أحمد فؤاد: من أحلامي أن تكون لدينا فرقة ميوزيكال مثل برودواي

أحمد فؤاد: من أحلامي أن تكون لدينا فرقة ميوزيكال مثل برودواي

العدد 855 صدر بتاريخ 15يناير2024

النقطة العميا، لكل منا نقطته العمياء داخل رأسه، يحيل إليها الناس أخطاءهم وجرائمهم وكل ما يريدون التنصل منه، وأحيانا يبررون لأنفسهم جميع الجرائم والأخطاء، حاول المخرج أحمد فؤاد وضعنا أمام مرآة أنفسنا لمواجهتنا بحقيقتنا ومشاعرنا وانفعالاتنا من خلال عرضه المسرحي النقطة العميا، فحاورناه للتعرف أكثر على تفاصيل العرض المسرحي. 

- حدثنا عن العرض، وما الذي جذبك للرواية وتحويلها لنص مسرحي؟
هي رواية لفريدريتش دورينمات، وهي رواية قصيرة في الأساس، وقدمت بأكثر من شكل، ولكنني أرى أنها رواية مسرحية تماما، فهي تركيبة مسرحية بامتياز لأنها لوكيشن واحد، والأحداث مليئة بالساسبنس والتشويق، وفي نفس الوقت بها فكرة فلسفية عميقة، فدائما النصوص الفلسفية تكون جافة جدا، وأنا من خلال دراستي الأساسية للفلسفة، حاولت الوصول لتقديم فكرة فلسفية عميقة وبشكل يستسيغه الجمهور العادي، فوضعناها في إطار له علاقة بالساسبنس والتشويق فهو عرض يناسب شكل الجمهور الحالي، ففي عرض كيوبيد، قابلنا جمهورا لأول مرة يعتاد على المسارح، وهذا هو الجمهور المستهدف بالنسبة لي، لأنه لا بد أن يتم كسر دائرة أن المسرحيين فقط هم من يشاهدون العروض المسرحية، فنحن نحتاج إلى الوصول للجمهور بأفكار مختلفة.

- ما الرسالة التي تريد تقديمها من خلال العرض؟
نعمل على أكثر من مستوى للعرض، فمستويات العرض مختلفة ما بين أن المشاهد يدخل للعرض ويستمتع فقط، فهذه رسالة، وبين أن يشاهد ويستمتع ويأخذ فكرة جديدة فهذه رسالة أيضا، أو أن تدخل المسرح وتستمتع وتأخذ فكرة وتغير ما بداخلك للأفضل، فهذا هو هدفي، إن الشخص الذي دخل العرض يخرج شخصا مختلفا، فعرض ديجافو، وعرض كيوبيد أولى التجارب التي اعتمدت فيها على هذه الفكرة، فنحن في هذا العرض نعمل على فكرة الضمير، فأنا أرى أن عقل الإنسان أذكى من جسمه وباقي أعضائه، فالعقل آلة عملية جدا والضمير هو الذي يوجهها، ولكننا دائما نترك الكنترول للعقل، ولا نواجه ضمائرنا بأي شكل، فطوال الوقت العقل يخاطبنا بأننا لدينا صورة مثالية عن أنفسنا وعند الخطأ نحيل دائما أخطاءنا إلى الغير، وهذا نتاج أننا لم نواجه ضمائرنا بشكل كاف، فمرآة الضمير غائبة طوال الوقت ونرى أنفسنا فقط من خلال مرآة العقل.

-ما أسباب تسمية العرض بالنقطة العميا؟
النقطة العميا هي نظرية موجودة بالفعل، وهي النقطة التي يحيل فيها العقل أي شيء خطأ ارتكبه الشخص، ولا يكتشفها إلا الضمير 

ما آليات اختيارك لعناصر العمل المسرحي؟
المسرح لعبة تحديات واختيار الفنان نور محمود كان تحديا كبيرا، فأنا لا أحب اللعب في المضمون، ودائما الجمهور يبحث عن الجديد ولذلك نحن الآن في عصر التريند، فلذلك كان لدي تحد، ما الجديد الذي أقدمه في رواية مكتوبة منذ وقت طويل، والجديد أن تكون عناصر العمل جديدة والتركيبة نفسها مختلفة، ودائما أحب أن أجرب مع الممثل شيئا مختلفا عما قدمه من قبل، لأنني أرى أن الممثل هو ممثل فقط، ولا يمكن تصنيفه كوميدي أو تراجيدي، أو غيره، والتصنيف يخرجه من دائرة التمثيل، فالممثل قادر على تقديم أي شكل من أشكال الدراما.
فالفنان نور محمود ممثل كما قال الكتاب، فنحن على اتفاق على تقديم هذه التجربة المسرحية منذ عام 2020، فكان لدينا الوقت الكافي لتقديم التجربة بالشكل اللائق، وكان التحدي كبيرا، لأن الدراما بها مساحة للتصحيح كبيرة، ولكن المسرح استحسان وقتي، إما عجبت الناس أو لا، فلا توجد نتيجة أخرى، فنور شخص دؤوب جدا ويسعى للتمثيل وليس للشهرة، أما بالنسبة لفريق العمل الخاص بي هو تقريبا نفس الفريق الذي تعاملنا من قبل في أكثر من عرض، فالديكور لأحمد أمين، والإضاءة أبو بكر الشريف، وفريق التنفيذ أيضا، وعلى مستوى التمثيل فالفنان أحمد السلكاوي، هذا العمل يعتبر هو التعاون الخامس بيننا، وهو ممثلي المفضل ولديه إمكانيات جبارة لم تظهر حتى الآن، ويعتبر التعاون الأول بيني وبين أحمد عثمان وحسام فياض وهايدي بركات وعمر، ولكنهم من نفس المدرسة.
فأكثر مرحلة تأخذ مني الوقت الكبير هي مرحلة الكاستينج، للبحث عن ممثلين تكون بينهم كيميا، لأن المسرح يشبه جهاز الكشف عن الأشياء، فمن أول لحظة يظهر كل شيء للجمهور سواء الحب أو التفاهم أو غيرهما، فالمسرح لعبة جماعية فلا بد من اختيار عناصر وتركيبة متميزة.

-كيف ساهمت السينوغرافيا في تحقيق رؤيتك على خشبة المسرح؟
دائما أتعاون مع المهندس أحمد أمين، ونعقد جلسات عمل كثيرة لكي نتوصل إلى ماذا نريد من هذا العرض، وأنا طوال الوقت لدي تطلعات معينة ولا يمكنني التنازل عنها، فلا يجوز أن الديكور لا يتحدث عن العرض أو أن يكشفه، فبعد رؤية الديكور بعد مشاهدة العرض في صورة مجردة تستكشف أن العرض موجود في جملة، وخصوصا أننا نقدم العرض داخل قاعة، ولكننا لدينا إمكانيات فنية على المستوى البشري والتقني داخل مسرح الغد تحت قيادة سامح مجاهد، فهو استطاع بناء فريق عمل داخل المسرح يشعرنا بالفخر، على قدر احترافهم وفهمهم لتنفيذ رؤية المخرج، وأحيانا يكون لهم بعض الحلول لبعض الصعوبات الموجودة في الخامات والتفاصيل، فكون أننا استطعنا بناء ديكور مختلف ومتميز داخل القاعة فهذا مجهود كبير من مهندس الديكور والفنيين، بالإضافة إلى كيفية إضاءته، فالحمد لله أننا وفقنا في هذا العمل، وشارك بداية من مدير المسرح لأصغر فني في تذليل العقبات وتحدي الصعوبات.

هل لديك جمهور مستهدف، أم هو عرض يناسب جميع الأعمار؟
العرض لا يناسب الأطفال فقط، ولكنه عرض عام يناسب الجميع ما عدا فئة الأطفال، لأن الفكرة ستكون بعيدة عنهم إلى جانب الظلام والأصوات الخاصة بالعاصمة الموجودة ضمن أحداث العرض.


لماذا لا تتم المطالبة بتصوير العروض وعرضها على شاشات التلفزيون والمنصات الإلكترونية الخاصة؟
في وقت عرض كيوبيد كانت هناك بوادر بروتوكول بين البيت الفني للمسرح، والشركة المتحدة للإعلام، يتضمن تصوير العروض ولكن أعتقد أن الاتفاق لم يتم حتى الآن، ولكن في الوقت الحالي المركز القومي للمسرح، هو المسؤول عن التوثيق، ولكن إذا تم عرض المسرحيات على الشاشات ستكون فكرة جيدة، لأن العروض المقدمة عروض جيدة جدا، تنقصنا دائما فكرة التسويق، والإعلان عن هذه العروض الجيدة لأنني مؤمن بنظرية أن الجمهور يأكل ما يقدم له، فإذا قدمت له فنا جيدا وراقيا سيأكل منه، وإذا قدمت فنا هابطا سيأكله وسينعكس علينا وعلى المجتمع، فهذه هي قضيتنا كقوى ناعمة ماذا نقدم للجمهور، لأننا نحدد شكل سلوك الأشخاص في الشوارع من خلال ما نقدمه لهم من فنون، فنحن مسؤولون عن هوية المجتمع ككل، ولذلك لا بد أن يشاهد الجمهور العادي المسرح أو على شاشات التلفزيون لأنها في الآخر وسيلة لتعريف الجمهور العادي بالعروض المقدمة.

ما رأيك في الحركة المسرحية في الفترة الحالية؟
أرى دائما أن الحركة المسرحية في خط ثابت بشكل ما، ولكنني أرى أن الجيل الجديد من الشباب لهم تجارب جيدة جدا ومختلفة ولكن يبقي السؤال، أين التوجه الذي نريده، فهناك عروض كثيرة جدا ولكنها منفصلة عن الواقع، فالمنتج الثقافي لا بد أن يعبر عن صانعه في البداية ولا ينفصل عن الجمهور في النهاية، بالإضافة إلى إضافة عناصر جديدة في العروض المسرحية لاستقطاب نوع آخر من الجمهور للمسرح.

ما رأيك في المهرجانات المسرحية التي تقدم في الأيام الأخيرة، هل كثرتها تفيد الحركة المسرحية أم العكس؟
أي شيء يخص المسرح فهو مفيد جدا للمسرح، ولكن الفكرة تكمن في أن مصر دولة عظمى ودولة كبيرة فلا يصح أن تكون لدينا مهرجانات قليلة وأظن أننا نحتاج أن نتحرك في هذا المجال بشكل أكبر بحيث نصل لأن يكون لكل مدينة في مصر مهرجان مسرحي خاص بها، لأن هذا يخلق مساحة للمسرح، لأننا نمتلك في كل مدينة قصر ثقافة وداخل كل قصر من قصور الثقافة مسرح مجهز، فهذا البعد يخلق مساحة كبيرة بين شكل المسرح المقدم وبين التطور الذي حدث في المسرح في أوروبا، ففي أوروبا تخطوا فكرة الحداثة وما بعد الحداثة والمعاصرة، ولديهم مدارس جديدة، وفي شمال أفريقيا على الرغم من أن لديهم في كل مدينة ومحافظة مهرجانا مسرحيا دوليا خاصا بالمدينة إلا أنهم تأثروا بهذه المدارس ولكنهم محصورون في مسرح الصورة، وهذا هو توجههم حاليا، ولكننا في مصر مرتبطون أكثر بمسرح الكلمة، وعلى الرغم من أن مسرح الكلمة به إمكانيات توازي برودواي، ولكننا غير متطورين به بالشكل الكافي الذي يليق بحجم مصر.

ما رأيك بفكرة التسابق هل هي مفيدة أم العكس؟
برأيي وخاصة لأنني أشارك كعضو لجنة تحكيم، إن في النهاية هذا رأي أشخاص محددين أيا كان عددهم، في هذا العرض وفي هذا الوقت فالتقييم دائما منقوص، فالتقييم قائم على اللحظة ذاتها بالإضافة إلى ذوق اللجنة الموضوعة، لأننا ليس لدينا معادلات حسابية في التقييم، فالتسابق غير مفيد تماما ولا يوجد وجهة نظر تطرح الأفضل، فأنا أقترح أن يكون المهرجان كرنفاليا فقط، حيث يقدم حصاد السنة ومجانا لجميع الناس، فأنا ضد التسابق، ولكنني أؤيد فكرة أن تكون هناك لجنة تختار أفضل العناصر لتقويمها وتطويرها وخصوصا فيما يخص الشباب، ويكون لهم نتاج عرض، فتكون هذه هي الاستفادة الحقيقية.

ما احتياجات الشباب لتقديم عروض مسرحية جيدة؟
كلنا نحتاج إلى مساحة لنخرج إبداعتتا بالشكل الذي يتناسب مع الإبداع الموجود داخل كل شاب، المشكلة أنه لا توجد مساحة للجميع هذا يرجع لظروف إنتاجية، فأنا أثمن جدا فكرة مركز الإبداع ومواسم نجوم المسرح، فهذه المبادرة أعطت للشباب مساحة للإبداع، فكان على أيامنا المهرجان الفرنسي يعطي للشباب هذه المساحة لتقديم تجربة جديدة ومختلفة وليس مهما أن تنجح أو تفشل ولكن الأهم هو التجربة في حد ذاتها، فكل من يعمل بالمسرح بمختلف تنوعاتهم على مستوى السن أو الاحتراف يحتاجون إلى المساحة والدعم المادي الذي يغطي احتياجاتهم العادية لكي يبدعوا.?
ما النص أو الرواية التي تتمنى تقديمها على خشبة المسرح؟
أقدم دائما ما يشغلني، سأقدم في الفترة القادمة وبدأت في أولى الخطوات، عرض ميوزيكال كوميدي، وهذا هو التوجه الأصلي الخاص بي، وكان من أحلامي أن تكون لدينا فرقة ميوزيكال مثل برودواي، في بدايات القرن كانت مصر من أهم المسارح التي تقدم المسرحيات الميوزيكال، فالفنان سيد درويش قدم 30 مسرحية ميوزيكال في وقت قليل جدا، ولم يكن هو فقط الموجود على الساحة في هذا الوقت، وهذا يعني أنه كان هناك إقبال شديد جدا من المسارح والناس على هذا النوع من الفن، فهذا حلمي ومشروعي الشخصي الذي أتمنى تقديمه هو تكوين فرقة قادرة على إعادة إنتاج وتقديم القديم برؤى إخراجية جديدة تواكب العصر وفي نفس الوقت يكون توجها، لأنه عندما تعرض مثل هذه العروض في مصر يكون عليها إقبال شديد ولنا في مسرحية ليلة من ألف ليلة وليلة بطولة النجم يحيى الفخراني أسوة حسنة.


صوفيا إسماعيل