العدد 709 صدر بتاريخ 29مارس2021
تم مناقشة رسالة الماجستير بعنوان «القهر الاجتماعي ودلالاته في نصوص المونودراما العراقية» مقدمة من الباحث مصطفى سعدون خميس العبودي، وتضم لجنة المناقشة الدكتور جبار خماط، أستاذ مساعد بكلية الفنون الجاميلة جامعة بغداد (رئيسًا)، والدكتور محمد مهدى حسون، أستاذ مساعد بكلية الفنون الجاميلة جامعة بغداد (عضوًا)، والدكتور عامر صباح مرزوك، أستاذ مساعد بكلية الفنون الجاميلة جامعة بغداد (عضوًا)، والدكتور ثائر بهاء، أستاذ مساعد بكلية الفنون الجاميلة جامعة بغداد (مشرفًا). والتي منحت الباحث من بعد حوارات نقاشية انتظمت وفق شروط ومعايير أكاديمية درجة الماجستير.
وجاءت رسالة الماجستير الخاصة بالباحث كالتالي:
إنّ الشعور الذي اصاب إرادة الانسان بمظاهر القهر الاجتماعي جاء نتيجة الضغوط التي تولدها تركيبة الانظمة الاجتماعية داخل المجتمع وقوانينه الوضعية التي تخل بالتوازن الاجتماعي ؛وهذا الخلل يهيأ المجال أمّام الفوضى والاضطرابات التي تفكك التركيبة الاجتماعية السليمة للفرد, لكن التطور الصناعي الذي احدثته بلدان الراسمالية كان له دور في تفشي ظاهرة القهر الاجتماعي والذي ادى الى فقدان القيم الاجتماعية نتيجة استغلال امكانياتها وقدراتها المادية ضد الفرد مما عرض الفرد للاستغلال والتهميش والقهر وتقليص التفاعل الاقتصادي الاجتماعي للفرد المقهور وحرمانه من الموارد البشرية والطبيعية ذلك لان انسان هذه المجتمعات لم ينظر اليه باعتباره عنصرا اساسيا ومحوريا في أي مجال تنموي يدعم حصانته الاجتماعية اتجاه واقعه.
ان حالة القهر الاجتماعي تصيب الهوية الفردية وتكون غير قادرة على مواجهة الانظمة التسلطية بكافة ألوانها وتشكلاتها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية وهذه الحالة تفرض خصائص تدخل ضمن أطار الاجتماع الاقتصادي مشيرة الى وجود عجز الانظمة المجتمعية في سد واشباع حاجات ورغبات الفرد مما يتناسب مع مكانته وكرامته الانسانية؛ وبالتالي تصبح عملية خلق توازن وتكافؤ في الفرص داخل المجتمع غير متوفرة نتيجة حرمان الفرد واستبعاده وتهميشه اضافة الى طبيعة النظام السياسي الذي يسود المجتمعات.
أنّ الانسان المقهور يتعرض إلى حالة هدر واستباحة لذاته نتيجة تعرضه لهجمات الانظمة الاجتماعية التي تربعت على وعيه وجعلته عاجزاً عن مواجهتها التي سلطت قواها القهرية على الفرد وقمقمة طاقاتة ؛ فتجعل الفرد يشعر بالاستسلام والتداخل مع القاهر والاخضاع له من الداخل بسب الإذلال والعبودية التي تكتسح شخصيته.
حدد الانسان المقهور لنفسه سلوك خاص لكي يحتمي به من واقعه الذي افقد قيمته وهدر حيزه الاجتماعي الذي فرض عليه ؛ تبعا لشدة القهر الاجتماعي الذي يعيشه الانسان المقهور :
1 - الانكفاء على الذات :- وهي ردة فعل يقوم بها الانسان المقهور اتجاه حلات القهر التي تواجهه ويعتبر هذا النوع حركة معقدة التي عن طريقها يحاول الانسان المقهور الهروب من حالته الماساوية من قمع وقهر باتجاه الانكفاء على الذاته وهذه الحالة اول حالات الدفاع.
2 - الحنين الى الماضي والرجوع اليه او (النستولوجيا) : يضع الانسان المقهور نفسه تحت ظل هذه الحالة بعد حنينه إلى الماضي ومواقف اسلافه وبطولاتهم فهو لا يلجأ اليها لكونها عبرا وعظات وانما يستخدمها كوظيفة دفاعية تستر عليه فشله وتمسكه بالتقاليد التي ورثها عنهم التي يراها امنه , وإن علم أنّه لا أصل لها .
3 - الدمج مع الجمعات والذوبان فيها : يستعيد الانسان المقهور احيانا قيمته وشعوره باثبات ذاته من وعيه بما يحيط به من عجز في مواجهة واقعه المقهور,وبالنتيجة يصهر الفرد هويته الذائبة على حساب الاندماج داخل الجماعة .
4 - التماهي بالمتسلط :يتشكل هذا السلوك عند الانسان المقهور عندما تشتد عليه قوة القهر الاجتماعي وما يعانيه من قمع .
5 - الخرافات والاساطير الموروثة :تعطي هذه الحالة نوعا من الدعم الايجابي والثقة في مواجهة مصيره المشيء والمقهور بعد ان شعر بوجود خلل يهدد ذاته.
تميز القهر الاجتماعي بعدة صفات:
1 -الموضوعية : اعتقد (دور كايم) أن القهر الاجتماعي له وجود خاص يتمتع به , أي أنه موجود خارج ادراك الفرد أي ليست من صنع الفرد ذاته بل اخذها من المجتمع الذي نشأ فيه.
2 -الالزام : بما أن القهر الاجتماعي يتلقاه الفرد من المجتمع فانه يفرض نفسه على وعي الفرد وسلوكياته وتشتد قوة هذه صفة كلما حاول الفرد خرقها او تغيرها.
3 -التلقائية : يمتاز القهر الاجتماعي بالتلقائية لان الفرد نشأ في المجتمع وتحت قوانينه فبوب سلوكه وافكاره طبقا لما تلقنه من تربية وتوجيه داخل بيئته الاجتماعية التي يعيش فيها.
4 -العمومية : بمعنى ان القهر الاجتماعي يستمد قوته من جميع القطاعات في المجتمع داعما هيمنته من خلال قوانينه الوضعية التي انشأتها الاعراف والتقاليد والعصبيات القبلية.
إن القهر الاجتماعي سلوك قاهر حيوي يتلاعب بقيمة الإنسان الاجتماعية , الذي لا يعترف بوجوده أي عندما يصبح كائنا مشيئا وهذا السلوك يعرض الفرد لآشكال متعددة من القهر كالقهر عبر الاقصاء والتهميش والحرمان والجهل.. إلخ.
انعكست مفاهيم القهر الاجتماعي وبمسميات عدة كالتسلط والاستلاب والقمع مما يؤدي الى شعور الفرد بالخوف والعبودية والرضوخ والانقياد.
أن استحواذ القهر الاجتماعي على الوجود الانساني وتحويله الى شيءٍ , ولد حالة من الانكفاء على الذات عند الشخص المقهور كردة فعل على الحالة الماساوية التي يعيشها.
فقدان الشخصية المونودرامية توازنها الاجتماعي نتيجة ذاتها المنعزلة والمغتربة وبالتالي انقيادها تحت سلطة القهر الاجتماعي , تلجأ الشخصية المونودرامية المقهورة الى مونولوجات وهذيانات من اجل التخفيف من وطأة القهر الاجتماعي.