«اللي بنى مصر» لقومية الجيزة

«اللي بنى مصر»  لقومية الجيزة

العدد 830 صدر بتاريخ 24يوليو2023

شاركت الفرقة القومية للجيزة، بتقديم عرض «اللي بنى مصر» وذلك ضمن فعاليات الموسم المسرحي بالإدارة العامة للمسرح 2022/2023، من تأليف د. محسن مصيلحي، وإخراج محمد الطوبجي، والتقت «مسرحنا» بالمخرج وبصناع العرض، لنحاول أن نتعرف على ملامح هذه التجربة المسرحية.

أهداف الثقافة الجماهيرية
قال المخرج محمد الطوبجي: علينا جميعًا أن نعي أهداف الثقافة الجماهيرية، جيدًا وفي مقدمتها تثقيف أفراد المجتمع ممن يعيشون في الموقع الثقافي الذي سيقدم فيه العرض المسرحي، والفرقة القومية، تمثل أعلى شريحة من فرق فرع الجيزة وكذلك بمحافظات القاهرة الكبرى، ولذا كان على الفرقة أن تصنع وتحقق هذا الهدف وتقوم بالتأثير في الملتقي من الجمهور العام من رواد قصر ثقافة الجيزة، وكان هذا سببًا مهمًا وهدفًا  لاختياري نص «اللي بنى مصر» لتحقيق التفاعل والتأثير على جمهورنا  الكبير، وقد حقق العرض متعة كبيرة للأطفال أيضًا، ووصلت رسالتنا للجميع، وأصبح  الأطفال يسألون طلعت حرب، وهويته وتاريخه ويبحثون عنه، وهو هذا الرائد الاقتصادي، ومن أنشأ وأنتج فيلم «واداد» والعديد من الأفلام السينمائية، صاحب نهضة فنية وثقافية، إضافة نهضته الاقتصادية، وسعد أهالي المنطقة المحيطة بقصر ثقافة الجيزة بالعرض، وما أسعدنا أننا تخطينا ذلك لجمهور كبير من محافظات أخرى حضروا لمشاهدة العرض، والذي لاقى إقبالًا جماهيريًا كبيرًا. 

رؤية مغايرة جديدة
وتابع: كتب د. محسن مصيلحي النص  في عام  1993، وكان لزامًا عليَ أن أقدم إعدادا يتناسب مع عصرنا الحالي، في رؤية مغايرة جديدة، فتم الاعتماد على المنهج الواقعي في الإخراج من خلال مفردات العرض وخاصة الملابس والديكور، وقمت بالإعداد، أيضًا لضبط إيقاع المسرحية، فقد كان به  بعض المشاهد، مما يتسم بالبطء نسبيًا، فكان الإعداد يقدم الاختصارات والإضافات مما يتناسب أيضا مع الفرقة، وتم تطوير شخصية غير رئيسية، وهي «السكران»، ليكون له حضوره، المختلف والقوي، ولتصبح شخصية درامية مهمة لها وجودها داخل  نص العرض من بدايته لنهايته، والتي تتسم بالضياع، لا تعرف طريقها ولا تملك هدفًا تسعى إليه، ومن خلال شخصية مقابلته لطلعت حرب يتأثر السكران به، ويقرر أن يتغير ويكون شخصًا إيجابيًا وكان ذلك من خلال الإعداد الذي قدمته للنص المسرحي وتم تنفيذه بالعرض.
وأوضح «الطوبجي»: وكانت بعض المشاهد بالنص، المكان الدرامي فيها هو الطريق في الشارع المصري، وتشكل مشاهد متكررة، وتم الاستعاضة، عنها بأغنية ثابتة مميزة، وأثرت العرض دراميًا وجماليًا، وأوضحت ملامح وسمات الرحلة بين شخصية طلعت حرب وشخصيات درامية أخرى منهم المريد وشيرين، ومن خلال الارتكاز عليهم بالإضاءة بحركات بسيطة كأنهم يشاهدوا العالم، وملامح التغيير، وكذلك أثناء «الديالوجات»، بينهم وتم تطوير النص وإعداده، ليتناسب مع جمهور عامنا 2023، ويحقق التفاعل والتواصل المرجو من العرض. 

جمهور عام ومتخصص
وأضاف «الطوبجي»: لقد أكد جمهور العرض العام والخاص، على سعادته بالرؤية الجديدة، والإعداد، والعرض، ومن بينهم السيناريست محمد الغيطي،  والكاتب والسيناريست نادر صلاح الدين، والكاتب والصحفي مصطفى بكري، والعديد من الفنانين منهم: جابر القرموطي،  سامح يسري ، تامر عبد المنعم والفنانة عنبر ونقيب المهن التمثيلية دكتور .أشرف زكي،  والإعلامي عصام الأمير رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق، وآخرين من بينهم  بعض الوزراء: أشرف هيكل، أشرف العربي، ياسر القاضي، طارق المهدي، والجميع  أشادوا بالعرض، وما قُدم له من إعداد ورؤية جديدة مغايرة  مناسبة لعصرنا وكذلك مفردات العرض الأخرى من الإضاءة التي عملت على أن تبرز الديكور و الأحداث الدرامية على خشبة المسرح منها حوار الرائد الاقتصادي طلعت حرب والجماعات المتطرفة والإرهابDين، وكذلك قمت باستخدام تقنية «الفلاش باك»، من خلال الإضاءة، واستخدام اللون البرتقالي في هذا الاتجاه لتبرز الانتقال في الزمن والحدث والمكان الدرامي.

دور كبير
وأعرب «الطوبجي»: عن امتنانه وقال: يُعود الفضل، لتقديمي العرض للمخرج والفنان هشام عطوة الرئيس السابق للهيئة العامة لقصور الثقافة؛ فكان له دور كبير، باختياري كمخرج للفرقة ودعمي، وكانت تجربة موفقة، واجهنا فيها العديد من المعوقات، من مظاهر البيروقراطية في تنفيذ العرض والإجراءات الروتينية، تخطيناها مع مساعدة رئيس قصور الثقافة السابق، ودعم مهندس الديكور الفنان محمد جابر، مدير الإدارة العامة للمسرح السابق، والعاملين بالإدارة ممن كانوا يقوموا بتذييل العقبات، وحل كل المشكلات.
وأكد «الطوبجي»: يعجز اللسان عن وصف الإقبال الجماهيري الكبير للعرض، والذي بذلنا جهدًا كبيرًا وقدمناه بتميز،  وأشاد كثيرون بالعرض وتميزه، في مقدمتهم المخرج هشام عطوة،  والذي أكد على ذلك، كصنع  خطوة مهمة  في الثقافة الجماهيرية، وأنه حقق نجاحًا جماهيريًا بين فئات مختلفة ومتباينة من الجمهور العام والمتخصص، ومختلف أفراد الأسرة والكبار والأطفال، الذين أقبلوا على مشاهدة العرض لمرات، والجمهور وصاروا يتحدثون كثيرًا فيما بينهم عن العرض، بمحبة كبيرة، و هذا ما يُؤكد نجاح العرض، أن القناة التلفزيونية «السعيدة» من دولة اليمن طلبت شراء العرض لتقديمه  لجمهورها، والذي أراه حقق نجاحًا كبيرًا  لامثيل له في تاريخ الثقافة الجماهيرية وبشهادة الجميع،  وبعد العرض شهدنا العديد من الشخصيات العامة، والكتاب أن يتحدثوا عن الثقافة الجماهيرية، ومسرحها، منهم الكاتب مصطفى بكري، وتحدث في برنامجه عن العرض ومسرح قصور الثقافة.
واختتم: قدمنا تجربة موفقة ومهمة، والمسرح بقصور الثقافة يتطور في ظل وجود رؤية، ومخرجين جدد ومتميزين ومنح الفرصة لهم ولمواهب تمثيلية جديدة متفردة، نجحت في تخطي معوقات العمل الإداري والمشكلات.

«الممول».. في مشاركته الأولى بالقومية
وقال الممثل شادي العزازي: مشاركتي في «اللي بنى مصر»، هي الأولى مع الفرقة الجيزة القومية، وقدمت شخصية «الممول» وهو المنتج الفني، في مشهد السينما، والذي مثّل نموذجًا للسبكي، في إنتاجه للأفلام، في السنوات الأخيرة، فهو لا يملك هدفًا غير أن يدفع أمواله من أجل إفساد الذوق العام، وكسب أموالًا أخرى، ونشر الفن الهابط، لتغييب الوعي بالمجتمع، ولتغيير اتجاه الإنتاج السينمائي عن ذي قبل؛ في زمن الفن الجميل، والزج به نحو اتجاه  تجاري، فحسب، ويواجَه هذا الممول شخصية طلعت حرب الذي يستنكر كل ما يقوم به،  ويقف «حرب» ضد أن تصبح أفلام الممول مثالًا ونموذجًا للفن في حياتنا.

الضحك بلا هدف وتغييب الوعي
وأوضح «العزازي»: وكانت العلاقة بين الممول مع المخرج «عبد العزيز» حتى ينتج له الفيلم المراد تقديمه، والذي يُقدم استعراضه الرئيس على لسان الحيوانات كشخصيات درامية، للتأكيد على الإسفاف، فأعجب بهذا الاتجاه وهذه الفكرة وأطلب منه أن يُكثر من هذا الضحك  بلا هدف، ويُوضح الدور أن كثير من المنتجين، يدفعون أموالًا طائلة لإنتاج وتقديم أفلام غير هادفة، لا تحوي فكرًا أو رسائل؛ بينما تقصد الإسفاف والابتذال فقط، وهذا النموذج منتشر في حياتنا، فهذه الشخصية إسقاطًا لما يحدث في الواقع، فكان يجب أن نسلط الضوء عليها، ونكشف مظاهر وسبل تغييب الوعي في الحركة الثقافية والفنية في مصر، ليؤكد العرض أننا في احتياج للأفضل ويجب أن يُدفع المنتجين وصناع السينما نحو انتقاء ما يقدمون للجمهور. 

«سيدة».. صورة للمرأة المصرية
وقالت وفاء عبد الله: أقدم دور «سيدة»: وهي صور من صور المرأة المصرية التي تتسم بالبساطة، وتحمل رمز للحلم والمكابدة على مر العصور، و تلقى قدرًا كبيرًا من النصب والاحتيال من قبل الآخرين، بأحداث العرض، وخاصة من أفراد الطبقات الاجتماعية والاقتصادية الأعلى «المستريحين»، الذين يقتلون أحلامها، وتظل «سيدة»: طوال الوقت ومع تصاعد الأحداث تبحث عمّن ينقذها، ويسترد لها حقوقها فتغدو مشتتة وتائهة تبحث في كل وجوه الجميع عن المحتالين والنصابين، والذين قضوا على أحلامها. 
وأكدت «وفاء»: وكان الجمهور يستقبل شخصيتي ودوري بكل محبة وإعجاب كبيرين، وقمنا بجهد كبير في التدريبات والبروفات قبل العرض الذي لاقى نجاحًا كبيرًا وسعدنا جميعًا به.

«السكران».. نموذج واقعي
وقال عماد العربي: أقدم شخصية «السكران»: في العرض وهو ما يُمثل نموذجا واقعيًا للأفراد التائهين في المجتمع، والتي لا تدرك أي أمر أو حدث حولها، وتتسم بفقدان تام للوعي، وكثيرون منهم يعيشون في انتظار المخلص، كأن ينقذهم شخصية مثل طلعت حرب، وينتظرونه ليأتي لهم حتى يصلح كل الأحوال من جديد، ويعيدها للأحسن مرة أخرى، وسعدت كثيرًا بهذا الدور.
وتابع العربي: وتدور أحداث المسرحية حول اختفاء تمثال طلعت حرب رائد الاقتصاد المصري وصاحب فكرة إنشاء بنك مصر وستوديو مصر، وبأحداث العرض يهبط إلى أرض الواقع وعصرنا الحالي ويرى ما تمر به مصر اقتصاديا واجتماعيًا وفكريًا وفنيا، فتصيبه الدهشة والاستياء، مؤكدًا بأن مصر مازالت في احتياج للمخلصين من أجل النهوض بها، ومن ثم يحث كل المصريين بالوقوف على قلب رجل واحد من أجل الوطن، وبعد أن ينجح في تكاتف كل المصريين معا يدًا واحدة يُقرر العودة إلى مكانه في ميدان طلعت حرب ليقف شامخًا مرفوع الرأس من جديد.

فريق المسرحية
«اللي بنى مصر» تمثيل: عماد العربي، أحمد لطفي، وفاءعبدالله، محمد النمس، محمد حسن، محمد طلبه، مجدي رشاد، آسر علي، هانى غباشي، أحمد مرسي، وليد عبدالوهاب، محمد السويركي، محمد مجدي، سيف ياسر، شادي العزازي، نور شامه، إنچى صفوت، أحمد زلزال، أدهم حسن، سيف السادات، ومشاركة الأطفال، بسملة العربي، مهاب طارق، معاذ طارق.
ديكور وملابس: أحمد شربي: ألحان توزيع موسيقي: وائل عوض، ماكياج: محمد عبد الرحمن، مخرج منفذ: أحمد لطفي، وطارق خميس، غناء: مكين إسماعيل، وسالي النمس، مساعد مخرج: ندا العربي ومحمد شعراوي، تأليف دكتور. محسن مصيلحي، رؤية وإخراج: محمد الطوبجي
 


همت مصطفى