعي بما هو العرض الميوزيكال، الجمهور عندما يعتاد على الجيد يذهب إليه، فإن قدمنا لهم عروضًا موسيقية جيدة بالتأكيد سيعتادوا على هذه النوعية من العروض.
وتابع: قدمت أكثر من تجربة مسرحية موسيقية، أولها «أوليفر» والذي حصلت من خلاله على جائزة أفضل تأليف موسيقى وألحان من المهرجان القومي للمسرح المصري العام الماضي، دورة الفنان الزعيم عادل إمام، والعرض من أشعار وإخراج حازم أحمد، أوليفر كانت تجربة صعبة جدًا لانها كانت مع فريق كلية الصيدلة جامعة المنصورة، وقبل العرض قمنا بعمل ورشة غناء لتدريب أصوات الطلبة واختيار الافضل، وقدمت أيضًا تجربة «ماتيلدا» عرض غنائي في جامعة المنصورة، والعرضين كانوا ينتمون إلى الروح الغربية، ولكن المسرح الموسيقي بروح مصرية شرقية ولايف، كان لدي تجربة مهمة مع المخرج السعيد منسي، وكانت تجربة مختلفة جدًا لأنها موسيقى شرقية صوفية، ومهم أن يكون هناك توافق فكري بين مخرج العرض والمؤلف والملحن الموسيقي، وأن يكون هناك ثقة بينهما، وهذا ما حدث في عرض «النور» مع المخرج السعيد منسي، وقدمنا في هذا العرض موسيقى حيه صوفية شرقية خارج الصندوق، خارج عن ما هو متعارف عليه، وآخر تجربة قدمتها كانت العرض المسرحي «الطاحونة الحمراء» إخراج حسام التوني، وهي تجربة مستوحاه من الفيلم الشهير Moulin Rouge، حاولنا أن نقدم شكل مسرحي مختلف عن الفيلم، وكان تحدي كبير لأن الفيلم غنائي استعراضي، ولكن كاتب العمل أحمد البنا وأشعار ودراماتورج أحمد زيدان، الاثنين صنعوا حالة درامية مكتوبة بشكل جيد، وبدأنا جميعًا على العمل على العرض حتى ظهر بما ظهر عليه، اهتميت أن ادمج العازفين الذين يقدمون موسيقى حيه مع الحكاية، لأن دراما العرض تسمح بذلك.
وختامًا قال المؤلف المسرحي أحمد حسن البنا: الموسيقى في مصر هي عنصر جاذب للشعب المصري، بداية من عازف الربابة عندما كان صوت ربابته تجعلنا نشاهده سواء في الشارع أو من المنازل من الشرفات، ونستمتع بهذه الحالة الذي سببها هذا الرجل البسيط، نحن شعب تجذبنا النغمة والغناء قبل اي شيء آخر، الجمهور جاهز أن يستقبل في أي وقت أن يشاهد مسرحية موسيقية غنائية استعراضية إذا قدمت إليه بشكل مناسب، والمسرحيات الموسيقية في مصر تواجههم مشكلتين، المشكلة الأولى الإنتاج، كم العازفين المطلوب وجودهم بداية من البروفات حتى العرض، والمايسترو للعازفين أو الملحن والمؤلف الموسيقي يجب أن يكون واعي ومدرك معنى الموسيقى في المسرح، ودوره يكون موازي لدور المخرج، ويجب أن يكون على وعي بدراما العرض، الإنتاج عائق كبير، إلى جانب عدم وجود مسارح مجهزة لاستقبال هذه العروض الموسيقية، أغلب مسارح جمهورية مصر العربية تُعاني من تقنيات الصوت والإضاءة، التقنيات الفنية بشكل عام، إلا بعض المسارح التي يتم تجديدها، أو بعض المسارح الأقليمية التي تحاول إدراتها المحافظة على ذلك، لكن الغالبية العظمى غير مجهزة.
وأضاف البنا: هناك نصوص جيدة وتصلح لان تكون مسرحية موسيقية، وهناك بند أصبح اساسي وهو «الإعداد»، وتحول من إعداد لدراماتورج، فأصبح اي قصة من الممكن أن يتم تحويلها لعمل استعراضي موسيقي، ولكن في حالة أن تكون رؤية المخرج جاهزة، وعلى العكس تمامًا بعض المخرجين يأخذون عمل استعراضي موسيقي غنائي على سبيل المثال «البؤساء» وللأسف لا يستطيع المخرج أن يقدمه بالشكل المكتوب به النص في الأساس، أن يكون الحوار كله مُغنّى، والموسيقى تنقل الحالة الدرامية، وليست مجرد موسيقى فقط.
وتابع: سعدت بتجربة «الطاحونة الحمراء» وعندما شاهدت العرض انبهرت بالنسخة التي تم تقديمها على المسرح ونسيت دوري كمؤلف والدراما التي كتبتها، واستطاع أحمد زيدان دراماتورج العمل ان ينقل العرض من الحالة الدرامية الاستعراضية الغنائية، إلى الحالة الموسيقية الاستعراضية الغنائية، في العمل المقدم على المسرح الموسيقى بطل العرض، ولكن في النص الذي كتبته كانت الدراما هي الاساس وياتي بعدها الاستعراض والغناء.