سباعي السيد.. ونواة الدراما الرقمية العربية

سباعي السيد..  ونواة الدراما الرقمية العربية

العدد 805 صدر بتاريخ 30يناير2023

سباعي السيد باحث وناقد مسرحي مصري من مواليد القاهرة عام 1963، درس المسرح في المعهد العالي للفنون المسرحية- أكاديمية الفنون بالقاهرة، وحصل على درجة  الماجستير في التقنية الرقمية وأثرها على المسرح عام 2017،  ، وعمل بالمركز القومي المصري للمسرح كباحث ومراجع بقطاع الإنتاج- التليفزيون المصري، كما نشر العديد من الأبحاث في الدوريات المسرحية المتخصصة، وساهم وشارك بأوراق بحثية في عدة مؤتمرات ومهرجانات منها: مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، ندوة نقد المسرح العربي، رؤية مستقبلية – الهيئة العربية للمسرح بالشارقة  2011، الندوة الدولية لمهرجان طنجة للفنون المشهدية، جامعة عبد المالك السعدي، المغرب 2012، مهرجان المسرح العربي – الهيئة العربية للمسرح، الدوحة، قطر 2012، مهرجان المسرح العربي – الرباط – يناير 2015.

عمل سباعي  السيد بالمركز القومي المصري للمسرح كباحث ومراجع بقطاع الإنتاج - التليفزيون المصري، ثم محررًا ثقافيًا بجريدة عكاظ السعودية بمكتبها بالقاهرة، وعمل بمجال التربية المسرحية بدولة قطر، عمل أيضاً في مجال العلاقات العامة بالمجلس الأعلى للتعليم.

      أسس سباعي  السيد موقع المسرح دوت كوم عام 2002 الذي انطلقت منه عدة مبادرات منها الجمعية العربية لنقاد المسرح، وأسس مشروع ذاكرة المسرح على شبكة الانترنت (نحو ذاكرة للمسرح العربي على الانترنت) عام 2012، بهدف توثيق الحياة المسرحية. كما ترجم سباعي السيد إلى اللغة العربية الكتب التالية: مارتن اسلن مجال الدراما، وزارة الثقافة، مصر، 1990، باتريس بافيس  المسرح في ملتقى الثقافات، مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، 1992، مارفن كارلسون،  عن مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي والمركز الدولي لدراسات الفرجة القاهرة-طنجة، وكتاب المسرح كنظام من العلامات لجورج سافونا وإلين أستون، وصدر عن وزارة الثقافة 1996، كتاب الدراما الرقمية والمسرح الرقمي، تجارب غربية وعربية» عن الهيئة العربية للمسرح 2017. ساهم في تحرير موسوعة كيمبريدج لفن التمثيل The Cambridge Encyclopedia of Stage Actors and Acting.
من مؤلفات سباعي السيد باللغة العربية: كتاب الدراما الرقمية والمسرح الرقمي.. تجارب غربية وعربية عن الهيئة العربية للمسرح 2017، وكتاب مسرح محمود دياب القارئ وعالمه،  كتاب المسرح والبحر قراءة في أعمال عبد الرحمن المناعي.
جدير بالذكر أنه أسس موقع المسرح دوت كوم عام 2002 الذي انطلقت منه عدة مبادرات منها الجمعية العربية لنقاد المسرح. كما أسس مشروع ذاكرة المسرح على شبكة الإنترنت لتوثيق الحياة المسرحية.  يضاف إلي هذا الاهتمام الملحوظ بالتطور الرقمي في عالم الدراما اطلاعه علي علم الدلالات “ السيموطيقا”.
 رحل عنا سباعى السيد تاركاً لنا إرثاً فكرياً يحثنا علي أن نكمل من خلفة ونساهم في إتمام مشروعه الذي غرز نواته في كتاب صدر عن الهيئة العربية للمسرح ، كتاب الدراما الرقمية والعرض الرقمي – تجارب غربية وعربية  تاليف سباعي السيد في 2018 ، وهو بالاصل رسالة ماجستير عن المعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة في 2016 وتحت اشراف الدكتور حسن عطيه، بحسب ما جاء في تقدير واهداء المؤلف بتاريخ فبراير 2017 .

يحتوي الكتاب على مقدمة وستة فصول وخاتمة.. وجاءت عناوين الفصول كالتالي:    
الفصل الأول: الثقافة الرقمية
الفصل الثاني: الفنون والتكنولوجيا الرقمية
الفصل الثالث: الدراما الرقمية وعروض الحاسب
الفصل الرابع: العرض الرقمي
الفصل الخامس: تجارب عربية في العرض الرقمي
الفصل السادس: إشكاليات في العرض الرقمي

ينطلق الكتاب في مقدمته عبر تساؤل مهم هو : ” كيف اذا للمسرح ان يستفيد من التقنية الرقمية وان يوظفها في العرض المسرحي ، دون ان يفقد جوهره وطبيعته الحيوية ؟ ” .. عبر هذا التساؤل الاشكالي يسعى مولفه ان ” يلقي الضوء على الاشكال الجديدة من العرض المسرحي والتي تستخدم التقنية الرقمية استخداما كثيفا ومتصلا بموضوع العرض ، وعلى التفاعل بين المسرح وفنون الادء الاخرى من ناحية وعلى علاقة التقنية الرقمية بجمهور المسرح المعاصر ، وكيف يمكن للتقنية الرقمية بشكل عام ان تنتج نموذجا مغايرا واكثر ملائمة وقبولا للمتفرج العربي المعاصر الذي احاط به ، او فلنقل داهمه العديد من المتغيرات السياسية والاجتماعية والتي جعلته اكثر اقبالا على المشاركة والتفاعل ” .

عند الاطلاع علي الكتاب نجد أنفسنا أمام تساؤل حول مفهوم الدراما الرقيمة والعرض الرقمي، وما هي خصائصهما؟، وما دمت عاكفاً على تعقب الحروف التي صبها المؤلف في قالب بحثي لأكتشف جواباً وافياً ، ولا ابخس حق المؤلف فقد أسند كل فكرة وضعها بمصدر وقد أحسن في الإختيار والاثراء ، و قسم المحتوى إلى عناوين فرعية تشكل باجتماعها الهيكل الكلي للكتاب وبذلك هو يسهل على القارئ ربط المحتوى بالعنوان الفرعي الذي يرتبط بدوره بالعنوان الرئيسي.

كما يشير المؤلف في مقدمة كتابه ايضا ، الى المرجعيات الاصل او المحفزات التي قادته بحثياً لهذا الموضوع كما يبدو منها اولا : ” عبارة للكاتب المسرحي الالماني تانكريد دورست ،التي اكد فيها ان المسرح فن غير صاف ، وان المسرح لا يتوانى عن تسخير كل ما يجده في طريقه الى مصالحه الخاصة ويظل قادرا على تطوير قوانينه ، وهو حتما غير محصن ضد مستجدات عصره وانه يستمد خيالاته من وسائل اعلام اخرى . ” .. وثانيا : اشارة سعيد يقطين عام 2004 في كتابه ( من النص الى النص المترابط مدخل الى جماليات الابداع التفاعلي ) والذي قال بالنص : ” لقد دخلت الدراسات الادبية مرحلة جديدة من البحث وتولدت مصطلحات ومفاهيم جديدة ، لكننا ما نزال بمنأى عن التفاعل معها او استيعاب الخلفيات التي تحددها . ظهرت مفاهيم تتصل بالنص المترابط والتفاعلية والفضاء الشبكي والواقع الافتراضي والادب التفاعلي ، ونحن لا نزال اسرى مفاهيم تتصل بالنص الشفوي او الكتابي ، ولم نرق بعد الى مستوى التعامل مع النص الالكتروني ، اما ثالث هذه المرجعيات واقربها التصاقا بموضوع الكتاب مباشرة ، هي ما ثبته مؤلف الكتاب بقوله : ” كما تناول (الدكتور محمد حسين حبيب) المسرح الرقمي في مقالة بعنوان (نظرية المسرح الرقمي) ( 2004 ) التي نشرت في موقع اتحاد كتاب الانترنت العرب . ” والصحيح هو عام (2005) بحسب ما صححه لاحقا مؤلف الكتاب في (ص 122) من كتابه ، ولقد اشار ايضا ان هذه المقالة نشرت ” في صحيفة المدى العراقية العدد 544 في 27/11/2005 ” ونؤكد نحن كان هذا هو النشر الاول لها ، قبل نشرها في موقع اتحاد كتاب الانترنت العرب بحسب اشارة المؤلف الذي اضاف بقوله : ” حيث قال فيها – ويقصد حبيب – انه قد بدأت المحاولات فعلا في كتابة ما يعرف باسم المسرحية التفاعلية وان هذا النوع من المسرحيات متوافر حاليا على شبكة المعلومات ، ويعد تشارلز ديمر رائد المسرح التفاعلي حيث الف عام 1985 اول مسرحية تفاعلية كما اسس مدرسة لتعليم كتابة سيناريو المسرح التفاعلي في موقعه الخاص على الانترنت عبر تقديمه دورات تعليمية متعددة .  
وعودة إلي التساؤل حول العرض الرقمي نجد الاجابة في تعريف (العرض الرقمي) الذي جاء كعنوان للفصل الرابع يقول فيه : ” ويعرف العرض الرقمي بانه يتضمن بشكل عام كل العروض التي يلعب فيها الحاسب الاَلي “الكمبيوتر” دورا اساسيا لا فرعيا في اشكال المحتوى والتقنيات والجماليات او التصميم، الى جانب اقتباسات مهمة اخرى يترجمها مؤلف الكتاب من كتاب (العرض الرقمي) تاليف “ستيفن دكسن” مفادها افراط العروض الادائية والراقصة بتوظيف الرقمية كعنصر فاعل واساس في فضاءاتها التي تحقق الانبهار على مستوى عال في التلقي برغم ماشاب هذا التوظيف من توتر وارتياب في البداية لكننا ” وبتعبير احد الباحثين في مجال العرض الرقمي قوله: يجب ان نقبل التطور، المستقبل ، اي مساندة التكنولوجيات الجديدة في خدمة الممثل . «بعد ذلك يعدد المؤلف انماطا من العروض المسرحية الرقمية وفقا للباحث ستيف ديكسون وهي كما يلي :
الواقع الافتراضي
الرقص الرقمي وتطورات البرامجيات
 القرين الرقمي – الاجساد الافتراضية – الروبوت
 المعمار السائل – الشذرات fractures الخاصة بالموقع site-specific  
 البعديات ربط فضاءات العرض
 العرض اون لاين
 المسرح في الفضاء التخيلي
 التفاعلية
  يختار المؤلف بعد ذلك نماذج تقترب من المسرح الرقمي للتعرف على طبيعة كل عرض وكيفية توظيفه للتقنيات الرقمية ومدى نجاحها في ذلك مثل : ( الالة الحاسبة و يهودي مالطه و علاء الدين و اوديس ) لينتهي هذا الفصل بخلاصة مهمة يقول فيها سباعي السيد ما نصه : ” نماذج العرض الرقمي التي قمنا بدراستها في هذا الفصل تعبر بدرجة او باخرى عن قدرة المبدع المسرحي على أنسنة التكنولوجيا وتوظيفها جماليا للتعبير عن قضايا انسانية ليست بعيدة عن اثر التكنولوجيا البين في حياتنا اليومية وقيمنا وثقافتنا .
 بعد إطلاعي علي هذا الكتاب وبعض من الكتب التي ترجمها سباعى السيد وجد نفسي أما شخص شغله بشكل كبير علم الدلالة (السيموطيقا) وتطور معه الامر إلي أن يربط هذا العلم بالتكنولوجيا والتطور العلمي السريع الذي يشهده العالم في حالياً.
جاء الكتاب من ناحية الصياغة اللغوية جاء الكتاب مفهوماً بلغة عربية أمتزجت في أحيان كثيرة بمصطلحات التقنيات الرقمية أو الحوسبية ومن هذا الإمتزاج ظهرت مصطلحات قد تكون هي تعريب لمصطلح أجنبي وهذا يحيلنا الى مساحة ادبية أخرى هي الترجمة وأنا هنا سوف اخرج من هذا بأخذ المرادف الذي وضعه الكاتب وجعله هو الترجمة المقصودة وتبناها في بحثه .
بعد الشكل واللغة نأتي إلى المضمون والمادة المعرفية التي بحثها الكتاب وأراد منها أيجاد قواعد نظرية وشواهد تطبيقية تؤكد عنوان الكتاب “الدراما الرقمية والعرض الرقمي” والذي شرح بالتفصيل توظيف التقنية ، مرة كعرض مسرحي هي مكان إقامته ، ومرة هي عنصر من عناصر العرض المسرحي ، ومرة هي مزيج بين هذا وذاك .
ومع تعمقي في القراءة أجد نفس أمام عدة تساؤلات لم أجد إجابة شافية عنها لكن كلي أمل أن أصل إلي إجابات لها قريبا:
هل كل استخدام للتقنيات المعاصرة هو دراما رقمية وعرض رقمي ؟
هل كانت عروض بيسكاتور رقمية كونه ادخل الشاشات والآلة والمصابيح الملونة ؟ وماذا عن برخت وتقنيات مسرحه؟
هل كل دردشة جماعية تتناول موضوعاً اجتماعياً هي دراما رقمية وعرض رقمي ؟
لكن ومع كل هذة التساؤلات تيقنت من المغذى الحقيقي لدراسة سباعى السيد حول المسرح الرقمي، وهو ان المسرح عليه أن يواكب التطور العالمي علي مستوى الصورة والاخراج في السينما بستخدام كل ما هو متاح ليجذب المشاهد إلي المسرح بالأخص المشاهد العربي الذي ابعتد بشكل ملحوظ عن المسرح وإتجه للسينما أو حتي للعروض المسرحية الغربية لما بها من مؤثرات بصرية وسمعية متطورة.


محمد أحمد كامل