التجريب في مسرحيات كرم مطاوع في رسالة دكتوراه

 التجريب في مسرحيات كرم مطاوع في رسالة دكتوراه

العدد 814 صدر بتاريخ 3أبريل2023

تمت مناقشة رسالة دكتوراه يوم الخميس الموافق 16 مارس 2023 بأكاديمية الفنون ،عن بحث مقدم من الباحث «جهاد عبد الله أبو العينين” المدرس المساعد بقسم التمثيل والإخراج؛ للحصول على درجة الدكتوراه في فلسفة الفنون من أكاديمية الفنون، المعهد العالي للفنون المسرحية، قسم التمثيل والإخراج،  وللترقية بالدكتوراه من مدرس مساعد لمدرس.
واشتملت لجنة الحكم والمناقشة على كل من:  أ.د. محمد أبو الخير “مشرفا ومناقشا ومقررا”، أ.د. علاء الدين أحمد قوقة “مناقشا من الداخل” ، أ.د. رانيا فتح الله “مناقشا من الخارج” .
ومنحت اللجنة الباحث درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى، مع التوصية بالطبع على نفقة الأكاديمية وتداولها مع جميع المعاهد المتخصصة والجامعات المصرية والعربية.
وقال الباحث أن المنطلق الذي انطلق منه لعمل هذه الرسالة، أن معظم الباحثين ورسائل الماجستير والدكتوراه انصب اهتمامهم في معظمها على المنظرين الأجانب، ولا يوجد اهتمام كافي بالعرب المنظرين المسرحيين المخرجين تحديدا العرب وخاصة المصريين.
وتناول الباحث في بحثه كرم مطاوع كأحد أهم المخرجين المسرحين المصريين، الذي بدأ رحلته في فترة الستينيات، وكان سمة أساسية من سمات أعماله المسرحية هي التجريب والتجديد .

بانوراما عامة وطرح لفكر كرم مطاوع
وأشار الباحث إلى أن الرسالة  قامت بدور بانوراما عامة وطرح لفكر كرم مطاوع وأسلوبه ومنهجه وطريقته في الإخراج ، فارجع الباحث أهمية بحثه إلى أن كرم مطاوع قدم العديد من الأعمال المسرحية المتنوعة خلال الفترة من 1964 إلى 1996 والتي بلغت حوالي ما يقرب من 50 عملاً، فوجد أن هناك أهمية كبيرة لدراسة أسلوب هذا المخرج المسرحي.
  وأشار الباحث إلى أن  كرم مطاوع يرى: «أن التجريب هو اكتشاف لغات جديدة على أرضية صلبة من الواقعية، هو الاقتراب من الأصول بصيغ فنية مبتكرة، الاحتكام في لحظة إلى لغة أخرى للتعبير بجذور تكوين الممثل بديلاً عن الجملة اللفظية لأني أستخدم صيغاً مرئية، صيغاً مسموعة، في الوقت نفسه متزاوجين، إذن أنا أتعامل مع متفرج المسرح على أن يرى بأذنه، ويسمع بعينه، وتختلط المعاني في لحظة واحدة»
وعن أهداف البحث ذكر الباحث أن الهدف من البحث هو تناول العناصر الفنية التجريبية في أعمال كرم مطاوع المسرحية، وكذلك المخرجين المسرحيين المصريين بالبحث والتحليل، والذي يعد تأكيداً لقيمة المسرح المصري، وأهمية دراسته وتناوله بالبحث العلمي، أيضا لاستعراض عناصر الإخراج عند كرم مطاوع من منظور متعدد الجوانب في العملية الفنية، ومحاولة اكتشاف ملامح التجريب في العناصر الفنية للعرض المسرحي، بالإضافة إلى الوقوف على أسلوب كرم مطاوع في تعامله مع الممثل، إضافة إلى ذلك فتح مجال البحث العلمي والتشجيع على تناول أعلام من المسرح المصري بالدراسة والتحليل أمثال: عبد الرحيم الزرقاني، كمال ياسين، نبيل الألفي، سعد أردش، أحمد زكي، جلال الشرقاوي، ...وغيرهم.
وقد طرح الباحث في بحثه سؤالاً أساسياً تحديدا لمشكلة البحث وهو:
ما هي العناصر التجريبية للرؤية الإخراجية التي استخدمها كرم مطاوع للوصول بمفردات العرض المسرحي للتأكيد على المضامين الفكرية والفلسفية لأعماله المسرحية؟
والذي بدوره تفرع إلى عدة أسئلة فرعية ذكرها الباحث في بحثه .
وقام الباحث باستخدام المنهج الوصفي والمنهج السيميولوجي في بحثه، كما اختار عددا من العروض المسرحية للمخرج كرم مطاوع  كعينة لبحثه، وهذه العروض هي:
«النسر الأحمـر”  تأليف عبد الرحمن الشرقاوي  1975 ، “بردة البوصيري  “ البوصيري  1977، “إيـزيــس  “  توفيــق الحكيــم  1986، “ديــوان البقــــر  “  أبو العلا السلاموني  1995، “  727  «   أحمد عوض  1994 .
محتوى البحث
واحتوى هيكل البحث على مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول فضلا عن الخاتمة والنتائج.
واحتوت المقدمة على أهمية البحث وأهدافه ومشكلته، وكذلك الدراسات السابقة، ومنهج البحث، والأدوات التي استعان بها في إتمام بحثه، والحدود المكانية والزمانية للبحث، وأسباب اختيار عينة البحث، وبعض الصعوبات التي واجهت الباحث. كما تعرض الباحث للتعريفات الإجرائية لبعض المصطلحات المستخدمة في البحث.
وفي التمهيد استعرض الباحث ظروف نشأة المخرج كرم مطاوع وبداياته الفنية، وكذلك الظروف والأوضاع الاجتماعية والسياسية التي أحاطت ببداياته، والعوامل والروافد والظواهر المسرحية التي أثَّرت في تكوين شخصيته الفنية.
وكان عنوان الفصل الأول «كرم مطاوع ومفهومه للتجريب” وتناول فيه الباحث كيف كان ينتقل مطاوع بمفهومه للتجريب من الخاصة إلى العامة،  ومن تأثر بهم في تكوين شخصيته الفنية، وتعامله مع جميع مفردات العرض المسرحي، حيث تناول التوجهات الفكرية والمرتكزات الفلسفية الدافعة والمؤسسة لأعماله، ومفهوم التجريب المسرحي عند كرم مطاوع، بالإضافة إلى التقنيات الفنية التي اعتمدها كرم مطاوع كعنصر مشترك في صياغة رؤيته التجريبية لعروضه المسرحية.
وفي الفصل الثاني بعنوان” كرم مطاوع والتجريب مع النص المسرحي» قام الباحث بتحليل العناصر الإخراجية، ورصد الملامح التجريبية لنماذج من عروض كرم مطاوع المسرحية التي اعتمدت على مصادر أدبية مختلفة في مسرحياته عينة البحث.
والفصل الثالث بعنوان” التجريب في الرؤية التشكيلية في أعمال كرم مطاوع المسرحية” وكيف كان منظوره للرؤية البصرية للعرض المسرحي..
وحاول الباحث في هذا الفصل رصد عناصر التجريب في الرؤية التشكيلية لنماذج من عروض كرم مطاوع  ، مسرحياته “ عينة البحث”.
الخاتمة والنتائج
وفي خاتمة البحث استطاع الباحث ان يستخلص الخطوط العامة والعريضة لفلسفة المخرج كرم مطاوع، التي قامت على أساسها رؤاه الإخراجية، وبُنيت من قوامها شخصيته الفنية.
وذكر أن دعائم فلسفة المخرج كرم مطاوع قامت على رؤية شاملة للفن والحياة، والتي تمثلت في عدة نقاط منها: التزامه بقضايا المجتمع والجماهير، وإيمانه بدور الفن وقوته وقدرته على التأثير في المجتمع، والتدخل في مسار الأحداث، وتغيير الواقع للأفضل، فللفن دور فعال وقوي، بالطبع إذا كان فناً راقياً. وعلى الفن أن يعبر عن الناس، ويطرح مشاكلهم في سمو دون ابتذال، والجمع بين المتعة والفكر، فتبنيه للفكرة التي تتماس مع مشاكل الناس، وتطرح معاناتهم، وتعبر تعبيراً جيداً عنهم، يجب أن تقدم في شكل مبهر وصياغة راقية، فالفن هو الجمال، والفن يعمل على إيقاظ المشاعر النبيلة، بالإضافة إلى إدانة قطاع كبير من الشعب من العامة والبسطاء، واتهامهم بالسلبية، وعدم إعمال العقل في التعاطي مع الأمور من حولهم، وحاول من خلال أعماله المسرحية بث روح الثورة فيهم، وأن يتحولوا للإيجابية؛ ليستطيعوا تغيير الأوضاع، والتمرد على الفساد والقهر والظلم والتخلف والرجعية.
وذكر الباحث ان بحثه أسفر عن عدة نتائج أهمها: أن البيئة الشعبية ومفردات المجتمع الذي نشأ فيه كرم مطاوع أثرت في تكوين ذائقته الفنية، وتحديد ميله في انتقاء واختيار المصادر الأدبية التي قدم من خلالها رؤاه الإخراجية، وأن للمسرح المدرسي دوره الفعال في النشأة والتكوين للشخصية الفنية لكرم مطاوع، وأن دراسة القانون كانت رافداً من روافد تكوين شخصية كرم مطاوع، وكان للدراسة الأكاديمية للفنون، سواء داخل مصر، من خلال المعهد العالي للفنون المسرحية، أو من خلال الدراسة الأكاديمية للإخراج المسرحي في إيطاليا، وكذلك اطلاعه على الثقافات والفنون المختلفة، على المستوى المحلي والعالمي، عمل على توسيع رؤيته الشمولية للفن والحياة؛ فدراسة الفنان للفنون المختلفة، تساهم في تشكيل رؤى إبداعية متجددة.
كما ذكر الباحث في نهاية بحثه  السمات المشتركة التي تحمل بعداً تجريبياً في أعمال كرم مطاوع وهي: عدم تقديس النص، والتعامل مع اللغة والحوار المسرحي كوسيط بين العمل والجمهور يجب تبسيطه قدر الإمكان، تداخل المَشاهد، وتغيير ترتيبها الموجود في النص، أو إدماج بعضها (المونتاج السينمائي)، بحيث تصبح المَشاهد في حالة توازي لا حالة توالي،   وأن أعماله أثارت نقاشاً واسعاً حول جدلية العلاقة بين العرض المسرحي والجمهور، وكسر الحائط الرابع.
إن محاولات كرم مطاوع المتكررة لدمج خشبة المسرح مع الجمهور، أو بمعنى آخر كسر الحائط الرابع، لم تكن من منظور تشكيلي فقط؛ وإنما منبعها فلسفة وأيديولوجية قائمة على عدم الانعزال عن الناس ومخاطبتهم من برج عاجي؛ وإنما هو التحام فكري وتماس مع قضياهم ومشاكلهم قبل أن تكون رؤية تشكيلية. وكان هذا هو أسلوب كرم مطاوع منذ بداياته بعد عودته من البعثة، ومع أول عرض مسرحي له وهو الفرافير.....
 


سامية سيد