المسرح المصري.. بين العبور العسكري والفني

المسرح المصري.. بين العبور العسكري والفني

العدد 841 صدر بتاريخ 9أكتوبر2023

مرت السنوات مسرعة ومضى قطار العمر، وها نحن فى هذه الأيام نحتفل - ليس بمصر وحدها بل و بجميع الدول العربية أيضا - بالذكرى الخمسين لانتصارات حرب أكتوبر المجيدة، و لكن يظل السؤال الذي يتكرر طرحه كل عام هو: كيفية الاحتفال بذكرى يوم استعادة الكرامة لكل مواطن عربي بأفضل صورة مثلى تليق بهذا الحدث ؟ ، و كيف يمكننا إحياء المعاني والقيم والمثل العليا والدروس المستفادة من انتصارات أكتوبر والعبور العظيم من خلال الفنون و بالتحديد من خلال المسرح ؟؟، خاصة و أن هناك عدة أجيال لم تعاصر هذا الحدث التاريخي المهم ولم تعايش أحداثه و بطولاته الخارقة، وبالتالي لم تتعرف للأسف على كثير من تفاصيله المشرفة والمبهرة، ولم تدرك كم التضحيات والدماء التي سالت على أرض سيناء لتحقيقه. إن مرور 50 عاما على ذكرى العبور تعني أن هؤلاء الذين ولدوا في ذلك اليوم قد صاروا الآن آباء وأمهات بل وبعضهم ربما قد أصبح جدا أيضا، فما هو دور الجهات الثقافية والفنية المختلفة تجاه هذه الأجيال؟؟، هل نكتفي بإعادة عرض الأفلام الخمسة التي تناولت هذا الحدث والتي تعرض في كل عام !!، وهي في مجملها غير مؤثرة خاصة وأن بعضها كان قد تم إنتاجه وتصويره قبل العبور ثم تم إقحام بعض مشاهد عبور الجنود لخط «بارليف» في نهايته، وذلك في محاولة لاستثمار هذا الحدث التاريخي، وبالتالي لا يمكن أن يمتد تأثيره الفعلي لتخليد ذلك الحدث العظيم، وتحقيق هدف تقديم المعلومات والدروس المستفادة للأجيال الجديدة. 
والجدير بالذكر أن مسرحنا المصري قد ظل طوال مسيرته الفنية الثرية - التي تقارب من قرن ونصف من الزمان - مواكبا لجميع الأحداث السياسية، وبالتالي فقد تصدى لقضية «الصراع العربي الصهيوني» منذ نكبة فلسطين عام 1948، كما واكب بعروضه الحروب والمعارك الهامة التي خضناها معه وبالتحديد معركة «بورسعيد» عام 1956 ، والخامس من يونيو عام 1967، والسادس من أكتوبر عام 1973. ويحسب للمسرح المصري أنه لم يكن فقط مجرد انعكاس لأحداث العبور العسكري العظيم في أكتوبر 1973، بل كان أيضا مشاركا فعالا في صنعه والتمهيد له، حيث استطاع المسرحيون أن يقوموا بدور حيوي ومؤثر بعد نكسة يونيو 1967 لمواجهة مشاعر اليأس والإحباط، والعمل على تعبئة الجماهير لمعركة جديدة لاسترداد الكرامة. 
المسرح و نكسة 1967:
كان من المنطقي أن يقوم المسرح بدوره التنويري بعد نكسة 1967 القاسية، والتي سبق أن حذر كتابه الكبار كثيرا من أسبابها وبوادرها، وذلك من خلال نصوصهم المسرحية التي طالبوا من خلالها بضرورة منح المزيد من الحريات وبممارسات حقيقية للديمقراطية، وكذلك بضرورة المواجهة والتصدي لتضخم نفوذ مراكز القوى، وأيضا لجميع مظاهر القهر والفساد والتسيب.
فشارك المسرح المصري بدوره الموازي لحرب الاستنزاف، وقدمت على خشباته العديد من العروض التي ترفض الهزيمة وتدعو لضرورة الإستعداد للمعركة الكبرى بشحذ الهمم والعمل على رفع الروح المعنوية، ومن أهم هذه العروض ما قدمته فرقة «المسرح القومي»: كوابيس في الكواليس: تأليف/ سعد الدين وهبة، وإخراج/ كرم مطاوع، عام 1967، وطني عكا: تأليف/عبد الرحمن الشرقاوي، وإخراج/ كرم مطاوع، عام 1969، ليلة مصرع جيفارا: تأليف/ ميخائيل رومان، وإخراج/ كرم مطاوع عام 1969، النار والزيتون: تأليف/ ألفريد فرج، وإخراج/ سعد أردش عام 1970.
كما شاركت الفرق المسرحية الأخرى بتقديم عروضها الوطنية، فقدمت فرقة المسرح الحديث عام 1968 عرض أغنية على الممر: تأليف/علي سالم، وإخراج/ أنور رستم، وقدم مسرح الجيب عرض رسالة إلى جونسون عام 1967 من تأليف/ عبد الرحمن الشرقاوي، وإخراج/ كرم مطاوع، كما قدمت فرقة «مسرح الحكيم» عام 1967 مسرحيتين من تأليف/ محمد العفيفي وإخراج/ جلال الشرقاوي وهما: أرض كنعان (أو فلسطين 48)، والصليب، كما قدمت عام 1969 مسرحية زهرة من دم: تأليف/ سهيل إدريس، وإخراج/ كمال ياسين، وجان دارك: تأليف/ جان أنوي، وإخراج/ أحمد زكي عام 1970، شمشون ودليلة: تأليف/ معين بسيسو، وإخراج/ نبيل الألفي عام 1971، غوما الزعيم من تأليف/ مصطفى محمود، وإخراج/ جلال الشرقاوي عام 1972، وكذلك قدمت أيضا فرقة مسرح الجيب ثورة الزنج:  تأليف/ معين بسيسو، وإخراج/ نبيل الألفي، عام 1970، الغول من تأليف/ بيتر فايس، وإخراج/ أحمد زكي عام 1971.
هذا ويجب التنويه بأن بعض المسرحيات التي سبق ذكرها قد تناولت «الصراع العربي الصهيوني» بطريقة مباشرة ومثال لها صوت مصر، ومش هانسلم، والنار والزيتون، ووطني عكا، وكوابيس في الكواليس، في حين قامت بعض العروض الأخرى بإلقاء ظلالها على القضية بصورة غير مباشرة عن طريق اللجؤ إلى التاريخ وتقديم قصص البطولة والنضال لبعض الشعوب الأخرى وذلك بهدف شحذ الهمم وتنمية الشعور القومي بالإنتماء والحث على ضرورة الدفاع عن الأرض، ومن بينها: جان دارك، غوما الزعيم، ليلة مصرع جيفارا، ثورة الزنج، والغول.
ويبرز من العروض السابقة عرض «النار والزيتون» وذلك لأنه تجربة متميزة وغير مسبوقة وتعد من أنضج المسرحيات التي تناولت القضية الفلسطينية، ويمكن إدراجها تحت مسمى «المسرح التسجيلي»، حيث اعتمد المؤلف المبدع/ ألفريد فرج على الوثائق الخاصة بمنظمة التحرير الفلسطينية والحقائق التاريخية والتقارير الصحفية والبيانات والدراسات التي تناولت القضية بالبحث والتحليل، وقد تم تقديم هذا العرض كمزيج من الدراما التسجيلية والشكل الملحمي الذي يتم من خلاله توظيف كافة فنون المسرح والفرجة من أغاني واستعراضات بهدف إيقاظ وعي المشاهد ومخاطبة عقله وضميره. 
المسرح وعبور الانتصار: 
حقق الجندي العربي بمساندة كل أطياف الشعب المعجزة واستطاع تحويل هزيمة ونكسة عام 1967 إلى الانتصار في أكتوبر 1973، فكانت ملحمة العبور بأحداثها الرائعة الدافع الرئيسي لتقديم عدد كبير من العروض الوطنية التي تناولت قضية «الصراع العربي الصهيوني»، وكيفية استرداد الكرامة والعزة العربية، فقام «المسرح القومي» بتقديم العروض التالية: حدث في أكتوبر: تأليف/ إسماعيل العادلي وإخراج/ كرم مطاوع عام 1973، أقوى من الزمن: تأليف/ يوسف السباعي وإخراج/ نبيل الألفي عام 1973، صلاح الدين: تأليف/ محمود شعبان وإخراج/ كمال حسين عام 1973، حبيبتي شامينا: تأليف/ رشاد رشدي وإخراج/ سمير العصفوري عام 1973، سقوط خط بارليف: تأليف/ هارون هاشم رشيد وإخراج/ سناء شافع عام 1974، النسر الأحمر: تأليف/ عبد الرحمن الشرقاوي وإخراج/ كرم مطاوع عام 1975،  باب الفتوح: تأليف/ محمود دياب وإخراج/ سعد أردش عام 1976.
وقدمت كذلك فرقة «المسرح الحديث» بعض العروض الوطنية ومن أهمها: مدد مدد شدي حيلك يابلد: عام 1973، تأليف/ زكي عمر، وإخراج/ عبد الغفار عودة، رأس العش: عام 1974، تأليف/ سعد الدين وهبة، وإخراج/ سعد أردش، العمر لحظة: عام 1974 تأليف/ يوسف السباعي، وإخراج/ أحمد عبد الحليم، الحب والحرب: عام 1974 تأليف شوقي خميس، وإخراج/ عبد الغفار عودة، كما شاركت فرقة «مسرح الطليعة» بتقديم ثلاثة عروض عام 1974 هى: القرار من تأليف/سعيد عبد الغني، وإخراج/ مجدي مجاهد، جبل المغماطيس: تأليف/سعيد عبد الغني، وإخراج/  فهمي الخولي، حراس الحياة: تأليف/ محمد الشناوي، وإخراج/ أحمد عبد الحليم، كذلك قام قطاع «الفنون الشعبية والاستعراضية» بتقديم عدة مسرحيات غنائية استعراضية من أهمها: حبيبتي يا مصر: عام 1973، تأليف/ سعد الدين وهبة، وإخراج/ سعد أردش، الحرب والسلام: عام 1974، تأليف/يوسف السباعي، وإخراج/ محمود رضا ومحمد صبحي، مصر بلدنا: عام 1978، تأليف/ حسام حازم، وإخراج/ أحمد زكي، نوار الخير: عام 1979، تأليف/ توفيق الحكيم، ونجيب محفوظ، وإخراج/ حسن عبد السلام.
وتجدر الإشارة إلى أنه بخلاف عرض «مدد مدد شدي حيلك يابلد» الذي بدأ تقديمه خلال فترة حرب الاستنزاف وبالتحديد بدءا من عام 1972 بفرقة المسرح الحديث (أثناء تولي الفنانة القديرة/ سميحة أيوب إدارة الفرقة) من تأليف/ زكي عمر، وإخراج/ عبد الغفار عودة، وبطولة/ محمد نوح وميرفت سعيد، وعبد السلام محمد، ثم استمر عرضه بعد العبور، كان أول عرض جديد قدم بعد العبور مباشرة هو عرض «حدث في أكتوبر» الذي بادر المخرج القدير/ كرم مطاوع بتقديمه عام 1973 عن نص من تأليف/ إسماعيل العادلي، وشارك في بطولته نخبة من كبار الفنانين وفي مقدمتهم النجوم: سهير المرشدي، محمود ياسين، شفيق نور الدين، أشرف عبد الغفور، نبيل الدسوقي، أحمد الناغي، أحمد حلاوة، مصطفى متولي، محمود حجازي. وفكرة النص تعتمد على ظهور الممثلين بشخصياتهم الحقيقية محاولين التعبير عن مشاعرهم الوطنية والإعلان عن استعدادهم للتضحية بأرواحهم من أجل مصر، وعن إصرارهم على المشاركة الإيجابية وإيجاد مكان لهم وسط المعركة، ومن خلال حواراتهم يتم استرجاع بعض الأحداث التاريخية والسياسية التي مرت بها مصر وعرض بعض النماذج المشرفة للزعماء والثوار المناضلين ضد القوى الاستعمارية. وجدير بالذكر أن هذه المسرحية قد واكبها بعض الظروف الصعبة ولعل من أهمها تلقي الفنانة/ سهير المرشدى أثناء العرض خبر استشهاد شقيقها الضابط المقاتل بأرض المعركة، ومع ذلك يحسب لها إصرارها على استكمال تقديم العرض المسرحى احتراما للجمهور الذى ملأ جنبات المسرح بأكمله، واقتناعا منها بأنها تكمل رسالته وتنتقم من العدو الصهيوني بكشف زيفه وخداعه ومؤامراته.
وبرغم كثرة الأعمال السابقة نسبيا إلا أنه يجب ملاحظة أن عددا كبيرا من هذه المسرحيات قد كتبت وقدمت في عجالة بحيث أصبحت أقرب إلى عروض المناسبات والاحتفالات التي يصعب إعادة تقديمها بعد ذلك (من خلال عروض الريبرتوار)، كما أن هناك عددا آخر من المسرحيات لم تتناول معركة أكتوبر وملحمة العبور بصورة مباشرة وإن نجحت في إلقاء ظلالها عليها من خلال الربط بين أحداث الماضى والحاضر ومن بينها على سبيل المثال كل من مسرحيات: صلاح الدين الأيوبي، باب الفتوح، النسر الأحمر حيث تناولت كل منها أحداث الحرب الصليبية وبطولات «الناصر/ صلاح الدين الأيوبي».
ويتضح مما سبق أن انتصارات أكتوبر 1973 كما ظلت دائما في وجدان كل عربي رمزا للفخر والعزة واستعادة الكرامة فقد ظلت أيضا في عيون وذاكرة المسرح المصري بتلك العروض والنصوص التي تناولتها بصور فنية مختلفة، حيث نجح المسرح المصري - من خلال مبدعيه الكبار في مختلف مجالات الفنون المسرحية - في تقديم بعض المعالجات المتميزة لتلك المعركة المصيرية. ويجب التنويه في هذا الصدد إلى أن جميع المسرحيات التي تم ذكرها مجرد نماذج مشرفة ومضيئة ساهمت في تسجيل الأحداث وقصص البطولة لشحذ الهمم والدعوة للتصدي بصورة دائمة لتلك الهجمات الشرسة والأطماع الاستعمارية. 
احتفالات النصر و«عودة الأرض»:
جرت العادة منذ نصر أكتوبر 1973 أن يتم سنويا في يوم ذكري العبور تنظيم بعض الاحتفالات الغنائية والمسرحية سواء عن طريق وزارة الثقافة أو وزارة الإعلام - وبعد ذلك من خلال جهاز «الشئون المعنوية» بالقوات المسلحة - بحضور رئيس الجمهورية وكبار رجال الدولة، وأن يتم بث الحفل مباشرة على شاشات التلفزيون. ومن الغريب والمؤسف أن يتم رصد ميزانيات ضخمة لكل حفلة من تلك الحفلات ومع ذلك يتم الاكتفاء بتقديم الحفلة مرة واحدة!!، والسبب بالطبع معروف وهو تلك الأجور المبالغ فيها جدا لمجموعة النجوم والمطربين المشاركين في الحفل، وأيضا لصعوبة تجميع تلك الأعداد الكبيرة من الراقصين - أو مجموعات المجندين بالقوات المسلحة الذين يشاركون أيضا بالاستعراض - مرة أخرى. ويتكرر هذا الوضع المؤسف كل عام، وليس ذلك فقط بل ولا يعاد إذاعة الحفلات السابقة والتي أصبح عددها أكثر من أربعين عرضا احتفاليا !!، والسبب بكل صراحة هو أن كل منها يتطلب ضرورة إجراء مونتاج لحذف بعض الفقرات التي تمجد في كل من الرئيسين السابقين (أنور السادات أو حسني مبارك) بصفة شخصية وتعظيم دور كل منهما بوصفه بطل العبور!!
هذا ويعد عرض «عودة الأرض» من العروض القليلة النادرة المتميزة - التي قدمت خلال تلك العروض الاحتفالية - وذلك لاعتماده على نص مسرحي محكم الصنع، ومع ذلك لا يعاد للأسف عرض نسخته المسجلة إطلاقا بالرغم من أهمية العرض على كل من المستويين الوطني والفني. وقد قدم هذا العرض لأول مرة في الخامس من  أكتوبر عام 1989 بالقاعة الكبرى (قاعة خوفو) لمركز القاهرة للمؤتمرات بحضور كل من الرئيس الأسبق/ محمد حسني مبارك وجميع كبار رجال الدولة وقادة القوات المسلحة. 
والعرض من تأليف الكاتب القدير/ ألفريد فرج وإخراج المبدع/ كرم مطاوع، وكتب الأغاني الشاعر الكبير/ سيد حجاب، وبالتلحين/ جمال سلامة، وصمم الديكورات/ محمد عزب، وشارك في بطولته كل من الفنانين: سهير المرشدي، فاروق الفيشاوي، عبد الحفيظ التطاوي، محمد أبو العينين، شريف صبري، أشرف طلبة، أشرف فاروق، ومن المطربين: علي الحجار ونيفين علوبة. وتدور أحداثه الدرامية حول الجندي (فاروق الفيشاوي) الذي فقد ذاكرته أثناء حرب الاستنزاف، لتعود له أثناء حرب أكتوبر من خلال رحلة علاجه بالمستشفى واهتمام ومراعاة الممرضة (سهير المرشدي) لحالته النفسية، والتي تأخذه في رحلة ذهنية لاسترجاع بعض الومضات من تاريخ مصر عبر العصور، فتتجسد له في بعض الشخصيات التاريخية مثل: «إيزيس»، «شجرة الدر»، كما تصاحبه في رحلاته الذهنية أيضا حيث يقوم بتجسيد شخصية «صلاح الدين الأيوبي».  
وفي صدد الحديث عن عرض «عودة الأرض» يجب تسجيل موقف طريف وهو أن هذا العرض والاحتفالات بنصر أكتوبر عام 1989 بصفة عامة كانت هي السبب المباشر في إلغاء الاحتفالات السنوية بهذه الذكرى لكل من وزارتي الثقافة والإعلام، وتكليف قطاع الشئون المعنوية بوزارة الدفاع بتنظيم الحفل الرسمي سنويا منذ ذلك التاريخ، وذلك حسما للصراع الخفي الذي كان كثيرا ما يشتعل ويشتد بين كل من وزارتي الثقافة والإعلام، مما اضطر الرئيس الأسبق - لأول وآخر مرة - إلى حضور احتفال وزارة الثقافة يوم الخامس من أكتوبر وحضور احتفال وزارة الإعلام يوم السادس من أكتوبر!! 
كان الوزير الأسبق/ فاروق حسني آنذاك يتولى حقيبة وزارة الثقافة، في حين كان الوزير الأسبق/ صفوت الشريف يتولى حقيبة وزارة الإعلام، وكان لكل منهما بالطبع مناطق قوته نفوذه، وبناء على توجيهات وزير الإعلام تم تكليف المخرج الكبير/ يحيى العلمي بالإشراف على حفل وزارة الإعلام الذي كلف المخرج المسرحي الكبير/ جلال الشرقاوي بإخراجه، فقدم عرض غنائيا استعراضيا بعنوان: «أفراح النصر» شارك في بطولته نجوم الغناء من بعض الدول العربية، في حين تم تكليف المخرج القدير/ كرم مطاوع بإخراج حفل وزارة الثقافة. وأصر كل منهم على تقديم عرضه كاملا وعدم القيام بأي اختصارات، وبالتالي فقد تعذر بل استحال تقديم العرضين في حفل واحد!!، وذلك بالرغم من تدخل المشير/ محمد حسين طنطاوي بوصفه وزيرا للدفاع شخصيا في حضور ثلاثة ممثلين فقط عن كل عرض، وكان لي شرف حضور هذا الاجتماع بوصفي مخرجا منفذا لعرض «عودة الأرض»، وقد لمست في هذا الاجتماع - وهذه شهادة لتاريخ - مدى سعة صدر المشير واحترامه وتقديره للفن والفنانين، وأيضا مدى تشبث كل مخرج ومن ورائه كل وزير بموقفه!!.  
وأعتقد صادقا أننا في أشد الحاجة إلى تنمية شعور الانتماء وحب الوطن لدى جميع النشئ والشباب، وبالتالي فإن إحياء ذكرى انتصارات أكتوبر ببطولاتها مع إبراز التضحيات الكبرى لشهدائنا فرصة كبيرة ورائعة يجب استغلالها وتوظيفها بالصورة المثلى بعيدا عن أشكال المتاجرة وعروض الاحتفالات الاستهلاكية.


د.عمرو دوارة

esota82@yahoo.com‏