العدد 871 صدر بتاريخ 6مايو2024
في رحاب كلية دار العلوم - جامعة المنيا، تمت مناقشة رسالة الماجستير المقدمة من الباحثة دينا كمال كامل عبد الحميد بعنوان « الصراع العربي الصهيوني في المسرح المصري في الفترة 1948 - 1979، دراسة في البناء الدرامي، نماذج مختارة « وتكونت لجنة الإشراف من كل من:
الأستاذ الدكتور / محمد عبدالله حسين (أستاذ الأدب والنقد الحديث بقسم الدراسات الأدبية بكلية دار العلوم جامعة المنيا)، والأستاذ الدكتور / السيد إسماعيل السروي ( أستاذ الدراسات السامية واللغة العبرية بكلية دار العلوم - جامعة المنيا).
وتكونت لجنة المناقشة من كل من: الأستاذ الدكتور/ عصام محمود أحمد ( أستاذ النقد بكلية الآداب – جامعة حلوان)، الأستاذة الدكتورة/ سهيــر محمد حسانين ( أستاذ الأدب الحديث المساعد بقسم الدراسات الأدبية كلية دار العلوم - جامعه المنيا)
وقد حصلت الباحثة على تقدير ممتاز مع التوصية بطبع الرسالة ونشرها وتداولها بين الجامعات المصرية..
وفي بداية بحثها ألقت الباحثة الضوء على أن المسرح العربي، بوجه عام والمصري بوجه خاص، يُعدّ بمثابة مرآة تعكس مسار الأحداث السياسية، كاشفًا ومتصدّيًا لكثير من القضايا التي تؤرق المجتمع العربي، وفي مقدمة تلك القضايا، يظهر الصراع العربي الصهيوني بوصفه محركًا رئيسًا للإبداع.
موضحة أنه منذ بدايات الصراع حتى يومنا هذا، اتخذت العديد من المسرحيات هذا الموضوع محورًا لها، متتبعةً مساره معرفيًّا وثقافيًّا وشعوريًّا، وقد جسّدت هذه الرحلة عبر مسرحيات متنوعة، اتخذت من الصراع المصري الصهيوني بوابةً لفهم ملامح الانكسار والانتصار للذات في مواجهة الآخر/ الصهيوني؛ ولكن ما يميّز تلك المسرحيات هو قدرتها على تجاوز حدود التسجيل؛ لتغوص في عمق المشاعر الإنسانية، وتُعبّر عن تجارب عاشها الإنسان في ظلّ هذا الصراع.
وأشارت أن المسرحية تصبح هنا بمثابة منصة للنقاش والحوار، تُثير التساؤلات حول الهوية والانتماء، وتُعيد تعريف مفهوم العدو والصديق؛ لذلك، فإنّ المسرح لا يُقدّم فقط عرضًا للصراع المصري الصهيوني؛ بل يُشكّل رحلة عميقة في النفس العربية، باحثًا عن إجاباتٍ لأسئلةٍ لا تنتهي، وهذه الرحلة تستمرّ، حاملةً معها أملًا في غدٍ أفضل، غدٍ تُحَقّق فيه الذات انتصارها الكامل على الظلم والاحتلال، فيُصبح بذلك شاهدًا على تاريخٍ ذلك الصراع، ومرآةً تعكس الواقع العربي، وساحةً للنقاش والحوار حول مستقبلٍ يُراودُ الإنسان العربي.
وبناءً عليه قدمت الباحثة هذه الدراسة كمحاولة لمناقشة موضوع الصراع العربي الصهيوني في المسرح المصري في الفترة من (1948-1979) - دراسة في البناء الدرامي (نماذج مختارة). وأوضحت أن السبب الرئيس من اختيار هذا الموضوع على وجه التحديد هو التعرف على طبيعة الصراع المصري الصهيوني في المسرح حضاريًّا وفكريًّا، والكشف عن القدرة الفنية التي تمتع بها كاتب الدراما في تجسيد ذلك الصراع بصوره كافة على مدار الحروب الدائرة بين العرب والصهاينة.
وتتجلى أهمية الدراسة، في كونها تتبع ظاهرة تاريخية في المسرح المصري، تُجسّد معركة الهوية ضدّ الغزو الصهيوني، فمنذ نشأة هذا الصراع، سعى كتّاب المسرح إلى تجسيده، مُوظّفين إبداعهم لكشفِ ملامح وسمات الذات في مواجهةِ الآخر الغريب المحتل.
أما عن المنهج المتبع فقد فرضت طبيعة الدراسة الاستعانة بآليات المنهج الفني؛ وذلك للكشف عن طبيعة الصراع المصري الصهيوني في المسرح، من خلال العناصر الدرامية (الشخصيات/ الصراع/ اللغة/ الحوار/ ..) التي لعبت دورًا مهمًا في إبراز طبيعة ذلك الصراع.
كما قدمت الباحثة الدراسات السابقة التي تناولت طبيعة الصراع العربي الصهيوني والتي تعد نادرة في المسرح المصري المعاصر – على حد علم الباحثة- فيما أوضحت أن هناك دراسات تناولت بعض المسرحيات خارج نطاق فترة الدراسة وركزت على تعرية الشخصية اليهودية.
وجاء تصور الباحثة لدراستها في مقدمة، وتمهيد، وفصول أربعة، تتبعها خاتمة، ثم المصادر والمراجع، وملخص عربي وأجنبي للدراسة. أما المقدمة فتضم موضوع الدراسة، وأسباب اختيارها، وأهميتها، وأهدافها، والمنهج والدراسات السابقة، والخطة المتبعة.
ويضم التمهيد نظرة في المصطلح (الصراع العربي الصهيوني) والوقوف على طبيعة الصراع دينيًا وحضاريًا وعلى علاقة المسرح بالصراع العربي الصهيوني.
وجاء الفصل الأول معنونًا بـ (بداية الصراع العربي الصهيوني في المسرح المصري) وتناول الأعمال المسرحية التي كتبت قبل حرب فلسطين سنة 1948 م، منها على سبيل المثال مسرحية « الصهيوني » للفنان يوسف وهبي، ومسرحية « شيلوك الجديد » لعلي أحمد باكثير، ومسرحية « العائد من فلسطين » التي كتبها كل من نيروز عبد الملك وفتوح نشاطي، ومسرحية « لباس العفة » لباكثير ، وجاء الفصل الثاني معنونا ب: (تجليات نكسة 67 في المسرح المصري) وتناول الفصل المسرحيات التي كتبت في هذه الفترة منها على سبيل المثال: مسرحية « المسامير وسبع سوائي» لسعد الدين وهبة، ومسرحية « رجل طيب في ثلاث حكايات» لمحمود دياب. وعنون الفصل الثالث ب: (تجليات الصراع العربي الصهيوني في حرب الاستنزاف)، وتناول مسرحيات كتبت في هذه الفترة منها مسرحية « وطني عكا » لمؤلفها عبد الرحمن الشرقاوي، ومسرحية « ماذا حدث لليهودي التائه» ليسري الجندي، كما وقف هذا الفصل على المسرحيات التي عبرت عن حرب أكتوبر منها على سبيل المثال: مسرحية « رسول من قرية تمبرا » للاستفهام عن مسألة الحرب والسلام لمحمود دياب. والفصل الرابع جاء بعنوان ( تجليات الصراع بعد معاهده السلام واتفاقيه كامب ديفيد) وقد وقف هذا الفصل على مسرحيتي أرض لا تنبت الزهور لمحمود دياب و...
وجاء الفصل الخامس والأخير بعنوان: (البناء الفني في المسرحية «الصراع/ الحوار/ الفضاء»).
ثم أردفت فصول الدراسة بخاتمــة بينت فيها أهم النتائج التي توصلت إليها وثَبْت بالمصادر والمراجع وملخص للرسالة باللغة العربية والأجنبية وفهرس خاص بالموضوعات.
ومن أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة ما يلي: أن تسمية الصراع بالصراع العربي الصهيوني هي الأدق تعبيرا من بين المصطلحات التي تداولت حول هذا الصراع، أن الصراع العربي الصهيوني كان محور الحياة السياسية العربية منذ صدور وعد بلفور 1917 م، إلا أن من اللافت للنظر تأخر الكتاب والمؤلفين تتبعه ومحاولة طرحه وتقديمه في الأعمال المسرحية ، وأنه لم يستحوذ على الاهتمام المستوجب إلا بعد حرب فلسطين 1948 م، باستثناء قلة قليلة كتبت قبل ذلك، وأيضا وقف باكثير على طبيعة الصراع العربي الصهيوني في مسرحية (شيلوك الجديد) وتنبأ فيها بنكبة فلسطين، وقيام الدولة اليهودية فيها، وخروج أهلها العرب منها قبل إعلان تأسيسها بثلاثة أعوام ، كما تنبأ أن الحل الوحيد أمام العرب هو فرض الحصار الاقتصادي على هذه الدولة الداخلية حتى تختنق وتموت. ووقف عبد الرحمن الشرقاوي في مسرحية (وطني عكا ) على نكسة 1967، وتناول فيها حق الشعب الفلسطيني في أرضه التي سلبها منه الاحتلال، وطرح من خلال رؤيته تفسيرا للنكسة وكيفية تخطيها. تناول العديد من قدام المسرح طبيعة الصراع العربي الصهيوني وعبروا عن طبيعة هذا الصراع وأثبتوا أن الصراع العربي الصهيوني صراع أزلي ومستمر.