قصور الثقافة تضيء الليالي الرمضانية بالسيرة الهلالية

قصور الثقافة تضيء الليالي الرمضانية    بالسيرة الهلالية

العدد 818 صدر بتاريخ 1مايو2023

يأتي اهتمام الهيئة العامة لقصور الثقافة بالسيرة الهلالية من خلال استدعاء رواتها، وتأكد الاهتمام بعد أن دخلت السيرة كعنصر في التراث الثقافي اللامادي على قوائم اليونسكو.
وأكد الفنان هشام عطوة، رئيس الهيئة، أن الهيئة العامة لقصور الثقافة تلعب دورا مهما في حفظ التراث الشعبي وجمعه من خلال الحفاظ على الكنوز البشرية، من هنا يتعمق دورها عبر استقدام الرواة الشعبيين وتعريف الجمهور العام بهم وبنصوصهم الثرية.
وقد بدأ هذا المسلك بانتظام الشاعر والباحث مسعود شومان تحت عنوان “راوي من بلدنا”، وكانت البداية منذ أكثر من عشرين عاما. يقول “شومان”: السيرة الهلالية تعد إلياذة العرب ودرة الروايات التي يعشقها المصريون؛ لأنها تجمع عددا من الفنون الشعرية القولية منها المربع والموال والقصيد، فضلا عن الحكي، وقد لاقت روايتها خلال ليالي رمضان التي أقامتها قصور الثقافة بالحديقة الثقافية، إقبالا كبيرا، وجذبت الجمهور على اختلاف ثقافته، وجاء البرنامج ليمزج بين الشعر والغناء والسيرة والإضاءات حول الإصدارات، لتقديم فنون الأداء في بوتقة فنية مترابطة تجمع الثقافي والشعري والنقدي والشعبي معا.
في التقرير التالي نقدم موجزا لرواية السيرة الهلالية التي جاءت على مدار عشر ليالٍ، بمقهى نجيب محفوظ بالحديقة الثقافية ضمن برنامج “راوي من بلدنا”، شارك في روايتها ثلاث فرق للسيرة الهلالية، وهي فرقة الفنان محمد عزت السوهاجي، وفرقة الفنان عزت قرشي، وفرقة الفنان عز الدين نصر الدين.
بدأ برنامج “راوي من بلدنا”، ليلته الأولى بفرقة الفنان محمد عزت السوهاجي، حيث تناولت روايته مولد أبي زيد الهلالي وحديث عن “الريادة الصغرى”، تخللها مجموعة من الأغاني التراثية. واختتمت فعاليات الليلة بفقرة التحدي لفرقة الهلالية للفنان عزت نصر الدين وولده الفنان محمد عزت.
وفي الليلة الثانية بدأ الفنان عزت نصر الدين بفقرة للمربع والموال وفقرة الغناء الشعبي، ثم استكملت فرقة الفنان محمد عزت رواية السيرة الهلالية، عن “الريادة الصغرى” ورحلة الفارس أبو زيد الهلالي وأولاد أخته العرب يحيى ومرعي ويونس إلى تونس عبر أرض اليمن ثم أرض العراق، ومجموعة وصايا الأم لأبنائها التي تقيهم من شر الطريق ومن شر الأعداء، وعند وصولهم أرض العراق تدور القصة مع دوابة بنت الأمير عامر الخفاجي، ثم بدأوا استخدام أسمائهم الرمزية أبو زيد “مسعود”، يونس “صادق”، مرعي “ناجب”، يحيي “سداد”؛ أي يسد وراء خاله بالرباب ووراءه بالحربة في القتال، ومقابلتهم لعامر الخفاجي وتعرفه على كل فرد من أفراد الهلالية حيث أكرم ضيافتهم عند معرفته أنهم مجموعة من الشعراء، وجمع قبائل العراق كي يستمعوا إليهم. واختتمت الليلة بفقرة فن التحدي بين الفنان عزت نصر الدين وولده الفنان محمد عزت، وهو ما يُطلق عليه “القبلاوي”، وهو فن من فنون التحدي يبدأ بذكر بعض الخصال في كل شخص كالندالة والخسة وغيرها، ثم يختتم بالصلح بينهما، وتبدأ بـ”لو فنان تعالى اغلبني لو فنان”.
في الليلة الثالثة تفاعل الجمهور مع رواية السيرة، حيث قدم الفنان عزت نصر الدين مجموعة من الأغانى الشعبية والموال، التي تتناول الزمن والطبيب، ثم انتقل إلى مجموعة من المربعات المعروفة في صعيد مصر، ثم واصل الفنان محمد عزت رواية السيرة الهلالية، عن “الريادة الصغرى” ورحلة الفارس أبو زيد الهلالي وأولاد أخته ووصولهم قصر عامر الخفاجي، والترحيب بهم وضيافتهم، وقام الأمير أبو زيد بالغناء إلى أن يفاجأ الأمير عامر الخفاجي برسالة الأعداء أنهم قادمون لسبي أبناء العراق ولوم أبيه له بأنه ترك بلاده يحيط بها الخراب والدمار ويجلس ليغني وينشد، فيبدأ في تجهيز جيوشه لملاقاة الأعداء وينتصر عليهم، ثم يجيشوا جيوشهم لمحاربته مرة أخرى، فيلجأ إلى أبو زيد الهلالي لمساعدته، وهو ما سيتكشف خلال الليالي القادمة. واختتمت الليلة بفقرة فن التحدي، وتحدى الليلة “الفارس ينزل في الميدان”.
بدأت الليلة الرابعة بالفقرة الأثيرة لدى الجمهور من خلال الريس عزت نصر الدين الذي قدم باقة من المواويل الشعبية، خاصة المواويل المتعلقة بالكرم وذكر الصفات الإنسانية، وانتقل في فقرات متتابعة بموال عن البخت ثم موال عن الطبيب ثم ذكر الزمن والكلام عن النماذج البشرية المتعددة التي تنقل حكمة الجدود عبر مجموعة من المواويل منها الأبيض ذو القوافي الواضحة أو المشفر.
ثم انتقلنا لاستكمال رواية الريادة الصغرى مع الراوي محمد عزت، واستعداد أبو زيد الهلالي للدخول في الحرب مع اليهود الذين هاجموا أرض العراق بعد أن أبدى عامر الخفاجي قوته في الانتصار عليهم، ثم بدأت الحرب تشتعل مرة أخرى، وبدأنا نسمع صهيل السيوف من خلال عزف الربابات، ونستمع أيضا إلى الإيقاع المتسارع الذي يستدعي إيقاعات الحروب لتعلو وتعلو، لينتصر عامر الخفاجي في معركته مع اليهود، ثم اختتمت بفقرة التحدي “لو فنان تعالى اكسبني لو فنان” بين الريس عزت نصر الدين والراوي محمد عزت، لينتصر الشعر وينتصر الارتجال الحي مع الجمهور، ثم فقرة فكاهية بفن “القبلاوي” تحكي تاريخ الأهلي والزمالك التي ينتصر فيها كل شاعر لفريقه دون أي نوع من التعصب. وتنتهي الليلة بالصلح بين الشاعرين.
في الليلة الخامسة قدمت فرقة الفنان عزت قرشي السيرة الهلالية والموال وبدأت بفقرة للغناء التراثي والشعبي للفنان محمود مطاوع السوهاجي منها “مداح النبي، ابعتلك جوابات”، ثم حكى الراوى عزت قرشي سيرة أبو زيد الهلالي وعودته من أرض المغارب، وأنه كان معجبا بحياة الصعاليك وبسطاء الناس، فما إن أطلق سراحه وحده دون رفاقه الأربعة الهلاليين الذين أودعوا السجن، يونس ومرعي ويحيى والجارية المغنية مي الحزينة، ليعود إلى أهله وعشائره عرب المشرق، ومركزهم نجد، ليأتي عائدا بالإثبات والفدية لإطلاق سراح بقية الرهائن الهلاليين الأربعة؛ حتى انطلق من فوره بحثا عن مجموعة من الصعاليك ما بين شعراء جوالين وحواة، كان أبو زيد قد أودع لدى أولئك الصعاليك أمانة، وهي حصانه، قبل التسلل هو ورفاقه بالحيلة إلى داخل أسوار تونس المنيعة بعد ادعائهم مختلف العلل والشعوذة لحراسها.
في الليلة السادسة قدمت فرقة الفنان عز الدين نصر الدين عدة أغانٍ ومواويل تراثية منها «أمانة بزيادة يا زمن، الراجل الأصيل، الصاحب اللي عمله أخ، عليل وعيان»، أعقبها رواية جديدة للراوي عز الدين عن حرب العرب مع الخليفة الزناتي زعيم أرض تونس وأول قتال مع أبو زيد الهلالي زعيم أرض النجود، رجع فيها أبو زيد للعرب منتصرا، ثم بدأت قصته مع البنات في تونس بقتل البواب، واتجهوا إلى السجن، وبدأ نشيد بين مرعي من داخل السجن مع جاز أخت مرعي فتأكدت أن أخواتها على قيد الحياة، فشدد على أبو زيد في طلب ذهابها لزيارة سوق تونس، لأنها تدبر له مكيدة بالسوق فيما أنه رجل عاقل فهم مكيدتها.
استمر تحلق الجمهور حول السيرة الهلالية في الليلة السابعة، وبدأت فرقة الفنان عز الدين نصر الدين بفقرة الموال والغناء الشعبي، ثم استكملت رواية مواجهة أبو زيد الهلالي مع الزناتي خليفة على أرض تونس، وبدأت باستفزاز الخليفة لأبي زيد ببعض الإهانات ووصفه أنه عبد، فرد أبو زيد كلنا عبيد لله، وقال الخليفة إنه تم طرد أمك من القبيلة بسبب الشك في نسبك، فقال أبو زيد: طالما وصلت لأمي سوف تنال حسابك مني، وبدأت بينهما الحرب بالسيوف التي استمرت لعدة ساعات، ووقع الخليفة الزناتي من على الحصان فبكت الصبايا حزنا عليه، فقال أبو زيد لا أحد يأخد بيده، ومن يفعل سوف ينال عقابا شديدا مني وأجعل أولاده أيتاما، ثم نادى على قمصان صديقه لكي يرفعه من على الأرض، واختتمت الليلة بفقرة فن التحدي بين الفنان عز الدين وأخيه الفنان نصر الدين.
وفي الليلة الثامنة استكمل الراوي عز الدين نصر الدين روايته عن المواجهة بين أبو زيد الهلالي والزناتي خليفة، حين رجع الزناتي مهزوما وأبو زيد منتصرا فقابله حسن ابن عمه وسأله ماذا رأيت في الحرب، فعدد له الهلالي بعض صفات قوة الزناتي، وتخلل السيرة باقة من الأغاني الشعبية والموال واختتمت بفقرة التحدي اليومية.
وفي الليلة التاسعة استكمل الراوي عز الدين نصر الدين روايته عن مدح أبو زيد الهلالي في الزناتي خليفة، وبعض صفات قوته، بجانب باقة من الأغانى الشعبية والموال.
واختتمت ليالي السيرة بفقرة الموال والمربع وفن القبلاوي مع عز الدين نصر الدين الذي غنى من فن الموال السباعي المشفر وتناول فيه بعض الصفات الإنسانية بعد أن صدر مواويله بموال يذكر فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصفاته الكريمة، ثم فقرة السيرة وحرب الهلالية مع الزناتي خليفة، والحوار الذي تم بين أبي زيد الهلالي والسلطان حسن، في ذكر خليفة الزناتي الذي أكد على صفاته النبيلة، من هنا قال له السلطان حسن: شخص بهذه الصفات لن يستطيع محاربته إلا أبو زيد الهلالي.
أما ما جرى في حكاية الزناتي خليفة وابنته سعدة التي حين عاد من الحرب مهزوما، قالت له يا أبي لم أعتد على هزيمتك ولم أرك من قبل مهزوما بهذا الشكل، ولماذا تمتدح عدوك أبو زيد الهلالي بهذا المديح، خاصة أنه ذكر عشرة خصال في أبي الهلالي وشجاعته، وبدأ في حكايته مع ابنته سعدة التي كانت تتسم بالجمال، عن أبي زيد الهلالي، وأكد لها أن فكرة أنه أسود هي فقط لإغاظته، لكنه في الأصل له نسب شريف وكريم فهو ابن رزق نايل الهلالي، وأمه خضرة الشريفة بنت الأمير قرضة الحجازي الشريف، وكيف يكون عبدا وبه هذه الصفات الطيبة التي منعته من قتل أبيك، ثم اختتمت الليلة بفقرة التحدي.
 


رنا رأفت