محمد أبو العلا السلاموني: النص المسرحي هو عقل العملية المسرحية

محمد أبو العلا السلاموني: النص المسرحي هو عقل العملية المسرحية

العدد 826 صدر بتاريخ 26يونيو2023

 الكاتب محمد أبو العلا السلاموني، خمسون عاما من الكتابة وإثراء المكتبة المسرحية بأعمال رائعة، كان لها أكبر الأثر في مسار الدراما المسرحية والمسرح المصري. وهو من مواليد 1941 وتخرج في كلية الآداب 1968. من أهم أعماله: مآذن المحروسة، رحلة الثأر والعذاب، رجل في القلعة، ديوان البقر، المليم بأربعة مليم. كما أن له العديد من المسلسلات التليفزيونية. وتقلد العديد من المناصب منها مدير عام المسرح بهيئة قصور الثقافة. كما نال العديد من الجوائز حيث حصل السلاموني على جائزة الدولة في الآداب عن النص المسرحي سنة 1984، وجائزة وسام الدولة في العلوم والفنون من الطبقة الأولى سنة 1986، وجائزة أحسن نص مسرحي من معرض الكتاب الدولي بالقاهرة سنة 1992، وجائزة أحسن نص مسرحي بالفصحى من «منظمة الأليسكو» في مهرجان قرطاج الدولي سنة 1995، وحصل على الميدالية الذهبية لأحسن سيناريو في الدراما التليفزيونية من مهرجان القاهرة الدولي للإذاعة والتليفزيون سنة 1997، وفاز بجائزة التأليف في مهرجان المسرح المصري القومي الرابع عن مسرحية (تحت التهديد) التي قدمها مسرح الهناجر. وأخيرا قام المهرجان القومي للمسرح بتكريمه في دورته الحادية عشرة، وبهذه المناسبة كان لنا معه هذا الحوار الثري.

التكريم تتويج لمسيرتي الفنية
أولا نهنئكم ونهنئ المسرحيين كلهم بهذا التكريم المستحق الذي تأخر كثيرا.
هذا التكريم هو اعتراف من الحركة المسرحية بالدور الذي قمت به في فترة تقترب من النصف قرن من الكتابة المسرحية، وهذا عمر طويل. وأعتبره شيئا يكرم فيه الكاتب حيث تعترف به الحركة المسرحية وبدوره وما قدمه لهذه الحركة من أعمال طوال هذا التاريخ. فهو تتويج له ونفس الوقت هو استكمال لتكريمات تمت قبل ذلك سواء في مسرح الدولة أو مسرح الثقافة الجماهيرية أو في بعض الدول العربية فآخر تكريم لي كان في الشارقة وأيضا في جمعية كتاب السيناريو وغيرهم.

كيف ترى الأسلوب المتبع في التكريم؟
التكريم الذي تم في المهرجان القومي للمسرح يعتبر تكريما مكتملا في إجرائه لأنه يوجد كتاب مصاحب له. وقد أسعدني أن صديقي العزيز الناقد الكبير أحمد عبدالرازق أبو العلا هو الذي تولى كتابة هذا الكتاب، ووضع عنوانا مهما له وهو (مشروع أبو العلا السلاموني التنويري مؤلفا) وقد وضع فيه محورين أساسيين: المحور الأول عن المسرح الشعبي والدور الذي قمت به في تأصيل هذا المحور، والكتابة عن نصوص تناولت منهج المسرح الشعبي من خلال التراث والتاريخ، ومن خلال ما قدمت في تاريخ حركة المسرح حتى الآن. المحور الثاني تناول ظاهرة الإرهاب. وأنا في الحقيقة من أكثر الكتاب الذين اهتموا بهذه الظاهرة. فالكثيرون لم يهتموا بها. وإذا كان هناك أعمال قد قُدمت في هذا الاتجاه من بعض المسرحيين فقد قُدمت بشكل فردي. إنما قدمته أنا بشكل يعتبر كمشروع. فأنا الذي حققت هذا الموضوع لأن لي ما يقرب من سبعة أو ثمانية نصوص تناولت هذه الظاهرة منذ نشأة هذه الجماعات الإرهابية على يد حسن البنا وهي جماعة الإخوان المسلمين وما تمخض عنها من جماعات أخرى مثل جماعة الجهاد والجماعة الإسلامية وداعش والقاعدة والنصرة وحماس، ما زلت أكتب فيها حتى الآن. فهذا الكتاب أعتبره إنجازا كبيرا جدا أشكر الزميل أحمد عبدالرزاق أبو العلا عليه لأنه عكف على الكتاب ما يقرب من عدة شهور لإخراجه بهذا الشكل الجيد.

أعتب على المديرين والمخرجين عدم الاهتمام بالمؤلف المصري
كيف تعبر الحركة المسرحية عن نفسها الآن؟
الحركة المسرحية أحيانا لها مد وأحيانا أخرى لها جذر. وهذا حسب الظروف وحسب الملابسات الاجتماعية والسياسية. فمثلا في أعقاب ثورة 25 يناير كانت الحركة ضئيلة ومتأخرة ومتدنية، ثم بدأت تستعيد قواها في الفترة الأخيرة. فلو قارنا فترة 25 يناير بالفترة الأخيرة سنجد أن المرحلة الأولى كان بها خمود وركود في الحركة المسرحية رغم بعض الظواهر البسيطة التي أقيمت في مسرح الشارع وهي كانت مواكبة للثورة. لكن الآن أنا في اعتقادي أن الحركة المسرحية بدأت تشتد ويشتد عودها لتعود كما كانت، وخصوصا أنه يوجد شباب من المخرجين والممثلين يأخذون أدوارهم في هذه الحركة المسرحية. لكني آخذ على هذه الحركة أنها لا تهتم بالكاتب المسرحي، ولذلك فنحن في الفترة السابقة وخصوصا عندما كنت رئيسا للجنة التحكيم في العام الماضي، والسابقة لها أيضا؛ أي أنه يوجد لجنتان للتحكيم حجبتا جائزة التأليف. وليس معنى هذا أنه لا يوجد مؤلفون جدد، ولكن أعتب على المخرجين ومديري المسارح عدم اهتمامهم بهم لأنهم لا يبحثون عنهم ويتركون المسألة للمخرج في اختيار نص أجنبي ويفضلونه على النص المصري. لذلك ستجد الظاهرة الغريبة الموجودة في الحركة المسرحية الآن التي تميل للنصوص الأجنبية، معظمها، وكذلك نصوص أخرى قائمة على نظام الورش، وهذا النظام أعتبره موضة لا بُدّ أن تنتهي. لأنه ليس شرطا أن تكون هناك حركة مسرحية قائمة على نظام الورش، هذا فقط يمكن أن يكون مجرد فرع وليس أساسا لها.  فالورش هي ظاهرة سلبية نتيجة ضعف التأليف المسرحي في الواقع وعدم الاهتمام بالمؤلفين الجدد الموجودين فعلا، ولكن لا أحد يهتم بهم. فأنا مثلا كنت مسئولا عن سلسلة لإصدار النصوص قدمت فيها ما يقرب من مائة وعشرين نصا على مدار عشر سنوات؛ أي أنه في العام الواحد اثنا عشر نصا. لم أرَ نصا من هذه النصوص موجودا على خشبة المسرح. فلنبحث عنهم. فتوجد نصوص في المسابقات لماذا لا نبحث عنها. مثلا فالمخرج ناصر عبدالمنعم قدم نصا فاز بجائزة ساويرس في عرض الساعة الأخيرة، فقدم كاتبا جديدا، فليت كل المخرجين يقدمون على نفس الفعل فيقدمون كتابا جددا، فحينها لن تكون لدينا ظاهرة ضعف النص المسرحي.

إذن اتهامك الأول متجه نحو الإدارة وتأثيرها السلبي على الدراما المسرحية؟
هذا بالطبع يؤثر بالسلب. فعدم اهتمام المديرين بالمؤلفين الجدد يؤثر في الحركة. فأذكر أنه في الستينيات كان مديرو المسارح يتصلون بالمؤلفين ويقولون لهم: نريد نصا مسرحيا لهذا العام. فمثلا يقولون للكاتب سعد الدين وهبة: قد حجزنا لك مكانا فعليك تقديم نص. فكان يكتب لهم النص. كذلك ألفريد فرج وميخائيل رومان ومحمود دياب، وهكذا، لأنهم كانوا يتصلون بهم ويهتمون بالمؤلف المسرحي لأن عصب المسرح أو الحركة المسرحية هو التأليف. النص هو الأساس وليس الإخراج أو المفردات الأخرى، فكلها عوامل مساعدة للنص. ففي تاريخ المسرح كله، ما الذي تذكره من تاريخ المسرح منذ الإغريق وحتى الآن؟ لا تذكر سوى النصوص، نصوص سوفوكليس ويوربيديس وإيسخيلوس وشكسبير وإبسن وبرنارد شو وسارتر وكامي وهكذا. فهذا هو المسرح الذي حتى يدرسونه في الأكاديميات. لكن ليست النصوص القائمة على الورش. وهي لا يمكن أن تدرس في الأكاديميات لأن ما يصنع بالورشة لا يتكرر ثانية، فهو ينتهي، أي لا يذكره تاريخ المسرح، فنصوص شكسبير موجودة في كل العصور، نصوص الكتاب الأمريكان والفرنسيين والأوربيين بشكل عام ما زالت موجودة. لكن أي شخص يبحث عن نص فسيعمل عليه سنوات وسنوات، إذن النص المسرحي هو الأساس، هو عقل العملية المسرحية، فإذا فقدنا النص فقدنا العقل.

اللجوء إلى التراث الشعبي كوسيلة من وسائل الجذب الجماهيري
كيف يمكن للكاتب أن يُنبت النص الجيد؟
عليه أن يلجأ للتراث، يلجأ للتاريخ، يلجأ للواقع، لأي جانب من جوانب المجتمع. فلا بُدّ أن يوجد تنوع في الكتابة. والتراث أساس من أسس الكتابة المسرحية. والتاريخ أساس من أسس الكتابة المسرحية. والواقع أيضا أساس من أسس الكتابة المسرحية. إذن كل الاتجاهات مقبولة، والمفروض أن تكون موجودة كلها في الساحة. فلا نكتفي بجانب واحد، لا نكتفي بالتراث ولا نكتفي بالتاريخ ولا نكتفي بالواقع. فلتنظر إلى الكتاب الموجودين ستجد أن كل الكتاب في العالم يهتمون بكل هذه الجوانب، فمنهم من كتب في التاريخ، ومنهم من كتب في التراث أو الواقع، وهكذا،... 


ليس من المعقول أن أقوم بتجريب حركي في قضايا بعيدة عن الواقع
هل الاقتراب من نبض الشعب يرسخ للمسرح في وجدان المتلقي؟
الكتابة من خلال التراث بشكل عام تعتبر وسيلة من وسائل الجذب الجماهيري. فالإغريق عندما كانوا يكتبون المسرح سواء إيسخيلوس أو يوربيديس أو سوفوكليس، كانوا يلجأون لتراث الشعب الإغريقي فيحكون حكايات أوديب وحكايات الإلياذة أو طروادة. وكانوا ينتهون إلى هذه الأشياء لأنها كانت في وجدان الشعب الإغريقي ولذلك كانوا ينسجون مسرحياتهم من خلال هذا التراث لأنه وسيلة من وسائل الجذب الجماهيري. نحن أيضا علينا أن نلجأ إلى التراث الشعبي المصري والعربي لأنه وسيلة من وسائل الجذب. فعندما تتحدث عن حكايات السيرة الشعبية في مجتمعاتنا وتقدمها من خلال المسرح، هذا يكون قريبا جدا من الجمهور ويجد شعبية واسعة ويجد جماهيرية لمشاهدة هذه النصوص. فنحن نقول: لا بُدّ من اللجوء إلى التراث الشعبي كوسيلة من وسائل الجذب الجماهيري، فهذا هو الهدف الرئيسي من المسألة، بالإضافة إلى أنه يُعتبر شكلا من الأشكال القريبة من وجدان الجماهير. فنحن نريد تقريب المسرح من الناس. طبعا هذا لا يجعلنا نغفل الجوانب الواقعية في المسرح فهي مهمة جدا لأنها تناقش قضايا الواقع. فأنا إذا كنت أتناول قضايا التراث وأحاول أن أستخدم الشكل التراثي في المسرح كوسيلة من وسائل الجذب الجماهيري، أيضا الموضوعات الواقعية أمزجها مع التراث. فمثلا استخدمت تراث الموالد كتراث شعبي، مزجت معه موضوعات معاصرة تتناول قضايا الواقع. فمثلا في مسرحية «المليم بأربعة»، فهذه لعبة شعبية تكون موجودة في الموالد. واستخدمت ظاهرة المولد كي أبحث بها قضية توظيف الأموال التي كانت سائدة في مجتمعنا في فترة الثمانينيات والتسعينيات، وصنعت كارثة اقتصادية في المجتمع، فأردت أن أعالج هذه الظاهرة من خلال التراث. ومثلا عندما أردت تقديم عمل عن حرب أكتوبر استخدمت شكل السيرة الشعبية، البطل الذي يقدم أعمالا بطولية تحققت في حرب أكتوبر فدمجت بين حرب أكتوبر كحدث معاصر وبين الشكل التراثي من خلال السيرة الشعبية. إذن نحن لدينا التراث كشكل، والواقع يُعتبر المضمون، وندمج المضمون بداخل الشكل فنقدم عرضا مسرحيا قريبا من الجماهير.

دور الكاتب تنويري لا يتعالى على الجمهور
كيف تؤثر أيديولوجية الكاتب في مضمون كتاباته؟
الكاتب عادة له موقف. وموقفه لا يخضع لأيديولوجية جامدة، أي أنه ليس ديموجماطيقيا متشددا في مواقفه، ولكنه رحب الصدر لديه مقدرة على استيعاب الفكر وفلسفة الواقع وفلسفة التراث، ويحاول أن يُخرج من داخله مزيجا من هذا التراث سواء في التراث الشعبي أو التراث التاريخي أو الواقع، فيدمج كل هذا كي يخرج بنتيجة ما، مثل تفسير المسألة باستخراج عسل النحل، فهو يُستخرج من خلال أن النحل يمر على جميع الزهور ويأخذ رحيقها جميعا واحدة ثم الأخرى ثم الثالثة وهكذا، وفي النهاية ينتج عنه العسل ناتج عن رحيق الزهور جميعا وليس عن زهرة واحدة. كذلك الكاتب، ذخيرة الكاتب موجودة في الأفكار وفي الفلسفات وفي الأيديولوجية الموجودة والأيديولوجيات السياسية بتنوعها. صحيح هو يكون له موقف من كل منها لكنه في النهاية هو قريب من أن يقدم أفكاره بطريقة قريبة من الجماهير، لا يتعالى عليها ولا يفرض نفسه عليها ولكنه يفهم طبيعة الجمهور ويفهم طبيعة الواقع، وخصوصا حينما تكون الموضوعات تتناول القضايا الوطنية والقضايا الاجتماعية. فلا بُدّ أن تكون للكاتب رؤية وطنية ورؤية اجتماعية قريبة من الجماهير وليس مناقضة لها. وإذا كان هناك تناقض فهو يحاول من خلال عمله أن يحل هذا التناقض، لأنه يقدم رؤية مستنيرة ويوضح الرؤية للجماهير، فالجماهير أحيانا تكون الأمور مختلطة بالنسبة لهم، فالكاتب هنا له دور تنويري عليه أن يقوم به سواء أكان دورا سياسيا أو اجتماعيا أو دورا نفسيا أو دورا فنيا، وبالنسبة لي كان دورا مهما عندما استخدمت التاريخ فحاولت استخراج عظات من هذا التاريخ كي أوظفها للواقع وأنير للجماهير هذا الواقع، أنا لا أفرض رأيي عليهم ولكن أنير الطريق أمامهم. وهذا هو دور الكاتب الإنارة والاستنارة وأن يكون دوره تنويريا.

الفن من أجل المجتمع وليس من أجل الفن
كيف نبحث عن الحداثة والتجريب ونحن لم نستقر مسرحيا بعد؟
الحقيقة عندما ظهر المسرح التجريبي في الثمانينيات كان وزير الثقافة فاروق حسني يهدف إلى الاطلاع على التجارب الحديثة في المسرح العالمي. وكان يريد من خلال المهرجان فتح نافذة على هذا المسرح لنعرف ماذا يدور في الخارج من اتجاهات حديثة واتجاهات ما بعد الحداثة واتجاهات التجريب. وبالتالي أنا في اعتقادي أن هذا كان دورا في الاطلاع على هذه التجارب. لكن لا يستغرقنا الاستمرار في هذا الاتجاه إلى مدى هذا العمر الطويل. لهذا فنحن في الفترة الأخيرة قمنا بتغيير اسم المهرجان من «المسرح التجريبي» إلى «التجريبي والمعاصر»، كي لا نُقصر أنفسنا على اتجاه واحد وهو الاتجاهات التجريبية. وعلينا أن نعتبر أن الاتجاه التجريبي هو فرع من فروع المسرح في العالم، وعلينا أن نطلع عليه ولا ضير من أن نتعلم منه. وخصوصا في تقنياته ولكن ليس في موضوعاته، فموضوعاته لا بُدّ أن تكون موضوعات وطنية، موضوعات اجتماعية، موضوعات تتناول مشاكل الجماهير الحالية، فليس من المعقول أن أظل أقوم بتجريب حركي في قضايا بعيدة عن الواقع. فعلي أن أرصد قضايا الواقع وأستخدم الحركة أو التجريب الحركي أو التجريب في الجسد وأستخدم فيه موضوعات معاصرة، أو موضوعات وطنية، ما المانع؟ بل بالعكس هذا هو دورنا، فالفن لا بُدّ أن يكون فنا من أجل المجتمع وليس فنا من أجل الفن، فهذه رفاهية لسنا نحتاج إليها. نحن نحتاج الفن في خدمة المجتمع لأننا نعاني من قضايا شائكة جدا وخصوصا قضايا الإرهاب، وقضايا على مستوى العالم. فنحن الآن مهددون في هويتنا لأن هناك حربا شعواء ضدنا ونحن نقود حربا ضد هذه الاتجاهات التي تريد تشويه صورة مجتمعنا وتشويه واقعنا وأيديولوجيتنا أو هويتنا. وخصوصا أن الجماعات الإرهابية وسيلة من وسائل ضرب هذه الهوية. ويكفي أننا نرى أن هذه الجماعات الإرهابية تتحالف مع قوى أجنبية وخصوصا المخابرات المركزية الأمريكية التي تهددنا، وخصوصا أعوانها مثلما يتم في إيران أو قطر أو تركيا. كل هذه الاتجاهات مهدِّدة لهويتنا لأن هناك أطماعا من هذه الاتجاهات الثلاثة، تركيا تريد عودة النظام العثماني والسيطرة على المنطقة وعودة الخلافة، إيران الشيعية تنافس تركيا السنية، وأمريكا تلعب على الحبلين وتستخدمهما لإيقاع المنطقة لتوزيعها بين الاثنين. فتجد في المنطقة نظرية الفوضى الخلاقة، أي تجزئة المنطقة ووقوعها في فوضى شاملة تؤدي إلى تمزيقها. جزء منها يكون تابعا لإيران وجزء آخر يتبع تركيا، أي يصبح أحدهما تابعا للشيعة والآخر للاتجاه السني. لذلك تجد المنطقة دائما واقعة في هذا المأزق. والذي أنقذنا منه الزعيم جمال عبدالناصر في فترة حكمه حينما رفع شعار «القومية العربية» كي لا يقول أحد: سنة وشيعة. فقال جمال قال كلنا منطقة قومية واحدة وكان هذا ذكاء من جمال عبدالناصر في الستينيات والخمسينيات، فحمى المنطقة حينما رفع هذا الشعار الذي لا بُدّ أن يعود. فتجد هذا الصراع موجودا الآن سنة وشيعة في سوريا وفي العراق وفي لبنان وهكذا كل المتناحرات الموجودة قائمة على هذه الطائفية، وما ينقذنا منها هو رؤية عربية واحدة برفع هذا الشعار مرة أخرى.

الاهتمام بقضايا الإرهاب
ما  دور المسرح في المرحلة القادمة؟
أناشد الحركة المسرحية الممثلة في البيت الفني للمسرح والبيت الفني للفنون الشعبية وفي الثقافة الجماهيرية والجامعات والشركات والمسرح المستقل ومسرح الهواة، أن يهتموا جميعا بقضية مهمة جدا وهي الخطر الذي يهدد المنطقة من الجماعات الإرهابية التي تحاول الهيمنة والسيطرة لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وصالح المخابرات المركزية. وأنا حتى الآن لا أجد إنتاجا يتناول هذه القضايا، فأتمنى أن يقوموا بإنتاج مسرحي يتناول هذه القضايا المهمة جدا وتنبيه الواقع وتنبيه الجماهير إلى خطورة هذا الخطر الذي يهدد الكيان العربي والكيان المصري.


أحمد محمد الشريف

ahmadalsharif40@gmail.com‏