تأثير العبث على مسرح سعد الله ونوس.. رسالة دكتوراه للباحثة أماني الدهشان

تأثير العبث على مسرح سعد الله ونوس.. رسالة دكتوراه للباحثة أماني الدهشان

العدد 868 صدر بتاريخ 15أبريل2024

في رحاب كلية التربية النوعية جامعة المنوفية تمت مناقشة رسالة دكتوراه للباحثة الدكتورة أماني الدهشان (المدرس المساعد بقسم الإعلام بكلية التربية النوعية جامعة المنوفية) ، وقد أشرف على الرسالة ا.م.د. فرج عمر فرج (  أستاذ النقد والدراما المساعد ورئيس قسم المسرح والدراما كلية الآداب جامعة بني سويف) ، و الأستاذة الدكتورة مروة عبد العليم (الأستاذ المساعد بقسم الإعلام بكلية التربية النوعية جامعة المنوفية) ، وناقش الرسالة كل من الأستاذ الدكتور سيد علي إسماعيل (أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب جامعة حلوان) ، والأستاذة الدكتورة منى عبد المقصود (أستاذ الفنون المسرحية بكلية التربية النوعية جامعة المنوفية) ، وقد حصلت الباحثة على درجة الدكتوراه بتقدير ممتاز مع التوصية بتداول الرسالة ببن الجامعات.
وترجع أهمية الدراسة إلى التعرف على المرحلة الأولى من أعمال سعد الله ونوس؛ فهي مسرحيات عبثية، وإلقاء الضوء على تأثر ونوس بالمذهب العبثي في أعماله عينة الدراسة، والتعرف على السمات العبثية التي توفرت في أعمال الكاتب عينة الدراسة.
وتهدف الدراسة إلى معرفة تأثير العبث على مسرح سعد الله ونوس، والتعرف على الأسباب التي جعلت (ونوس) يلجأ لاستخدام العبث في بعض من أعماله، والكشف عن البناء الدرامي العبثي في النصوص عينة الدراسة، بجانب التعرف على القضايا التي تناولها الكاتب في النصوص المسرحية عينة الدراسة، والتعرف إلى أي مدى استطاع ونوس التعبير عن الواقع الاجتماعي في النصوص عينة الدراسة، والتعرف على تجسيد ونوس للوضع السياسي/الاجتماعي معا في بعض من نصوصه عينة الدراسة، بالإضافة إلى الكشف عن التقنيات التي استخدمها ونوس؛  للتعبير عن تأثره بالعبث في نصوصه عينة الدراسة.
واستخدمت الباحثة المنهج الوصفي؛ لمعرفة تأثير العبث على مسرح سعد  الله ونوس، وذلك من خلل تحليل  مضمون  أعمال الكاتب الخاصة  بالمرحلة الأولى  من مؤلفاته المسرحية، حيث تُعَدُّ من الدراسات التحليلية، ذات الطابع الوصفي التحليلي، وتحددت العينة في تسعة نصوص مسرحية تناولت تأثير العبث على مسرح ونوس، في المرحلة الأولى من حياته الأدبية، والتي قسمتها الباحثة إلى نصوص ذات طابع اجتماعي تمثلت في: (لعبة الدبابيس، المقهى الزجاجي، عندما يلعب الرجال، الجراد/حلم)، ونصوص ذات طابع سياسي/اجتماعي، تمثلت في: (ميدوزا تحدق في الحياة، مأساة بائع الدبس الفقير، الرسول المجهول في مأتم أنتيجونا، جثة على الرصيف، فصد الدم).
وفي مقدمة البحث قدمت الباحثة تعريفا للعبث على أنه النشاز،  وانعدام التناسق،  والخلو من المعنى والهدف،  بل  الانفصال الذي  يجعل التصرف غير مبرر، إنه عالم اختفت فيه كل المعايير، وانعكس تيار العبث على المسرح بعد أن أدرك الكثير من الكتاب أن هذا التيار هو خير ما يمثلهم، ويعبر عن نظرتهم تجاه المجتمع بعد أن أدركوا عبثية الحياة،  وغياب المنطق، وكذلك شعور الإنسان بالعزلة،  والاغتراب، ونوهت إلى أن الكاتب سعد الله ونوس يعد من الكتاب الذين تناولوا تأثير تيار العبث على المسرح، وبدا ذلك في كتاباته المسرحية الأولى، بل اكتفوا بالتلميح لها، كما لم ينظر أحد من الدارسين -على حد علم الباحثة - بالنقد والبحث للكاتب سعد الله ونوس من تلك النظرة العبثية لبعض من مؤلفاته المسرحية، وهذا ما ركزت الباحثة دراستها عليه.
وحددت الباحثة مشكلة الدراسة وتساؤلاتها:
حيث وجدت أن معظم الدارسات تناولت المرحلة الأولى للكاتب سعد الله ونوس بشكل عابر -على حد علم الباحثة - كما وجدت دراسة واحدة بعنوان “ أثر مسرح العبث في الأعمال المسرحية الأولى للكاتب المسرحي السوري سعد الله ونوس) ، وقد تناولت الدراسة تحليل نصي ( مأساة بائع الدبس الفقير، جثة على الرصيف) فقط من تلك المرحلة التي كتب فيها ونوس تسع مسرحيات عبثية.
وحاولت الباحثة في دراستها “تأثير العبث على مسرح سعد  الله ونوس” أن تقدم تحليلا  لمضمون جميع نصوص المرحلة الأولى،  وقامت بتقسيم نصوص تلك المرحلة إلى نصوص ذات طابع اجتماعي، ونصوص ذات طابع  سياسي/اجتماعي،  من خلال ذلك  ارتأت الباحثة ضرورة دراسة تأثير العبث على مسرح سعد الله ونوس، خاصة في المرحلة الأولى من كتاباته المسرحية، ومن خلال ذلك التساؤل الرئيس، وهو:

ما تأثير العبث على مسرح سعد الله ونوس؟
ومنه تساءلت:  ما الأسباب التي أدت إلى استلهام الكاتب سعد الله ونوس العبث في المرحلة الأولى من أعماله المسرحية ؟، وهل التزم الكاتب بعناصر البناء الدرامي العبثي في النصوص المختارة ؟، وهل كان حجم النصوص عينة الدراسة متوافقا مع حجم النصوص العبثية ؟ ، وكيف وظف الكاتب العبث في نصوصه؟، وما السمات العبثية المتوفرة في النصوص؟ ، وما القضايا التي ناقشها ونوس في النصوص عينة الدراسة؟، وهل استطاع ونوس التعبير عن الوضع السياسي/الاجتماعي في نصوصه؟ ،  وما التقنيات التي استخدمها ونوس لخلق العبث في النصوص عينة الدراسة ؟،  و كيف و ظف الكاتب التقنيات السائدة/المشتركة والمتفردة/المختلفة في النصوص عينة الدراسة؟.

وفي نهاية بحثها توصلت الباحثة إلى النتائج التالية:
- قدم ونوس بناءً دراميًّا عبثيًّا خالصًا، فلم يلتزم بالبناء الدرامي التقليدي؛ فالنصوص التي قدمها تختلف في طريقة بنائها بداية من (الفكرة، الشخصيات، الصراع، الحوار، الحل/النهاية)، ملتزمًا بقواعد العبثيِّين من خلال حجم النصوص عينة الدراسة؛ فجميعها عبارة عن فصل واحد فقط، مما ساعد على تكثيف الفكرة، بالإضافة إلى أن عدد الشخصيات في النصوص الونوسية العبثية تتراوح ما بين اثنين لأربع شخصيات.
- دمج الكاتب في النصوص ذات الطابع الاجتماعي بين قضيتين شائكتين في نصي (عندما يلعب الرجال، والمقهى الزجاجي) في عصرنا هذا، وهما (العزلة الاجتماعية، وتربية الأبناء)، ولمح بهما في نص (لعبة الدبابيس)، وعبر عنهما بطريقة غير مباشرة في نص (الجراد/حلم)؛ فالحلم الذي عاشه بطل النص كان نوعًا من العزلة عن واقعه، ورفضًا لعالمه.
- جاء نص الجراد/حلم بالنصيب الأكبر من الاختلاف والتفرد؛ فقد حمل اسمين دون غيره من النصوص، وجاء التفرد أيضا من خلال التوظيف الدلالي التقني للنهاية المغلقة للنص نفسه.
- وُفِّق ونوس في اختياره المنظر/الديكور للنصوص التسع عينة الدراسة؛ لكَوْن أحداثها في أماكن عامة، تمثلت في المقهى في نصوص (المقهى الزجاجي، لعبة الدبابيس) حديقة عامة في (عندما يلعب الرجال)، الصحراء والمقابر (الجراد/حلم)، والميدان/الشارع في نصوص (مأساة بائع الدبس الفقير، الرسول المجهول في مأتم أنتيجونا، فصد الدم، جثة على الرصيف).
أعاد ونوس للغة العربية قيمتها بتقديمه لثمانية من نصوصه باللغة العربية الفصحى، فكأنه يمجِّدها، ويُعلِي من شأنها؛ خوفًا من أن يصيبها من عبثية الواقع.
 


سامية سيد