رحلة الزمن الجميل سياحة فنية وثقافية لزمن الفراعنة

رحلة الزمن الجميل سياحة فنية وثقافية لزمن الفراعنة

العدد 690 صدر بتاريخ 16نوفمبر2020

يقدم البيت الفني للمسرح – فرقة مسرح القاهرة للعرائس – العرض المسرحي رحلة الزمن الجميل تأليف وأشعار (يحيي زكريا).                                                                   
على الرغم من وجود علم المصريات يدرسه الصغير والكبير في العالم ليكون لديه فكرة ولو بسيطة عن هذا العلم،إلا اننا بلد هذا العلم لم  نهتم به، وكانت مسرحية رحلة الزمن الجميل فرصة ليتعرف الطفل بشكل بسيط على نبذه عن أثار بلده .
تدور الفكرة الأساسية بقيام طفلان (مرزوق– مرزوقة ) بزيارة لمنطقة الاهرامات أكثر من مرة، لحبهما واهتمامها بالآثار المصرية، ويتمنوا خدمة بلدهم عند الكبر، مرزوق  يريد أن يكون عالم في الآثار، ومرزوقة تريد أن تكون عالمة في التكنولوجيا، فيلاحظ أبو الهول ذلك، فيتحدث معهم رغم أنه أول مره يتحدث من آلاف السنين، عندما سمع منهم حبهم واخلاصهم للوطن، ويكافئهم برحلة داخل الزمن لزيارة مدينة ما ( غير محدده ) من المدن الفرعونية للاطلاع على حضارة الأجداد، فيعتذرا له لأنهم لم يبلغوا آبائهم،كما أنهم لابد من أن يتركوا المكان بعد ساعة ( في رسالة للطفل أن يبلغوا أباءهم بتحركاتهم،وكذلك إحترام المواعيد )  لكنه يخبرهم أن الرحلة لم تستغرق دقيقة من زمننا الحالي،فيوفقا وتبدأ الرحلة ويتعرفا خلال الرحلة على   الزراعة،والكتابة، وبناء المعابد، ويطلعوا على فكرة مهمة، حيث أنهم عند دخولهم في الزمن، وافق اليوم السنوي لتخليد ذكري الملوك العظام، وهو تكريم يقوم به ملك المدينة  في إحتفال تمثيلي أمام الشعب، ليتعرف الشعب علي نماذج الحكام القدوة، المثل الأعلى، ليعرف معني الانتماء والولاء للوطن، نتعرف على مينا ( موحد القطرين )، أمنحوتب الرابع الذي سمي أخناتون ( الذي دعي إلى التوحيد في العبادة )  والملكة نفرتيتي .              تم تقديم الأحداث في قالب درامي ذو  ايقاع متدفق ومشوق، تخللها تعرف الطفلان على الطفل الفرعوني حابي، بعد أن قاما وأنقذاه من التمساح عند مشاهدتها للزراعة في بداية الرحلة، وهو الذي أهدي لهما ملابس فرعونية، ثم قام باصطحابهما الى الاحتفال، وفي الاحتفال يحولهما الساحر لخروف ومعزة، ويطاردهما الحرس، وفي النهاية بعد عودتهما الى حالتهم الأولي،يتم القبض عليهما،ثم  يلتقيان بملك المدينة ويعرضا عليه حكايتها فيصدقهما ويأمر الحراس بكتابة الحكاية على ورق بردي،ويقوم بتقديم البردية هدية لهما، نعود للمشهد الاول،  يتخيل الطفلان أنهما يحلمان، لكن وجود ورقة البردي تدل على أنها ذهبا في رحلة حقيقية،وقد قام الطفل حابي أثناء الرحلة بتعليمهما بعض الكلمات الفرعونية (حتتك بتتك - اللحم والعظم، كانى وماني - سمن وعسل، زلبانى - فطير، هيلا هب - أغنيه يرددها العمال البنائين لتشجيعهم على العمل ) واعتمدت الحكاية على الفنتازيا والخيال، وهو أساس اللعبة في مسرح العرائس، فيتم الدخول الى عالم ما، والخروج إلى عالم أخر، ليس بمنطق الدراما المتعارف عليها، فالعالم الخيالي لمسرح العرائس هو سر جاذبيته للطفل، فالطفل يعلم تماما أن عالم مسرح العرائس ما هو الا عالم خيالي، وهو يصدق الحكاية  حتي ولو كانت غير مكتملة دراميا، فيكملها بخياله،وقد كان الأداء الصوتي مميزا  (يوسف اسماعيل، خالد النجدي، خالد عبد السلام، محمد رضوان، رضا حسنين، محمد شبراوي، محمد سلام، مصطفي سليم، دعاء حسام ) وتغرس الحكاية في نفوس الأطفال حب العمل وحب الوطن وفي الاتحاد قوة وفي الفرقة ضعف .
أعتمد المخرج ( محمد نور) وهو صاحب فكرة العرض المسرحي في طريقة إخراجه لهذا العرض على أسلوب الاخراج الخاص بمسرح العرائس بجانب أسلوب الاخراج الخاص بالمسرح البشري، فنجد في بداية العرض ستارة ارتفاعها متران تقريبا يختفي ورائها محركي العرائس ويظهر أعلاها ابو الهول والاهرامات والسائحين والأطفال ويقدم المشهد التمثيلي بواسطة نوع من الشكل المعروف لمسرح العرائس، وبعد ذلك يفتح المسرح ونشاهد ديكور ( د. محمد سعد ) عبارة عن عدة مناظر تمثل منظر ريفي ( شجر ومنازل ونيل)، ومنظر يعبر عن الاحتفالات ، بوجود قاعة عرش في المنتصف، تسحب للخلف ويتكون منظر جديد بمرور العربات الحربية يجرها حصانان وامامها ومن خلفها الحرس من الجنود، ومنظر يعبر عن معبد تحت الانشاء .وتتحرك العرائس أمام هذا الديكور في مشاهد تمثيلية  كالممثل البشري، أما محركي العرائس  (عماد أبو سريع، ياسر عبد المقصود، وليد بدر، سيد رستم هشام طلعت، عمر خلف، دعاء حسام، محمد شبراوي، محمد سلام، ايمن حسين )  فهم أعلى الديكور بملابسهم السوداء، يبذلون جهدا كبيرا لتتدفق الأحداث ولا يشاهدهم المتلقي، ويرجع ذلك إلى الخبرة والبراعة في الأداء  وتوجيهات المخرج .
كذلك أستخدم المخرج المسرح الاسود في عرض بعض الحروف والاشكال الفرعونية .
اما الإضاءة فقد أعتمد المخرج على الحالة الدرامية للمشهد فمثلا نجد الإضاءة الحمراء على الساحر الشرير، وكذلك الإضاءة الصفراء في مشاهد الاحتفال، فقد كان الهدف الأساسي من الإضاءة إخفاء محركي العرائس حيت لا يوجد ساتر في المشاهد المفتوحة مع الحرص على إضاءة العروسة واظهار تفاصيل الديكور
أما الموسيقي والألحان ( كريم عرفة ) فقد أستخدم الآلات الشعبية في المشهد الاول ( ربابة،مزمار، طبلة يدق عليها بالعصا ) في رقصة صعيدية من خلال استعراض شعبي للسائحين، وانتقل إلى الجو الفرعوني باستخدام الوتريات، وفي بعض الأحيان الآلات النحاسية، وكان الاستعراض الغنائي مكملا للحدث شارحا له في بعض الأحيان .
لفت نظري الملصق المعلق على جدران المسرح ( الإفيش ) مكتوب إشراف وتصميم عرائس ( د. ناجي شاكر – رحمه الله)  فكان السؤال من هو مصمم العرائس الذي أشرف علية ( د .ناجي ) فكانت الإجابة عند مخرج العرض (محمد نور – وبصفته مدير فرقة مسرح العرائس ) بأنه قام بالاتفاق مع ( د .ناجي )  الأستاذ بكلية الفنون الجميلة - وقتها - بأن يكون التعاون مع طلابه المتميزين بمشروع تخرجهم بتصميم عرائس العرض وبالتالي يضخ دماء جديدة لشباب مثقف وواعي ومجدد وبالتالي كانت الملابس من تصميمهم وقد تميزت بملائمتها لكل مشهد من العرض وكذلك بالألوان المحببة للطفل ( إشراف أتليه - سامية عبد اللطيف ) ونحت العرائس محمود الطوبجى) .
تحية للفنان المثقف المسئول محمد نور ورحم الله د .ناجي شاكر صاحب الليلة الكبيرة.


جمال الفيشاوي